أصوات نسوية، مقابلة مع كوثر قشقوش
- بواسطة: Mona Katoub
- |
- تاريخ النشر: 27 مايو 2021
- |
- زمن القراءة: 2 ثانيتان
أصوات نسوية، قراءة في الحراك النسوي السوري
مقابلة مع عضوة المجلس المحلي في مدينة الباب والناشطة السياسية كوثر قشقوش
حاورتها رجا سليم
كوثر جعفر قشقوش من سكان مدينة الباب، ريف حلب. درست الشريعة في جامعة حلب، وتدرس حالياً تربية في فرع جامعة “باشاك شهير” التركية في مدينة الباب. نجحت مؤخراً بعضوية المجلس المحلي لمدينة الباب كأمينة سر المجلس وعضو في اللجنة القانونية، وعضوة في اللجنة الفرعية لوحدة دعم وتمكين المرأة، وناشطة مدنية وعضوة في الحركة السياسية النسوية السورية. كانت ناشطة ميدانية مع تنسيقية مدينة الباب كموثقة لانتهاكات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بين عامي 2014 و2017، وعملت مدرّسة مرحلة ابتدائية في مدينة الباب عام 2013. من اهتمامات كوثر تطوير وتنمية مهاراتها في مجال القانون والإدارة عن طريق تدريبات وورشات عمل.
١- كيف ومتى بدأ اهتمامك بالعمل السياسي؟ ولماذا؟
تزامن اهتمامي بالعمل السياسي مع مشاركتي بالحراك الثوري وتنسيق المظاهرات في جامعة حلب عام 2012، إلى أن أصبح اسمي في قوائم المطلوبات\المطلوبين للنظام. هذا عزز اهتمامي ومشاركتي بالعمل السياسي، والانخراط في مجال المؤسسات والدوائر الحكومية، والمشاركة كعنصر فعال ضمن هذه المؤسسات عملياً وفكرياً وتوعوياً، وتشبيك العلاقات مع شخصيات سياسية ودبلوماسية وحقوقية. إلى جانب ذلك، دفعني تغييب دور المرأة وتمثيلها سياسياً في مدينة الباب، بسبب الصور النمطية وسطوة العادات والتقاليد، إلى الإصرار أكثر على الانخراط الفعلي في المشهد السياسي المحلي.
٢- كوثر عضوة في وحدة دعم وتمكين المرأة، هلا حدثتنا عن عمل الوحدة عموماً وعن دورك فيها على وجه الخصوص؟
أعمل في وحدة دعم وتمكين المرأة في اللجنة الفرعية في منطقة الباب، على تمكين النساء في المجال السياسي وتفعيل دورهن للخوض والمشاركة في العمل السياسي، من خلال تقديم ورشات عن بناء السلام والعدالة الانتقالية والتخطيط الاستراتيجي والمناصرة، وعدة تدريبات سياسية متنوعة وأيضاً تعزيز العلاقات بين النساء المقيمات والمهجرات.
٣- بالعموم ما التحديات التي تواجه النساء وعملهن في منطقتك؟ وهل من نشاطات موجهة لهن لدعمهن؟ هلا شاركتنا بعض الأمثلة؟
للإجابة على هذا السؤال سأشاركك بمقطع من بحث قمت بالعمل عليه، ولم أنشره:
نساء مدينة الباب ما قبل الثورة السورية وبعدها
تعرف مدينة الباب بأنها بيئة محافظة تتبع العادات والتقاليد والأعراف، وهذا يفسر تمسك البعض بالصور النمطية البحتة والتعصب والتحفظ الفكري، مما ينعكس على واقع النساء بشكل عام.
كانت نساء الباب، في المدينة والريف، خلال عهد النظام كبقية نساء المحافظات، منهن العاملات في مجال الزراعة والحرف اليدوية والخياطة، ومنهن الموظفات في قطاعي الصحة والتعليم، والغالبية كن أمهات وربات منزل. أما تعليم البنات في المدارس والجامعات فكان متعذراً لدى الأغلبية بسبب ميل العائلات إلى النزعة العصبية والتمسك بالعادات والتقاليد البالية، على سبيل المثال هناك بعض العائلات منعت بناتها من التعليم إيماناً منها بفكرة أن “البنت للبيت والزوج”، وعائلات أخرى اقتصر تعليم بناتهن على المرحلة الإعدادية دون الثانوية والجامعية، ونماذج أخرى ممن فرضن على البنات التعليم الشرعي، أما التعليم الجامعي فقلة قليلة من النساء نجحن في تحصيله، وضمن اختصاصات محددة وموافق عليها من قبل الأهالي لإرضاء المجتمع ومراعاةً للعادات والتقاليد. وفيما يخص حرية التعبير وإبداء الرأي والمشاركة السياسية للنساء، فكانت شبه معدومة بسبب تسلط وقمع نظام الأسد من جهة، والنزعة العصبية عند الأهالي من جهة أخرى.
نساء الباب في ظل الثورة السورية
لعبت النساء في الباب دوراً مهماً في الحراك السياسي والثوري، من خلال المشاركة في المظاهرات والفعاليات والنشاطات الميدانية، وبتن قادرات على التعبير عن آرائهن عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وساهمن في العمل الاجتماعي كالاهتمام بالأرامل واليتامى، ومساعدة النازحات والنازحين، وكان لهن دوراً عسكرياً أيضاً، تمثل بالمساعدة في عمليات الانشقاق العسكري ومساعدة الجيش الحر بتوفير الطعام والشراب وتقديم المساعدات الطبية، بالإضافة لما سبق، ساهمت الناشطات الإعلاميات بنقل الأحداث والانتهاكات التي تعرضت لها المدينة من قبل قوات النظام، من قصف ودمار واعتقال. إلى جانب هذا بدأت النساء في الباب بالمشاركة في المؤسسات حديثة الولادة كالمجالس المحلية والتنسيقيات، ومن هنا استطعن مساندة الرجل مادياً ومعنوياً. فالثورة كانت شرارة إيجابية سلطت الضوء على جوانب أساسية وفعالة في المجتمع، كما ساهمت بانتشار الفكر التوعوي والتوجيهي حول دور المرأة وضرورة تمكينها في كل المجالات، مما خفف وطأة الأعراف والتقاليد.
نساء الباب في ظل “داعش”
تعتبر هذه المرحلة الأسوأ على نساء الباب بشكل عام، حيث تجلى القمع في أعتى صوره وحرمت النساء من كل شيء، من التعليم وممارسة النشاطات الاجتماعية والتعليمية والعلمية، في كافة مجالات الحياة. قتل وجود “داعش” كل ما أحيته الثورة، وبات الهم الوحيد للجميع هو النجاة بالحياة والاختيار بين الهروب من بطشهم أو البقاء في ظل سياستهم المتوحشة.
طبعاً هناك نسبة من النساء رغبن في التعاون معهم والتعليم في مراكزهم ضمن حلقات المساجد والدورات الشرعية، وهناك بعض النساء رغبن في الزواج من مقاتلين “دواعش” بشكل طوعي، وأخريات أرغمن على الزواج بمقاتلين من التنظيم المتشدد، تحت ضغط الأهل، أو نتيجة ضغوط وظروف الحياة.
نعرف نساء تعرضن للعنف والقتل من قبل عناصر التنظيم بسبب قوانينهم الصارمة والقامعة، ومنهن اعتقلن في سجونه السوداء بسبب مشاركتهن في الثورة، أو إبداء رأيهن بحرية، أو مخالفة قوانينهم.
نساء الباب بعد تحرير المدينة من “داعش”
بعد “داعش” عادت الحياة تدريجياً كما كانت في ظل الثورة، وبرزت النساء بقوة وبتن حاضرات بشكل فعال ورسمي، وهذه المرة بكافة القطاعات وفي أماكن صنع القرار المحلي، عبر المشاركة السياسية في الأحزاب والمؤسسات والسلطات المحلية.
٤- مؤخراً أصبحت عضواً في المجلس المحلي لمدينة الباب، نبارك لكِ على هذا الإنجاز وحبذا لو شاركتنا أسباب ترشحك لعضوية المجلس، وما أهمية وجود أصوات نسائية في مثل هذه التشكيلات؟
بعد تحرير المنطقة من تنظيم “داعش” تم تشكيل المجلس المحلي عام 2017، وتم طرح أسماء العضوات والأعضاء عن طريق التزكية، دون إجراء عمليات انتخابية، بسبب الوضع الأمني والعسكري، وكان اسمي وامرأة أخرى من ضمن قائمة العضوات/الأعضاء. تم ترشيح اسمي بناء على نشاطي في الثورة واهتمامي بالمجال السياسي ونشاطي المدني في المجتمع، ومؤخراً تجددت عضويتي مع سيدتين فأصبحنا ثلاث عضوات في الهيئة العامة للمجلس المحلي. أهمية وجود أصوات نسائية هو دليل على تقدم المجتمع وانتشار الوعي والإيمان بإتاحة الفرصة لمشاركة المرأة في كافة المجالات. وجود نساء في هيئات سياسية يشجع باقي النساء على أداء أدوار أكثر فاعليةً وتنوعاً.
٥- ما هو دور المجلس المحلي في مدينة الباب؟ وماذا تريد كوثر أن تحقق من خلال عضويتها في المجلس؟
المجلس المحلي لمدينة الباب هو مؤسسة خدمية تعنى بالشؤون الخدمية والحكومية والتنظيمية ومعاملات الأفراد، يعمل على تشجيع وتعزيز العمل السياسي وتوفير الخدمات الأساسية واستثمار الموارد وتطويرها، كما أنه واجهة المدينة وريفها وجسم المجتمع المدني. شخصياً أريد تطوير مهاراتي في اختصاص عملي وهو الإدارة وتوعية محيطي من خلال العمل على التأهيل والتمكين من أجل ضمان مشاركة المرأة في المجالس المحلية والنشاطات السياسية من خلال التدريبات والتواصل.
٦- هل واجهتك صعوبات أو تحديات خلال سعيك للترشح لعضوية المجلس؟ ماهي؟ وكيف ذللتها؟
كما ذكرت سابقاً وجود نزعة العادات والتقاليد والصورة النمطية السائدة كانت تعيق الانطلاقة، ولكن منذ أن اتخذت الخطوة الأولى كناشطة وعضوة فعالة في المجلس المحلي، بدأت بكسر هذا الحاجز تدريجياً عبر المشاركة والتعاون والتأثير وقصص النجاح وتشبيك العلاقات، وساعدني أيضاً تركيز الإعلام على دور المرأة في مجال صنع القرار.
٧- بالمقابل، هل تلقيتِ دعم مجتمعي لقرارك بالترشح لعضوية المجلس؟ كيف وماهي مصادر الدعم؟
نعم تلقيت دعم ومساندة معنوية من الأهل والأصدقاء وزملاء العمل، كاستشارات وتحفيزات داعمة واندماج مع الشبكة الاجتماعية.
٨- كوثر عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية، ما سبب انتسابك للحركة؟ ماذا تتوقعين أن تحقق الحركة على الصعيد السياسي؟
اهتمامي بالعمل السياسي والخبرات التي اكتسبتها من التجارب الميدانية بالثورة، والمشاركة بالتدريبات والورشات، وحضور اجتماعات ومؤتمرات سياسية متنوعة وأهمها مؤتمر لناشطات الداخل السوري المحرر عام 2019، كل هذا ساعد على وصولي للحركة السياسية النسوية بهدف التعمق بالمفاهيم والمصطلحات السياسية والانخراط بتمكين المرأة سياسياً بشكل أقوى، والاطلاع على أهمية الانتخابات من الحلقة الأصغر للحلقة الأكبر، ودور اللجان الدستورية والانخراط بشبكة السياسيات والسياسيين، والدبلوماسيات والدبلوماسيين.
٩- كيف تقيمين مشاركة المرأة السورية عموماً في الحياة السياسية وأماكن صنع القرار في الوقت الراهن؟
مقارنة بالسابق، جيدة إلى حد ما، فبتنا نلحظ في يومنا هذا تزايد مشاركة المرأة في النشاطات والفعاليات السياسية، كما ووجودها ضمن المؤسسات والسلطات المحلية والمنظمات الدولية والمحلية ونسبة لا بأس بها من الأصوات النسائية في الإعلام والصحافة. المشاركة العاجلة تحتاج للمزيد من الوقت والعمل.
١٠- واحد من أهم أهداف الحركة السياسية النسوية السورية تحقيق مشاركة سياسية للنساء بنسبة 30% وصولاً للمناصفة. في حال تحقق هذا الهدف كيف سيتغير المشهد السياسي السوري؟
الوصول لهذه النسبة، سيحقق تطوراً ملحوظاً وزيادة في الوعي المجتمعي ومحاربة نزعة العادات والتقاليد حول موضوع مشاركة المرأة، وتسليط الضوء على بناء السلام وحل النزاع بشكل سياسي.
١١- ما الذي تطمحين له على الصعيد العملي، والشخصي إن أردتِ مشاركتنا؟ وفيما يتعلق بالشأن السوري عموماً؟
كل إنسان لديه طموح بالنجاح وإثبات الشخصية والتأثير والتطوير وتنمية القدرات والمهارات. أحلم بأن أعيش حياة طبيعية في بلد آمن ومستقر، يحفظ كرامتي ويصون حريتي بممارسة نشاطي وعملي السياسي دون ضغوطات تحت أي مسمى، وأن نعيش حياة فكرية تحترم فيها حرية الرأي والاختلافات بعيداً عن العنصرية والتقسيمات الطائفية المذهبية والمناطقية والتهميش، وأن تأخذ المرأة دورها في مراكز صنع القرار ومحاور المسؤولية مثلها مثل الرجل، مما يساهم بإقصاء الأدوار النمطية وحد المرأة بالحياة الزوجية والواجبات المنزلية. كما أرغب بتفعيل منصات إعلامية مختصة بتسليط الضوء على مشاركة المرأة ودورها في المجتمع، لإيصال صوتها بالطريقة التي تختارها.
*كل ما ذكر في المقابلة يعبر عن رأي من أجريت معهن/م المقابلة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة