سنا مصطفى، من مصياف، خريجة علوم سياسية من جامعة بارد في نيويورك، تعمل حالياً كمستشارة لتصميم وتنفيذ مشاريع وسياسات متعلقة بأمور اللاجئين، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية. تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2013.
سارعت سنا مصطفى إلى المشاركة في المظاهرات التي كانت تخرج في دمشق مع بداية الثورة عام 2011، كما شاركت في العمل الإغاثي لمساعدة النازحات والنازحين من مناطق مختلفة في ريف دمشق، إلى جانب نشاطها السياسي والتوعوي. كانت تشارك مع أختها وفا الناشطة سياسياً في عمل التنسيقيات والتجمعات الشبابية التي كانت قد بدأت تُنظم بداية الثورة في دمشق، إضافة إلى مشاركتها في نشاطات متعلقة بالمرأة.
سنا من عائلة سياسية، تعرض والدها للاعتقال قبل الثورة، ثم اعتقلت هي وأختها ووالدها مرة أخرى عام 2011، تقول إنها لم تفكر مرتين في موضوع المشاركة بالثورة عند انطلاقها، وكانت المشاركة أمراً طبيعياً بالنسبة لها كونها تنحدر من عائلة سياسية مناهضة لنظام الأسد الديكتاتوري، وسياسة الحزب الواحد، وقمع الحريات، وبالتالي فإن اهتمامها بالعمل السياسي بدأ في سن مبكرة لأن عائلتها كانت متفاعلة بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومن ثم حرب العراق، تقول سنا: “كنا نسافر من مصياف إلى الشام كي نتظاهر أمام السفارة الأمريكية تنديداً باحتلال العراق”. وتؤكد سنا إن دراستها للعلوم السياسية لاحقاً زادت من وعيها السياسي بعد دراستها لتجارب وحروب مختلفة.
“لم أفكر مرتين في موضوع المشاركة بالثورة عند انطلاقها”
في عام 2013، اعتقلت مجموعة من الشابات والشبان الذين كانت تعمل معهم سنا، ما اضطرها إلى الخروج إلى لبنان بشكل مؤقت، وكانت في تلك الفترة قد تقدمت بطلب منحة دراسية في أمريكا، وبعد أسبوع من وصولها إلى لبنان، تعرض والدها للاعتقال، واضطرت عائلتها للجوء إلى تركيا، فأدركت في ذلك الوقت أنه لم يبقى لديها خيار سوى البقاء في أمريكا، وتقدمت بطلب لجوء سياسي لتبدأ حياة جديدة بمفردها هناك. عانت سنا من صعوبات كثيرة في البداية، خاصة وأنها وحيدة، لا عائلة ولا أصدقاء، وتقول إنها عندما انتهت مدة الست أسابيع المحددة للمنحة اضطرت للعمل كجليسة أطفال مقابل الحصول على “كنبة” تتمكن من النوم عليها، بدأت سنا تبحث عن منح دراسية أخرى إلى أن نجحت في الحصول على منحة في نيويورك، وهناك انتقلت إلى السكن الجامعي، حيث بدأت دراستها إلى جانب عملها في الجامعة لتأمين مصروفها. تابعت نشاطها السياسي في أمريكا، من خلال المشاركة في التظاهرات ولقاءات مع الكونغرس لنقل حقيقة ما يجري في سوريا، والمطالبة بالمعتقلات والمعتقلين لأنها شعرت بالعجز وأرادت أن تقدم شيئاً من موقعها لأبيها الذي لا تعرف مصيره، وللسوريات والسوريين الذين بقوا في الداخل، فاعتبرت أنه من واجبها المساهمة في الرأي الإعلامي والسياسي والإنساني المتعلق بسوريا، خاصة وأنها تقول أنها في بلد يتم فيه، للأسف، صنع القرار أو تشكيل القرار المتعلق بمصير بلدها.
تقول سنا إن مشكلتها في الاندماج بالمجتمع الجديد لم تكن اللغة أو الأشخاص باعتبارها تتحدث اللغة الإنكليزية، وباعتبار أن الأشخاص الذين قابلتهم من كافة الأعراق والجنسيات كانوا لطفاء جداً معها وعاملوها معاملة جيدة واستقبلوها في بيوتهم دون أن يعرفوا عنها شيئاً، ولكن مشكلتها كانت في الشعور بالوحدة والتخبط والإحساس بفقدها كل شيء، بلدها وعائلتها وأصدقاءها.
“انضممت إلى الحركة السياسية النسوية السورية لأني كامرأة يجب أن تتواجد في مستقبل سوريا السياسي، وبالتالي فإن الحركة ستكون منصة لي للمساهمة في صنع هذا المستقبل، خاصة وأن هناك تنميط لدور المرأة على أنه إنساني ومنظماتي، بينما الحركة هي سياسية بالدرجة الأولى، وهذا أمر بغاية الأهمية بالنسبة لي”
ترى سنا أن التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا خلال الثورة هو عدم تقبل الآخر وقدرتنا على فهم ما يريد، لأنه لا يمكن أن تكون نظرتنا إلى الأمور عاطفية وسياسية في آن معاً، لأن السياسة في نهاية المطاف عبارة عن مصالح ويجب علينا أن نتكلم بلغة الآخر لكي نحقق ما نريد ونعرف مصالحه، وماذا يريد هو بالمقابل. تقول سنا إن تشتتنا وعدم توحدنا هو السبب الأكبر في الفشل إلى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود نية دولية حقيقية لمساعدة سوريا.
وفيما يخص التحديات التي واجهتها المرأة في العمل السياسي، هي لكونها امرأة فقط لا غير، وهذه مشكلة عالمية وليست سورية فقط، مع العلم أن المرأة اليوم أصبحت تتحمل كافة أعباء الحياة في ظل الحرب واستشهاد أو اعتقال الكثير من الرجال، وأن المرأة استطاعت أن تثبت نفسها في كافة المجالات، وهذا بمثابة إنجاز عظيم للمرأة السورية بعد خمسين عاماً من القمع الممنهج الذي كان يمارسه نظام الأسد ضد شعبه في ظل عادات وتقاليد ومعتقدات وثقافة ذكورية تظلم المرأة وتحرمها من ممارسة أبسط حقوقها الإنسانية.
انضمت سنا إلى الحركة السياسية النسوية السورية لأنها تقول إنها كامرأة يجب أن تتواجد في مستقبل سوريا السياسي، وبالتالي فإن الحركة ستكون منصة لها للمساهمة في صنع هذا المستقبل، خاصةً وأن هناك تنميط لدور المرأة على أنه إنساني ومنظماتي، بينما الحركة هي سياسية بالدرجة الأولى، وهذا أمر بغاية الأهمية بالنسبة لها. تقول سنا إنها تتوقع أن تتمكن الحركة من تمكين المرأة السورية سياسياً، والوصول إلى أهدافها من خلال تنظيم اللقاءات السياسية، لطرح نقاشات تتعلق بالدستور الجديد وما يتضمنه من قوانين تخص مستقبل المرأة وسوريا بشكل عام.
تحلم سنا بسوريا حرة، ديمقراطية، مدنية، تضمن حقوق الإنسان، ت/يختار فيها السوريات والسوريون طبيعة الحكم وشكل سوريا المستقبل التي يريدون العيش فيها، تقول إن كل تلك الأهداف إضافة إلى القيم والمبادئ التي تربت عليها، وإيمانها بضرورة إكرام كافة التضحيات التي قدمها الشعب السوري تدفعها للاستمرار بالعمل في الشأن العام.
تقول سنا لنساء سوريا: “يجب أن نكون يداً واحدة، ونعمل معاً لتحقيق أهدافنا. لا يجب أن نقلل من قيمة دورنا وإمكانياتنا، وألا نسمح لأحد أن يفعل ذلك”.