مزنة دريد، من دمشق، مقيمة في كندا، طالبة ماجيستير حقوق، تعمل مع الخوذ البيضاء مكتب كندا، عضوة في الأمانة العامة للحركة السياسية النسوية السورية.
سارعت مزنة للمشاركة في الثورة، على خلفية اعتقال أعمامها وأولاد عماتها خلال مشاركتهم في مظاهرة يوم الغضب السوري يوم 15 آذار عام 2011، ولم تعرف مزنة عن اعتقالهم إلا بعد أن شاهدت فيديو نشرته الأمم المتحدة يوثق لحظة اعتقالهم، ومنذ ذلك الوقت، بدأت مزنة بالتواصل مع المنظمات وملاحقة ملفات المعتقلات/ين، إضافة إلى عملها مع النساء اللاجئات في دول الجوار عندما بدأت موجة اللجوء عام 2012، حيث أسست حملة أطلقت عليها اسم “لاجئات لا سبايا” كانت تدعو لرفض الزواج القسري للاجئات والطفلات في المخيمات، كما عملت مزنة في توعية النساء عن مخلفات الحرب والألغام وكيفية حماية أطفالهن منها. ثم توجهت للعمل في بناء السلام، مع منظمة “بدائل”. عندما انتقلت مزنة إلى كندا، عملت مع الصليب الأحمر الكندي للاجئين في كندا، ومكتب الخوذ البيضاء في كندا، إضافة إلى عملها في منظمة “أورنمو” المعنية بتوثيق الانتهاكات ضد المعتقلات/ين.
اضطرت مزنة لمغادرة سوريا خوفاً من الاعتقال بعد أن اعتقل أخيها للمرة الثانية من مطار دمشق الدولي، وقتل عمها في مظاهرات جمعة ارحل في تموز 2011. تقول مزنة إن الصعوبات التي تواجهها في تجربة اللجوء مثل كثير من السوريات والسوريين الذين اضطروا للخروج من سوريا هي ترك العائلة، وإعادة بناء المستقبل في بلد اللجوء في ظل كافة الأعباء المادية والنفسية، والإحساس بالذنب، والمسؤولية تجاه من بقي في سوريا.
تقول مزنة إن اهتمامها بالعمل السياسي بدأ مع انتقالها للعيش في كندا باعتبارها بلد مستقر ذات نظام سياسي ديمقراطي يتيح الانخراط بالعمل السياسي لمن يرغب بذلك. بعيداً عن مشاركتها التطوعية في الحملات الانتخابية للأحزاب الكندية واحتكاكها المباشر مع السياسيين والمجتمع المدني في كندا، كانت مزنة من مؤسسات الحركة السياسية النسوية السورية، تقول عندما كان مقرراً الاجتماع التأسيسي للحركة، كان لديها امتحان في الجامعة إلا أنها تركت كل شيء وتوجهت للاجتماع، لأنها تؤمن بأنه هناك لحظات في التاريخ لا يمكن أن تتكرر، لذا تشير مزنة إلى أن عملها السياسي الفعلي فيما يخص سوريا بدأ فقط من خلال الحركة.
“انضممت إلى الحركة، لأنها لا تقوم بعمل آني، وإنما تبني وتؤسس لعمل سياسي للنساء السوريات لفترة الثورة وما بعد الثورة، لفترة النزاع وما بعد النزاع، لسوريا المستقبل وللأجيال القادمة.”
تقول مزنة إن التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا كثيرة منها، أن القرار السوري ليس بيد السوريات/ين أنفسهن/م، الإقصاء بكل أشكاله ليس فقط من قبل النظام بل في الأجسام السياسية المعارضة على حد سواء، خاصة تجاه تمثيل النساء وجيل الشباب في تلك الأجسام، وهذا ما تحاول الحركة السياسية النسوية السورية الابتعاد عنه من خلال عملها، لتكون حركة نسوية شاملة لعضوات وأعضاء من مختلف المشارب السياسية والعمرية والإثنية والجنسانية واحترام هذا الاختلاف واستثماره برؤية جديدة شاملة لكل احتياجات السوريات والسوريين.
انضمت مزنة إلى الحركة، لأن الحركة لا تقوم بعمل آني، وإنما تبني وتؤسس لعمل سياسي للنساء السوريات لفترة الثورة وما بعد الثورة، لفترة النزاع وما بعد النزاع، لسوريا المستقبل وللأجيال القادمة، وبالتالي فإن الحركة تهدف على المدى البعيد إلى تأهيل رئيسات منافسات ضد بشار الأسد لأنها تعمل على بناء خبرات وسياسيات سيكن قادرات على قيادة البلد. تتوقع مزنة أن تتمكن الحركة من تحقيق هدفها في زيادة نسبة تمثيل النساء في مراكز صنع القرار لتصل إلى 50%.
تؤكد مزنة أنه على كل سورية وسوري العمل من مواقعهن/م المختلفة على عرقلة تعويم نظام الأسد واستعادة شرعيته، بالتواصل مع المنظمات وحكومات الدول في المنافي، وبمناصرتهن/م لأهداف الثورة وقضيتنا الأولى، خاصةً بعد أن أصبح هناك مجموعة احتلالات في سوريا وحروب بالوكالة تطبق من السوريين ضد السوريين من قبل تركيا وإيران وروسيا.
إن ما يدفع مزنة للمشاركة في الشأن العام هو حلمها ببناء بلدها من جديد وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراده، وإحساسها بأن بلدها هو الأولى بما اكتسبته من معرفة وخبرات وأن من واجبها أن تساهم في بنائه وتطويره لأن سوريا هي بأمس الحاجة لخبرات أبنائها وبناتها بعد كل الدمار والتراجع الذي حل بها على كافة المستويات.
“نأمل أن نرى يوماً ما إحدى النساء السوريات رئيسة لسوريا، ويجب أن ندرك أن عملنا ليس بالضرورة أن يفضي إلى نتائج آنية وإنما نحن نؤسس للأجيال القادمة التي ستقود سوريا في المستقبل.”
من أجمل اللحظات التي عاشتها مزنة خلال الثورة هي لحظات المظاهرات في سوريا والربيع العربي الذي أعاد لنا الإحساس بصوتنا وحقنا بالمطالبة بصوت عالٍ، فيما كانت لحظة استشهاد عمها هي الأقسى بالنسبة لها، والذي أصيب برصاص قناص خلال إحدى المظاهرات في قلب دمشق ومن ثم حصار الحي الذي ولدت وتربت به لخمس سنوات، وهدم بيتها في حي القدم في جنوب دمشق بالطيران والتهجير القسري الذي طال عائلتها إلى شمال سوريا.
تقول مزنة لنساء سوريا: “علينا أن نعلم أن الطريق صعب وأنه سيكون هناك تهديدات وأخطار على المستوى الشخصي والجمعي، ولكن هذه هي ضريبة المقاومة والتغيير الذي نصبو إليه، مثل أي شعب أو مثل حال النساء اللواتي عانين في دول أخرى عبر التاريخ حتى تمكن من الوصول إلى أهدافهن، ونحن نأمل أن نرى يوماً ما إحدى النساء السوريات رئيسة لسوريا، ويجب أن ندرك أن عملنا ليس بالضرورة أن يفضي إلى نتائج آنية وإنما نحن نؤسس للأجيال القادمة التي ستقود سوريا في المستقبل”.