بيان الحركة السياسية النسوية السورية حول الأحداث في الساحل السوري
- updated: 9 مارس 2025
- |
في وقت تعاظمت فيه آمال السوريات والسوريين بمستقبل آمن يسوده السلام والعدالة، شهدت مناطق الساحل السوري أحداثًا مأساوية بدأت بكمين نفذته فلول النظام السابق ضد قوى الأمن العام مما أدى لمقتل العديد من عناصر الأمن العام، وما زالت تتوارد أنباء عن مقابر جماعية وحرق وتمثيل بالجثث قامت به الفلول المجرمة. وقد تصاعدت المعارك في اليوم الأول وترافقت مع انتشار خطابات تحريضية ذات طابع طائفي، مما أدى إلى تداعي فصائل ومتطوعين لدعم السلطة في معاركها، فانتهى الأمر بارتكاب مجازر وحشية بحق مدنيات ومدنيين، مع انتهاك لإنسانيتهم وسرقة ممتلكاتهم وتخريب بيوتهم بدوافع انتقامية لا تفرق بين فلول النظام السابق والمسلحين، وبين المدنيين العزل، بمن فيهم الجنود الذين سلموا أسلحتهم ويجب التعامل معهم كأسرى حرب وتحويلهم إلى الجهات القضائية، بدلًا من إعدامهم ميدانيًا.
إننا في الحركة السياسية النسوية السورية ندين القوى الإجرامية المتمثلة في فلول النظام، الذين ما يزالون يضحون بمكون من مكونات الشعب السوري على مذبح مصالحهم ومصالح القوى الخارجية التي تدعمهم. في الوقت ذاته، ندين بشدة الانتهاكات والجرائم التي ارتُكبت في الساحل السوري، ونؤكد على النقاط التالية:
- لكي تستطيع سوريا الجديدة أن تنهض وتستعيد عافيتها يجب أن تتشكل قطيعة مع كل موروث الأسد المجرم وأساليبه وممارساته الإجرامية، التي تركت في ذاكرة السوريات والسوريين جراحًا لم تندمل بعد، وتم استعادتها في الأيام القليلة الماضية وفق شهادات، كالقتل على الهوية وإهانة كرامة الناس وإذلالهم وترهيبهم، وتقع مسؤولية عدم تكرارها ومعاقبة المرتكبين على عاتق الدولة، كما وأن السماح لجماعات مسلحة منفلتة من الضوابط وتتحرك بدوافع انتقامية لا يتماشى مع عقلية بناء الدولة بل ويعيق كل جهود تعزيز السلم الأهلي.
- إن القضاء على فلول النظام لا يمكن أن يقتصر على المواجهة العسكرية، بل يتطلب خطوات جديّة لبناء الثقة مع كل المكونات السورية، خاصة المكون العلوي، الذي تحاول فلول النظام استخدامه كرهينة في معاركها. لن يتحقق هذا إلا من خلال إعادة التفكير في مفهوم المصالحة الوطنية كعملية حقيقية تبدأ بحوار وطني شامل، وتنفيذ آليات العدالة الانتقالية بكل مراحلها، من كشف الحقيقة، إلى المحاسبة، إلى المصالحة.
- إن بناء الدولة السورية الجديدة في هذه المرحلة الخطيرة ووسط التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية لا يمكن دون إنهاء عسكرة الفضاء العام وتفكيك البنى التي تعزز الاستقطاب الطائفي والسياسي، وإن بناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري يتطلب مقاربة تركز على العدالة والمشاركة المجتمعية الواسعة، بعيدًا عن النهج الإقصائي أو الانتقامي.
- إن بناء علاقات خارجية متينة لا يمكن أن يكون ناجزًا دون تمتين التماسك المجتمعي داخلياً وبناء الثقة بين السلطة وجميع مكونات الشعب السوري. فالشرعية لا تُكتسب من الخارج، بل تأتي من الداخل، من رضا الشعب بكل تنوعه والإنصات لمطالبه وتقديم ما يلزم لصون كرامته وحقه في الأمن والأمان والعيش الكريم.
بناءً على ما ذكر أعلاه نطالب بما يلي:
- وقف جميع الانتهاكات بحق المدنيات والمدنيين فورًا، وإصدار أوامر واضحة بانسحاب جميع الفصائل غير النظامية والمتطوعين غير المنضوين تحت الجيش والأمن العام إلى مناطقهم.
- اطلاع السوريات والسوريين على نتائج التحقيق التي تتوصل إليها لجنة التحقيق التي عينها الرئيس أحمد الشرع وذلك من خلال قنوات رسمية.
- انتهاج سياسة وطنية شاملة لبناء دولة المواطنة، التي لن تتحقق إلا من خلال التشاركية، واحترام التعددية، وضمان حقوق جميع السوريات والسوريين دون إقصاء.
يأتي هذا البيان متزامنًا مع اليوم العالمي للمرأة، وهو مناسبة نؤكد فيها أن النساء السوريات كنّ شريكات أساسيات في النضال من أجل السلام، وحملن على عاتقهن حماية المجتمع السوري، ودافعن عن السلم الأهلي. ومن هذا المنطلق، فإن حق السوريات في المشاركة بصياغة مستقبل البلاد ليس مجرد مطلب، بل ضرورة لبناء سوريا جديدة قائمة على العدل والمساواة والسلام المستدام.
الرحمة لأرواح المدنيات والمدنيين في الساحل السوري، والعار للمجرمين الذين سفكوا دماء الأبرياء.
الرحمة لشهداء الأمن العام والجيش، وخالص العزاء لذويهم.
والخزي والعار لبقايا النظام الأسدي البائد.
الأمانة العامة في الحركة السياسية النسوية السورية
الأحد 9 آذار 2025