نضال جوجك، تجرأت على الحلم حتى قبل الثورة وما زلت أسعى لتحقيقه
- تاريخ النشر: 31 أغسطس 2021
- |
نضال جوجك، خريجة أدب إنكليزي من جامعة حلب، عملت مدرسة للغة الإنكليزية لعدة سنوات في مدينة حلب، مقيمة حالياً في فنلندا، تعمل بدوام جزئي في مدرسة ابتدائية، وتدير جمعية نسوية تهتم باللغة الكوردية ومساعدة النساء على الاندماج في المجتمع الجديد. انتقلت نضال من مدينة حلب إلى عفرين عام 2010، لتصبح مدرسة هناك، إثر إغلاق مكاتب الدورات التعليمية غير المرخصة في حلب. وبعد اشتداد قصف النظام على عفرين وانتشار الجيش فيها، غادرتها نضال إلى تركيا وأقامت فيها سنتين قبل أن تسافر إلى فنلندا.
عن علاقتها بقريتها الأصلية في عفرين تقول نضال: لم أكن مقيمة فيها حيث كنت أزورها في مواسم جني الزيتون والعنب والتفاح وغيرها من المحاصيل التي تحتاج مشاركة عائلية، وكذلك في الأعياد والمناسبات. تضيف نضال: إذا كانت سوريا هي الأم فإن عفرين هي البنت المدللة، على الأقل بالنسبة للعائلة الكوردية في سوريا.
عفرين قطعة مميزة من سوريا، ربما أشعر بذلك بسبب انتمائي لها، ولكن ما يميزها حقاً هو حفاظها على الهوية الكوردية والثقافة الكوردية، رغم سياسة التعريب التي انتهجها النظام السوري، وتغيير أسماء القرى والنواحي إلى أسماء عربية، رغم ذلك ظل أهالي المنطقة يطلقون على المناطق بأسمائها الكوردية، الناس في عفرين رغم تمسكهم بالزراعة وخاصة الزيتون ولكنهم لم يوفروا فرصة لتعليم بناتهم وأبنائهم. منذ أواخر التسعينات بدأت حركة عمرانية واسعة في عفرين وتوسع بناء المدارس خاصة بعد بناء سد ميدانكي الذي ساهم في إضفاء جمال على المنطقة إضافة إلى تنوع المواسم الزراعية فيها، كل هذا جعل منها مقصداً سياحياً.
عن تفاعلها مع بدايات الحراك في سوريا 2011 تقول نضال: كنت من المؤيدين للحراك السلمي، وتابعت بشغف كل المظاهرات السلمية منذ انطلاقها في درعا وامتدادها على كافة الأراضي السورية، وكنت أتحرق شوقاً لأن يبدأ أهالي حلب التظاهر مثل بقية المحافظات، ولكن الحراك أخذ على الفور المنحى الإسلامي في حلب بالذات، إلا أن أول مشاركة لي في الثورة كانت في جامعة حلب عندما بدأ الطلاب يحيون “الجيش الحر” في نهاية عام 2012.
بدأت التظاهرات في ضواحي حلب ورغم أن طلبة الجامعات كانوا يتظاهرون في المدينة خاصة في ساحات الجامعة، لكن في المناطق المحيطة بحلب كانت تتردد شعارات دينية أكثر منها وطنية. كان لي زميلات وزملاء محاميات\ون يروون لي أنه في كل يوم من منتصف الأسبوع كانت سرايا حلب تعج بالمتظاهرات\ين من موظفات\ين، محاميات\ين والكل ينادي “واحد واحد واحد… الشعب السوري واحد”.
تتابع نضال: بعد ذلك بأشهر قليلة تحولت الشعارات للتكبير (الله أكبر)، وكان ملحوظاً تبدل جمهور المتظاهرات\ين أيضاً. مع احترامي لكل المكونات الإثنية والدينية والعرقية في سوريا لكن تغيير منحى المظاهرات للصيحات الدينية وابتعادها عن الخطاب الوطني أفرز فئة من الناس الذين لم يروا في الثورة إلا صراعاً طائفياً، حتى النساء والشابات اختفين من المظاهرات السلمية. كان من الواضح أن النظام بدأ بورقة الطائفية الدينية والعرقية، وبعض الذين حملوا السلاح باسم الدفاع عن أنفسهم وحماية بيوتهم وممتلكاتهم، استغلوا استحواذهم على السلاح وأرهبوا الأهالي ليتركوا بيوتهم للنهب والسلب، من جيش النظام السوري تارة، ومن قبل بعض تلك الجماعات التي استحوذت على السلاح تارة أخرى.
لم ألتزم بالنزول في المظاهرات، ولم يكن لي متابعة في التنسيقيات، كنت قد انقطعت عن العمل السياسي وقتها ولم أكن على علم بمن هم الصالحون في تلك الفترة. في حي الأشرفية الشعبي في حلب، على سبيل المثال، كانت المظاهرات السلمية تملأ الشارع الرئيسي، ولكن كانت فئات من الشباب تنحاز للمساجد حتى اختفت تلك المظاهرات تماماً ليحل محلها فئة أخرى يحملون صور الزعيم الكوردي عبد الله أوجلان وشعارات الـ PKK وهؤلاء كانت لهم مسافة محددة يمشون إليها ولا يتعدون حدود منطقة الأشرفية. كان من الواضح حينها أن النظام يرسم لتسليم الـ PKK باسمهم الجديد “حزب الاتحاد الديمقراطي” زمام الأمور في تلك المناطق ذات الغالبية الكوردية.
رغم المآخذ التي تولدت لدى نضال على الحراك إلا أن مفهوم الثورة متجذر لديها، تقول: أنا انحدر من أسرة اهتم كل أفرادها بالسياسة حتى الأب والأم، كنت على اطلاع منذ طفولتي على جرائم نظام الأسد الأب تجاه الشيوعيين في مرحلة ما، ومن ثم معاملته العنصرية للكورد ومحاولة إقصائهم عن الحياة المدنية والسياسية، إلا من كان موالياً له. شهدت التمييز العنصري والطبقي والطائفي في مرحلة مبكرة من العمر، وبسبب انتمائي لـ “اتحاد الشباب الديمقراطي السوري” ونشاطي فيه حرمت من دراسة معهد إعداد المعلمين الذي كانت الواسطة هي الشرط الأقوى للقبول فيه.
تشارك نضال بعض المواقف التي تعرضت خلالها للتمييز في حياتها الدراسية والمهنية باعتبارها كوردية تقول: طبعا عانيت مثل كل السوريات والسوريين من الإقصاء، أولاً لعدم انتمائي لآل الأسد أو من مواليه، وأيضاً كوني كوردية، ولمست هذا الإقصاء في المرحلة الابتدائية حيث كانت بعض المعلمات يتجاهلن وجودي ومشاركاتي في الدرس، وكن يحاولون التقليل من شأن الكورد بوصفهم بـ “الفلاحين”، معتقدين أن الكوردي يخجل بمهنته؛ الزراعة. أذكر في الصف السابع الإعدادي عندما طلبت مني مدربة الفتوة، دفتر العائلة لأنني قلت لها إنني من مواليد حلب، مع أنني فعلاً كنت مولودة في حلب كبقية إخوتي بسبب عمل والدي في مؤسسة مياه الشرب، وعندما أحضرت لها دفتر العائلة قالت باستهزاء: “على والدك أن يسجلك في قريتك الأصلية، أنتم أكراد ولستم حلبية”، شعرت بإهانة وبأننا لا يحق لنا حتى تقديم ثبوتياتنا بشكل صحيح ويجب أن نزيف ونكذب، وما كان من والدي إلا أن ذهب لتعديل أوراقي الثبوتية ليكون مكان الولادة قريتنا، وأذكر أنه قال بفخر “هذا أفضل، وليتردد اسم قريتنا على مسامع الجميع”.
بعد خروجها من عفرين توجهت نضال إلى إسطنبول حيث كان لها بعض الأقارب، لم تكن إسطنبول مدينة سهلة للعيش وإيجاد فرصة عمل خاصة أن السوريات والسوريين حينها لم يكونوا قد بدأوا بالتوافد إلى المدينة وتأسيس أعمال فيها. تقول نضال: عملت في مشغل للخياطة وكنت قد تعلمت من والدتي العمل على ماكينة الخياطة (الحبكة والدرزة)، وكان المشغل كبيراً وكنت أعمل ثماني ساعات في اليوم، كان عملاً شاقاً فليس من السهولة أن تجلس وراء ماكينة لم تلمسها مدة 15 سنة وبعمر متقدم، والأصعب هو معاملة ما يسمون “الأوسطايات” للعمال، كان أشبه بالأعمال الشاقة في السجن، إلا أن الوضع أخذ بالتحسن بعد أن عدت إلى مدينة غازي عنتاب.
أما العبور إلى اليونان، فتصفه نضال بـ “أصعب مراحل رحلة اللجوء هي لحظة وصولي إلى اليونان، شعرت كمن اقتلع شجرة من جذورها”، تتابع: في اليونان، أكثر ما آلمني ليس النوم في البراري ولا قلة الخدمات في المخيمات خاصة على الحدود، وإنما اقتتال السوريات/ين على بعض الخبز أو علبة بسكويت أو حتى لباس قديم يتبرع بها اليونانيون. في مقابلة تلفزيونية لإحدى المحطات اليونانية المحلية سألتني المذيعة “هل الجو والمكان هنا مناسب لوجود هذه الأعداد الهائلة من النازحات/ين، وما هي الأضرار الصحية الأكثر انتشاراً؟” أجبتها أن أكثر الأضرار هي الانحلال الأخلاقي للأطفال هنا، الصحة تعالج والجوع والبرد يمكن إسكاتهما، ولكن الأطفال هنا يتعلمون سلوكيات لا نعرف ما تبعاتها فيما بعد لو بقينا وقتاً أطول، وكنت أقصد السرقة وربما الاعتداء على أهل المنطقة مقابل الحصول على طعام أو كساء.
في المستقر الجديد فنلندا، وجدت نضال متنفساً مقارنة برحلة اللجوء الشاقة، تصف تجربتها الحالية بالقول: أنا متصالحة تماماً مع المحيط الجديد، ربما إتقاني اللغة الإنكليزية هو سبب اندماجي السريع في المجتمع، وكذلك طبيعتي الاجتماعية سهلت أمور الاندماج والتأقلم هنا. أكبر عقبة واجهتني هي اللغة الفنلندية التي ما زلت أجد صعوبة في التكلم بها، والأصعب هو بعدي عن أهلي في سوريا.
“أتوقع أن تحدث الحركة السياسية النسوية السورية تغييراً جذرياً في الحياة السياسية السورية، حيث توجد في صفوفها طليعة ثورية نسوية وضعت اللبنة الأساسية لمشاركة النساء في العمل السياسي وحققن في زمن قياسي نسبياً، رغم كل ظروف الحرب والاستبداد، نقلة نوعية في تغيير الصورة النمطية للنساء ومشاركتهن في الساحة السياسية.”
عن التحديات التي تواجه العمل السياسي في سوريا قبل عام 2011 وإن كانت اختلفت حالياً، تقول نضال: التحديات لم تختلف كثيراً، وأهمها نسبة مشاركة النساء في العمل السياسي ومواقع الحكم، ربما بعد 2011 أصبحت مشاركة النساء في السياسة أوسع قليلاً ولكن ما يزال وجودهن في مواقع صنع القرار محدوداً جداً، أي أنه رغم تواجد نسبة من النساء في مكونات سياسية سورية ولكن هذا التمثيل غير كاف، ويغلب على طريقة التعاطي في الحياة السياسية الأسلوب الذكوري. من إيجابيات “الحزب الشيوعي السوري” هو إفساح المجال للنساء في تشكيل تجمعات نسائية وإن لم تهتم بالقضايا النسوية، لكنها كانت سبباً في تواجد النساء في تشكيلات سياسية اقتصرت لعقود من الزمن على الرجال.
كان المجتمع السوري المحافظ بطبعه يتهم النساء اللواتي ينخرطن في الحزب الشيوعي بـ “المنحلات” ويقلل من شأن واحترام الرجال الذين يسمحون لبناتهم أو زوجاتهم أو أخواتهم بالمشاركة في مناسبات الحزب. لكن يبقى العمل في السياسة تحدّ قبل وبعد الثورة فمن يعبر عن رفضه لسياسة النظام السوري يكون مصيره إما الاعتقال أو التصفية الجسدية، إلا أن الاختلاف اليوم هو وجود التقنية الرقمية التي ساعدت على ممارسة السياسة وإيصالها للرأي العام العالمي وتحريكه.
أما التحديات التي تواجه النساء في العمل السياسي تقول نضال: هي كثيرة لا حصر لها، ولكن أهمها هو الخوف من المجتمع الذي لا تقل رهبته وقصاصه عن نظام البعث الذي يعاقب الناشطات والنشطاء السياسيات/ين ويقصيهن/م بكافة السبل القمعية.
أما عن سبب انضمام نضال للحركة السياسية النسوية السورية تقول: عندما كنت ناشطة في صفوف “اتحاد الشباب الديمقراطي السوري” كانت نسبة جيدة من الشابات يناضلن من أجل المساواة الاجتماعية، وقد ساهمن بشكل إيجابي نوعاً ما بكسر الصورة النمطية للفتيات في ذلك العمر، حيث كانت تعقد ندوات واجتماعات ثقافية ومحاضرات حول الصراعات الطبقية ودور العدالة الاجتماعية في رفاه المواطنات/ين على حد سواء، ولكن كان هناك انعدام معرفي للقضايا النسوية وغياب فهم للمساواة الجندرية، واعتبر الرجال الذين يسمحون لنسائهم بحضور الحفلات الحزبية والندوات والمحاضرات “أبطالاً” نسبة لنظرائهم، أي لم تول تلك الطبقة المتحزبة أهمية لدور النساء في تحدي المجتمع وكسر قيوده. ولقد وجدت في انضمامي للحركة السياسية النسوية السورية المكان الذي من خلاله أمارس العمل السياسي بدون تأثير للعقلية الذكورية وبدون أن يكون الفضل في إحداث التغيير وممارسة السياسة وطرح القضايا النسوية للرجال بل هي حراكات من نساء آمن بالتغيير من وجهة نظر نسوية ويعملن بجهد لإحداث هذا التغيير الضروري لبناء مجتمع المساواة التامة. تضيف نضال: أتوقع أن تحدث الحركة تغييراً جذرياً في الحياة السياسية السورية، حيث توجد في صفوفها طليعة ثورية نسوية وضعت اللبنة الأساسية لمشاركة النساء في العمل السياسي وحققن في زمن قياسي نسبياً، رغم كل ظروف الحرب والاستبداد، نقلة نوعية في تغيير الصورة النمطية للنساء ومشاركتهن في الساحة السياسية رغم التسلط الذكوري على كافة الأجسام السياسية السورية معارضة كانت أو موالية للنظام. الحركة تقدم نموذجاً للعمل السياسي النسوي الذي تتبعه النساء مستقبلاً، وإن كان نشاطنا ضعيف التأثير على الوضع السوري الحالي لكنه داعم ومعزز للأجيال القادمة لأننا كسرنا جليد الخوف عند النساء للخوض في العمل السياسي وتبعاته التي يحاسب عليها مجتمعنا بكافة أشكاله.
بخصوص المعوقات التي تواجه نشاط الحركة أو تحد من تحقيق رؤيتها، تقول نضال: كثيرة هي المعوقات لأي حراك سياسي خاصة ذات الطابع النسوي بسبب خصوصية مجتمعنا المحافظ نسبياً، ومن أبرزها تفاوت الوعي السياسي لدى عضوات/أعضاء الحركة ليس بسبب قلة وعيهن/م وإنما بسبب تنوع ثقافاتهن/م وانتماءاتهن/م الإثنية والاجتماعية والطائفية، بالإضافة إلى تواجد نسبة لا بأس بها من العضوات/الأعضاء في الداخل السوري مما يشكل خطراً أمنياً عليهن/م ويحد من تحقيق رؤية الحركة. كما أن الأوساط السياسية السورية خاصة والعالمية عامة لم تعتد بعد على وجود حراك سياسي نسوي وهذا بالتالي يحد من نشاطها وتحقيق رؤيتها، مع ذلك تعمل الحركة دون كلل لتجاوز كل ذلك.
تصوُري أننا في الحركة السياسية النسوية تجاوزنا حتى الأهداف التي قامت من أجلها الثورة، رغم مشاركة النساء في الثورة لكن دورها اقتصر على العمل المدني والميداني، والتواجد في المجالس السياسية، أما العمل السياسي من منظور نسوي فهو إضافة قيمة لمبادئ الثورة الأساسية، وكلما زاد الوعي النسوي وسعت النساء لحل قضاياهن النسوية وإلحاقها بالعمل السياسي سيكون ذلك مساهمة لإعادة توجيه بوصلة السوريات والسوريين في العمل الثوري لأن النساء هن الأقدر على التنظيم والإدارة بدءاً من بيتهن الداخلي وصولاً إلى المؤسسات ودوائر الدولة، وهذه ليست مبالغة وإنما من خلال تجارب عملية لمجتمعات قادتها النساء وارتقت بها.
“أرى ضرورة الاستمرار في الحراك النسوي السياسي الذي ستقع على عاتقه إعادة تصحيح المسار والمضي لبناء سوريا تتسع للجميع على أساس المواطنة المتساوية لكل السوريات والسوريين، وهذا أهم هدف من أهداف الحركة السياسية النسوية السورية.”
من أكثر التجارب الإيجابية تأثيراً في نضال خلال العشر سنوات الفائتة تقول: بسبب أفكاري التحررية وأمنياتي في تحقيق المساواة بين كافة فئات المجتمع ولأنني عانيت من الإقصاء بسبب خلفيتي الثقافية والسياسية والإثنية كانت لي تجربة جميلة مع أطفال سوريين في تركيا حيث كنت أدير مركزاً تعليمياً ضم مجموعة من الأطفال من مختلف مكونات المجتمع السوري وكنت راضية جداً وسعيدة لهذا التنوع، خاصة وأن الجميع نال ذات الاهتمام والرعاية والمساواة في التعامل، على الأقل كنت أحاول جهدي لمنحهن\م ذلك، وفي الوقت ذاته كان هناك قسم من المركز لتعليم أمهات الأطفال بعض الحرف اليدوية لكي يعتمدن على ذواتهن في تأمين قوتهن وقوت أطفالهن.
بالإضافة للعمل الإغاثي كنت أشعر بغبطة كلما رافقت الفريق الإغاثي إلى منازل العائلات السورية النازحة في تركيا وخاصة من لا معيل لهم سوى أطفالهم، حتى اعتمدت جهات الإغاثة الأجنبية على اختياراتي للعائلات الأكثر حاجة للمعونات ولم أتحيز يوماً لأبناء قوميتي أو ضد من هم على النقيض من توجهاتي الفكرية.
بالمقابل عاشت نضال خيبات ومرارة تذكر منها: بالطبع كل السوريات والسوريين عانين/وا من ويلات الحرب خلال عشر سنوات مضت والتجربة الأكثر قساوة هي رؤية من كنا نتخيلهم ثواراً ويدافعون عن كل ما ينتهكه النظام البعثي، يقومون بنفس الانتهاكات عندما سنحت لهم الفرصة بالسيطرة على مناطق عفرين هذا الخذلان أثر سلبياً ليس علي فقط وإنما على شريحة واسعة من المكون السوري الذي شارك في الثورة وتحمل وزر نظام الأسد المستبد مثل كل السوريات والسوريين، فمن بين من يسمون أنفسهم قوى وطنية ساهموا بتوسيع الشرخ الذي أحدثه النظام بين المكونات السورية وأتمنى ألا يتعمق هذا الشرخ .
على الصعيد الشخصي، تختصر نضال دافعها لمواصلة المشاركة في الشأن العام السوري اليوم بجملة: تجرأت على الحلم حتى قبل الثورة ومازلت أسعى لتحقيقه.
عن سوريا التي تحلم نضال بها: أحلم بسوريا تشبه المجتمع الذي أعيش فيه الآن، دولة مواطنة، والأهم سوريا بدون الأسد.
ولنساء سوريا تقول: لتكن قضايانا النسوية همنا المشترك الذي يجب علينا جميعا النضال من أجل حلها والتغلب على كل من سلبنا حقوقنا الإنسانية لأننا بذلك سنتجاوز اختلافنا وخلافاتنا.
تختتم نضال حديثها بالقول: لقد أفرزت الثورة السورية أشكالاً من التوافقات والاختلافات لم تكن بذلك الأثر والانعكاس على حياة المجتمع رغم التنوع في النسيج السوري، لكن ربما لعبت المصالح الدولية والإقليمية والعالمية دوراً كبيراً في دعم بعض المكونات على حساب أخرى، مما حرف في مسار وأهداف الثورة في مرحلة ما، هذا لا يعني أن تلك المفرزات هي الأساس الذي ستبنى عليه سوريا المستقبل، لذلك من وجهة نظر نسوية، أرى ضرورة الاستمرار في الحراك النسوي السياسي الذي ستقع على عاتقه إعادة تصحيح المسار والمضي لبناء سوريا تتسع للجميع على أساس المواطنة المتساوية لكل السوريات والسوريين، وهذا أهم هدف من أهداف الحركة السياسية النسوية السورية، ومن المطلوب من النساء قبل الرجال العمل الدؤوب لتحقيقه.