دلال البش: أنا أمية لكنني نجحت في تشجيع عشرات النساء على التعلم

 
 

بدأت دلال حياتها العملية في عام 2004، كمزينة شعر في دمشق حيث كانت تسكن، تقول دلال: عندما بدأت الثورة قررت أنا وعائلتي العودة إلى مدينتنا إدلب، تركنا كل ما أسسناه في دمشق على مدار 20 عاماً وبدأنا من الصفر. افتتحت صالون تجميل نسائي للمساهمة في مصاريف العائلة، في ذلك الوقت قررت أن أسجل أنا وابنتي ذات الـ 14 عاماً بدورة للتمريض، باعتبار المنطقة تتعرض للقصف وكل بيت بحاجة إلى مسعف. تضيف دلال، وبعد فترة رأيت إقبالاً من النساء والفتيات في محيطي على الانخراط في دورات مشابهة، لذلك وبمساعدة زوجي افتتحت مركزاً تدريبياً في بيتي بمرعيان، وبدأت بتقديم دورات بالتمريض والحلاقة النسائية والأعمال اليدوية. تذكر دلال أن المركز ظل يقدم هذه الدورات لمدة تفوق السنتين بدون أي دعم، إلى أن تلقى منحة من إحدى الجهات المانحة، وبجهود تطوعية أصبح المركز الوحيد الذي يقدم الدعم للنساء والأطفال في جبل الزاوية.

تستذكر دلال مشاعرها المختلطة في بداية الثورة وتقول: بداية شعرت بالخوف من عواقب هذه الاحتجاجات، لكن عندما رأيت إصرار الناس على الخروج ضد الظلم والمطالبة بالحرية، لم أستطع إلا أن أشاركهم، تضيف: لقد تربينا على الخوف والقمع وكان التحدث بالسياسية وانتقاد السلطة ممنوعاً حتى داخل المنازل. عن دافعها للمشاركة في الثورة تقول دلال: هتاف “يسقط النظام” عنى لي الكثير، فلقد سمعنا من أهالينا عما ارتكبه النظام من جرائم في حماة، ونحن أنفسنا عشنا القمع والظلم في ظله، فكنا أمام خيارين إما السكوت ومتابعة العيش تحت هذا الظلم أو الاصطفاف مع الحق والوقوف بوجه هذا النظام. لذا اختارت دلال وعائلتها ترك دمشق حيث كان زوجها يعمل شرطياً، والعودة إلى إدلب ليكونوا بين أهلهم، وفي صفوف الثورة.

عن عودتها لبلدتها في إدلب تقول دلال: بدأت حياة جديدة كلياً، ولم تكن سهلة خاصة مع خمسة أطفال، حتى مرحلة تأسيس المركز واجهتنا خلالها الكثير من العقبات الاجتماعية، فالبعض عمل على نشر الأقاويل والتحريض لإغلاق المركز، بحجة أن النساء لا يجب أن يخرجن من المنزل للالتحاق بمثل هذه الدورات، إلا أننا استطعنا رغم ذلك من مواصلة العمل وتأسيس فريق متماسك.

 

’’أنا أمية لكنني نجحت في تشجيع عشرات النساء على الخروج من المنزل والتعلم والمشاركة في دعم أسرهن، إضافة لمساهمتي في إنشاء روضة للأطفال تضم الآن 50 طفلةً/طفلاً يتعلمون الكتابة والقراءة، بإشراف مدرسات من حملة الشهادات الجامعية.‘‘

 

 

 
عن اهتمامها بالعمل السياسي تقول دلال: نحن النساء كنا مغيبات عما يحدث في بلدنا، ومن حقنا أن نكون بصورة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كي نستطيع المساهمة في صناعة التغيير. تضيف دلال: حتى في الوقت الراهن وعند نقل أخبار سوريا للخارج، يجب أن يكون لنا دور في إيصال الحقيقة وأن يكون صوتنا مسموعاً، وعند الحديث عن واقع البلد لابد أن نكون مصدراً للمعلومات كوننا جزء من هذا الواقع، وأنا من هؤلاء الأشخاص الذين اختاروا البقاء في سوريا ومن واجبي أن أكون صوتاً للحقيقة.
لا تخجل دلال من التصريح بأنها أميّة، لكنها بالرغم من ذلك تدربت وزودت نفسها بالمعرفة. تضيف: أنا أمية لكنني نجحت في تشجيع عشرات النساء على الخروج من المنزل والتعلم والمشاركة في دعم أسرهن، إضافة لمساهمتي في إنشاء روضة للأطفال تضم الآن 50 طفلةً/طفلاً يتعلمون الكتابة والقراءة، بإشراف مدرسات من حملة الشهادات الجامعية.

وعن التحديات التي تواجه العمل السياسي في سوريا تعتبر دلال أن الارتهان للسياسيات الخارجية هو أكبر عائق أمام خلق جو عمل سياسي، حتى على مستوى محافظة إدلب مثلاً، كل القوى الخارجية فيها والفاعلة على الأرض تزيد التحديات أمام المدنيات/ين وتزيد الوضع تعقيداً، تقول دلال.أما عن التحديات التي تواجه عمل المرأة في المجال السياسي تقول دلال: المعوقات كثيرة وحتى ذكرها والخوض في تفاصيلها يمكن أن يعرضنا للخطر، لذلك نحن بحاجة لثورة ثانية لاستعادة صوتنا.

 انضمت دلال حديثاً للحركة السياسية النسوية السورية، تقول: انضمامي للحركة كان نابعاً من رغبتي بأن يكون لنا دور في مستقبل سوريا، وألا نكون مغيبات كما في السابق. وجدت في الحركة عضوات وأعضاء فاعلات وفاعلين وأتوقع أن يكون للحركة بصمة في الحياة السياسية السورية.
 
 

’’عندما أسست مركز “زمردة” واجهتني بعض السخرية من أشخاص شككوا بقدرتي على العمل كوني أميّة، واليوم عندما أرى ما حققه المركز خلال أربع سنوات، والدعم الذي قدمه لنساء المنطقة أشعر بالفرح والفخر. نجاح المركز أثبت لي أن الإنسان عندما يسعى بجهد وأمانة لإنجاح عمل ما؛ لابد وأن يرى نتائج مرضية، أنا وثقت بنفسي، وزوجي وأولادي وثقوا بي، وهذا كان كافياً للاستمرار.‘‘ 

 

تعتبر دلال أنه لابد من تظافر الجهود مجدداً لتصحيح مسار الثورة، وتعزيز مفهوم العمل التشاركي والمساعدة، تضرب دلال مثلاً على ذلك قائلة: فريقنا عبارة عن 16 شابة وشابان اثنان، أشعر بالفخر أن هؤلاء أصبحن/وا يعتمدن/ون على أنفسهن/م ولم يعدن/وا بحاجة للمساعدات، هذا إنجاز كبير.
عن سوريا التي تحلم بها دلال، تقول: أحلم بسوريا حرة وآمنة، عندما يكون البلد حر، يكون بالنتيجة آمن ومستقر.
 
لنساء سوريا تقول دلال: لكل إنسان على هذه الأرض أثر، لا تستهن بأثركن، اعملن على تطوير ذواتكن، وادعمن بعضكن البعض. 
ومن المواقف الصعبة التي مرت بها دلال تقول: عندما عدت في بداية الثورة إلى إدلب ولم يكن لدينا عمل أو بيت، لم يكن سهلاً علينا البدء من جديد.
 
من أجمل المواقف التي تستذكرها دلال خلال السنوات التسع الفائتة تقول: عندما أسست مركز “زمردة” واجهتني بعض السخرية من أشخاص شككوا بقدرتي على العمل كوني أميّة، واليوم عندما أرى ما حققه المركز خلال أربع سنوات، والدعم الذي قدمه لنساء المنطقة أشعر بالفرح والفخر. نجاح المركز أثبت لي أن الإنسان عندما يسعى بجهد وأمانة لإنجاح عمل ما؛ لابد وأن يرى نتائج مرضية، أنا وثقت بنفسي، وزوجي وأولادي وثقوا بي، وهذا كان كافياً للاستمرار.