مالك الحافظ، قمع السلطات لم يثنينا عن المطالبة بحرية بلدنا

مالك الحافظ من مدينة دمشق ومقيم في العاصمة الأردنية عمان، يحمل ماجستير في الإعلام ومتخصص في الصحافة السياسية وأبحاث سياسات الشرق الأوسط، عضو في الحركة السياسية النسوية السورية.

مالك الحافظ من مواليد دمشق ومقيم حالياً في العاصمة الأردنية عمان، حاصل على ماجستير في الإعلام ودبلوم في العلوم السياسية، محلل وباحث سياسي، صحفي في مؤسسة “روزنة” للإعلام، عضو غرفة دعم المجتمع المدني السوري، باحث في المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان، ويكتب حالياً في عدة منصات سورية وعربية منها “ساسة بوست”، “مركز خبراء رياليست”، “الحوار المتمدن”، و”نون بوست”.

عن علاقته بدمشق يقول مالك: اكتشفت بعد مغادرتي لدمشق، أن علاقتي بهذه المدينة روحية ويصعب وصفها بالكلام، ورغم أننا كسوريات وسوريين كنا دائماً غريبين في بلدنا، إلا أننا لم نتوقف عن حبها، والدليل أن قمع السلطات لنا لم يثنينا عن المطالبة بحرية بلدنا والنضال لمستقبل أفضل لها.

غادر مالك سوريا إلى الأردن في نهاية عام 2011، وذلك لأسباب عدة منها تعرضه لضغوطات أمنية كونه كان يسكن في منطقة شهدت بواكير انطلاق الحراك وتعرضت لضغط أمني شديد، إضافة لقلق عائلته من بقائه في سوريا وتعرضه للاعتقال. يقول مالك في هذا الصدد: رضخت لطلب عائلتي بالمغادرة رغم عدم قناعتي بتفضيل مصالح الأفراد على مصلحة الوطن. يضيف: مغادرة البلد لا تعني انتهاء المشاكل، فصدمة اللجوء ليست بالأمر السهل تجاوزه؛ سواء على الصعيد الشخصي أو عبر رؤية الكثير من السوريات/ين يعيشون هذه التجربة القاسية.

حملت انطلاقة الثورة في مدينة دمشق الأمل لمالك بأن عدوى الحرية انتقلت من دول عربية عدة إلى سوريا، يقول مالك: كانت بداية الثورة الخطوة الأولى للتغيير ولتوعية السوريات والسوريين بضرورة تغيير الوضع في سوريا من خلال المشاركة المدنية وضمان عدم الدفع باتجاه العسكرة. يضيف: الدافع للمشاركة في الثورة والهم الوطني والرغبة بإرساء مبدأ المواطنة، كلها كانت موجودة أساساً لدى شريحة كبيرة من السوريات والسوريين، أما عن مشاركته في الثورة يقول مالك: أنا أحد هؤلاء السوريين الطامحين للحرية والكرامة والمواطنة بوصفها مطالب شعبية عامة، إضافة لكون المواطنة الكاملة لطالما كانت على رأس هرم طموحاتي.

يضيف مالك: بدأ نشاطي السياسي الفعلي عام 2006، وكان لدي تساؤلات وتحفظات على الحياة السياسية والنظام في سوريا، من استلام بشار الأسد لمقاليد الحكم خلفاً لوالده، للاستبداد والفساد المستشريان في البلد، لهشاشة هذا النظام داخلياً. كل ذلك زاد قناعتي بضرورة التحرك والتنسيق لتغيير هذا الوضع. يضيف مالك: كانت تحركاتنا على نطاق ضيق على هيئة اجتماعات دورية تضم مجموعات من الصديقات والأصدقاء، هذا على صعيد مدينة دمشق، وتحركات مشابهة كانت تجري في باقي المحافظات.

يعتبر مالك أن العمل السياسي في أوساط المعارضة وقع في نفس خطأ النظام على صعيد السياسة الخارجية، وأن التحديات التي تواجه العمل السياسي حالياً تتمثل بالتحالف مع قوى إقليمية ودولية غير واضحة التوجه، يقول: لا أريد أن أعمم وأصفها بالارتهان لكننا بلا شك كسوريات وسوريين أُخرجنا من اللعبة السياسية بسبب هذه التحالفات والتفاهمات القائمة على أسس سياسية خاطئة، حتى وصلنا إلى مرحلة ننتظر فيها توافق الدول حول سوريا وليس توافقنا نحن كسوريات وسوريين، باختصار الصوت السوري مغيب ولا يتم التعامل معه كند، كما ليس ثمة ثقة بأي مشروع أو مقترح سوري-سوري وغالباً ما يقابل بالتخوين والتبعية.

أما عن التحديات التي تواجه المرأة تحديداً في العمل السياسي يقول مالك: التحديات التي تواجه النساء في مضمار السياسة أصعب بكثير لعدة أسباب، أهمها؛ المجتمع السوري الذكوري الذي ينظر للنساء بدونية، وهذا مرده للسلطة الاجتماعية أيضاً التي لم تستطع حتى السلطة السياسية أن تحدها بل على العكس، عملت على تكريسها، وتقلّد أي امرأة لمنصب سياسي في سوريا لم يكن أكثر من شكلياً ومحدوداً بوزارات، مثل الثقافة والشؤون الاجتماعية والعمل، أي أنها ليست مناصب مفصلية في هرم السلطة، ببساطة تواطأت السلطة السياسية مع السلطة الاجتماعية لتهميش المرأة، وكل إنجاز تحققه النساء في سوريا كان يعتبر “طفرة”.

يضيف مالك: حتى في صفوف المعارضة السياسية لم تأخذ المرأة بعد مكانتها المستحقة، ولم تمثل التمثيل اللائق خاصة من حيث العدد والكوتا، وما يزال إشراك المرأة في الأجسام السياسية الحالية ليس للإيمان الكامل بقدراتها بل لضرورة وجود تمثيل نسائي في هذه الأجسام، لذلك أنا ضد فكرة مشاركة النساء تطبيقاً لمبدأ الكوتا بل يجب الإقرار بالحاجة لهن لتحريك عجلة العمل السياسي والاستفادة من مهاراتهن الفكرية والعملية في شتى المجالات.

كان مالك من المنتسبين الأوائل للحركة السياسية النسوية السورية، يقول: أُعجبت بتوجه الحركة ومبادئها وتسميتها، وثمّنت إفساح الفرصة للرجال للمشاركة في هذا الجسم وليس حصرها بالنساء فقط، وهذا ما يميز الحركة عن كثير من الأجسام النسوية، وهذا بحد ذاته دليل على إرساء مبادئ التشاركية والمساواة التي تنادي بها الحركة. يضيف: رغم صعوبة مهمة الحركة إلا أنها وعبر عضواتها وأعضائها قادرة على المشاركة في صياغة مشروع مستقبلي لسوريا، نحن مدركون أن العمل السياسي يحتاج إلى صبر ومثابرة وأشخاص على قدر من الثقافة والفكر وهذا متوفر بنسبة كبيرة في عضوات وأعضاء الحركة، كل من موقعه.

يرى مالك أن من أساسيات تصويب مسار العمل السياسي السوري المعارض هو الرجوع لمبادئ الثورة الأساسية، يقول: ذلك سيساعدنا بالحفاظ على وجود هذه القضية، كما سيعيد الاعتبار للأصوات السورية التي كانت سباقة بالحراك والعمل من أجل سوريا الحرة، عانينا من بطش النظام ومن الإرهاب ومن التدخل الخارجي. إنما واجبنا تغليب مصلحة سوريا على مصالحنا الشخصية والاستمرار حتى لا تذهب تضحيات السوريات والسوريين سدى. ويؤكد مالك أن كل ما سبق يعطيه الدافع للاستمرار في نشاطه السياسي، بالإضافة لرغبته بتوظيف كل ما تعلم خلال سنوات حياته والخبرة التي راكمها في خدمة القضية السورية والعمل على النهوض بهذا البلد الذي يحب، وإلا كيف ستتحقق العدالة الاجتماعية المنشودة لكل من دفع حياته أو نزح أوتهجر أو زُج في السجون أو فقد عزيز؟

يصف مالك سوريا التي يحلم بها بدولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، يقول: أحلم باليوم الذي تعتز به السوريات والسوريون بدستورهن/م ويطبقن/ون بنوده في حياتهن/م اليومية. أحلم بسوريا دولة مؤسسات رائدة علمياً وثقافياً.

لنساء سوريا يقول مالك: لا أقصد أن أظلم الرجل عبر هذه الرسالة إلا أنني مؤمن أن القول عند الرجل والفعل عند المرأة، فهي قادرة على إنجاز الكثير وتقديم الكثير من الخير لبلدها في مختلف المجالات، وأي تغيير للأفضل في سوريا لا بد لأن تكون للمرأة يد فيه، ولهذا تقع على عاتقها مسؤولية الاستمرار لتثبيت وجودها ليس بالمشاركة فحسب بل بالمبادرة للحلول.