ثريا حجازي، الشعب السوري يستحق الحياة
- تاريخ النشر: 19 يوليو 2021
- |
ثريا من ريف دمشق، انتقلت إلى فرنسا عام 2015، أنهت دراسة الاقتصاد عام 2004 وحصلت على ماجستير إدارة مالية عام 2006، أسست في سوريا مكتب دراسات جدوى وتقييم مالي للمشاريع وعملت كمحاضرة في معهد مالي تابع لوزارة التعليم العالي في دمشق.
تقول ثريا إنها نشأت في بيئة تقليدية نوعاً ما، إلا أنها بيئة تشجع على التعليم، وخاصة عائلتها وتضيف أن والدها كان معارضاً قديماً للنظام وله نشاط سياسي، وعموماً في ريف دمشق يوجد فئة كبيرة من المعارضين للنظام ولهذا كان ريف دمشق من أوائل المناطق المستجيبة للثورة. أما عن مشاركتها في الثورة فتقول ثريا إنها جاءت متأخرة لأنها كانت متوجسة من الطريقة التي سيتعامل بها النظام مع الاحتجاجات كونها على دراية واطلاع بالطرق الأمنية للنظام، إضافة إلى أنها كانت تنتظر إن كان الرئيس الشاب حينها بشار الأسد سيتعامل بسياسة مختلفة. وهذا طبعاً لم يحدث وبدأ القمع يأخذ شكلاً عنيفاً بعد فترة قصيرة من انطلاق الاحتجاجات، بعدها انضمت ثريا لمجموعة نساء ثائرات وبدأن بتنظيم المسيرات الصامتة وتوزيع المناشير، بعدها اتسعت دائرة ثريا وتعرفت من خلال النشاطات الثورية على سوريات وسوريين يؤمنون بالثورة ويعملون من أجلها. نفذت ثريا أنشطة مدنية متعددة في عدة محافظات لكن الأساس كان في الغوطة الشرقية حيث استمر عملها الذي طال أنشطة متعددة مدنية حتى الحصار المحكم على الغوطة وتلقت الدعم من والدها الذي كان يتابع ويسمع وعيونه تلمع بدموع.
تعرضت ثريا للاعتقال مرتين، الأولى استمرت ٣ شهور خسرت خلالها ٥ من أصدقائها شهداء تحت التعذيب. كانت فترة قاسية لكنها مضت كونها تقول لطالما شعرت خلالها بالتحدي، أما الثانية فكانت خلال فترة حملها، وتصف ثريا هذه التجربة بالقاسية رغم أنها لم تتجاوز اليوم لكن الخوف تملكها لأنها تذكرت ماذا يعني أن تلد امرأة في السجن كونها شهدت ولادتين خلال اعتقالها الأول.
وتتابع: بعد خروجي من المعتقل أصرت عائلتي على سفري إلى خارج سوريا للولادة وفي هذا الوقت كانت الإجراءات على الحدود السورية اللبنانية مشددة، فقررنا أنا وزوجي البقاء في لبنان. لم نكن جاهزين لهذا الانتقال لذلك واجهتنا صعوبات كبيرة خلال فترة إقامتنا في لبنان خاصة تسجيل المولود الذي يتطلب مراجعة السفارة السورية وهذا أمر مستحيل بالنسبة لي، لذلك قررنا التقديم بطلب فيزا إلى فرنسا.
وعن تجربة وصولها إلى فرنسا تقول ثريا، كانت أياماً موحشة بعيداً عن العائلة والأصدقاء، وعوامل اللغة ونمط الحياة المختلف والبداية من جديد، كلها زادت من صعوبة التجربة والأصعب أن تعيش دون قدرة على الحلم، وبعيداً عن الماضي كل شيء بلا روح كونه لا يرتبط بذكريات.
وعن بدايات اهتمامها بالعمل السياسي تقول ثريا، في أواخر عام 2011، بدأت أقترب أكثر من الأوساط المهتمة بالسياسة، وتعرفت وقتها على أشخاص ومنهن/م شابات وشباب في مقتبل العمر، أغنوا معرفتي السياسية وتعلمت من تجاربهن/م وآرائهن/م، بعدها بدأنا التأسيس لعدة تجمعات سياسية آخرها حركة (النداء الوطني) والذي لم يكتب له النجاح بسبب اعتقال بعضنا وسفر البعض الآخر.
“لدي هاجس بالوصول إلى الواقع الفعلي للنساء واستنباط أدوات الحل والدعم منه، وهذا ما أفكر بتحقيقه عبر الحركة السياسية النسوية السورية. نحن بحاجة لأن نكون جاهزات للمشاركة مستقبلاً في أماكن صنع القرار.”
بالنسبة للتحديات التي تواجه العمل السياسي حالياً تقول ثريا، الجيل السابق فرض نفسه بقوة على الحراك في حين أن تطلعاته وديناميكيته تختلف عما يطالب به الشبان في الشارع، تضيف أنا واكبت هذا الحراك وعملت عن قرب مع شاباته وشبابه وأدركت الفجوة الكبيرة بين الجيلين، إضافة إلى أن من يتصدرون الواجهات السياسية اليوم، هم أقرب ما يكون إلى التجار وكل هذا على حساب مصالح المدنيات/ين.
بالنسبة للتحديات التي تواجه عمل المرأة في الشأن السياسي تعتبر ثريا أنها كثيرة، ومنها عدم امتلاك أدوات تغيير تستند إلى واقع المرأة وتراعي اختلافاته الاجتماعية، وعدم معرفة السوريات/ين أو اعترافهن/م باختلافاتهن/م وتنوعاتهن/م، وهذا بدوره ساهم بخلق رفض في الكثير من المجتمعات السورية لتقبل فكرة التغيير، تتابع ثريا، التشكيلات أو التجمعات النسوية لاتزال بعيدة عن الأرض وتريد أن تصبغ جميع النساء بذات الصبغة متجاهلة خصوصية الخلفيات الاجتماعية والثقافية لكل منطقة. ولا تخفي ثريا تحفظها على عمل بعض المنظمات النسوية التي تتناسب معرفتها بواقع النساء واحتياجاتهن بمشاريعها الجاهزة لهن.
وعن انضمامها لـ “الحركة السياسية النسوية السورية” تقول ثريا، عندما اطلعت على أهداف الحركة وجدت أنها تتقاطع مع ما أتطلع له خاصة أنها تجمع النساء والرجال النسويات/ين في إطار منظم بأهداف واضحة، تضيف ثريا من جهتي لدي هاجس بالوصول إلى الواقع الفعلي للنساء واستنباط أدوات الحل والدعم منه، وهذا ما أفكر بتحقيقه عبر الحركة. ونحن بحاجة لأن نكون جاهزات للمشاركة مستقبلاً في أماكن صنع القرار.
“الثورة أحدثت تغييراً في شخصيتي. أنا أحب ثريا التي أنا عليها الآن وتشبهني أكثر.”
تؤمن ثريا بالقيم والمبادئ التي خرجت من أجلها الثورة، لكن لابد من إعادة تقييم الأدوات والآليات فالخلافات والشقاقات في صفوف الثورة نفسها أضرت بالجميع وحرفت المطالب الحقة عن مسارها.
أما عما يمدها بالدافع للاستمرار تقول ثريا، رغم خيبات الأمل والصعوبات التي اعترضت وتعترض طريقنا كسوريات/ين نؤمن بالثورة، لم أفقد الأمل بأن هناك الكثير من السوريات والسوريين المحبين لبلدهم والذين يعملون بتفان للنهوض بها، فالشعب السوري يستحق الحياة.
وعن سوريا التي تحلم بها تقول ثريا: أحلم بدولة مدنية تحترم حقوق الإنسان ويسود الاحترام المتبادل بين بناتها/أبنائها بغض النظر عن معتقداتهن/م وانتماءاتهن/م، وأن تكون دولة قانون بالدرجة الأولى.
ولنساء سوريا تقول ثريا: لكل امرأة أقول كوني كما أنت وكما تشائين أن تكوني وليس كما يريد الآخرين، لا تيأسي إن أردت التغيير ولم تستطيعي، بالوقت والإرادة ستنجحين.
من اللحظات القاسية التي مرت بها ثريا، تقول: وفاة والدي وعدم قدرتي على توديعه؛ له أثر كبير في حياتي ويصعب علي تصديقه، إلى جانب إصابة صديق لي بقذيفة دبابة بقيت برفقته في المشفى وعندما بدأ بالتعافي وبدأنا نحلم بالمستقبل حدثت مضاعفات له واستشهد.
أجمل ما تستحضره ثريا عن سنوات الثورة هو التغيير الذي أحدثته الثورة بشخصيتها تقول: أنا أحب ثريا التي أنا عليها الآن وتشبهني أكثر. وتستذكر ثريا كذلك دقيقتين رأت خلالهما خطيبها خلال فترة اعتقالهما في سوريا بأنهما عالقتان في ذاكرتها.