نور سلام: للنضال النسوي دور حاسم في المرحلة القادمة لسوريا

نور سلام، ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومدافعة عن حقوق النساء، من محافظة السويداء. وُلِدت نور في دمشق عام 1990. حصلت على إجازة في الأدب الفرنسي من جامعة دمشق، حيث كانت دراستها جزءًا من مسيرتها في البحث عن المعرفة والتغيير. انتقلت للعيش في السويداء عام 2013، وعملت سابقاً كمنسقة ميدانية ومسؤولة تواصل في منظمة “بيتنا” لدعم المجتمع المدني السوري. إضافةً إلى ذلك، هي عضوة مؤسسة لعدة مبادرات محلية تهدف إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع. وهي عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

تنحدر نور من مدينة دمشق، التي تحمل لها الكثير من الذكريات والأحلام. تعبر نور قائلة: “تربطني بدمشق علاقة عميقة، فهي مدينتي التي شهدت طفولتي وشبابي. تعلمت فيها الكثير من الدروس، وعشت فيها لحظات فرح وحزن. كانت أحلامي تتشكل في أزقتها، لكن مع بداية الثورة، بدأت أواجه تحديات لم أكن أتوقعها.”

نور نشأت في عائلة معارضة للنظام، مما جعلها شاهدة على الكثير من الضغوطات السياسية. تضيف: “عشت في بيئة معارضة، وعندما انطلقت الثورة، كنت متحمسة جداً للمشاركة. كنت أشعر بأن التغيير قادم، وأننا نستطيع بناء بلد جديد خالٍ من الاستبداد.”

تتابع نور: “عندما انطلقت الثورة، كنت أبلغ من العمر 21 عاماً، وكنت أرى الأمل في عيون الناس. كنت أشارك في المظاهرات وأدعم النداءات للحرية. لكن بعد فترة، بدأت أرى صديقاتي وأصدقائي يُعتقلون ويختفون، مما زاد من إصراري على الاستمرار في النضال.”

تقول نور: “الانتقال إلى السويداء كان خطوة صعبة، لكنني أدركت أنه كان ضرورياً لحماية عائلتي ولتأمين ظروف عمل أكثر أماناً. رغم أنني افتقدت دمشق، لكنني كنت ممتنة للفرصة التي أتيحت لي للعمل في المجتمع المدني.”

تصف مشاعرها بعد الانتقال قائلة: “كانت تلك المرحلة مليئة بالقلق والحنين. شعرت بفقدان الكثير من الأصدقاء، وكان من الصعب التأقلم مع الواقع الجديد. لكنني كنت مصممة على مواصلة النضال، ورأيت في السويداء فرصة جديدة لمتابعة القضايا التي أؤمن بها.”

 

“ما يحفزني هو إيماني العميق بأن الشعب السوري يستحق الحرية والكرامة. لدينا تاريخ عريق وحضارة متجذرة، ومن واجبنا أن نستمر في النضال من أجل بناء سوريا الجديدة.”

 

في عام 2018، بدأ اهتمام نور بالعمل السياسي. كانت قد تأثرت بشكل كبير خلال حضورها ورش عمل متعددة حول أنظمة الحكم والسياسات والأحزاب السياسية. تقول نور عن هذه الفترة: “بعد سنوات من العمل مع سياسيات وسياسيين، شعرت بأن العمل السياسي بات حاجة ملحة، خاصة بعد أن تم تفريغ السياسة من مضمونها في عهد حافظ الأسد، وترك الشعب يلهث وراء لقمة العيش في عهد بشار الأسد. كما أنني تعرفت على مفهوم النسوية وتوجهاتها المختلفة، وأدركت أن النضال النسوي هو نضال مستمر ولا بد أن يكون له دور حاسم في المرحلة القادمة لسوريا.”

تتحدث نور عن التحديات التي تواجه النساء في العمل السياسي، قائلة: “قبل 2011، كانت سوريا خالية من أي شكل حقيقي للعمل السياسي، فالنظام كان يقمع كل محاولة سياسية ويمنع أي نوع من المعارضة. بعد 2011، لم يتغير الأمر كثيراً، بل ازداد الوضع تعقيداً بسبب وسائل أخرى للضغط على الشعب، أبرزها إفقار الناس وإشغالهم بلقمة العيش.”

وعن التحديات التي تواجه المرأة السورية في العمل السياسي توضح نور: “المرأة في سوريا تواجه تحديات هائلة على كافة الأصعدة. فعلى الرغم من وجود نساء في المجال السياسي، إلا أن دورهن ما يزال مهمشاً. ومع اندلاع الثورة، زادت معاناة النساء وتعرضهن للتهديدات والتهميش أكثر من أي وقت مضى، مما جعل التحديات السياسية المتعلقة بالمرأة تتضاعف.”

أما عن انضمامها إلى الحركة السياسية النسوية السورية، فقد قالت نور: “في عام 2022، كنت مشاركة في المدرسة النسوية في لبنان، وخلال عملي في المجتمع المدني، كنت شاهدة على العديد من حالات العنف ضد النساء في مختلف المجالات. شعرت أن النضال النسوي يمثلني، وكان من الطبيعي أن أكون جزءاً من أي تشكيل سياسي نسوي. اطلعت على عمل الحركة السياسية النسوية السورية من خلال العضوة إيمان بلان، وقررت الانضمام بعدما تأكدت من أن هذه الحركة ستمنحني الفرصة لأن أكون فاعلة في التغيير.”

تضيف نور: “من خلال عملي مع الحركة السياسية النسوية السورية، أعتقد أنها ستنجح في إشراك المرأة السورية بشكل فاعل في العملية السياسية. سيكون لها دور مهم في بناء سوريا المستقبل، وستساعد في رفع الوعي السياسي لدى النساء اللواتي تم إقصاؤهن طيلة عقود من الزمن. الحركة السياسية النسوية السورية ستفتح الطريق أمام صوت النساء السوريات ليصل إلى أماكن صنع القرار بشكل قوي وملموس.”

بالنسبة للمعيقات التي قد تواجه الحركة السياسية النسوية السورية، تضيف نور: “المجتمع السوري ما يزال يفتقر إلى الوعي الكافي حول مفهوم النسوية والنضال النسوي، وهذا ما يمثل عائقاً أمام الحركة. إلا أن الحركة السياسية النسوية السورية تواصل العمل لتغيير هذه المفاهيم ورفع الوعي بين النساء والمجتمع بشكل عام.”

فيما يخص الوضع الحالي في سوريا، تؤكد نور: “بعد ما يقارب عقداً من الزمن على انطلاق الثورة، ما يزال المشهد السياسي السوري معقداً، لكن أعتقد أن تفعيل النشاط السياسي هو الطريق لإعادة توجيه بوصلة السوريات والسوريين نحو أهداف الثورة الأساسية. ما زال أمامنا الكثير من العمل لنحققه، لكن علينا أن نتمسك بالأمل ونواصل النضال.”

أما عن دوافعها الشخصية لمواصلة العمل السياسي توضح نور: “ما يحفزني هو إيماني العميق بأن الشعب السوري يستحق الحرية والكرامة. لدينا تاريخ عريق وحضارة متجذرة، ومن واجبنا أن نستمر في النضال من أجل بناء سوريا الجديدة.”

 

“أؤمن بأن النضال من أجل حقوق النساء هو جزء لا يتجزأ من النضال من أجل حرية الشعب السوري.”

 

فيما يتعلق بتجربتها الشخصية، تُعبّر نور: “على الرغم من الصعوبات العديدة، كان هناك العديد من التجارب الإيجابية التي تعلمت منها الكثير. ما أثر بي أكثر هو التضامن بين السوريات والسوريين في الأوقات الصعبة، فالمعاناة المشتركة تخلق قوة جماعية لا يمكن تجاهلها.”

عن التجارب القاسية التي مرت بها تذكر نور: “لا أستطيع أن أذكر تجربة محددة أكثر من غيرها، لكن بشكل عام، جميع اللحظات الصعبة التي مررنا بها تركت أثراً عميقاً في نفسي وجعلتني أكثر إصراراً على المضي قدماً في النضال من أجل سوريا الحرة.”

تختتم نور حديثها بالتعبير عن آمالها في سوريا المستقبل، قائلة: “أحلم بسوريا خالية من الخوف، حيث تعيش النساء والرجال بكرامة. أؤمن بأن النضال من أجل حقوق النساء هو جزء لا يتجزأ من النضال من أجل حرية الشعب السوري.”

وتوجه رسالة إلى نساء سوريا قائلة: “قدمتن الكثير وما يزال أمامكن طريق طويل. انتزعن حقوقكن، وكونوا فاعلات في المجتمع. نحن معاً نستطيع بناء مستقبل أفضل.”