تصريح صحفي حول مشاركة الحركة السياسية النسوية السورية في جلسة مجلس الأمن ٨٨٠٥

شاركت الحركة السياسية النسوية السورية في جلسة مجلس الأمن حول الوضع السياسي في سوريا اليوم الجمعة، ٢٥ حزيران ٢٠٢١، وقدمت فيها موقفها السياسي حول كافة المآسي التي يعيشها اليوم الشعب السوري ورؤيتها حول الحل السياسي وأكدت أن أي حل سياسي يجب أن يكون حلاً شاملاً وهذا يعني أننا نحن كحركة بموقف واحد من جميع قوى سيطرة الأمر الواقع في قضية التهجير القسري والتغيير الديمغرافي كما حصل في عفرين والزبداني ومضايا والفوعة والقصير وكفريا والغوطة الشرقية ودرعا وحمص وغيرها، ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي شامل دون مشاركة جميع مكونات الشعب السوري وأخذ خصوصياتها بعين الاعتبار وعلى رأسها القضية الكردية والتي نعتبرها قضية وطنية بامتياز بالإضافة إلى مكونات الشعب السوري الأخرى كالسريان الآشوريين والأرمن والشركس وغيرهم ولا يمكن إيجاد حل سياسي بدونها جميعها لاستعادة وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
وفيما يلي مداخلة الحركة في الجلسة:

سعادة رئيس مجلس الأمن سعادة السفيرات والسفراء ممثلات وممثلي الدول، 

اسمحوا لي أن أبدأ بالإعراب عن الامتنان لإتاحة الفرصة لي لمخاطبتكم اليوم في وقت نحتاج فيه إلى التزام وشجاعة في العمل السياسي ويشرفني أن أقدم كلمتي باسم الحركة السياسية النسوية السورية.

١- أقدم مداخلتي وأنا أحمل معي قوة نساء الحركة السياسية من سوريا ومن العالم. ونأمل أن تكون هذه الإحاطة في مجلس الأمن مؤشرًا على أن المجتمع الدولي لا يزال مهتمًا بمصير الشعب السوري. اليوم ونتيجة للحرب والتردي الاقتصادي فإن المساعدات الإنسانية ضرورية لتحسين نوعية الحياة لملايين الناس في سوريا، والذي نحن ممتنون لاهتمامكم به إلا أن مستقبل سوريا المستدام يكمن في أملنا بتفعيل حل سياسي جدي ودعم حقيقي للاستقرار والأمن وإعادة الإعمار على الأرض، وعندها لن نحتاج إلى مساعدات دولية للبقاء على قيد الحياة.

٢- عضوات الحركة السياسية النسوية داخل سوريا وأنا منهنَّ يقلنَ لكم وهنا أقتبس كلامًا من إحدى زميلاتي: 

 “نحن النساء في الداخل قويات، ولا نحب نظرة العطف بسبب المكان الذي نتواجد فيه، اخترنا بإرادتنا البقاء، ونشعر بامتلاكنا فرصًا أكبر للتغيير، على الأقل في مجتمعنا المحيط بنا وقد ساهمت المنصات الافتراضية بإلغاء الحواجز بين نساء الداخل والخارج. فنظرة التعاطف لنساء الداخل تشعرنا أننا ضعيفات ونستحق الشفقة، مع احترامنا الشديد لمشاعركم النبيلة. نحن قويات نمضي بالاتجاه الصحيح فنحن نقاوم لنصل إلى ما نريد”.

٣ – تقدم لكم التقارير الدولية كافة البيانات عن تردي الوضع المعيشي للشعب السوري على عدة أصعد، وأسوؤها الحرمان من أبسط مقومات الحياة الطبيعية بسبب ارتفاع الأسعار وندرة فرص العمل. عدا عن حرمان أطفالنا من التعليم بسبب الأعمال العسكرية التي طالت قصف المدارس والنزوح المتكرر واضطرار الأطفال للعمل لإعالة أسرهم بسبب العوز الذي يجثم على صدور أغلب السوريات والسوريين.

٤ – وأنا شاهدة عيان بما تعانيه النساء بسبب انعدام الاستقرار الأمني والاقتصادي والانفلات الأمني والعنف المبني على النوع الاجتماعي والنزوح وحالات الاختطاف وانتشار الأمراض، وزاد الواقع سوءًا بعد جائحة كورونا وعدم قدرة المشافي على استيعاب وتقديم ما يلزم حيالها. أسباب الخوف مشابهة في مناطق سيطرة النظام من حيث تردي الوضع المعيشي والصحي، يضاف إليه الرعب من الاعتقال التعسفي من قبل أجهزة الأمن والذي مازال مستمراً، وقد ساهم اقتصاد الحرب بانتشار عصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والخطف والقتل. ومع ذلك بقي التواصل والتضامن بين مناطق سيطرة النظام وخارجها عبر الوسائل الافتراضية بحدوده الدنيا، فالتقسيم الجغرافي واختلاف قوى سيطرة الأمر الواقع باختلاف أجنداتها، عززت الانقسام المجتمعي والهوياتي وأضعف إمكانية الحوار، ومازال يعيق القدرة على التواصل والتوصل لرؤية مشتركة تساهم في بناء الهوية الوطنية الجامعة.

٥ – وأمام هذا الواقع مازال النظام السوري لا يعترف بالسوريات/ين الذين هم خارج سيطرته، وظهر ذلك بشكل واضح في الانتخابات الرئاسية التي جدد بها لنفسه ولاية جديدة، متجاهلاً قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها 2254، بانتخابات صورية لم تشمل جميع السوريات/ين في الداخل والخارج وتحدى المجتمع الدولي بتجاهل خارطة الطريق للحل السياسي التي نصت على إنجاز دستور جديد وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة عملاً بالدستور الجديد. 

من مشاهداتي على أرض الواقع ومن خلال جلسات الحركة التشاورية حول موقف النساء بخصوص الانتخابات في خمسة عشر منطقة في سوريا، داخل وخارج سيطرة النظام، فإن جميعهنَّ أكدنَ لنا على قيامه بالتزوير عدا عن الضغوط الأمنية للتصويت لصالحه، بسبب الخوف والحاجة لبطاقة التصويت للمعاملات الرسمية كتجديد وثيقة السفر أو ما يسمى البطاقة الذكية التي يحصلون بموجبها على الخبز والغاز والبنزين وبالتالي العملية برمتها لم تحترم أبسط المعايير المعترف بها دوليًا. 

٦- وفي ظل هذا الواقع الذي تزداد فيه مخاطر التصعيدات الفوضوية المحلية والتعقيدات الدولية على سوريا ودول المنطقة، نستغرب هذا العجز بالتوافق على حل سياسي شامل يتبناه المجتمع الدولي لتنفيذ مضامين القرارات الدولية التي صدرت من مجلسكم الكريم يتم بوقف العمليات العسكرية على كافة الأراضي السورية، ودعم عمل اللجنة الدستورية بسقف زمني واضح لإنجاز دستور يتوافق مع مصالح السوريات والسوريين وحقوقهم، واستئناف العملية السياسية بتشكيل هيئة حكم انتقالية من خلال العمل على السلال الأربع بالتزامن  للوصول لصيغة حل شامل.

نعي تمامًا أن الحل الشامل الذي نطمح إليه قد يتطلّب بعض الوقت لكن هناك خطوات يمكن القيام بها من أجل الحد من تدهور الوضع الأمني ومن أجل دعم من يسعى إلى بناء الثقة بين فئات الشعب السوري، أولهم النساء. نتطلع لدعمكم لكي نبدأ بتنفيذ شروط إنشاء بيئة آمنة ومحايدة وفقاً لقرار ٢٢٥٤ ونعمل على بناء الثقة فيما بيننا، وذلك من خلال:   

  • أولاً وقبل أي خطوة العمل على الإفراج الفوري غير المشروط عن كافة المعتقلات والمعتقلين والكشف عن مصير المختطفين والمختفيات قسراً والذي يعتبر حجر أساس في بناء البيئة الآمنة والمحايدة وقضية ما فوق تفاوضية، وبالنسبة لنا هي أم القضايا.
  • ضبط المجموعات المسلحة المدعومة إقليميًا أو دوليًا والتي لم تعمل يومًا لمصلحة السوريات/ين بل عمقت الشرخ بينهم.
  • وضع حد للممارسات التي تصب في إحداث التغيير الديمغرافي كما حدث في عدة مناطق في سوريا، ومنها الزبداني ومضايا وكفريا والفوعة والقصير والغوطة الشرقية ودرعا وحمص وعفرين، وتشمل هذه الممارسات التهجير القسري الذي ما زال ممارسًا في مختلف المناطق؛ والعمل على تحقيق الشروط اللازمة لضمان عودة السوريات/ين الآمنة والطوعية والكريمة إلى أماكن سكناهم الأصلية.
  • العمل على ربط التسوية السياسية بالمساءلة والمحاسبة للمسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق السوريات والسوريين كخطوة أولى في طريق العدالة.

سعادة رئيس مجلس الأمن

٧ – سوريا أول دولة عربية منحت حق التصويت للنساء عام ١٩٤٩ ومع ذلك نجد تراجعًا في مشاركتهن السياسية، فنحن نعمل من أجل المواطنة المتساوية والكاملة، من أجل العدالة للوصول للديمقراطية التي تبقى منقوصة بدون مشاركة جميع القوى السياسية الفاعلة في سوريا المتوافقة على الحل السياسي، وبدون تعزيز المشاركة السياسية للمرأة السورية في العملية السياسية التفاوضية بشكل متساو ومتكامل مع الرجال لبناء مستقبلنا بموقف مشترك. ويكون ذلك من خلال صياغة دستور ضامن لحقوق النساء وتحديد مكانة الاتفاقيات الدولية في المنظومة التشريعية وسموها على المنظومة القانونية لإلغاء جميع أنواع التمييز بحقهن والذي سيؤثر على استدامة الحل السياسي وتطبيقه على الأرض وعلى مشاركة النساء في وضع استراتيجيات حوكمة القطاع الأمني وعلى تنفيذه في تحقيق معايير البيئة الآمنة والمحايدة وصولاً لإعادة الإعمار.

٨ – ونحن واثقات بقدرتنا على لعب دور حاسم وفاعل في عملية السلام كقوة ضاغطة في عملية التحول الديمقراطي من أجل السلام المستدام والتنمية المستدامة فالواقع على الأرض غير مبشر بإشراك النساء في القرار السياسي على الرغم من انتخاب عدد قليل في المجالس المحلية.

٩ –  نحن في الحركة السياسية النسوية السورية نعمل مع النسويات السوريات في العمل المدني بتنظيم الأجندة النسوية وأولوياتها، وعلى تلازم المسار السياسي مع المسار المدني وعلى آلية  تواجد المرأة  بشكل مجدي في مراكز صنع القرار وفي كل الهيئات والمؤسسات بنسبة لا تقل عن 30 بالمئة من إجمالي المقاعد للنساء فقط، وفي حال لم تتم تسمية المندوبات يجب ألا يشغل الرجال هذه المقاعد ويجب إبقاء هذه المقاعد شاغرة حتى تشغلها السيدات، وهذه النسبة هي تدبير إيجابي مؤقت وصولاً للمناصفة، إضافة للعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 حول دور المرأة في عمليات بناء السلام والأمن.  

ولقد كان شعار مؤتمرنا في الحركة السياسية النسوية هذه السنة “لا نساء… لا شرعية

أشكر حسن استماعكم وأجدد الشكر لحرصكم على سماع صوت المرأة السورية