our team

أمل السلامات

أمل السلامات، من مواليد دمشق، تحمل إجازة في علم الاجتماع من جامعة دمشق، تقيم حاليًا في تركيا. عملت كمرشدة اجتماعية في المدارس الثانوية في دمشق لمدة سبع سنوات، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

أمل السلامات، من مواليد دمشق، تحمل إجازة في علم الاجتماع من جامعة دمشق، عاشت عدة تجارب نزوح داخلي قبل أن تنتقل إلى تركيا حيث تقيم حالياً. عملت كمرشدة اجتماعية في المدارس الثانوية بدمشق لمدة سبع سنوات، وتعتبر أن هذا العمل كان أهم ما قامت به على الصعيد العملي، كونها كانت على تواصل مباشر مع اليافعات واليافعين وساعدت طبيعة عملها على فتح قنوات تواصل مع هذه الفئة العمرية والمساهمة بإعادة تشكيل نظرتهن\م للحياة، لأنفسهن\م ولقدرتهن\م على العطاء والعمل.

في دمشق تشكلت ذاكرة أمل وذكرياتها تقول: أقمت في أحياء مدينة دمشق الفقيرة وشوارعها المكتظة بحكايات التاريخ مثل باب توما، وحارات دمشق القديمة، كانت مرتعاً لي. يغلبني الحنين إليها ولأحبتي فيها، في كل لحظة تبحث فيها روحي عن الحب وعن بدايات الفرح والأمل. وإبان الثورة عام 2011، كانت دمشق مثل مركزاً للأمل المرجو بانطلاق الحراك الثوري في سوريا.

“أؤمن بأن الثورة حتى تنجح وتحقق مطالبها لابد أن ينصهر الفرد في الكل ويتحولون جميعاً إلى كيان واحد متماسك يسير في نفس الدرب وينشد ذات الأهداف والمطالب، ألا وهي العدالة والمواطنة وسيادة القانون.”

تصف أمل حماسها للثورة ومشاركتها مثل أي سورية/سوري ت/يحلم بوطن ديمقراطي حر يسوده قانون عادل، وكان انطلاق الحراك الشعبي في سوريا هو الأمل في خلق هذا الوطن. تقول أمل: سأصف مشهداً واحداً أتمنى أن أراه في الوطن الذي أبحث عنه: أن يكون هناك نساء ورجال، أحزاب وتكتلات تتنافس فيما بينها بصورة ديمقراطية وشفافة للوصول إلى سدة السلطة والحكم في البلاد. تتابع أمل: أغرتني المظاهرات السلمية والشعبية منذ بداياتها فالتحقت بصفوفها وشاركت النساء والرجال بالخروج لقول لا للقمع ولا لكم الأفواه والعنف، كانت لدي عدة دوافع للالتحاق بصفوف الثورة السلمية، وفي الحقيقة تختلط دوافعي الشخصية مع دوافعي العامة للمشاركة في الثورة، لأنني أؤمن بأن الثورة حتى تنجح وتحقق مطالبها لابد أن ينصهر الفرد في الكل ويتحولون جميعاً إلى كيان واحد متماسك يسير في نفس الدرب وينشد ذات الأهداف والمطالب، ألا وهي العدالة والمواطنة وسيادة القانون.

أنا أدرك بأن سوريا كانت تعيش تحت حكم شمولي ويتحكم بمفاصلها أجهزة أمن واستخبارات، ولا تنطبق عليها معايير المواطنة أو العدالة أو الديمقراطية بأي شكل من الأشكال. لكن لابد من القول إنني لم أكن أرغب ولو للحظة واحدة بأن يتحول الحراك السلمي في سوريا إلى مسلح أو إلى حرب لا تبقي ولا تذر.

عن اهتمامها بالشأن السياسي السوري قبل الثورة تقول أمل: لم أكن متابعة للشأن السياسي بشكل مباشر قبل عام 2011، ولكنني كنت أحلم أو أعلم بأنه سيأتي اليوم الذي يحدث فيه التغيير، والسبب هو الواقع السوري الذي بدأ يتردى على جميع الأصعدة وحتى قبل عام 2011. تضيف أمل: يمكنني القول أن اهتمامي بالعمل السياسي ليس قديماً، ولكن الثورة عملت على إنضاجي من الناحية السياسية، ودفعتني لأستشعر أهمية العمل السياسي لما له من أهمية في تشكيل الدول والأوطان والتأثير على حركات المجتمعات والشعوب، وأعتقد أن مجال دراستي ساعدني كثيراً على تطبيق ما تعلمته نظرياً على أرض الواقع. أعتبر بأنني كنت محظوظة جداً لأعيش في بيئة منفتحة، حيث أن عائلتي كانت من العوائل التي تعطي للمرأة كامل حقوقها، إضافة إلى أنها كانت ذات توجه علماني، الأمر الذي ساعدني لأكون إمرأة مستقلة وذات شخصية حرة. ولكن هذا كان على نطاق عائلتي فقط، وهو أمر جعلني وعائلتي نواجه الكثير من التحديات والصعوبات وعدم القبول من المجتمع الأكبر، لأن المجتمع الأكبر يعيش في جلباب العادات والتقاليد والمفاهيم الدينية المغلوطة.

وعلى مستوى النساء لم تكن النساء وبأي وجه تتمتع بأدنى حقوقها، لذلك ومنذ اندلاع الحراك الثوري في سوريا توجهت للنساء لمناصرتهن ومناصرة قضاياهن وحقوهن، فأنا أعتبر بأن الثورة لم تكن ثورة على السلطة فقط، بل ثورة على العادات والتقاليد المجحفة وعلى الفكر الأبوي المتجمد والمتجذر منذ مئات السنين. 

خلال اضطرارها للنزوح والتنقل بين عدة مناطق داخل سوريا شهدت أمل الكثير من المواقف والظروف المؤلمة، تقول: أكثر هذه المشاهدات إيلاماً بالنسبة لي كانت المخيمات المكتظة بالنازحات\ين، حيث أنني قطنت ولمدة عشرين يوماً في تلك المخيمات، وأعترف أن هذه التجربة كانت تجربة قاسية جداً. هناك مشهد انطبع بذاكرتي ولا يغيب عن بالي وهو حين كنت أقف في طابور طويل، يتجاوز الانتظار فيه الساعة لأتمكن من دخول الحمام وقضاء حاجتي، وفي أحيان كثيرة كنت أقضي حاجتي في الأراضي الزراعية والبعيدة عن الخيم قليلاً. أما في تركيا فماتزال أمل تشعر بالتخبط وعدم الاستقرار حيث تواجه صعوبات وتحديات متعلقة باللغة، وإيجاد فرص للعمل وتأمين الدخل، الأمر الذي يضيف إلى عملية التأقلم في المجتمع الجديد، صعوبة وتحد جديد. 

عن التحديات التي كانت تواجه العمل السياسي في سوريا قبل 2011، وإن كانت اختلفت الآن تقول أمل: هذا سؤال صعب جداً، لأنه من المجحف القول بأن سوريا لم تكن تشهد حراكاً سياسيا قبل الثورة، فقد كان هناك عدد من الأحزاب ومعتقلات ومعتقلي الرأي، والسياسيات/ين والحركات سياسية، التي تم قمعها وبشدة خلال الفترة الممتدة بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي. لكن وفي نفس الوقت يمكن القول إن الفترة ذاتها ولغاية بداية القرن الحالي لم تشهد عملاً سياسياً منظماً وذو قاعدة جماهيرية وشعبية، وهنا تكمن المشكلة، فأغلب الحركات أو التنظيمات السياسية كانت تقتصر على النخب الثقافية، في حين أن غالبية الشعب السوري هم من الفلاحات/ين أو موظفات/ي الدولة أو الباحثات/ين عن لقمة العيش، وهؤلاء تم تأطيرهن/م في إطار الإذعان والخضوع للحزب الواحد “حزب البعث”. يضاف إلى ذلك تعزيز أفكار المؤامرة ومحور المقاومة وأن سوريا في حالة حرب دائمة، مما أدى إلى دخول غالبية أفراد المجتمع بحالة من التوتر الدائم والشعور بأنهم في حالة دفاع وتأهب. 

أما أكبر التحديات فكانت الرقابة الأمنية المشددة والمعلنة، وقد جاهرت السلطات الحاكمة بها، مما دفع بأفراد المجتمع إلى التزام الصمت والحياد. تتابع: التحديات الحالية، من وجهة نظري، هي أكبر وأشد، فبالإضافة للتحديات السابقة حصلت انشقاقات طولية وعرضية في المجتمع السوري، ودخلت العديد من القوى الإقليمية التي راحت تفرض أجنداتها السياسية. وهناك تحديات فرضها اللجوء والنزوح فهناك ما يقارب/13/ مليون سورية/ي بين نازحة/ح ولاجئة/ئ، وسيؤدي هذا إلى مزيد من الانشقاقات والابتعاد عن العمل السياسي وحتى عن القضية السورية الأساسية. وهناك دخول الفصائل والجماعات المتطرفة، والمليشيات الطائفية المختلفة، وهذه بدورها تحديات كبرى ستؤثر بصورة سلبية في أي عمل مدني أو سياسي. كما أن ازدياد الفقر وازدياد العنف عامل وتحدي آخر. 

“أعتبر بأن الثورة لم تكن ثورة على السلطة فقط، بل ثورة على العادات والتقاليد المجحفة وعلى الفكر الأبوي المتجمد والمتجذر منذ مئات السنين.” 


فيما يخص التحديات التي تواجه المرأة بشكل خاص، تقول أمل: التحديات واسعة ومتشعبة، فهي كانت موجودة قبل الثورة وازدادت بعدها. قبل الثورة كانت المرأة العاملة في المجال السياسي غالباً تابعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة للحزب الحاكم، أي أنها تنفذ الأجندة المرسومة لكل من تعمل\يعمل في السياسية بسوريا. وعموماً لم تكن القوانين (الأحوال الشخصية، العقوبات وغيرها…) في صالح المرأة، وكانت المرأة في سوريا كأي امرأة من نساء البلدان النامية، مؤطرة بدورها الوظيفي الذي أوجدته الثقافة المجتمعية السائدة وهي وظيفتها الجنسية فقط وما يتقارب أو يصب في النهاية مع وظفيتها كونها أنثى وظيفتها الأساسية هي الإنجاب. برأيي أنه بعد الثورة، أتيحت الفرصة بصورة أكبر لانخراط المرأة السورية في العمل السياسي، وظهرت محاولات عديدة لتكون المرأة في مواقع اتخاذ القرارات السياسية، ولكن ما تزال تعتبر تلك المحاولات غير كافية مقارنة بقدرة النساء على المشاركة. إن تفعيل دور النساء في الحياة السياسية يحتاج إلى جهد كبير، وتظافر كل الجهود محلياً ودولياً ليكون للمرأة دور أساسي ومشاركة عادلة.

انضمت أمل إلى الحركة السياسية النسوية السورية عام 2019، وعن أسباب انضمامها تقول: وجود جسم تنظيمي نسوي كان دافعي الأول للانضمام إلى الحركة، يضاف إلى ذلك وجود أسماء نساء في الحركة النسوية أعتبرهن ومن وجهة نظري قياديات وحققن إنجازات كبيرة على مستوى الحراك السياسي السوري. وأنا أؤمن دائماً بالعمل المنظم ووجود حركات نسوية، لأنها توافق تطلعاتي وتطلعات الكثير من النساء الطامحات للمساواة ولابد لهذا النوع من العمل الجماعي أن يثمر وإن كان على المدى البعيد. تضيف أمل: فعلياً حققت الحركة السياسية النسوية السورية الكثير على الصعيد السياسي، فهي تتواجد وبقوة من خلال العضوات المنضمات لها والمشاركات سواءً في اللجان الدستورية أو في الهياكل والتنظيمات السياسية السورية المشاركة بالحل السياسي في سوريا. وتدعم الحركة السياسية النسوية السورية مشاركة النساء السياسية، فهي تضم كل فئات النساء العمرية، من كل التوجهات والمشارب القومية والإثنية، وتولي الحركة اهتماماً كبيراً لاستقطاب النساء في الداخل السوري وهذا أمر في غاية الأهمية. بالمقابل لا يخلو الأمر من وجود معيقات تواجه عمل الحركة يمكنني أن أختصر بعضها كالتالي: معوقات مادية، معوقات ذاتية تنظيمية تتعلق بالحركة، معوقات خارجية تتعلق بإيجاد لغة ورؤية مشتركة بين نساء الحركة المختلفات في مشاربهن وتطلعاتهن وتناولهن للقضية السورية، معوقات يفرضها البعد والتشتت الجغرافي واختلاف الظروف المكانية والزمانية بين عضوات وأعضاء الحركة.

“الوطن بالنسبة لي، هو المكان الذي أشعر حقيقة بالانتماء له، هو المكان الذي لن أخاف فيه من التعبير عن رأيي أو ممارسة طقوسي الدينية، هو المكان الذي سيكون علمه فقط هو ما أبجله وأجله وأحارب من أجله، هو المكان الذي تربطني به علاقة طوعية وليست إجبارية، وهو المكان الذي أشعر فيه بالأمان والاستقرار والرضى التام.”

سألنا أمل كيف بالإمكان إعادة توجيه بوصلة السوريات والسوريين في العمل الثوري؟ أجابت: نحن لم نضيع البوصلة ، فالثورة لم تضع أوزارها بعد، نحن ما نزال في صراع وحراك مستمر. لا يوجد شيء مطلق في الحياة ولا يوجد شيء ثابت من وجهة نظري، فكل مرحلة من مراحل الثورة كان لها خصوصيتها ومبادئها، وأعتقد أن هذا ليس بالأمر السيء أبداً، فنحن في كل مرحلة نتعلم ونتطور بصورة أكبر وتتسع رؤيتنا وتتضح أهدافنا أكثر. أنا مؤمنة بأهمية المطالب التي خرجت الثورة من أجلها، وعلى الصعيد الشخصي دافعي للاستمرار والتمسك بمبادئ الثورة هو الوطن ثم الوطن وثم الوطن، فتجربة اللجوء علمتني أن المكان الذي تكون فيه هوية الفرد واضحة ويسمح لك بالحركة بكل حرية، هو المكان الذي يجب أن ينتمي إليه ويحرص على أن يعطيه أفضل ماعنده.

رغم مرورها بتجارب قاسية مثل القصف، النزوح، اللجوء، وفراق الأحبة والأهل، إلا أن تجربة العشر سنوات الماضية كان لها جانباً إيجابياً في حياة أمل، تقول: لقد امتلكت مهارات لم أتوقع يوماً أن أمتلكها، فخلال العشر سنوات الماضية كنت في مواقع قيادية في منظمات المجتمع المدني، وتعلمت كتابة هموم الناس ومعاناة الشعب السوري فأصبحت صحافية، وشكلت شبكة كبيرة من العلاقات مع الكثير من السوريات والسوريين من مختلف الخلفيات، وصار حرصي على أن تكون سوريا دولة مواطنة أكبر وأعمق، وأعتقد أن هذه الجوانب من أكثر الجوانب الإيجابية التي مررت فيها خلال السنوات الماضية.  . 

تصف أمل سوريا التي تحلم بها بدولة مواطنة، عدالة، سيادة قانون، والكثير من الكرامة. تضيف: المواطنة أو الوطن بالنسبة لي، هو المكان الذي أشعر حقيقة بالانتماء له، هو المكان الذي لن أخاف فيه من التعبير عن رأيي أو ممارسة طقوسي الدينية، هو المكان الذي سيكون علمه فقط هو ما أبجله وأجله وأحارب من أجله، هو المكان الذي تربطني به علاقة طوعية وليست إجبارية، وهو المكان الذي أشعر فيه بالأمان والاستقرار والرضى التام.