our team

حنان

حنان (لم يذكر الاسم كاملاً لأسباب أمنية) محامية من مدينة دمشق درست الدراسات القانونية ومختصة بالقانون الدولي، تقيم في مدينة دمشق، ولم تخرج منها أبداً حتى بعد انطلاق الثورة السورية. عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

تقول حنان: “لقد صادف أنني أعيش في إحدى بلدات دمشق التي بقيت تحت سيطرة قوات النظام، وهذا لم يمنعني من الوقوف بصف الثورة منذ بدايتها، وأذكر أنني في شهر نيسان 2011 قمت بمسيرة شموع في ساحة البلدة مع مجموعة من صديقاتي، لقد كنا مجموعة من النساء المعارضات قبل بدء الثورة وتعرضنا للملاحقة من الأجهزة الأمنية والمضايقات المختلفة قبل وبعد الثورة”.

بدأت حنان العمل السياسي أثناء دراستها الجامعية، فهي كما تقول كانت تعيش في بيئة معارضة منذ صغرها، وقد زرع انطلاق الثورة لدى حنان الأمل الكبير في إمكانية الخلاص من حكم الاستبداد، تقول حنان: “عند انطلاق الثورة كانت تتملكنا حالة من الفرح والأمل، تدفعنا الجرأة بنيل الحرية المنشودة للمشاركة في المظاهرات في كل الأماكن، تدفعنا الهتافات الجميلة للمضي قدماً في طريقنا، وتعيد لنا عبارات الحرية صوت الشعب المفقود وكيانه وكرامته وعنفوانه المسلوب طيلة أربعين عاماً من حكم عائلة الأسد، لقد حررتني عبارات الحرية، أخبرتني أنني مازلت إنسانة أعيش على قيد الإنسانية، لم تكن تلك العبارات مجرد كلمات بالنسبة لي، بل كانت تحكي وتروي قساوة السنين وتطلعاتنا في حياة كريمة، شأننا كشأن كل أبناء الإنسانية الأحرار على سطح هذا الكوكب”.

وعن مشاركتها في الثورة السورية تقول حنان: “تفاعلت مع الثورة بكل كياني ووجداني، لقد زرعت الثورة الأمل في قلبي، وقلت في نفسي لابد من الانتصار على هذه العصابة المجرمة التي دمرتنا ودمرت بشر بلادنا وحجرها وأفسدت هواءها وماءها، وجعلت دماءنا ثمناً ندفعه في سبيل نيل حريتنا. أفلا يكفي كل هذا لنمضي قدماً في وجه نظام مجرم يحكمنا بقبضة أمنية فولاذية في كل جوانب حياتنا من طفولتنا حتى عمر الشيخوخة، يحكمنا في المدارس والشوارع والمؤسسات، وحتى في منازلنا وجدران غرفها الأربعة، فإن تكلمت أو همست كان السجن بانتظارك حتى إن كنت تعيش في قبوٍ لا تدخله شمس ولا نور”.  

 

“إن إيماني بحقوق النساء وأهمية دورهن السياسي في بناء سوريا المستقبل، جعلني أرى في الحركة السياسية النسوية السورية الطريق والممر الآمن للخوض في هذه المعركة الشاقة والطويلة.”

 

أما عن مسيرتها في العمل النسوي تقول حنان: “كان عام 2005 بداية الانطلاق بالعمل النسوي حيث أسستُ منظمة نسوية مع مجموعة من النساء، وكان مجال حقوق النساء والقوانين التمييزية مجال نشاطنا الأساسي والمحوري، فحقوق النساء كما كنا وما زلنا نراها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وطالما ثمة فصلٌ للمرأة عن كونها إنسان لها حقوق؛ فلن تنعم الإنسانية بإنسانيتها الحقيقة التي تكون المرأة فيها إنسانة تتمتع بحقوقها، وليست مجرد فرد تفرض عليه الواجبات ويحرم من أبسط حقوقه”.

عن أهمية مشاركة النساء في العمل السياسي تحدثنا حنان: “لقد كان العمل السياسي هاجساً لازمني مع العمل النسوي، لكن في ظل غياب الأحزاب الحرة التي لا تخضع لسلطة النظام، وغياب المناخ الملائم لمشاركة النساء السياسية، كان لا بد من متابعة العمل في مجال حقوق النساء مع الحفاظ على الأمل الذي جاءت به الثورة السورية، ففتحتْ أمامنا الأفاق والتطلعات، وعززتْ إيماني بأن مشاركة النساء في العمل السياسي من أهم المفاصل في سبيل حصولهن على حريتهن وتحررهن من القيود البائدة، كما أنه من أهم مفاصل تمكينهن ونهوضهن للمشاركة في نهوض المجتمع ونهوض بلدهن بعد عقود من الزمن كان فيها تهميش النساء تحصيل حاصل في ظل الهيمنة الذكورية المجتمعية التي ترافقت مع هيمنة النظام الحاكم”.

أما عند سؤالها عن سبب انضمامها للحركة السياسية النسوية السورية أجابت: “إن المشاركة السياسية للنساء في صناعة سوريا الحرة أصبحت ضرورة قصوى لا يمكن التهاون بها أو التخلي عنها أو السماح للعقلية الذكورية بالتحكم بها أو إقصائها أو حتى تجاهلها. إن إيماني بكل هذه الأفكار وبحقوق النساء وأهمية دورهن السياسي في بناء سوريا المستقبل، جعلني أرى في الحركة السياسية النسوية السورية الطريق والممر الآمن للخوض في هذه المعركة الشاقة والطويلة”.

تقول حنان: “رغم قلة تفاعلي كعضوة في الحركة السياسية النسوية السورية بسبب ظروف خارجة عن إرادتي، فإني أفتخر بعضوات الحركة ومستواهن السياسي المميز وقدرتهن على إدارة العمل والعلاقات، وفخورة بالمستوى السياسي والفهم الذي وصلن إليه وقدرتهن على تحليل الأحداث وصياغتها، وتواجدهن في أروقة المنظمات القانونية الدولية، ووصولهن لمراكز صنع القرار في لجنة المفاوضات واللجنة الدستورية والمجلس الاستشاري، لقد استطاعت هؤلاء النساء إثبات وجودهن في العملية السياسية بكل قوة”.

 وتضيف: “إني أرى في هذا المستوى السياسي الكبير قدرة على تحقيق أهداف الحركة السياسية النسوية السورية التي تتطلع إليها النساء وعضوات الحركة، كل هذا أرى فيه عملاً رائعاً ومميزاً وتمكيناً حقيقياً للنساء السوريات، وأنهن أصبحن جاهزات لأي مرحلة انتقالية ستمر بها سوريا. إن تجربتي ضمن الحركة السياسية النسوية السورية أضاف لي الكثير ولا سيما النضج السياسي، خاصة أنني لم أقم سابقاً بأي عمل سياسي حقيقي”.

تتابع حنان حديثها قائلة: “كان لدي هاجس مستمر بالانتماء لحزب سياسي يعبر عن تطلعاتي وأمارس من خلاله العمل السياسي، كنت أنظر إلى التجارب السياسية للنساء في الدول الديمقراطية وأتمنى أن تنتقل هذه التجارب لسوريا، وعندما طرحت فكرة الحركة السياسية النسوية السورية أمامي لم أتردد أبداً بالانضمام إليها”.

عن التحديات التي تواجه عضوات الحركة والنساء عموماً في الداخل السوري قالت حنان: “هناك العديد من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهنا، منها توزع النساء في بلاد الشتات واختلاف التوقيت بين بلد وآخر، إضافة إلى التحديات الأمنية والنفسية والمادية، فالنساء وعلى الدوام يتحملن أعباء ومسؤوليات إضافية تمنعهن من القيام بدورهن السياسي على الوجه الأكمل. إن المشاركة الحقيقية والفاعلة للنساء تتجلي في مساعدتهن وتمكينهن على القيام بدورهن، وإن أهم ما تقدمه الحركة السياسية النسوية السورية للنساء هو تعزيز مشاركتهن في العمل السياسي الذي غُيبت عنه النساء لعقود طويلة. ولقد لمست تطور هذا الدور من خلال النساء المشاركات بكل مفاصل العملية السياسية السورية وتواجدهن في مختلف المحافل الدولية، الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يدرك أهمية دور النساء وأحقيتهن بالحصول على جميع حقوقهن، وهذا ما يدفعني للاستمرار بالعمل رغم جميع التحديات، فلن أحصل على أية فرصة أغير فيها نفسي وأصنع من خلالها مستقبلي دون أن أكون فاعلة بكل قضايا بلدي لتحقيق الحلم برؤية سوريا دولة حرة ديمقراطية يسودها القانون وتؤمن بحقوق النساء”.

 

“إن نهوض المجتمع المدني خلال الثورة وبروزه على الساحة السورية كان له أكبر الأثر في تمكين عشرات بل مئات السوريات والسوريين على حد سواء”.

 

تتوجه حنان للنساء السوريات: “لن يقوم أي أحد بإعطائكن حقاً لم تعملن وتناضلن للحصول عليه، فلا تيأسن، بل أكملن مسيرتكن ومكّن أنفسكن، وتسلحن بالعلم والوعي والتحرر الاقتصادي لمجابهة التحديات والصعوبات الموضوعة في طريقكن، فنضال النساء نضال طويل وتراكمي ومستدام، ولابد أن يأتي أُكله ذات يوم، ولنا في تجارب البلدان المتقدمة أسوة حسنة ودافع قوي”.

تنهي حنان حديثها عن الثورة السورية والتجارب التي مرت ومر بها غالب السوريات والسوريين خلال السنوات الماضية: “لقد كانت هذه السنوات استثنائية بكل ما فيها من تناقضات، مشاعر متناقضة ومتنقلة بين أمل بالحرية وحزن وقهر وخوف وإحباط، فرحنا كثيراً وتألمنا كثيراً، فقدنا أحباء كُثر وتعرفنا على أحباء كُثر استضافتهم بيوتنا وقاسمناهم الخبز والملح والهموم والآمال والأحلام والتجارب القاسية، ورغم كل ما مر علينا إلا أن نهوض المجتمع المدني خلال الثورة وبروزه على الساحة السورية كان له أكبر الأثر في تمكين عشرات بل مئات السوريات والسوريين على حد سواء”.

“لقد غيرتنا الثورة السورية غيرت أنفسنا وذواتنا، ولم يعد أي شيء كما كان عليه قبل عام 2011، كما لم نعد كما كنا نحن أيضاً، باستثناء عادة لم أستطع تجاوزها، وهي فنجان القهوة الصباحية المترافق مع الصباحات الفيروزية عبر الراديو الذي كنت ولا زلت أُلبسه غطاءً مطرزاً لا أنزعه عنه إلا لأغسله وأعيده له ثانية، وهكذا تستمر الحياة وتبقى مستمرة…”.