جمانة سيف، حقوقية سورية من مواليد مدينة دمشق عام 1970, من مؤسسات الحركة السياسية النسوية السورية ومن مؤسسات شبكة المرأة السورية، عضوة مجلس ادارة مؤسسة اليوم التالي, عملت حتى عام 2001 في إدارة المنشأت الصناعية لعائلتها، ثم انخرطت في الشأن العام ودرست الحقوق, نشطت في الدفاع عن المعتقلين السياسيين, غادرت سوريا عام 2012، مستقرة حالياً في برلين، وتعمل مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان على قضية محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في سوريا.
بدأت جمانة سيف الاهتمام بالشأن العام والنشاط السياسي مع بداية ربيع دمشق عام 2000، وتحديداً مع نشاط المنتديات، منتدى الحوار الوطني الذي كان يقام بشكل دوري في منزل والدها رياض سيف. ومع اعتقال والدها وقادة ربيع دمشق سنة 2001 بدأت تنشط حقوقياً للدفاع عن معتقلي الرأي، ولتسليط الضوء على قضية الاعتقال السياسي التعسفي في سوريا رغم إدراكها لمخاطر نشاطها المحظور في ظل ديكتاتورية الأسد والذي يؤدي إلى الإهانة والإذلال وربما الاعتقال والابتعاد عن أولادها الثلاثة لسنوات طويلة. في عام 2003 سافرت جمانة إلى ألمانيا لاستلام جائزة “فايمر” لحقوق الإنسان والمواطنة بالنيابة عن والدها، وأصبحت حينها عرضة لاستدعاءات أمنية متكررة، بالإضافة للعزلة الاجتماعية بسبب الترهيب الأمني الذي مارسه النظام على أقاربها وجيرانها وحتى الأصدقاء بالإضافة للتحديات الأخرى كلوم المجتمع للمرأة الناشطة في الشأن العام وتحميلها المسؤولية عن كل ما يمكن أن تتعرض له من إساءة من قبل فروع الأمن بما فيها الإساءة للسمعة.
مع تأسيس إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي عام 2005 وانضمام والدها للمؤسسين من سجنه، أصبحت جمانة تحضر الاجتماعات الدورية بالنيابة عنه إلى أن انضمت بشكل شخصي عام 2017 وحضرت المجلس الوطني لإعلان دمشق في سبتمبر 2007، وأصبحت عضوة فاعلة في لجنة دمشق.
“خلق الإنسان ليُحترم وليتمتع بحريته وكرامته. من حق الشعب السوري أن يعيش في بلد ديمقراطي يسود فيه القانون، يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.”
مع بداية الثورة شاركت جمانة في اعتصام الداخلية بتاريخ 16/3/2011 وفي مظاهرات في حي الميدان بدمشق، وساهمت في دعم الإغاثة وخصوصاً الإغاثة الطبية في المناطق المستهدفة. سعت لإيصال صوت ومطالب الشعب السوري وفضح جرائم النظام بحق المدنيات/ين بكل الطرق وقابلت البعثات الدولية والعربية التي زارت سوريا في تلك الفترة لإيمانها بالديمقراطية وبالثورة السورية، وبأن الإنسان خلق ليُحترم وليتمتع بحريته وكرامته، ولإيمانها بحق الشعب السوري في العيش في دولة ديمقراطية تحترم مواطنيها، دولة قانون يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
غادرت جمانة سوريا عام 2012 للمشاركة في برنامج (قادة من أجل الديمقراطية) في الولايات المتحدة الأمريكية، يتلقى فيه 20 مشاركة ومشارك من كل البلدان العربية معلومات عن الديمقراطية والتفاوض وبناء السلام، يتم فيه تبادل الخبرات، والاستفادة من لقاءات مع صناع قرار ومع منظمات المجتمع المدني الأمريكية. تقول جمانة إنها حين غادرت سوريا كانت مفترضة أنها ستعود بعد ثلاثة أشهر، مع انتهاء مدة البرنامج، ورغم أنه أثناء تواجدها في أمريكا بدأت تتلقى أخباراً حول محاولة اغتيال النظام لوالدها، ومحاولة اختطاف إحدى قريباتها، إضافة لتهديدات لباقي أفراد عائلتها، كانت مصرة على العودة لأن بناتها ووالدها كانوا لا يزالون في سوريا، إلى أن تلقت اتصالاً من والدها يخبرها أنه أصبح بإمكانه الحصول على جواز سفر بعد أن كان ممنوعاً من السفر للعلاج منذ اعتقاله الأول عام 2001، ومن هنا قررت الالتقاء مع عائلتها في مصر، حيث بقيت حتى عام 2013، لتغادر بعدها وتستقر في برلين بألمانيا.
منذ عام 1988عملت جمانة مع والدها في الصناعة، حيث كان يملك شركات لصناعة وتصدير الألبسة، ويعتبر من أهم المصدرين في سوريا ومع تأسيس شركة أديداس سنة 1993 اتجهت جمانة للعمل الاجتماعي وقامت بتأسيس قسم خاص للإشراف الاجتماعي، مهمته الاهتمام بالعاملات والعمال (عددهم 1200) وعائلاتهن/م ودعمهن/م وتمكينهن/م وتنظيم أنشطة ثقافية وفنية موسيقية ورياضية ورحل ترفيهية لهن/م ولعائلاتهن/م.
تقول جمانة: “مع دخول أبي إلى مجلس الشعب عام 1994 كصناعي يدافع عن الاقتصاد الوطني وانتقاده الصريح للحكومة وكشفه لفسادها المستشري ورفضه لعروضهم السخية في سبيل استمالته واسكاته، كان رد الحكومة وانتقامها ببدء معركة ضد منشأتنا الصناعية عبر وضع العراقيل ومنع تصدير منتجاتنا وفرض ضرائب خيالية، أدت إلى خسارة كل ما نملك مع نهاية عام 2000”.
وتضيف جمانة: “كانت خسارتنا الأفدح هي فقدان أخي أياد (21سنة) عام 1996، الذي اختفى دون أن نعلم عنه شيئاً، ثم تطورت المواجهة بعد ذلك نتيجة مطالبة والدي بالإصلاح السياسي، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور، وكشف صفقة عقود الخليوي، وإصراره على عقد جلسات منتدى الحوار الوطني (أول منتدى سياسي في ربيع دمشق) فما كان من النظام إلا ان اعتقله وحكم عليه بالسجن لخمس سنوات، فأخذت على عاتقي مسؤولية متابعة محاكمات والدي وأموره في السجن ومتابعة أمور تصفية الشركة إضافة إلى كوني أم لثلاثة أولاد، وقد قررت حينها أن أدرس الحقوق وتمكنت من النجاح والتخرج”.
تعمل جمانة منذ أيار 2017 مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، المختص في التقاضي الدولي عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقد بدأ المركز عام 2013 التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تحصل في سوريا، وبعد التحقيق وجمع الإدلة تمكن ابتداءً من آذار 2017 من تقديم 4 دعاوى ضد جرائم التعذيب والقتل التي يرتكبها النظام إلى المدعي العام الألماني ودعوى في السويد وأخرى في النمسا. تحاول جمانة في عملها ضمن الفريق التركيز على الجرائم التي ارتكبت وترتكب ضد النساء في الفروع الأمنية في سوريا منذ عام 2011، إضافة إلى عملها التطوعي في شبكة المرأة السورية، وهي من مؤسسات الحركة السياسية النسوية السورية.
“أنا مؤمنة بأن الحركة ستساهم في رسم مستقبل سوريا التي نحلم بها جميعاً، ورغم كافة العقبات والصعوبات يجب أن نتمسك بالأمل والإصرار للوصول إلى هدفنا.”
سارعت جمانة للمساهمة في تأسيس الحركة السياسية النسوية السورية، لإيمانها بأن لا ديمقراطية مع تغييب النساء وإقصائهن عن السياسية ومراكز صنع القرار، لا ديمقراطية مع التمييز ضد النساء. ولإيمانها بأن سوريا المنشودة يجب أن تضمن وتحمي حقوق النساء وخصوصاً أنهن دفعن ثمناً مضاعفاً في تحمل عبء الحرب وتبعاتها، ولأنها مقتنعة بأنه لن يكون أحداً قادراً على تفهم مطالب النساء ومعاناتهن غير النساء أنفسهن، تقول جمانة إنها مؤمنة بأن الحركة ستساهم في رسم مستقبل سوريا التي نحلم بها جميعاً، وإنه رغم كافة العقبات والصعوبات يجب أن نتمسك بالأمل والإصرار للوصول إلى هدفنا.
تضيف جمانة: “أحلم بسوريا دولة مدنية ديمقراطية، أمشي في شوارعها مرفوعة الرأس، لا أخاف من شيء، لأن هناك قانون يحمي حقوقي وكرامتي مثلما يحمي حق وكرامة أي مواطن آخر، والجميع متساوون، نساءً ورجالاً، كافة السوريات/ين بتنوع خلفياتهن/م”.
تقول جمانة: “النساء السوريات أثبتن أينما كن، سواءً في المخيمات أو في بلدان اللجوء، أنهن قويات قادرات على بناء وتطوير أنفسهن في كافة وأصعب الظروف، قادرات على تحمل المسؤوليات. كل الاحترام والتقدير للنساء السوريات لقوتهن وشجاعتهن وصبرهن”.