عليا أحمد من ريف حلب الغربي، حائزة على دبلوم في الاقتصاد، تعمل ضمن لجنة إعادة الاستقرار في مكتب تمكين النساء، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.
عليا أحمد تولد ريف حلب الغربي، درست الاقتصاد في جامعة حلب وحصلت على دبلوم في في علوم الحاسوب، عملت عليا في قطاع المصارف والاستيراد والتصدير في حلب، وبعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، توجهت للعمل الإنساني، تعمل حالياً في لجنة إعادة الاستقرار بمكتب تمكين النساء.
عليا أم لأربعة أطفال ومقيمة في ريف حلب الشمالي، بعد الـ 2011 بدأت عليا العمل من منزلها وعلى نطاق ضيق، كموثقة لأعداد الشهداء والمعتقلات والمعتقلين.
تقول عليا: كون مجتمعاتنا محافظة نوعاً ما، لم يكن من السهل الانخراط في الأعمال والأنشطة التي تتطلب الخروج من المنزل، لذلك بدأت العمل على دائرتي الصغيرة وفي محيط عائلتي لإقناعهم بأهمية دور النساء في الحراك.
مع الوقت بدأت وتيرة العنف تتصاعد وأصبحت المنطقة التي نعيش فيها عرضة لهجمات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، وعناصر من تنظيم داعش من جهة أخرى. تقول عليا: تعرض الكثير من أفراد عائلتي للاعتقال، وكان من الضروري حينها الالتفات للعائلة وتقديم الدعم النفسي للأمهات والآباء ضمن عائلتي لمساعدتهن\م على التعامل مع فكرة اعتقال أولادهن\م. تضيف عليا: هذه التجربة الشخصية مع الدعم النفسي وأثرها الإيجابي على قريباتي وأقربائي، جعلتني أؤمن أكثر بأهمية العمل في مجال الدعم النفسي والاجتماعي، خاصة للنساء والأطفال، في ظل ظروف الحرب.
عام 2018، انضمت عليا لفريق عمل لجنة إعادة الاستقرار وبدأت مع الفريق بالعمل على تمكين النساء.
بالعودة إلى 2011 وعن دوافعها بالانضمام إلى الثورة، تقول عليا: بعد تخرجي من الجامعة واصطدامي بواقع الفساد والمحسوبيات الذي نعيشه في سوريا، بدأت أطرح على نفسي أسئلة تتعلق بنظام الحكم في بلدنا وبمفهوم المساواة والمواطنة، ومن هنا جاءت المشاركة في الثورة كنتيجة للرغبة في تغيير هذا الواقع.
وعن اهتمامها بالعمل السياسي تقول عليا: انخرطت بالعمل السياسي مدفوعة بسؤال أين دور النساء السوريات في صنع القرار؟ لطالما تم تأطير النساء بأفكار مسبقة وسمهن بها المجتمع، كأنهن لا يملكن الكفاءة للعمل السياسي، علماً أن الواقع يثبت أن هنالك نساء في مجتمعاتنا لديهن من العلم والتجربة العملية ما لا يقل عن الرجال. تضيف عليا: من هنا بدأنا كنساء بالتواصل والتشبيك مع بعضنا البعض، من داخل سوريا وخارجها، للاستفادة من تجارب بعضنا ودعم قضيتنا، واليوم أستطيع القول بأن نقلة نوعية حصلت خلال السنوات الثمان الأخيرة، فمكانة المرأة السورية سواءً في العمل السياسي أو الإداري آخذة بالتبلور، وهذا كله نتيجة العمل النسوي الجماعي.
عن الصعوبات التي تواجه العمل السياسي في سوريا تقول عليا: لا نستطيع إنكار حقيقة أن غالبية الشعب السوري كان مغيباً عن العمل السياسي لقرابة خمسة عقود. أما اليوم فالعمل السياسي يفتقد للشفافية بالإضافة إلى أن الأجسام السياسية تكرر نفسها وغير منفتحة على مواكبة المتغيرات. تضيف عليا: برأيي قلة التنسيق بين الأجسام السياسية فيما بينها وعدم فتح المجال لأصوات وأسماء جديدة لاستلام مناصب سياسية، يضعف الأداء السياسي عموماً ويعدم الثقة من جانب المواطنات/ين بهذه الأجسام.
“تروقني فكرة أن عضوات وأعضاء الحركة يشبهونني إلى حد التطابق في بعض النقاط، ونختلف كلياً في نقاط أخرى، وهذا التنوع يعتبر قيمة مضافة لتوسيع أفق العمل.”
أما عن التحديات التي تواجه النساء السوريات في العمل السياسي، تعتبر عليا أن النقطة الأولى هي ذاتها المتمثلة بقلة الوعي السياسي أو الأمية السياسية، إضافة إلى نقص الجهود المبذولة لتمكين النساء سياسياً وبناء قدراتهن. تضيف عليا: القيود المجتمعية على النساء، أخرت بدورها بروز المرأة في ميادين العمل السياسي. أما المشكلة الراهنة التي تراها عليا موجودة ضمن بعض المؤسسات والمجموعات العاملة في الشأن السياسي والتمكين، هي الإقصاء والتنمر، فالصوت الذي لا يلائم توجه هذه المجموعات يتم استبعاده.
عن انضمامها للحركة السياسية النسوية السورية تقول عليا: نظراً لعملي على تمكين النساء اجتماعياً وسياسياً أنا على قناعة أنني بحاجة دائمة لتطوير نفسي وإغناء معرفتي، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بالتواصل والاستفادة من خبرات سوريات وسوريين آخرين من المنخرطات\ين في العمل السياسي والنسوي و لديهن\م الخبرة في هذا المجال، تتابع عليا: من خلال بحثي عن هكذا منصات توصلت للحركة السياسية النسوية السورية وأخذت بالبحث عن أهدافها وآلية عملها والعضوات والأعضاء فيها، فوجدت أنها الجسم المناسب للانضمام له، خاصة أنها تجمع نسوي يضم عضوات وأعضاء من داخل سوريا وخارجها. وتضيف: تروقني فكرة أن عضوات وأعضاء الحركة يشبهونني إلى حد التطابق في بعض النقاط ونختلف كلياً في نقاط أخرى، وهذا التنوع يعتبر قيمة مضافة لتوسيع أفق العمل.
ترى عليا أن للحركة نشاط ملموس على أرض الواقع في الداخل السوري، تقول: تواكب الحركة الأحداث في الداخل السوري وتكون سباقة لنقل أصوات المدنيات والمدنيين لأماكن صنع القرار والمساهمة بتسليط الضوء على قضايا هؤلاء ومحاولة إيجاد السبل للمساعدة. تعطي عليا بعض الأمثلة على نشاط الحركة مثل دعم القرارات أو البنود التي تخدم السوريات/ين مثل قرار جنيف 2254، عدا عن طرحها لموضوع المهجرات/ين والمحاصرات/ين في مجلس الأمن.
برأي عليا أن السبيل لتحقيق الأهداف التي خرجت من أجلها الثورة وللوصول إلى أجواء عمل سياسي صحية، ينبغي تحييد الخلافات الشخصية وبناء الثقة بالعمل المؤسساتي حتى تصبح المؤسسة هي المرجعية وليس الأفراد، وتضيف بأن التواصل بات ضرورة في الوضع الراهن، الإصغاء إلى كافة الأطراف والانفتاح على النقاش دون إقصاء، طالما أن مرجعيتنا ومظلتنا واحدة، ألا وهي “الثورة”.
ما يدفع عليا للاستمرار في العمل في الشأن العام هو إدراكها أن القضية المحقة التي خرج من أجلها الشعب السوري في ثورته، هي واقع يومي لا يمكن التعامي عنه، فقد أصبح الشأن العام السوري شأناً خاصاً ويمس حياة كل فرد ومستقبله، تقول عليا: حين أشعر بالإحباط أفكر بأطفال سوريا، من سيضمن لهؤلاء حقوقهم في المستقبل؟ كما أفكر بالنساء السوريات، هؤلاء اللواتي ذقن مرارات التهجير والفقدان من سيوصل أصواتهن؟
“التواصل بات ضرورة في الوضع الراهن، الإصغاء إلى كافة الأطراف والانفتاح على النقاش دون إقصاء، طالما أن مرجعيتنا ومظلتنا واحدة، ألا وهي الثورة.”
من أصعب اللحظات التي عاشتها عليا خلال السنوات الثمان الماضية تقول: تركت مدينة حلب عام 2011 وانتقلت إلى الريف، ومررت بالمدينة بعد فترة، رأيت مكاناً مختلفاً عن الذي أعرف، شاهدت المدينة التي أعرف وأحب والتي تحتضن الكثير من ذكرياتي مدمرة، هذا من أقسى المواقف في ذاكرتي، إضافة لفترة ظهور داعش في مناطقنا ونزعهم علم الثورة ووسم مناطقنا بالسواد واعتقال وتصفية شبابنا وشاباتنا.
بالمقابل تستذكر عليا موقف جميل عاشته وهو اجتماع 150 امرأة من مختلف مناطق الشمال السوري، لمناقشة قضاياهن واحتياجاتهن وإمكانيات التعاون بينهن.
عن سوريا التي تحلم بها تقول عليا: أحلم بسوريا دولة الحقوق والمساواة، دولة تستمد قوانينها من دستور وضعه الشعب السوري وتوافق عليه، يضمن سوريا ديمقراطية، تعددية، يصون حرية التعبير، ويحترم حقوق الإنسان.
لنساء سوريا تقول عليا: أرى فيكن الجانب المضيء من مستقبل سوريا، أنتن صمام الأمان لعائلاتكن وأطفالكن، ولسوريا.