ديما موسى، من مدينة حمص، محامية، نائبة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وعضوة مؤسسة في الحركة السياسية النسوية السورية. تقيم في تركيا منذ عام ٢٠١٣.
كانت ديما موسى تمارس مهنة المحاماة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بعد انطلاق الثورة قررت أن تترك عملها لتتفرغ أكثر لنشاطها في الشأن السوري، حيث كانت تتواصل وتعمل مع الناشطات والناشطين في سوريا. في أواخر ٢٠١٢ ومع ازدياد النشاط السياسي والمدني بشكل ملحوظ في تركيا، قررت ديما الذهاب إلى هناك في زيارة لتتعرف أكثر على الناشطات والناشطين الذين تعمل معهن/م، والأشخاص المنخرطين في العمل السياسي وفي الشأن السوري، لأنها تقول، بحكم إقامتها في أمريكا، كان نشاطها السياسي في المجلس الوطني الذي انضمت إليه في ٢٠١١ محدوداً، لذلك قررت الانتقال إلى تركيا في بداية ٢٠١٣ حيث بدأت تعمل مع منظمات تدعم المشاريع والمبادرات المدنية داخل سوريا، وأصبح لديها ارتباط وصلة أكثر بالعمل السياسي، وازداد نشاطها مع المنظمات المدنية في الداخل السوري، ومجموعات السوريات والسوريين في تركيا.
تقول ديما إنه مع بداية الثورة، وبحكم تواجدها في الخارج كان من السهل عليها أن تظهر في الإعلام باسمها الحقيقي، وخاصة على القنوات والمنصات الغربية لتكون صوتاً في الخارج للناشطات والناشطين في سوريا، وتوصل حقيقة ما يجري على الأرض، ومدى الإجرام الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري. كانت ديما تلتقي مع الجهات الإعلامية الغربية، والمهتمين بالشؤون الخارجية والسياسية. كانت تعمل أيضاً مع ناشطات وناشطين من مدينة حمص حيث كانت، بحكم الخلفية القانونية لديها وتحدثها اللغة الإنكليزية، تساعد في إيصال وترجمة التقارير الإخبارية حول انتهاكات النظام إلى جهات إعلامية وحقوقية.
“أنا أؤمن بالعمل السياسي الأخلاقي، ومن هذا المنطلق لا أعتبر نفسي سياسية فقط، بل ونسوية أيضاً لأن النسوية تضيف هذا الطابع الأخلاقي باعتبارها ضد كل أشكال الاضطهاد والتمييز.”
إضافة لكونها تنحدر من عائلة معارضة دفعها ظلم واستبداد نظام الأسد الأب للهجرة منذ التسعينات، تقول ديما إن دافعها للمشاركة في ٢٠١١ كان أيضاً من منطلق إيمانها الكامل بحقوق الإنسان، وضرورة تغيير كافة الأنظمة الديكتاتورية في سوريا وغيرها من الدول العربية، واستبدالها بأنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان. وبحكم تجربتها الشخصية في العيش في بلد يسود فيه قانون يحمي الجميع ولا يميز بين أفراده على أساس الجنس أو الدين أو اللون أو الانتماء السياسي أو أي تصنيف، كانت دائماً ما تحلم بأن يعيش الشعب السوري في ظل قانون عادل وحكم ديمقراطي لأنه يستحق الحياة الكريمة مثل أي شعب آخر.
تؤمن ديما بأهمية العمل السياسي إلى جانب المدني والحقوقي في إيصال صوت الشعب السوري إلى المنابر الدولية، وتقول نحن نحتاج إلى حل سياسي ويجب أن ندرك ماذا نريد من هذا الحل، وكيف يجب أن نعمل لندفع التوافقات الدولية للعمل باتجاه حل عادل لمعاناة وقضية الشعب السوري وتضيف: “أنا أؤمن بالعمل السياسي الأخلاقي، ومن هذا المنطلق لا أعتبر نفسي سياسية فقط، بل ونسوية أيضاً لأن النسوية تضيف هذا الطابع الأخلاقي باعتبارها ضد كل أشكال الاضطهاد والتمييز.” لكنها ترى أن السوريات/ين، بشكل عام، مهمشات/ين سياسياً في الصراع الذي يدور على أرضهن/م، وأنه يجب أن يكون هناك تواجد على الطاولة السياسية للنساء اللواتي يؤمنّ بمبادئ الثورة، التي تهدف إلى تحقيق العدالة في سوريا خالية من الاستبداد وظلم نظام الأسد أو أي شكل من أشكال الاستبداد والظلم.
تعتبر ديما أن من أكبر التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا كانت أن الصراع أصبح متعدد الأطراف، أصبح هناك تدخلات عسكرية وسياسية، دولية وإقليمية لها مصالح تريد تحقيقها على حساب الشعب السوري، إضافة لوجود قوى الأمر الواقع في مناطق مختلفة من سوريا والتي شتت القضية السورية على المستوى الدولي، بارتكابها ممارسات استبدادية مثلها مثل النظام. وفيما يخص التحديات التي تواجه النساء في العمل السياسي تقول ديما إن مجتمعنا هو فعلاً ذكوري، ينمّط دور المرأة وفق قوالب معينة، ويحدد الدور الأكبر لها في المنزل أو في مهن معينة، مع العلم أن ربة المنزل بدأت تعمل خلال السنوات الماضية، وأصبحت من الركائز الاقتصادية الأساسية في المجتمع بعد الاعتقال أو الاستشهاد أو الاختفاء القسري للرجال الذين كانوا المعيلين الأساسيين أو حتى الوحيدين في المنزل، فحملت النساء أعباء مضاعفة، باعتبارهن المعيلات الوحيدات للعائلة وأحياناً لعدة عائلات، إضافة إلى عملهن في المنزل. ولكي تمارس المرأة العمل السياسي، يجب عليها دائماً أن تثبت كفاءتها وتبذل جهد طائل في الوقت الذي يمكن أن يكون لديها كفاءات أكثر من الرجل.
“نجحت الحركة في ربط العمل السياسي بالعمل المدني، هذا التكامل والعمل المتداخل مكّن الحركة من العمل مع النساء السوريات الموجودات في الداخل السوري، عن طريق عضوات الحركة اللواتي يعملن في منظمات مدنية أو حقوقية أو نسوية.”
وعن مساهمتها في تأسيس الحركة السياسية النسوية السورية، تقول ديما إنها شاركت في ذلك إيماناً منها بضرورة وجود حركة تركز على العمل السياسي، لكن من منظور نسوي يؤمن بالمساواة الكاملة وعلى كافة المستويات وبإنهاء كافة أشكال التمييز على أي أساس كان، وتضيف أن الحركة تركز جهودها بشكل أساسي على مشاركة المرأة في العملية السياسية السورية بالإضافة إلى العمل على القضاء على التمييز ضد المرأة، وضمان حصولها على حريتها وممارستها لكافة حقوقها المدنية والسياسية. تقول ديما كان لا بد من وجود جسم أو حركة تمثل النساء السوريات السياسيات والنسويات اللواتي يعملن في سبيل تحقيق العدالة لكافة النساء السوريات، خاصة وأن نسبة تمثيل النساء في الأجسام السياسية المعارضة لا تزال ضئيلة جداً وهذا ما تسعى الحركة إلى تغييره.
وتتوقع ديما أن تتمكن الحركة السياسية النسوية السورية من إيصال معاناة النساء السوريات بشكل خاص، والشعب السوري بشكل عام، من الاضطهاد وآثاره على المستوى الاجتماعي والقانوني والسياسي ضمن رسائلها الموجهة إلى المنابر والجهات الدولية. وتقول إن الحركة نجحت في ربط العمل السياسي بالعمل المدني، وهذا يغني الحركة جداً، وإن هذا التكامل والعمل المتداخل مكّن الحركة من العمل مع النساء السوريات الموجودات في كل مكان وبالأخص في الداخل السوري، عن طريق عضوات الحركة اللواتي يعملن في منظمات مدنية أو حقوقية أو نسوية ليس لها طابع معين. وترى ديما أن وجود عضوات وأعضاء الحركة في بلدان مختلفة، هو عامل قوة بالنسبة للحركة ويمكنها من الوصول إلى عدد أكبر ومجموعة أكثر تنوعاً من السوريات والسوريين.
تقول ديما إن هناك عدة نساء من عضوات الحركة موجودات في أجسام سياسية وأحزاب أخرى، مثل الائتلاف وهيئة التفاوض وهيئة التنسيق وتيار مواطنة، وبالتالي فهن يعملن دائماً على نقل الكثير من رسائل الحركة ورؤيتها ومطالبها عن طريق تواجدهن في تلك الأجسام.
تقول ديما للنساء السوريات: “المرأة السورية تستحق كل الاحترام، تستحق أن تنال مكانتها الحقيقية التي تسعى للوصول إليها في مختلف المجالات مثلها مثل الرجل، وأنا على يقين أنها ستبدع في أي مجال تختاره، وهذا ما أثبتته خلال السنوات الماضية.”