سعاد الأسود، من مدينة كفرنبل في إدلب، خريجة معهد فنون نسوية، مؤسسة ومديرة مركز صانعات التغيير لتمكين المرأة من الناحية المهنية، والفكرية، والثقافية، والسياسية. عضوة في الحركة السياسية النسوية، وفي شبكة المرأة السورية، وعضوة ومؤسسة بالرابطة النسائية في الشمال السوري.
كانت سعاد الأسود قبل بداية الثورة ربة منزل متفرغة لتربية أولادها الستة، إلا أنها قررت العمل مع بداية الثورة لأن الأوضاع المعيشية أصبحت صعبة، ولأنها أرادت أن تساعد نساء أرامل أخريات بحاجة للعمل، من خلال مشاركة خبرتها معهن وتعليمهن مهنة تمكنهن من الدخول إلى سوق العمل وكسب قوتهن، ومن هنا نشأت فكرة إنشاء مركز “صانعات التغيير”. تقول سعاد إنه بسبب حبها للعلم واحتكاكها بمجتمعات لم تكن على معرفة بها قبل الثورة، بدأت تخضع لتدريبات وتنخرط في دورات حول العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، هي وكادر العاملات في المركز، دون إقصاء العمل المهني الذي مازال مستمراً حتى الآن في بعض المخيمات، حيث النسبة الأكبر من النساء أميات، بحاجة لتعلم هذا النوع من العمل، في حين قدم المركز سلسلة من التدريبات في مدينة كفرنبل حول مناصرة اللاعنف، وبناء السلام.
سعاد مستقرة في كفرنبل التي تقول إنها “وطني وانتمائي وجذوري وأولادي”، ترفض السفر أو الخروج منها إلا في حال أصبحت حياة أولادها في خطر. تواجه تحديات مثل باقي أهالي المدينة، كالخوف من النظام وأعوانه، ولكن تقول إن التحدي الأكبر هو إثبات جدارتهن كنساء عاملات والاستمرارية في عملهن.
في بداية الثورة عام 2011 تقول سعاد رغم إن مشاركتها هي ونساء أخريات اقتصرت على مشاهدة المظاهرات السلمية من على أسطحة المنازل، كونها من مجتمع محافظ و لم يكن مسموحاً للنساء الخروج ورفع اللافتات في تلك الفترة، إلا أن دوافعها للمشاركة في هذه الثورة كانت التخلص من نظام ظالم ومستبد، يحرم شعبه من التمتع بخيرات وثروات بلده الوفيرة، ويهدر كافة حقوقه المدنية والإنسانية، إضافة لأنه أثبت خلال الثورة أنه نظام مجرم يقتل شعبه فقط لأنه طالب سلمياً بالحرية.
“بداية عملي السياسي كان بانضمامي إلى الحركة السياسية النسوية السورية، لأنني أريد الاستمرار في عملي نحو تمكين المرأة أكثر، وأطمح أن أساهم في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، على كافة المستويات ومن بينها السياسي، وأن تصل المرأة إلى مكان صنع القرار مثلها مثل الرجل.”
كانت الثورة بداية اهتمامها بالعمل السياسي، عندما بدأت تتابع كافة الأخبار المحلية والدولية المتعلقة بالثورة، تقول “نحن كنساء وربات منازل، تحولت أحاديثنا من الكلام عن الطبخ وشراء الحاجيات إلى أحاديث سياسية”، وتضيف سعاد أن بداية عملها السياسي كان بانضمامها إلى الحركة السياسية النسوية السورية، لأنها تريد الاستمرار في عملها نحو تمكين المرأة أكثر، وتطمح أن تساهم في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، على كافة المستويات ومن بينها السياسي، وأن تصل المرأة إلى مكان صنع القرار مثلها مثل الرجل. وتقول سعاد إنها تتوقع أن تنجز الحركة السياسية النسوية السورية الكثير على المستوى السياسي، إيماناً منها بقدرة النساء على التأثير، وإصرارهن على تحقيق أهدافهن، ومساعدة النساء الأخريات في معرفة حقوقهن والحصول عليها، كما ترى أن الحركة تمثل صوت النساء في الداخل وتعمل في سبيل تحقيق مطالبهن كنساء إلى جانب المطالب العامة.
تعتبر سعاد أنه لايوجد حتى الآن بيئة مناسبة للعمل السياسي في سوريا، وذلك يتطلب الاستمرار في العمل والإصرار والإيمان بقدرتنا على الوصول إلى هدفنا في جعل سوريا دولة ديمقرطية، ينال مواطنوها كافة حقوقهم المدنية، ويتساوون جميعاً أمام القانون. وعن التحديات التي تواجه عملها كامرأة في السياسة، تعتبر سعاد أن التحدي الأكبر هو تأطير دور المرأة والتقليل من شأنها، ونظرة السخرية إلى ما يمكن أن تنجزه والأحكام المسبقة التي تتعرض لها، “إذا لم يتمكن الرجال من حل المشكلة السياسية في سوريا، فكيف للنساء أن تحلها”، إلا أن خلال سنوات في العمل السياسي تجد أن هذه النظرة المجحفة بحق المرأة بدأت تتغير، وذلك بعد أن أثبتت جدارتها و نجاحها في كافة المجالات ومن ضمنها السياسية.
“عايشت- وأفتخر- الكثير من قصص النجاح التي حققتها نساء خلال السنوات الماضية، ممن عملن وتحدين الظروف القاهرة، وأثبتن وجودهن بقوة.”
تقول سعاد إن الحوار والعمل المشترك من أهم الوسائل التي يجب أن نتبعها للاستمرار في الدفاع عن قضيتنا، وعندما تشعر النساء في الداخل أن هناك من يعمل لإيصال صوتهن ورفع الظلم عنهن، فإن ذلك يعطيهن دافعاً قوياً للصمود ومواجهة كافة التحديات التي يتعرضن لها على كافة المستويات. وتضيف أنها عايشت- وتفتخر- الكثير من قصص النجاح التي حققتها نساء خلال السنوات الماضية ممن استشهد أزواجهن أو اعتقلوا، واضطررن للعمل وتحدي الظروف القاهرة، وأثبتن وجودهن بقوة. أما على الصعيد الشخصي فتقول سعاد، كونها من مجتمع محافظ لم يكن يسمح للمرأة قبل الثورة بالخروج وحدها إلى الشارع دون مرافقة رجل، فإنها فرحت جداً عندما دعيت للسفر إلى تركيا مع أعضاء المجلس المحلي، حيث كانت الامرأة الوحيدة بينهم، ووافق زوجها على ذلك بل وقدم لها الدعم والقوة لكي تستمر. تقول “أنا اعتبر هذه الخطوة إنجاز كبير… قبل الثورة لم أكن أتخيل أن أخرج مسافة 10 كم لوحدي دون مرافقة رجل”.
تقول سعاد: “نساء سوريا أنتن مكافحات، قويّات، وعظيمات تحملتن القهر والظلم والحرمان، واعتقال أبنائكن وأزواجكن وآبائكن، لن يضيع هذا الصبر والتحمل وسوف تحصدن النتيجة. نحن مستمرات ونقوى ببعضنا البعض، يجب أن نكون قدوة لنساء سوريا والعالم، لأن المرأة السورية أصبحت معروفة بقوتها وصلابتها وإرادتها القوية. كلما كنا يداً واحدة؛ كلما ازددنا قوة، نحن والأجيال التي ستلينا.”
تحلم سعاد بسوريا حرة بالكامل، آمنة وديمقراطية، حيث لا خوف من التعبير عن الرأي أو قول كلمة الحق.