عبير حسين من دمشق، مقيمة حالياً في ريف حلب، حاصلة على ماجستير في الفكر السياسي، مدربة وأستاذة جامعية، تحضر للدكتوراه في العلاقات الدولية، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.
عبير حسين، عاشت في مدينة دمشق حتى عام 2015، ثم انتقلت إلى ريف حلب حيث تقيم الآن، حاصلة على ماجستير في الفكر السياسي، أستاذة جامعية محاضرة في كلية العلوم السياسية في جامعة “حلب المحررة”، كما أنها حاصلة على ثلاث شهادات تدريب مدربات ومدربين من الأمم المتحدة أهلتها لتكون مدربة في قطاع العمل الإنساني وخاصة في مجال حماية المرأة والعنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة إلى التدريب في الشأن السياسي. تحضر للدكتوراه في العلاقات الدولية، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.
عند انطلاق الثورة السورية عام 2011، كانت عبير مقيمة في دمشق، تصف تلك الفترة بالقول: كان الوضع مخيفاً والقبضة الأمنية ازدادت شدة، وكنت أتابع خط المظاهرات السلمية بحذر وخوف شديدين مع أمنيات عميقة في القلب أن تكون الثورة بداية انتقالنا إلى حياة أكثر حرية وكرامة وحقوق، وأن يتعامل العالم مع مطالبنا بجدية ويساندنا لنيل حريتنا، تلك كانت أمنيتي التي لم تتحقق إلى الآن. ومع ازدياد القبضة الأمنية وبعد اعتقالي لعدة مرات والتحقيق معي، غادرت دمشق فور انتهاء دراستي للماجستير، إلى ريف حلب في عام 2015، ومنذ ذلك الوقت وأنا ناشطة في ميدان الثورة.
لم يكن من السهل على عبير مغادرة دمشق التي تصفها بـ “مدينة حلمي ومستقبلي وسعادتي”، إلا أن تعرضها للاعتقال عدة مرات بات تهديداً لحياتها خاصة أن تخصصها الدراسي في العلوم السياسية يعتبر حساساً خاصة وقت الثورة. لم تجد عبير صعوبة بالتأقلم في مكان إقامتها الحالي لأن المجتمع طيب ومرحب، إلا أن فراق دمشق أوجع قلبي وما زلت أحلم بالعودة، كما تقول.
“الحركة منبر مهم للنساء السوريات اللواتي يردن الانخراط بالتغيير نحو الأفضل، كما أن العمل في صفوف الحركة يعزز إيماننا كنساء بقوتنا الكامنة وقدرتنا على ممارسة العمل السياسي بشكله الصحيح الذي يجعلنا جزءاً فاعلاً فيه.”
ليس العمل السياسي بجديد على عبير فهي مهتمة بالسياسة وتخصصت بدراستها، لكن الاهتمام تترجم إلى عمل على أرض الواقع بعد اندلاع الثورة، تقول: أصبح قدر كل سورية وسوري العمل أو الاهتمام السياسي لأننا جزء من ثورة شعب غيرت من مصير كل من كان جزءاً منها. وعن التحديات التي تواجه العمل السياسي على الصعيد السوري تعتبر أنها: قبل عام 2011 يمكن تلخيصها بعدم المشاركة السياسية الحقيقية وغياب وجود المواطنة\ن وتأثيرها\ه في صنع القرار كون السلطة الحاكمة تستأثر بالقرار السياسي، وعدم وجود مؤسسات سياسية تستوعب نشاط المواطنات والمواطنين وتدعم توعيتهن\م وتنمية آفاقهن\م سياسياً، كل هذا عائد لطبيعة السلطة المتحكمة بكل ظروف الحياة والحياة السياسية جزءاً منها.
أما التحديات بعد عام 2011 فتتمثل بعدم وجود الخبرة السياسية الكافية التي تؤدي إلى صنع قرار يصب في مصلحة السوريات والسوريين وقضيتهن\م العادلة، وطبعاً ذلك مرده للسلطة التي منعت تراكم خبرة أو وعي سياسي عند أغلب السوريات/ين، وهذا جزء من طريقتها في إحكام السيطرة على البلد والأفراد على حد سواء. يضاف إلى ذلك عدم مساندة الثورة السورية بشكل منصف، وانحياز واضح لصالح النظام السوري الذي يحقق مصالح جلية لكل الأطراف الدولية، الأمر الذي لم يدفع إلى الآن إلى التعامل مع الثورة السورية كما ينبغي.
أما التحديات التي تواجه المرأة السورية في الميدان السياسي فهي برأي عبير، كل ما سبق باعتبار المرأة جزء من المجتمع السوري ومورست بحقها السلطة الاستبدادية، يضاف إلى ذلك التحديات الاجتماعية التي تجعل تقدم المرأة وانخراطها بالشأن العام أصعب بكثير.
عن سبب انضمامها إلى الحركة السياسية النسوية السورية تقول عبير: أردت من خلال انضمامي للحركة أن أجد منبراً لزيادة الوعي السياسي والخبرة السياسية التي تؤهل للمشاركة السياسية الصحيحة، فالحركة هي منبر مهم للنساء السوريات اللواتي يردن الانخراط بالتغيير نحو الأفضل، كما أن العمل في صفوف الحركة يعزز إيماننا كنساء بقوتنا الكامنة وقدرتنا على ممارسة العمل السياسي بشكله الصحيح الذي يجعلنا جزءاً فاعلاً فيه.
“أعتقد أن مبادئ الثورة لم تمت لكنها لم تعد كما كانت عند انطلاقتها، اليوم تبدل حال السوريات والسوريين وتشعبت قنوات النضال وإنه الوقت لكي تلعب الأجسام السياسية السورية، كالحركة السياسية النسوية السورية على سبيل المثال، دوراً باستعادة مبادئ الثورة.”
بالعودة إلى بدايات الثورة وبالمقارنة مع ما آل إليه الوضع السوري اليوم تقول عبير: وسط ما شهدته الثورة السورية من انتكاسات كبيرة وهائلة لأسباب عديدة، أعتقد أن مبادئها لم تمت لكنها لم تعد كما كانت عند انطلاقتها، اليوم تبدل حال السوريات والسوريين وتشعبت قنوات النضال وإنه الوقت لكي تلعب الأجسام السياسية السورية، كالحركة السياسية النسوية السورية على سبيل المثال، دوراً باستعادة مبادئ الثورة، خاصة أنها فضاء مناسب للحوار والمناقشة وعرض الأزمات وتقديم الحلول وفق المعطيات والمتغيرات، بسبب ما تملك من كفاءات وشخصيات قادرة على التفكير والتغيير، وكعضوات وأعضاء لدينا من المرونة ما يساعدنا على ذلك.
تصف عبير سوريا التي تحلم بها بـ: سوريا آمنة وحرة وكريمة، المواطنة/ن فيها هي/هو القيمة الأولى، وكل مؤسسات الدولة تعمل لتأمن عيش كريم وحرية وعدالة للمواطنات والمواطنين، وأن تتعاقب عليها حكومات يكون المواطنة/ة بالنسبة لها القيمة الأولى.
لنساء سوريا تقول عبير: أنتن جزءاً من الثورة، ولذلك أنتن جزءاً من مستقبل البلد، رغم كل الظروف أؤمن بإرادتنا كنساء وقدرتنا على العمل، أنتن من تهبن الحياة وتصنعن الإنسان، وليس غريباً عليكن أن تساهمن بإعادة صناعة مستقبل هذا البلد العظيم، العظيم ببناته وأبنائه على حد سواء.
خلال العشر سنوات الماضية عايش معظم السوريات والسوريين تجارب حياتية غير اعتيادية، إلا أنها لم تخلُ من الجوانب الإيجابية، بالنسبة لعبير من أهم المحطات الإيجابية التي عايشتها خلال تلك الفترة تقول: التجارب الإيجابية تتلخص بعملي وأنشطتي ونجاحي فيها وتقديم الجديد للأخريات/ين، فبحكم عملي كمدربة وأستاذة جامعية، كل ما أقدمه من علم ومعرفة للسوريات والسوريين أعتبره نجاح شخصي لي، وبالتالي يغمرني الفرح عندما أكون سبباً في تغيير فكرة مغلوطة أو اعتقاد خاطئ أو سلوك مؤذٍ، وتبقى مشاركة المعرفة مع الغير أكثر ما يفرحني، بالإضافة إلى ذلك، فخورة بازدياد إقبال الطالبات والطلاب على دراسة العلوم السياسية وهذا نابع من رغبتهن\م بالمشاركة السياسية الفعالة الناتجة عن فهم عميق للعوامل والسياقات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها التي تؤثر بحياة المواطنة/ن مهما عظم أو قل اهتمامها/ه بالشأن السياسي.