هناده الرفاعي، خروجي من المعتقل ولادة جديدة
- updated: 17 يوليو 2020
- |
كانت هناده الرفاعي تعيش مع زوجها وأولادها في دمشق عام 2011 عندما انطلقت الثورة، بينما كان أبوها، وهو مريض قلب، يعيش لوحده في درعا. وعندما حوصرت المدينة شعرت هناده بالرعب والخوف على صحة والدها مع انقطاع كافة الاتصالات عن درعا، ومن هنا بدأت تتواصل مع بعض الشباب الذين يقومون بتوزيع الخبز والطعام على الناس، فطلبت منهم أن يحاولوا الوصول إلى أبيها وطمأنتها عن صحته. ومنذ ذلك الحين انخرطت هناده في العمل مع مجموعات سرية تعمل بأسماء وهمية وترسل المقاطع المصورة من المظاهرات أو لشهداء تحت التعذيب إلى المنظمات والقنوات التلفزيونية، إضافة إلى مشاركتها في الأعمال الإغاثية وإرسال المعونات إلى المناطق المحاصرة. اعتقلت هناده في 15 آذار 2012، وبقيت سبعة شهور في فرع المخابرات الجوية في حرستا، ثم خرجت من الاعتقال، في حين كان لديها أخ يعمل كقاضٍ عسكري، اعتقل لمدة سنتين في صيدنايا ثم استشهد تحت التعذيب.
هربت هناده عام 2014، إلى تركيا خوفاً من تعرضها للاعتقال مرة أخرى، وبقيت في مدينة عينتاب مدة عام ونصف عملت خلالها في “مكتب الديمقراطيين”، وبعد أن تشكلت الحكومة المؤقتة، توظفت هناده في وزارة التربية كرئيسة ديوان، لتستقيل بعد عام، وتذهب بحراً مع عائلتها إلى أوروبا وتستقر في النمسا، وتعمل ضمن مشروع لتدريس الشباب اللاجئين.
شخصيتها القوية واستقلاليتها، إلى جانب تحدثها اللغة الإنكليزية، وتعودها على تجربة السفر حتى من قبل الثورة، كل ذلك سهل أمامها تجربة اللجوء وساعدها على الاندماج السريع رغم كل التحديات التي واجهتها، وأصعبها أنها بعيدة عن أولادها الذين يعيشون في مناطق مختلفة في أوروبا، في حين تعيش هي بمفردها في سكن مشترك لدى عائلة نمساوية.
بدأ اهتمام هناده بالعمل السياسي مع بداية الثورة، ثم انخرطت بالأجسام السياسية التي بدأت تتشكل في تركيا، ولكنها تقول إنها كامرأة فإن أول اهتماماتها يتركز على الأجسام السياسية النسائية بالدرجة الأولى لأنها تؤمن أنه ليس من المفترض أن تكون الثورة ضد النظام فقط، إنما ضد كثير من المفاهيم والقضايا المتعلقة بالمرأة وحقوقها بشكل خاص.
تقول هناده إن التحديات التي تواجه المرأة في العمل السياسي تتمثل في التخويف من الاعتقال والتعرض للاغتصاب، وبالتالي في إلغاء مشاركة المرأة في السياسة مما يعني إسكات وتهميش نصف المجتمع، إلى جانب الاستخفاف بآراء المرأة والنظرة السلبية والانتقادية لكل ما تفعله.
“النساء السوريات هن من سيبنين سوريا المستقبل، وبالتالي يجب عليهن أن يبقين متمسكات بأهداف ومبادئ الثورة من أجل تحقيقها لأننا أصحاب حق، ونريد تحقيق العدل والحرية ومحاسبة النظام، وهذا مايدفعني للاستمرار في العمل في الشأن العام، وعدم الاستسلام لليأس والإحباط.”
قررت هناده الانضمام إلى الحركة السياسية النسوية السورية لأنها مؤمنة بأهدافها ومبادئها، ولأنها ترى فيها المنبر الحقيقي والفعال الذي ستتمكن من خلاله المساهمة بإعلاء صوت المرأة. كما تتوقع هناده أن تنجح الحركة في إيصال المرأة السورية إلى أماكن صنع القرار بفضل إصرار وتفاني وخبرات وكفاءات العضوات والأعضاء فيها.
تؤكد هناده أن النساء السوريات هن من سيبنين سوريا المستقبل، وبالتالي يجب عليهن أن يبقين متمسكات بأهداف ومبادئ الثورة من أجل تحقيقها لأننا أصحاب حق، ونريد تحقيق العدل والحرية ومحاسبة النظام، وهذا ما يعطي هناده الدافع للاستمرار في العمل في الشأن العام، وعدم الاستسلام لليأس والإحباط.
“أحلم بسوريا آمنة، حرة، فيها نظام يحمي شعبه، تحترم فيها النساء قولاً وفعلاً، وتنال كافة حقوقها، تتوفر فيها فرص عمل للشباب تضمن لهم حياة لائقة وكريمة يستحقونها.”
من اللحظات التي لن تنساها هناده خلال الثورة، كانت لحظة اطمئنانها أن والدها بخير في فترة حصار درعا، ولحظة خروجها من المعتقل، حيث تقول إنها شعرت بأنها ولدت من جديد.
تحلم هناده بسوريا آمنة، حرة، فيها نظام يحمي شعبه، تحترم فيها النساء قولاً وفعلاً، وتنال كافة حقوقها، تتوفر فيها فرص عمل للشباب تضمن لهم حياة لائقة وكريمة يستحقونها. تقول هناده لنساء سوريا: “أنتن قويات، وأثبتُّن دوركن بجدارة خلال الثورة في كافة المجالات، ويجب أن تبقين كذلك بعد انتصار الثورة، تتحدين الظلم والعادات والتقاليد التي تحد من حريتكن، وتواصلن النضال لكي تحصلن على كافة حقوقكن”.