الطلاق في المجتمعات الذكورية
- تاريخ النشر: 22 ديسمبر 2020
- |
*فرانسوا زنكيح
الطلاق هو انفصال بين شخصين تزوجا قانونياً أو وفقاً لأعراف متفق عليها حسب طبيعة المجتمع الذي ينتمي له هؤلاء. للطلاق أسباب عدة منها انعدام التفاهم، فارق العمر بين الزوجين، عدم تقبل أحدهما أو كلاهما للآخر بعد فترة من الزواج، العنف المنزلي، وغيرها. بالمحصلة ينتج الطلاق عن نزاع لا يحلّه سوى الانفصال. إضافة إلى ذلك يعتبر عدم الانسجام جنسياً بين الزوجين مسبباً أساسياً للكثير من فشل الزيجات، إلا في المجتمعات الشرقية حيث يتم الالتفاف على هذا السبب تجنباً للتعرض للانتقادات الاجتماعية، لذلك من شأن التربية الجنسية في مثل هذه المجتمعات رفع الوعي لدى الجيل الشاب، وبالتالي تقليص المشاكل الاجتماعية الناتجة عن قلة وعي ببعض المفاهيم.
الطلاق في المجتمعات الذكورية- سوريا مثالاً
يستند كلاً من الزواج والطلاق في سوريا على قانون الأحوال الشخصية، الذي يبرم العقود المتعلقة بهما وفق ديانة أو طائفة الزوجيين، ومن ثم يصدق هذا العقد في المحكمة. حتى فترة قريبة كان يتم تزويج القاصرات “قانونياً”، قبل تعديل قانون الأحوال الشخصية في عام 2019، حيث أصبح سن الزواج القانوني هو الـ 18، وذلك في مناطق سيطرة النظام، أما في مناطق سيطرة أطراف النزاع الأخرى تنتشر ظاهرة زواج القاصرات والقاصرين بكثرة.
“تزامناً مع انشغال الأطراف الدولية بصياغة دستورٍ سوري جديد، أقرّ مجلس الشعب السوري تعديلات شملت مواداً في قانون الأحوال الشخصية في سوريا. وأبرز ما جاء فيها: رفع سن الزواج إلى 18 عاماً وتثبيت مبدأ (العقد شريعة المتعاقدين)، ما يمنح المرأة السورية حقوقاً أكثر. حظيت هذه التعديلات، على القانون الصادر في العام 1953 ويحمل الرقم 59، باهتمام بالغ في الوسط السوري. إذ جاءت بعد مطالبات شعبية وقانونية استمرت عقوداً من أجل حماية المرأة والطفل على حد سواء، وفق حقوقيات/ين سوريات/ين. على أن هذه التعديلات أقرت بعد زيادة واضحة في نسبة زواج القاصرات، الذي ينتج مشكلات اجتماعية كارثية بالنسبة إلى الأسرة السورية، خصوصاً بعدما دقت المنظمات الحقوقية والإنسانية ناقوس الخطر، مطالبة بوضع تشريعات وسنّ قوانين تحد من تفاقم هذه الظاهرة في سنوات الحرب، إذ توسع نطاقها بنسبة 10 في المئة في المحاكم الشرعية في دمشق في العام 2013، وفق إحصاء لوزارة العدل السورية، وارتفعت نسب الطلاق في المحاكم إلى 31 في المئة، وفق إحصاء لمحاكم القصر العدلي في العام 2017″.
“العصمة” بيد الرجل، والمجتمع يرهب المرأة بوصف “مطلّقة”
في المجتمعات الذكورية، يعتبر قرار الطلاق في معظم الحالات بيد الرجل، حيث يمكن للزوج اتخاذ قرار الطلاق أو الامتناع عنه، فيما تحرم القوانين والأعراف الاجتماعية المرأة من ذلك باعتبارها “الطرف الأضعف” في العلاقة، كما يتم ترهيب من تبادر بطلب الطلاق بـ “وصمة العار” حيث تحط المجتمعات الذكورية من شأن المرأة المطلقة وتصدرها على أنها مثال لا يحتذى به في المجتمع، وبناءً عليه تتراجع الكثير من النساء في سوريا عن قرار الطلاق خشية حرمانها من الأطفال وجلد المجتمعات لها وتقييد حريتها الشخصية باعتبارها فاقدة للعذرية “وباستطاعتها ممارسة الجنس خارج إطار الزواج”، لذلك تستمر المجتمعات الذكورية بالضغط على المرأة ومطالبتها بتحمل ممارسات، كالعنف الزوجي.
الطلاق في دول اللجوء
أفادت عدة تقارير إعلامية بارتفاع نسبة طلبات الطلاق المقدمة من سوريات مقيمات في دول اللجوء التي تضمن قوانينها حقوق المرأة، مثل دول الاتحاد الأوروبي. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو حصول المرأة الراغبة في الطلاق على حقوقها وضمان احترام القانون لقراراتها الشخصية، حيث كثيرات من هؤلاء النساء كن يردن الطلاق من قبل إلا أن القوانين المجحفة بحق في سوريا، إضافة للضغط الاقتصادي، ولوم المجتمع، وانفراد الزوج باتخاذ القرار بالطلاق أو عدمه، كلها عوامل أجبرت الكثيرات على الاستمرار بزيجات لا يرغبن بها.
خطوات على طريق حلول حالية ومستدامة لضمان حقوق النساء
تمكين المرأة اقتصادياً وعلمياً وسياسياً والوصول إلى مساواة جندرية، من شأنه كسر الاضطهاد المحيطة بالنساء، وهذا عمل قامت وتقوم به الأجسام النسوية وتنشد تحقيقه في المستقبل القريب، أما في الوقت الحالي فينبغي العمل على تأمين وصول النساء، خاصة في مناطق النزوح ودول الجوار، للخدمات القانونية اللازمة التي من شأنها حمايتهن من عوامل عنف واستغلال محتملة تعززها الظروف المحيطة بهن.
*كل ما ذكر في المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة
المصادر:
DW: