سوف نبقى هنا

كل يوم صباحاً استودع الله أولادي الستة وزوجي، هكذا بدأت دلال حديثها وهي تصف شعورها بالخوف عندما يغادر أحد أفراد أسرتها المنزل، خشية أن لا تتمكن من رؤيتهم ثانية. وعند ذهابها لعملها تكرر دلال وصيتها لهم “إذا سمعتوا الطيارة مباشرة بتنزلوا على الأرضية” والأرضية عبارة عن مستودع للمنزل تضع فيه الحطب الذي تستخدمه للتدفئة، تقول دلال يستمر شعوري بالقلق والتوتر حتى نجتمع ثانية في المنزل، أشعر حينها أن عمراً جديداً قد كتب لي ولعائلتي.

تضيف دلال، عندما تقلع الطائرات الحربية وأسمع النداءات (7مروحيات، 3حربي روسي، أقلع للشمال)، يقف قلبي في هذه اللحظة وأفكر يا هل ترى من سأفقد اليوم من عائلتي وأصدقائي؟!، استمر في الدعاء حتى ينتهي القصف، وأسرع لأطمئن أن جميع من حولي بخير، ليبدأ قلق من نوع آخر، فأرى السيارات تمر من أمام عيني وهي تنقل الأطفال والنساء اللواتي يجلسن فوق عفش منازلهن والألم يرتسم في نظراتهن، بعض السيارات محملة بحقائب وعفش وخزانات من حديد، وبعضها يحمل إطارات النوافذ وأبواب البيوت التي فارقها أصحابها…، وهنا أبدأ بالتفكير هل سيكون دورنا قريباً؟! هل سننزح غداً؟! لكن إلى أين؟!… ويرتجف قلبي مجدداً.

دلال البش، من جبل الزاوية، عضوة الحركة السياسية النسوية السورية وهي مديرة مركز زمردة نساء مرعيان لتمكين المرأة ورعاية الطفل وبناء القدرات، تقول دلال عملنا ضمن المركز في ظروف صعبة جداً من قصف وتهجير، فالطائرات تقصف بوحشية بلا رحمة ولا شفقة، لكن هذا لم ولن يثنينا يوماً عن متابعة عملنا، فكلما ازداد القصف نزداد إصراراً على متابعة أعمالنا وأنشطتنا اليومية.

تضيف دلال، تجتمع النساء في المركز صباحاً بفرح ومحبة وأمل بيوم جديد أجمل، وعندما نسمع صوت الطيران نشعر أن قلوبنا تكاد تتوقف ليس فقط خوفاً على أنفسنا وأولادنا، بل أيضاً خوفاً على 50 طفل يتواجدون في حضانة المركز، نتمنى حينها لو أن لنا أجنحة تحميهم.

وعندما تنهي الطائرة الحربية تنفيذ ضرباتها وبعد أن نطمئن على أولادنا وأهلنا، نعود لأعمالنا ولمتابعة الدورات وكأنه يوم عادي، ويكبر الأمل والإصرار في قلوبنا مجدداً، ونغني سويةً سوف نبقى هنا كي يزول الألم

فمنذ بداية عملنا في المركز كان شعارنا سوف نبقى هنا.