كورونا في سوريا ضعف المصادر والاستجابة وازدياد أعداد المتضررات والمتضررين
- updated: 6 يوليو 2020
- |
*فرانسوا رئيفة زنكيح
شهد العالم بداية انتشار فيروس كوفيد-19 (كورونا) في كانون الثاني 2019، انطلاقاً من الصين كبؤرة أولى لانتشار الوباء، إلا أن إعلان حالة الطوارئ على إثر انتشاره في سوريا جاء متأخراً جداً، ليس بسبب عدم تفشي الوباء، بل لتعذر اكتشاف الإصابات بسبب قلة المختبرات الطبية، والتأخر التقني الطبي، وضعف استجابة معظم الجهات المعنية بالتعامل مع هذه الجائحة، كوزارة الصحة. إضافة إلى ما سبق، لعبت ظروف الحرب في عموم سوريا دوراً في ضعف الاستجابة اللازمة لمواجهة الوباء، حيث حاولت بعض المنظمات غير الحكومية احتواء الفيروس والحد من انتشاره، إلا أن صعوبات كثيرة واجهتها، سياسية منها واقتصادية.
الاستجابة والمساعدات الإنسانية للتصدي لكورونا في سوريا
تسعى المنظمات الإنسانية لمساعدة المتضررين من الجائحة، المباشرين منهم وغير المباشرين، عبر برامج التوعية، والمنظومة الطبية الطارئة لمعالجة الإصابات، وتعزيز الإجراءات الوقائية، بالإضافة لتوزيع سلل إغاثية ووقائية، والعمل على تعقيم المرافق العامة. حيث أطلق “الدفاع المدني السوري”، بالتعاون مع منظمات إنسانية عدة، برامج توعية وحملات تعقيم تركزت في مخيمات اللاجئات/ين داخلياً، كما استحدثت “الجمعية الطبية السورية -الأمريكية” مشفى خاص في إدلب لرعاية مصابي كورونا، وبدورها أنشأت “منظمة الأطباء المستقلين” خياماً للحجر المؤقت على المسافرات/ين والمشتبه بإصابتهن/م على المعابر السورية التركية.
أثر الجائحة على التعليم، واستجابة المؤسسات التعليمية
بالرغم من ضعف الإمكانيات إلا أن الكثير من السوريات والسوريين من طلبة التعليم الأساسي أو العالي، أصروا على متابعة تعليمهنم. بدورها استجابت معظم المدارس والجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية الخاصة، لمعطيات الجائحة واتخذت الإجراءات الموصى بها عالمياً. وفي هذا الصدد تقول الدكتورة “صفاء علولو” عميدة كلية الصيدلة في جامعة الشمال الخاصة: “إن المناطق المحررة في الشمال السوري تعيش حالة اكتظاظ سكاني بسبب النزوح والتهجير، لذا كان لا بد من نشر التوعية حول التدابير الوقائية التي يجب اتباعها للحد من تفشي الوباء”. تضيف: “بدأنا في جامعة الشمال الخاصة بتطبيق الإجراءات، خاصة تلك الموصى بها من منظمة الصحة العالمية”.
مدى الاستجابة الإنسانية العالمية لجائحة كورونا في سوريا
أعلنت بعض الدول تخصيص ميزانية لمساعدة الشعب السوري في ظل تفشي وباء كورونا، وجبر الضرر من الجائحة، إلا أن تلك المبالغ لم تكن كافية مقارنة بحجم الضرر الذي لحق بمعظم الفئات جراء انتشار الفيروس، حيث يعاني الداخل السوري، أساساً، من أزمات وعجز قبل تفشي الوباء الذي ضاعف الاحتياجات تزامناً مع ازياد التوتر والتصعيد السياسي. كل هذا زاد من هشاشة المجتمع السوري المرهق أصلاً من الحرب، حيث ارتفعت نسبة البطالة وتناقصت أعداد الكوادر الطبية والمنشآت الصحية، بالإضافة لباقي المؤسسات الاجتماعية والخدمية.
كورونا والعنف ضد المرأة والطفل
تشهد سوريا عموماً، عنفاً على عدة مستويات، إلا أن العنف الموجه ضد النساء يزداد مع أي أزمة تمر بها البلاد، يعود ذلك إلى عدة عوامل، منها المجتمع الذكوري. تقول الطالبة (ن.ي): “أعطت جائحة كورونا الحجة لعائلتي لإيقافي عن التعليم”. غالباً ما تواجه المرأة والطفل عواقب الأزمات الكبرى وانعكاساتها على الحياة اليومية للعائلة، حيث يسهل في مجتمعنا استضعاف هاتين الفئتين، وتعزز الظروف المعيشية المتردية وضعف المؤسسات الخدمية وغياب القانون المراعي لحقوق الإنسان، والحرب الدائرة في البلاد منذ قرابة التسع سنوات، هذه المشاكل وتزيد من وتيرتها. وهكذا تتم منهجة العنف واتخاذ الظروف فرصة لتطبيقه، حيث تتعرض الكثير من النساء للعنف الجسدي بحجة أن الرجال يعانون من ضغوطات معيشية واقتصادية. والحقيقة أن النساء والرجال في سوريا متضررون على حد سواء من الظروف الراهنة وذلك ليس مبرراً لاضطهاد أي فرد أو مجموعة للآخر.
بناء على المعطيات الحالية، والتصريح الأخير لمدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط، “ريتشارد برينان”، الصادر بتاريخ 2662020، ومفاده أنه بالرغم من أن عدد المصابين بفيروس كورونا في سوريا منخفض، إلا أنه من المحتمل أن تشهد ارتفاعاً في المستقبل القريب، لابد من العمل على بناء استجابة أفضل من قبل المنظمات السورية والمؤسسات العامة لاحتواء الجائحة، ومضاعفة المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة، وتحديداً في الداخل السوري. بالإضافة إلى ضرورة استمرار العملية التعليمية ضمن توصيات منظمة الصحة العالمية، وتفعيل برامج حماية محدثة بناء على حالات التضرر من الجائحة. كما والعمل على ضمان حماية المدنيات والمدنيين عبر التزام كافة أطراف النزاع باستغلال الجائحة لخفض التوتر وإيجاد حلول سياسية سلمية.
*المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة