أصوات نسوية، مقابلة مع ماجدة خوري

أصوات نسوية، قراءة في الحراك النسوي السوري

مقابلة مع الناشطة المدنية والحقوقية ماجدة خوري

إعداد: رجا سليم

ماجدة خوري من مدينة قطنا في ريف دمشق، غادرت سوريا إلى لبنان عام 2016، ومنها إلى بريطانيا حيث تقيم حالياً، درست معهد متوسط هندسي وحاصلة على دبلوم تربية اختصاص مهارات التواصل مع الأطفال من معهد كندي في لبنان، عملت في الهندسة لمدة سبع سنوات بعد التخرج، ثم انتقلت للعمل في مجال العمل المدني وتدريب النساء على مهارات التواصل مع الأطفال من عام 2006 ولغاية 2011، بعد الثورة 2011 انخرطت بالعمل الإغاثي التطوعي مع عدة منظمات سورية في داخل سوريا. بعد اعتقالها في عام 2013 انخرطت ماجدة بالعمل الحقوقي وتوثيق الانتهاكات وتزاول هذا العمل حتى يومنا هذا. متطوعة وعضوة في منظمة “أرنمو” للعدالة وحقوق الإنسان، تعمل لدى منظمة بريطانية Human for rights network .

ينصب اهتمام ماجدة بالدرجة الأولى على الدفاع عن حقوق الإنسان وخاصة النساء، بالنسبة لها إنها طريقة حياة لذا تكرس جل وقتها لمساعدة النساء اللاجئات وتدريبهن للحصول على فرص عمل في بريطانيا، كما تساعد طالبات وطالبي اللجوء من مختلف الجنسيات على متابعة ملفات اللجوء الخاصة بهن\م.

مرحباً بكِ ماجدة،

  1. بدايةً كيف تصفين واقع المرأة خلال سنوات نشأتك كفتاة\امرأة في بيئتك المحيطة؟ وكيف تصفينه اليوم، ما الذي تغير وما الذي ظل على حاله؟

نشأت في بيئة محافظة وفي بيت محافظ يعكس واقع المرأة، وخاصة في الأرياف أو على أطراف المدن، والذي يمكن تلخيصه بأنه مجتمع ذكوري بامتياز، لا يرى المرأة إلا وسيلة لاستمرار النسل، وفي أحسن الأحوال عند العائلات التي كانت تعتبر أنها تحترم المرأة فكانت المرأة تعامل كـ “سند” مستقبلي لوالديها في شيخوختهما. اليوم التغيير الحقيقي هو أن المرأة أصبح لديها مساحات لتعرف ما هي حقوقها ولتناضل من أجل انتزاعها، فأصبحت المسؤولية أكبر عليها، بالرغم من أن الحرب أخذت منها الكثير واستنفذت طاقتها بشكل كبير إلا أنها من ناحية ثانية اختبرت كما اختبر المجتمع بأكمله أن دورها هو دور رئيسي بل فاق دور الرجل أحياناً في مواجهة المصاعب خلال الحرب، إضافة إلى ذلك كشفت للرجل الإمكانيات التي تمتلكها والتي توازي وبنفس القدر ما يمتلكه، ووضعته أمام حقيقة لم يعد يستطيع إنكارها والتخفي وراء الامتيازات التي وهبه إياها المجتمع الذكوري، ورغم أن المجتمع لا يزال ذكورياً بهمومه إلا أن الرجل الذكوري أصبح عارياً أمام مشاركة المرأة في مواجهة التحديات على مستوى العائلة، وأيضا وبنسبة ليست بقليلة على المستوى العام. ومع العلم أن مقاومة المجتمع الذكوري للاعتراف بهذه الحقيقة ما زال يمنع المرأة من الوصول إلى القنوات الحقيقية التي تستطيع من خلالها الحصول على حقوقها، لا يمكن إنكار تأثير النضال النسوي الذي نشط بعد الثورة وكان امتداداً حقيقياً لحركة التحرر الشاملة التي طالب بها المجتمع السوري، إلا أن الصعوبة الأكبر التي يواجهها الحراك النسوي أن مقاومته تأتي من جميع الأطراف وتتم مواجهته بكافة أشكال الاستبداد وليس فقط السياسي.

  1.  ماجدة فاعلة في العمل المدني والنسوي والسياسي، من خلال تجربتك الشخصية والعملية، كيف تصفين التقاطع بين العمل السياسي والنسوي، وما هي أبرز نتائج هذا التقاطع التي تلمسينها اليوم؟

من وجهة نظري الشخصية لا يمكن الفصل بين النشاط النسوي وأي نشاط آخر مدنياً كان، حقوقياً أم سياسياً، فالنضال النسوي؛ لتحصل المرأة على المساواة والعمل على تغيير عقلية المجتمع من العقلية البطريركية الذكورية إلى العقلية التشاركية التي تؤمن بالمساواة بين الجنسين، متفرع في كل المجالات، وهذا النضال كان للدفاع عن حق المرأة في المشاركة ابتداءً من المظاهرات وليس انتهاءً بالعمل المدني والحقوقي والسياسي، الذي استحوذ عليه الذكور لعقود، وهذا ليس فقط على مستوى سوريا ولا حتى المنطقة العربية وإنما على مستوى العالم، إلا أن النضال النسوي في الغرب أفضى إلى تغيير في القوانين التي تجبر المجتمع والسلطة على التغيير، وهي مرحلة أولى باتجاه المشاركة الكاملة والمتساوية. 

أبرز نقاط التقاطع نلاحظها في المشاركة السياسية على اعتبار أن الرجال مستمرون بالاستحواذ على هذه المساحة والانفراد بها لأسباب عديدة، منها أن وجود المرأة القوية القادرة على التغيير في نفس الصفوف التي يتواجدون بها جديرة بتعرية ذكوريتهم، فيقذفون بها إلى العمل المدني وفي أحسن الأحوال يعطونها الصفة الاستشارية على المستوى السياسي على أن تبقى خارج أماكن صنع القرار التي من شأنها الوصول بالمجتمع للتساوي، ويتباهون بأنهم يعطون المرأة حقها في العمل الثوري ويقاومون فكرة أنهم ليسوا هم من يعطوها الحق وإنما هي من تأخذه لأنه حق وليس امتيازاً وهذه طريقة تفكير بحاجة لنضالات كثيرة لتغييرها.

بالعودة للفكرة الرئيسية فأنا أجد أن العمل النسوي هو جزء أساسي من العمل السياسي بالرغم من أنه يشكل تحديات إضافية للمرأة فوق تحديات العمل السياسي العام، لذلك أرى أن ما وصلنا إليه كنساء سوريات اليوم من تشكيل أجسام سياسية نسوية هي واحدة من النتائج التي ما زالت تحتاج إلى الكثير من العمل لتحقيق المشاركة الحقيقية، والتي أرى أنها ما زالت تلقى مقاومة عنيفة من المجتمع ومن العاملين في الشأن السياسي المحلي، والمجتمع الدولي الشريك في هذا الإقصاء من خلال طرح الحلول المتمثلة بتحجيم النساء ضمن الصفة الاستشارية.

  1.  بالرغم من أن الشباب السوري كان العامل الأساسي في انطلاق الحراك الثوري منذ عام 2011، وقام بتنظيم نفسه، والانخراط بالثورة في كافة جوانبها، إلا أن دوره السياسي تقلّص حتى بات يقتصر على المتابعة وإبداء الرأي على منصات التواصل الاجتماعي. برأيك لماذا ضاقت مساحة المشاركة السياسية الفعلية للشابات والشباب؟ وما الذي أعاق تصدر هؤلاء للمشهد السياسي؟ وكيف يمكن إعادة تفعيل دورهن\م من جديد؟

هذا الموضوع مهم للغاية في الحقيقة، برأيي انحسار مشاركة الشابات والشباب عن المشاركة السياسية يعود لسببين: الأول هو استحواذ فئة سياسية من “الحرس القديم” واعتذر على هذا التشبيه إلا أنني أجده مناسباً، وإقصاء هذه الفئة لفئة الشباب وزجهن\م في العمل المدني وممارسة السلطة الأبوية عليهن\م. 

ومن جهة أخرى تقاعس الشابات والشباب عن مواجهة هذه الفئة والاكتفاء بالانسحاب من المنافسة بدل الدفاع عن وجودهن\م وأخذ المبادرة بالقيادة وعدم السماح لتلك الفئة بإسكاتهن\م. الشابات والشباب بعضهم استسهل في الكثير من الأحيان العمل في القطاع المدني لامتلاكهن\م الطاقة اللازمة لهذا العمل، إلا أنها في الوقت الحالي ليست شريكة في التغيير السياسي. 

الخطوة الأولى لإعادة تفعيل مشاركة هؤلاء هي في فرض وجود 50% على الأقل من فئة الشباب في مراكز صنع القرار وإعطائهن\م الفرصة لتصدر المشهد السياسي على أن يتم دعمهم مادياً ومعنوياً من قبل من يتربعون على عرش السياسة الفاشلة بجدارة منذ انطلاق الثورة السورية. 

برأيي يجب أن يتم تبديل الأدوار لينتقل الرعيل القديم إلى الصفة الاستشارية وتتصدر فئة الشباب المرحلة القادمة.

  1.  هل تفكرين بالانخراط بالعمل السياسي عبر جسم سياسي منظم؟ ما مواصفات هذا الجسم السياسي، افتراضياً كان أم موجوداً بالفعل على الساحة السورية؟

في الحقيقة أنا أعتبر أن العمل الحقوقي يجب أن يبقى منفصلاً عن العمل السياسي، لذلك لم أنخرط في العمل السياسي حتى الآن بالرغم من وجود فرص كثيرة كانت متاحة، ولكن هذا لا يلغي نشاطي في دعم الحراك النسوي للانخراط في العمل السياسي من خلال تشجيع السيدات الشابات اللواتي أقابلهن من خلال عملي. مؤخراً أصبحت أفكر في أن وجودي في جسم سياسي مهم لما أحمله من أفكار تغييرية هامة ومن طاقة كبيرة للعمل، ولأن ما أقوم به على المستوى الفردي يجب أن يتم استثماره في عمل منظم، لذلك أنا اليوم أشارك في لقاءات مع أحد الأحزاب الناشئة لاكتشاف ما إذا كان ذلك يؤثر على عملي الحقوقي أم لا.

  1.  تعرضتِ عام 2013 للاعتقال على يد الأجهزة الأمنية السورية، إن كان ليس لديكِ مانع أود سؤالك، كيف أثرت هذه التجربة على قناعاتك السياسية؟ وبالتالي كيف انعكست على نضالك ونشاطك السياسي؟

لم يتغير شيء بعد الاعتقال سوى أن إحساسي بالمسؤولية تجاه إحداث التغيير أصبحت راسخة أكثر، وبالتحديد التغيير لإلغاء العقلية الذكورية، وضرورة إشراك المرأة في كل مناحي الحياة ومن بينها السياسية، لما شهدت عليه من انتهاكات طالتها في المعتقل وخاصة باستخدامها كأداة حرب من قبل كل الأطراف وخاصة النظام. أما قناعاتي السياسية فكانت وما تزال هي التغيير السلمي السياسي للقضاء على كل أنواع الاستبداد وخاصة السياسي منها، لأنه هو طرف الخيط الذي من خلاله سيتم تغيير القوانين التي تضمن حقوق كل الناس.

انعكاس حالة الاعتقال تركزت بشكل أساسي من خلال عملي الحقوقي في توثيق الانتهاكات، وخاصة التي طالت النساء لأنني أعتبر نفسي شاهدة حية على تلك الانتهاكات وأحمل مسؤولية إيصال الحقيقة إلى كل مكان أستطيع الوصول إليه، وأيضاً من خلال العمل على مبادرات تمكين للنساء على المستوى الحقوقي والاقتصادي. 

  1.  تجد بعض المعتقلات السابقات أنفسهن في مواجهة وصمة سلبية من المجتمع بعد خروجهن من المعتقل. أعلم أنك ناشطة للتوعية ضد هذه الوصمة، هلّا شاركتنا نماذج من الممارسات المؤذية التي تتعرض لها الناجيات؟ وما تأثيرها على الناجية برأيك؟ وما هي سبل التعامل معها؟ 

بالإضافة إلى الوصمات التقليدية، إن صح التعبير، التي تطال الناجيات في مجتمعنا الذكوري والتي تحاسب الضحية على فعل المنتهك، إلا أن أهم النقاط التي أرغب في التركيز عليها هي أن الناجية التي تكرم من قبل بعض أطراف المعارضة، الذين يعرفون تماماً إجرام النظام، يتعاملون معها بدافع الشفقة ويعتبرون أن واجبهم هو “سترتها” بعد خروجها من الاعتقال.

فقد سمعنا الكثير من مدعي المعارضة، وخاصة المحافظين منهم، أنهم يسعون لتزويج الناجية لـ “سترتها” ويعتبرون ذلك عملاً خيرياً. شخصياً، ما زلت أرى أن التعامل مع الناجية من الاعتقال يتم بطريقة تمييز جندرية تنفي عنها صفة النضال الثوري وتعزز ما يقوم به النظام والفصائل المتناحرة من استخدامها كأداة حرب، كما يقلل من أهمية نضالاتها ومشاركاتها في الثورة التي كانت تضاهي مشاركة الرجال في الكثير من الأماكن، والتي يرفضون الاعتراف بها.

فالوصمة الأساسية التي تعاني منها الناجية هي إمكانية أن تكون قد تعرضت للاغتصاب في المعتقل، وفي الحقيقة هذا يحتاج لمجهود كبير من المجتمع المدني والسياسي السوري المعارض لتغيير هذه الصورة النمطية عن الناجيات.

  1.  خلال مقابلاتنا مع عدد من السوريات والسوريين، وصف معظمهن\م مشاركة النساء في الأجسام السياسية التي تشكلت بعد الثورة في سوريا بالخجولة، وغير الكافية، ما رأيكِ؟ وما الذي أعاق تحقيق مشاركة أفضل للنساء؟

الأسباب كثيرة في الحقيقة، وأولها هي المقاومة العنيفة للذكور لمشاركة المرأة، فكما ذكرت سابقاً أن وجود إمرأة قوية بإمكانيات كبيرة ستتفوق عليهم وستهدد سلطتهم، والسبب الآخر هو عدم دعم المجتمع الدولي في فرض مشاركة قوية للنساء في الشأن السياسي واستجابتهم للعقلية الذكورية لدى الفئة المتصدرة للمشهد السياسي بأن ساهموا بتعزيز فكرة استخدام طاقات النساء والنسويات في الجانب الاستشاري الذي يقبع أصلاً خلف الكواليس، وحرمان النساء من مشاركة أفكارهن وخبراتهن ومواقفهن على كراسي اللقاءات الرسمية.

والسبب الثالث هو قبول بعض النساء بهذا الدور واعتباره إنجازاً للنضال النسوي، بينما من المفترض أن يكون هذا الدور بمثابة مرحلة أولى للانتقال إلى المشاركة الحقيقية بعد كل تلك السنوات، لذلك أنا ضد فكرة الكوتا النسوية (الحصة) التي سيتم التعامل معها بنفس الطريقة حيث أن الحصول على نسبة مشاركة 30% ستأخذ سنوات وسنوات من النضال، وعند الوصول إليها، مع أنني استبعد ذلك لأنه يهدد الكثيرين، سيصبح من الصعب البدء من جديد، فالحقوق لا يمكن تجزئتها ولا يوجد نصف حق وربع حق و 30% من الحق برأيي.

  1. بسبب جائحة كورونا تحولت معظم الأعمال والأنشطة والتدريبات إلى منصات الأون لاين، هذا أتاح للنساء السوريات داخل سوريا فرصاً أكبر للانخراط بالتدريبات وحضور الفعاليات والتواصل مع نساء وناشطات في دول الاغتراب. برأيك، كيف يمكن البناء على هذه التجربة لتطوير أدوات التواصل بين السوريات داخل سوريا وخارجها؟

أنا أعتقد أنها كانت فرصة كبيرة وعظيمة، إلا أن النشاطات الافتراضية لم تأخذ البعد الجدي بعد، واعتبرها البعض أنها أقل أهمية، فمثلاً في الكثير من الأحيان كان يتم اختيار مدربات قليلات الخبرة  على اعتبار أن التدريب أون لاين، وأحيانا أخرى اعتبرت النساء المتلقيات التدريب هو جلسة استماع لا أكثر، وأنا برأيي أن التدريب على العمل السياسي والحقوقي لا يمكن أن يكون إلا من خلال اللقاءات التفاعلية والتي يمكن أن تحدث تغييراً ملموساً، ولكن كانت فرصة على الأقل لنقول للنساء اللواتي لم يكن قادرات على المشاركة الفيزيائية إننا نهتم لسماع أرائكن واقتراحاتكن. وبهذه المناسبة أود أيضا أن أنوه إلى نقطة وهي أن عدم مشاركة الكثيرات من الداخل لم تكن بسبب عدم قدرتهن على المشاركة، وإنما بسبب استحواذ الكثيرات من متصدرات المشهد النسوي على التواجد في كل مكان وعدم إعطاء الفرص للنساء الأخريات، وبرأيي فقد ساهمت الكثيرات ممن يصنفون أنفسهن كـ “نخب” في تنفيذ نفس المخطط الذكوري للعاملين في الشأن السياسي بحصر المرأة في الجانب الاستشاري، هن أنفسهن قمن بنفس الدور مع السيدات من القاعدة الشعبية وخاصة في الداخل فلم يتم إعطاؤهن فرصاً للتواجد إلا في ما ندر، فعلى مدى 8 سنوات ونحن نسمع بنفس الأسماء في اللقاءات العامة المدنية والسياسية للنساء.

9. عطفاً على السؤال السابق، كيف أثر تكثيف التواصل على العمل النسائي والنسوي السوري عموماً؟ هل من أفق لتعاونات وشراكات جديدة؟ 

شخصياً على المستوى الفردي وعلى مستوى المنظمة لم ألمس أي تغيير قبل الكورونا عن خلال الكورونا لأننا في سعي دائم للتواصل مع النساء على الأرض، وعملنا يتركز على ضمان مشاركة النساء في كل ما يتعلق بنشاطات المنظمة وحريصين على إيصال أصواتهن بالدرجة الأولى.

10. بعض النساء تتجنب التعريف عن أنفسهن كنسويات، رغم أنهن مؤمنات بالفكر النسوي، هل مردّ هذا للفهم المغلوط للنسوية برأيك؟ كيف يمكن أن تتأثر امرأة سلباً إن عرفت عن نفسها كنسوية؟ كيف يمكن التعامل مع هذا الموضوع؟

برأيي أن هذا المفهوم بالمعنى الحقيقي هو مفهوم جديد على المجتمع بأكمله، لذلك هو يحتاج إلى إحدى الطريقتين لإدخاله في عقلية المجتمع، إما طريقة الصدمة التي تم استخدامها ضمن الحالة السورية وهي رمي كل الأفكار النسوية دفعة واحدة ومحاولة نقل المجتمع من حالة إلى حالة مغايرة تماماً، وبرأيي كان هذا لأنه تم ربطها بالثورة وكانت الثورة النسوية ضد الاستبداد الذكوري هي جزء من الثورة ضد الاستبداد السياسي، وأعتقد أن طريق التغيير طويل جداً في هذه الحالة، كما أنه ليس من السهل على كل النسويات مواجهة المجتمع بنفس مستوى الجرأة والشجاعة، فهناك الكثيرات من اللواتي يمكن أن يدفعن حياتهن مقابل المجاهرة بهذا الفكر.

والطريقة الثانية هي الطريقة التدريجية والتغيير على المدى الطويل، وهذا يحتاج برأيي إلى مجتمع مستقر إلى حد ما، ووطن وأرض تجمع الناس للتخطيط لهذا التغيير وهذا غير متوفر في الحالة السورية. أعتقد من جهة أخرى أن طريقة الصدمة يجب أن يتخللها فترات من الهدن للحوار واستمزاج الآراء للبناء عليها، لا أن تكون حرب مستمرة.

11. كيف أحدث تبنيكِ للفكر النسوي تغييراً في منظورك لأمور تتعلق بالحياة العامة بشكل عام وبالشأن السياسي على وجه الخصوص؟ كيف؟

ربما لم لم أكن ناشطة نسوية قبل الثورة إلا أنني أعتبر نفسي نسوية بالفطرة، وهي بالنسبة لي لا تنفصل عن كوني حقوقية بالفطرة، ولكنني تعلمت الكثير من تجارب النسويات العالمية وكيف كان لهن دور كبير في عملية التغيير السياسي والاجتماعي في بلادهن.

12. ختاماً، على صعيد واقع النساء السوريات، والحراك النسوي والسوري، ما الذي تطمحين أن يتحقق في المستقبل القريب؟

الخلاص من الاستبداد أولاً، كل الاستبداد الذي يوقع الظلم على المرأة على كافة الأراضي السورية، أطمح لأن تكون للنساء مساحات تعبرن فيها عن أنفسهن وأن لا يتكلم أي أحد بدلاً عنهن، لا نساء ولا رجال.

*كل ما ذكر في المقابلة يعبر عن رأي من أجريت معهن/م المقابلة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة