بدون مواربة: الهدف سوريا بنظام ديمقراطي علماني

*رويدة كنعان

“سوريا جمهورية مستقلة ذات سيادة، نظامها ديمقراطي عَلماني، السيادة فيها للشعب، ويقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وسيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء” هي الدولة المنشودة للقاء السوري الديمقراطي الذي أعلن عنه في باريس بتاريخ 26/01/2020، ولقد قمت شخصياً بحضور هذا الاجتماع في باريس ممثلة عن الحركة السياسية النسوية السورية، حيث شاركت الحركة مع مجموعة من القوى السياسية والمدنية الديمقراطية السورية بتأسيس هذا التحالف عبر لقاءات استمرت لأكثر من عام ونصف، مثلت الحركة خلالها عضوة الحركة صبا حكيم.

 انطلق اللقاء إبان الاجتماع الذي عُقد في باريس في 7 و8 تموز 2018 بدعوة من “حركة ضمير” وبمبادرة سورية ذاتية من القوى السياسية والمدنية التي تهدف إلى ترسيخ تيار ديمقراطي وازن يُسمع صوتُهُ، ويحمل روح التغيير في وجه كل أنواع الاستبداد، وفي وجه أي تطرف عنفي ديني أو قومي، وبوجه كثير من المصالح الدولية التي لا تعبأ بتطلعات الشعب السوري.

يقول سميح شقير المسؤول في حركة ضمير: “حركة ضمير التي عمادها الأساسي مثقفين وكوادر فكرية حالفها التوفيق بإطلاق هذه المبادرة للدفع باتجاه جمع القوى الديمقراطية السورية التي تؤمن بسوريا دولة المواطنة وتمتلك رؤية لمستقبل سوريا، وكلي أمل أن يشكل هذا اللقاء فرقاً في المشهد السوري”،
ويضيف شقير حول دور حركة ضمير في مستقبل اللقاء: “ستكون حركة ضمير على مقربة منه وبحالة نقدية صديقة، لأن حركة ضمير هي تجمع ثقافي فنحن لا نمارس السياسة لكننا بمحمول سياسي وأتمنى التوفيق للجميع”.

يضم اللقاء السوري الديمقراطي مجموعة من القوى السياسية والمدنية السورية، تسعى لبناء نظام ديمقراطي علماني يصون كرامة وحرية الإنسان، وهي على التوالي :1- الحركة السياسية النسوية السورية، 2- التحالف الوطني السوري الديمقراطي (توسد)، 3- التحالف الوطني السوري، 4- تكتل السوريين، 5- تيار المواطنة، 6- الجمعية الوطنية السورية، 7- إعلان سوريا، 8- حركة معًا، 9- حزب أحرار 10- حزب الشعب، 11- حزب العمل الشيوعي، 12- مجموعة العمل الديمقراطي(معد)، 13- مشروع وطن للحراك المدني، 14- المنظمة الأثورية الديمقراطية، 15-نواة من أجل مستقبل سوريا.

وحول خطة اللقاء السوري الديمقراطي حالياً يقول كرم دولي، عضو الهيئة التنفيذية، أنهم سيعملون على تمكين البنية الهيكلية وتعميق الثقة بين المكونات في اللقاء السوري الديمقراطي بمزيد من الحوارات بالإضافة الى ضرورة تعميق الرؤية السياسية عبر مجموعة من الأوراق التي ستنجز عبر جلسات الحوار.

وبالنسبة إلى رؤى الحل لسوريا يضيف دولي: “اللقاء مثل الكثير من المعارضة الوطنية السورية يرى أن القرارات الدولية من إعلان جنيف 2012 والقرار 2218 و2254 هي حقوق حققها الشعب السوري بدماء الشهداء وتضحيات كبيرة جداً، وهذه هي الأصل بتحقيق الحل السياسي الذي يسعى إليه اللقاء السوري الديمقراطي بالتعاون والتنسيق مع بقية الدول والمكونات السورية الوطنية الأخرى”.

فيما يتعلق بحقوق المرأة أكدت الورقة السياسية للقاء السوري الديمقراطي على لزوم أن يضمن الدستور المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل في القانون وأمام القضاء، وتعمل القوى المنضوية في هذا الإطار على تمكين المرأة من أخذ دورها الكامل في جميع نواحي الحياة العامة عبر جميع آليات التمكين، وعلى رأسها ضمان تمثيلها في جميع مفاصل الدولة بنسبة لا تقل عن 30 %، وصولاً إلى المساواة.

تعتمد الدولة المنشودة للقاء السوري الديمقراطي على اللامركزية في إدارة الدولة، بما يضمن كسر احتكار السلطة وتحقيق الإنماء المتوازن وتوسيع دائرة المشاركة لمواطنات ومواطني مختلف المحافظات في رسم السياسات والقوانين التي تمس مصالحهمبالإضافة إلى أنها دولة الحقوق والواجبات وفصل الدين عن السياسة والدولة، واحترام حقوق الإنسانوهي دولة عابرة للقوميات والأديان والمذاهب، دولة كل المواطنات والمواطنين، وهي وفق هذا المعنى الدولة التي تحترم العقائد الدينية ولا تعاديها دون أن يترتب على ذلك أية امتيازات.

حول مهام وأدوات اللقاء السوري الديمقراطي في المرحلة الراهنة كما ورد في ورقته السياسية، سيتم العمل على توحيد جهود الديمقراطيين السوريين عبر العمل الحثيث على تشكيل أوسع تحالف ديمقراطي سوري ليأخذ مكانه الطبيعي في المشهد والفعل السياسي، وليقدم مشروعه الديمقراطي في مواجهة نظام الطغمة الاستبدادي، وأيضا في مواجهة تيارات التطرف الديني والطائفي والقومي التي ساهمت بدورها في حرف ثورة الشعب السوري عن محور صراعها الأساسي مع النظام.

1-      العمل للدفع قدماً نحو إنجاز الحل السياسي وفق مرجعية جنيف وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والسعي في هذا السياق لحشد الجهود ولتحقيق أعلى مستويات التنسيق والتكامل مع جهود بقية القوى الوطنية.

2-      العمل على إطلاق سراح جميع المعتقلين والمغيبين والمخطوفين، والكشف عن مصير المفقودين لدى النظام ولدى بقية أطراف الصراع.

3-     العمل على العودة الآمنة والطوعية لجميع اللاجئين والنازحين والمهجرين إلى مناطقهم.

4-      تشجيع العمل السياسي والمدني واعتباره حقاً وواجباً لجميع السوريين، في مواجهة نظام الطغمة الاستبدادي ومحاربة أفكار التطرف والإرهاب بكل أشكاله ومنابعه.

5-      العمل على البرامج التي تعزز مفاهيم مشاركة المرأة والشباب والديمقراطية والتعددية والعلمانية والسلم الأهلي وحقوق الإنسان.

جاء في البيان الختامي للقاء السوري الديمقراطي:

في ظل الواقع الكارثي للسوريين والسوريات، وبعد تسع سنوات من العنف والإجرام المنفلت الذي مارسه النظام بحقهم جميعاً، وما استجلبه من تدخل إقليمي ودولي تجلى في احتلالات مباشرة وأخرى بالوكالة، وبعد تشويه أهداف الثورة التي نادت بها حناجر الشابات والشبان على امتداد البلاد منذ آذار 2011 عبر بروز ثورة مضادة ذات لبوس ديني متطرف وعسكرة متناقضة في غالبيتها مع قيم ثورة الحرية والكرامة، وفي ظل مشهد أُخرج فيه السوريون من دائرة الفعل والقدرة على رسم ملامح مستقبلهم بإرادتهم الحرة، كان لا بد لهذه القوى، التي تنطلق رؤيتها لسوريا المنشودة من حتمية التلازم بين الديمقراطية والعلمانية كأساس ومنهج لبناء الدولة الوطنية الحديثة، من تشكيل لقاء سوري ديمقراطي يكون المعبّر السياسي عن تطلعات شريحة كبيرة من السوريين والسوريات وليعمل على الدفاع عن حقوقهم وحقوقهنّ بالتعاون مع جميع المتطلعين والمتطلعات إلى انجاز التغيير الجذري والانتقال بالبلاد إلى طور الحرية والديمقراطية.

ينطلق اللقاء السوري الديمقراطي من اعتبار سوريا بحدودها المعترف بها دولياً وطناً نهائيا لجميع السوريين، ويسعى للوصول إلى بناء الدولة الديمقراطية العلمانية، دون أية صبغة قومية أو دينية، دولة حيادية تجاه جميع الأديان والمعتقدات. دولة تعتبر الاعتراف الدستوري بالوجود والحقوق القومية لجميع القوميات التي تشكل الشعب السوري مكملا أساسياً لمبدأ المواطنة الكاملة والمتساوية الحاضنة للتنوع وتكون فيها السيادة للشعب وحده.

ولأن ارتهان عملية الانتقال السياسي للتوافقات الدولية حتى الآن، ينبغي ألّا يؤخرنا عن التمسك بإرادة السوريين بتغييرٍ عميق ينهي حقبة الاستبداد، فإن اللقاء السوري الديمقراطي يؤكد على أهمية استعادة السوريين لقرارهم المستقل كمقدمة لا بديل عنها لبناء دولتهم المنشودة، وهو الهدف الأساس الذي تسعى له القوى المشاركة في هذا اللقاء والذي يحتاج إلى جهود جميع السوريين الطامحين للعيش بحرية وكرامة.

من هذا المنطلق فإننا ندعو إلى تمكين وتوسيع هذا التحالف لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة والتصدي للمهام الملحة من إعلاء للهوية الوطنية الجامعة، ومواجهة الفكر المتطرف وإنهاء عسكرة المجتمع والعنف المنفلت.

يرى اللقاء السوري الديمقراطي أن الحل السياسي في سوريا لا يمكن له أن يكون حقيقيا ودائماً ما لم يرتكز على جوهر الصراع الأساسي بوصفه صراعاً بين الشعب السوري ومنظومة الاستبداد والطغيان، وعلى مطالب السوريين الأساسية وحقوقهم المشروعة، وفق الاعتبارات التالية:

1– إن إعلان جنيف لعام 2012 ومجمل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية وأهمها (2118 – 2254) والتي أقرّت للسوريين حقهم في الانتقال من دولة الاستبداد إلى دولة الديمقراطية والتعددية، إنما هي استحقاق قدّ انتزعه السوريون بتضحياتهم وليس منةً من أحد، لذلك تبقى هذه القرارات هي البوصلة الأساسية نحو أي عملية سياسية، ولا يجوز لأحد التفريط بها أو التنازل عنها.

2– إطلاق سراح كافة المعتقلين والمغيبين والكشف عن مصير جميع المفقودين عند النظام أو أي جهة أخرى، يعدّ مقدمة لأي حل سياسي ولا يمكن بأي شكل إخضاعه للتفاوض. 

3– وقف الصراع المسلح على الأراضي السورية يجب أن يكون من ضمن أولويات أي عملية انتقال سياسي وكذلك خروج كافة القوات والميليشيات غير السورية.

4– تحقيق مبادئ وإجراءات العدالة الانتقالية مرتكز لا يمكن تجاهله لتحقيق السلم الاجتماعي المستدام.

5– توفير الإمكانات والمقدمات وشروط العودة الآمنة والطوعية لمن يريد من اللاجئين والنازحين والمهجرين إلى مناطقهم.

6– تمكين السوريين جميعا من حرية العمل المدني والسياسي، ومنع كافة أشكال القمع والإرهاب، وضمان حرية التعبير والرأي والاعتقاد.

7– دعم المرأة والشباب من أجل المشاركة الفعالة في كل مفاصل الحياة السياسية والمدنية والاجتماعية.

إن القوى المتحالفة في اللقاء السوري الديمقراطي، إذ تدرك صعوبة المهام الملقاة على عاتقها وعلى عاتق جميع السوريين، فإنها تؤكد بأن العمل الحثيث والمثابرة والتصميم المدفوعين برؤية واضحة وإرادة سياسية صلبة، تشكل التزاماً أساسيا لديها، وأن حشد الجهود والعمل المشترك والارتقاء بالرابطة الوطنية السورية هو السبيل الوحيد للتغلب على التشرذم الاجتماعي والوطني وعلى الاستبداد والتطرف ولتحقيق مستقبل أفضل للسوريين، مستقبل زاخر بالقيم الإنسانية والحداثة على كافة الصعد.

طالبت عند حضوري اجتماع اللقاء السوري الديمقراطي، كممثلة للحركة السياسية النسوية السورية، في أن لا تكون العبارات المتعلقة بالمساواة الكاملة بين المرأة والرجل فقط في الأوراق السياسية وللتصدير العام “حبر على ورق”، وأن تتحول مشاركة النساء في السياسة إلى مشروع حقيقي تتبناه الأحزاب والحركات السياسية الديمقراطية في أوراقها وأعمالها، لأن العديد من الأحزاب في هذا اللقاء صرحوا بأن ليس لديهم نساء على كل المستويات سواء في القيادة أو على مستوى العضوية.

والسؤال الذي يخطر للكثير من السوريات والسوريين، باعتبار أن تمويل اللقاء السوري الديمقراطي ذاتي يعتمد على اشتراكات الأعضاء الشهرية وأن أغلب مكوناته خارج سوريا هل سيستمر على نفس المستوى من الحماس؟ وهل سيتوسع ليشكل كتلة صلبة من القوى الديمقراطية العلمانية؟ وهل سيحقق أهدافه؟  هذا ما ستأتي عليه الأيام القادمة…