خولة دنيا، الثورة هي الشيء الذي طالما انتظرته
- updated: 15 مايو 2020
- |
سارعت خولة دنيا للانضمام إلى صفوف الثورة منذ انطلاقتها، باعتبارها من الجيل المهتم بالعمل السياسي في سوريا حتى قبل الثورة، كما أن تجربتها مع الاعتقال في التسعينات كونت لديها رغبة ودافعاً للثورة على النظام الديكتاتوري والمستبد، تقول خولة: “إن الثورة هي الشيء الذي طالما انتظرته”. بدأت مشاركتها من خلال الكتابة، ونقل حقيقة كل ما يحدث في سوريا للعالم، إضافة لنشاطها السياسي ومشاركتها في المظاهرات. توجهت خولة للعمل المدني والإغاثي حيث ساهمت في تأسيس منظمة “نجدة ناو للتنمية والإغاثة الإنسانية” في عام 2012، والتي ساهمت في تقديم المساعدة الإغاثية على مستوى سوريا، وكانت من أوائل المنظمات الإغاثية الممأسسة.
تمت ملاحقة خولة من قبل الأجهزة الأمنية على خلفية عملها السياسي والصحفي والإغاثي منذ شهر كانون الأول 2011، حيث ظلت تتنقل من منزل إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى هرباً من النظام، إلى أن أصبح موضوع التنقل والحركة بين المدن صعباً جداً عام 2013، حينها اضطرت إلى المغادرة إلى لبنان بشكل غير قانوني، حيث بقيت سنة ونصف. تعرضت عائلتها كذلك للملاحقة، واعتقل زوجها الناشط السياسي الطبيب جلال نوفل 4 مرات خلال الثورة إلى أن اضطر لمغادرة سوريا في نهاية عام 2014.
بعد لبنان توجهت خولة إلى ألمانيا، وبقيت هناك سنتين، لتعود بعدها إلى تركيا بداية عام 2017، حيث ماتزال تعمل وتقيم في غازي عينتاب حتى اليوم.
تقول خولة إن أخيها الأكبر كان معارضاً سياسياً منذ السبعينات، واضطر إلى الخروج من سوريا نهائياً لأنه كان مطلوباً من قبل النظام، وبالتالي جعلتها تلك الحالة على احتكاك دائم مع الأجهزة الأمنية أولاً، ومع المعارضة السياسية لاحقاً، وعن معنى أن يكون الشخص لاجئاً سياسياً، تدفع عائلته كلها ثمن موقفه السياسي المعارض لنظام ديكتاتوري قمعي. حيث منعت العائلة لـ 15 سنة متواصلة من السفر خارج سوريا، وتعرض جميع أفراد العائلة للتحقيق بشكل دوري. وهو ما أسس لبذور المعارضة لديها، ولأن تتواصل وتتعرف أكثر على العمل السياسي المعارض في فترة الدراسة الجامعية، وخاصة من خلال حزب العمل الشيوعي السوري، وهو ما عرضها للاعتقال لاحقاً.
“في البداية مطلوب من المرأة أن تناضل على الصعيد الشخصي ضد المنظومة الاجتماعية الموجودة ضمنها لكي تكون قادرة على التغيير سياسياً، لأن مجتمعنا غير مستعد بعد للاستماع إلى امرأة سياسية.”
وحول التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا تقول خولة، إن سياسة القمع التي اعتمدها النظام ضد أي حراك سياسي معارض منذ بداية الستينات ولغاية قيام الثورة، كان لها دور أساسي في الآثار التي لمسناها وتوضحت بعد الثورة، بحيث فشلت المعارضة من التأسيس لحركة سياسية قوية قادرة فعلاً على تمثيل الثورة وتوضيح مطالبها، فقد حاولت القوى السياسية أفراداً وجماعات تمثيل الحراك الشعبي الثوري العفوي الذي ظهر بمطالب شعبية غير ناضجة وواضحة المعالم، لكنها فشلت في ذلك، وسمحت بظهور تيارات أخرى شعبوية صادرت تمثيل الثورة، وغيرت مساراتها، وأدت إلى تطرفها، وتشرذمها، ومن ثم فشلها في تحقيق أياً من مطالبها، وخاصة أن النظام وبخبرته الطويلة في التصدي لأي حراك معارض سواء كان شعبياً أم منظماً، استطاع جر القوى إلى التطرف والعسكرة بما تعنيه من تبعية لقوى ودول خارجية وبما يمكن التلاعب به من خلال التمويل والسلاح. وهو ما أدى إلى مزيد من العنف وجعل القوى الثورية الحقيقية بين فكي النظام وحلفائه من جهة، وبين القوى المتطرفة المسيطرة على الأرض أو القوى الانتهازية التي وجدت الفرصة سانحة لتحقيق مزيداً من الثراء والسيطرة على الناس. تقول خولة: “نحن كسوريات/ين وكمعارضة، وبالرغم من كل التشكيلات السياسية الموجودة حالياً، إلا أنه لا يوجد لدينا حراك سياسي ممثل للشعب السوري إلى الآن”.
أما فيما يتعلق بالتحديات التي واجهت المرأة في العمل السياسي بشكل خاص، فتعتبر خولة أن المطلوب من المرأة في مجتمعاتنا ضعف المطلوب من الرجل بشكل عام، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعمل السياسي، ففي البداية مطلوب منها أن تناضل على الصعيد الشخصي ضد المنظومة الاجتماعية الموجودة ضمنها لكي تكون قادرة على التغيير سياسياً، لأن مجتمعنا غير مستعد بعد للاستماع إلى امرأة سياسية، ومن ثم نضالها كسياسية بأن تكون فعلاً قادرة على التمثيل وعلى الحديث السياسي، وعلى أن تكون معبرة سياسياً عن حزب ما أو حراك شعبي أو عن مجموعة من الناس وهو ما يضاعف من التحديات التي تواجهها المرأة.
“نحن قادرات كنساء على أن نبني شيئاً مختلفاً، وبناء مستقبل سوريا سيكون جزءاً كبيراً منه على أكتاف النساء، وبالتالي فإن دورنا كبير ولايجب أن نتخلي عنه.”
انضمت خولة إلى الحركة السياسية النسوية السورية لأنها شعرت كغيرها من النساء بالاستبعاد الشديد والتهميش المقصود للمرأة بشكل عام، والمرأة السياسية بشكل خاص. فالتشكيلات السياسية التي تشكلت قبل وبعد الثورة اتسمت بالذكورية، وبتهميش لقضايا المرأة أو اعتبار قضايا المرأة جزءاً من قضايا أخرى ولا يمكن العمل عليها بشكل مستقل لتمتعها بالخصوصية. وبالتالي، تقول خولة، إنه كان لا بد من وجود حراك سياسي نسوي يضم مجموعة كبيرة من النساء السياسيات أو المهتمات بواقع المرأة السياسي وتواجدها في الفضاء السياسي، في فترة شديدة الحساسية لسوريا وللسوريات، وهو كذلك نسوي لأنه يتناول القضايا من منظور نسوي، ومن حساسية الواقع المتردي للمرأة السورية بكل المجالات المجتمعية والقانونية والدستورية والسياسية. مضيفة أنه مطلوب من الحركة اتخاذ مواقف سياسية واضحة ومعبرة عن كل قضايا السوريات والسوريين، وهو ما يستلزم منّا في الحركة دراسة الواقع السياسي والمشاركة السياسية والتواجد النسائي في مراكز صنع القرار وطاولات الحوار والتفاوض، وإنتاج معرفة سياسية معنية بالوضع السوري بشكل عام وتقديم حلول ورؤى ومواقف، بالإضافة إلى عدم التغاضي عن أهمية الدور الذي لعبته وتلعبه المرأة في الثورة وفي تقرير وصناعة الحل وفي بناء سوريا المدنية الديمقراطية التي تصون جميع مواطنيها ومواطناتها وتساوي بينهن/بينهم في الحقوق والواجبات، وإلغاء جميع أشكال التمييز المبنية على أساس الدين أو العرق أو الجنس. مواطَنة تراعي الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وجميع المواثيق الدولية التي أنتجها تطور الإنسان ورؤيته لعالم متساوي يسوده السلام والعدل.
وتقول خولة لنساء سوريا: “نحن قادرات كنساء على أن نبني شيئاً مختلفاً، وبناء مستقبل سوريا سيكون جزءاً كبيراً منه على أكتاف النساء، وبالتالي فإن دورنا كبير ولا يجب أن نتخلي عنه”.