ذكريات العمر والنزوح

“يامو لا تكتروا غراض مالنا مطولين” كانت هذه العبارة التي قلتها لأولادي لطرد الخوف واليأس والقلق عنا.
دفتر العائلة والهويات الشخصية وبعض الأوراق الرسمية الأخرى مع بعض الأدوية المسكنة في حقيبة اليد، هل أضع الكاميرا والستاند واللاب توب؟ ترددت قليلاً وبعد تفكير ليس بالطويل وضعتهم في قائمة الضروريات. 
ماذا سآخد معي أيضاً؟ سؤال أربكني وأنا أضع قطعة ملابس واحدة لي ولأولادي في حقيبة سفر صغيرة… امتلأت حقيبتان “إذا لزمنا شي بعدين منجي مناخدوا، أصلا هنن يومين وراجعين” هكذا كنت أواسي نفسي المتعبة من أصوات ومشاهد الموت والقصف والدمار.
ثم مضينا إلى المجهول بحقيبتي سفر. لكن لازال قميص المرحوم والدي معلقاً في خزانتي، فيه رائحة عطره وبعضاً من أنفاسه، صور أطفالي التي تحمل ذكريات العمر لازالت في ألبوم في درج الطاولة، ولازال في درج آخر دفتر صغير كتبت فيه منذ زمن طويل أشعار كثيرة.
ترى هل ستضيع جميعها تحت الركام في الغارة اللاحقة؟! أم هل سيدخل الشبيحة ليحرقوها؟! 
أم ترانا نعود ونعيد إعمار ما دمروه بهمجيتهم ووحشيتهم؟؟

الشهادة من الإعلامية سناء العلي من أهالي بلدة معرة حرمة والتي نزحت منها بتاريخ ٤/٥/٢٠١٩ إلى أطمة.
الصورة: منزل سناء الذي قصف بعد نزوحها منه بساعات قليلة.