لكوني ابنة مدينة كفرنبل التي تقع في محافظة إدلب فلقد التقيت في السنوات السابقة بالكثير من النازحات والنازحين والمهجرات والمهجرين قسراً، رغم ذلك لم أشعر بالألم الحقيقي للنزوح والتهجير القسري حتى غادرت كفرنبل، ورأيت بأم عيني ابن العشر سنوات يبكي مطالباً بالعودة إلى مدينته فلقد اشتاق لألعابه ولأصدقائه، ورأيت السيدة التي تجاوزت السبعين من عمرها توصي أولادها بدفنها في مقبرة كفرنبل رغم علمها بخطورة ذلك ولربما استحالته، ووجدت نفسي اليوم أشتاق لحارتي ولجيراني ولكل زاوية في منزلي، فقد انتقل الجسد لمكان آخر لكن الروح ما تزال معلقة هناك.

تجازف بعض العائلات النازحة بالعودة إلى كفرنبل، إما لعجزها عن إيجاد منزل وسط هذا الاكتظاظ الهائل بسبب موجات النزوح الكبيرة أو لعجزها عن الاستمرار بدفع الإيجار، في حال كانت أكثر حظاً وتمكنت من توفير مكان يأويها، وبمجرد اكتشاف طيران الاستطلاع لأي حركة في المدينة سرعان ما يبدأ القصف مجدداً، فمنذ يومين عادت بعض العائلات النازحة إلى كفرنبل، البارحة واليوم لم يتوقف الطيران الأسدي الروسي عن القصف الهمجي على المدينة، كل ذلك بهدف تهجير المدنيين من جديد.

ربما من أصعب الأسئلة التي تدور في ذهني هذه الأيام والتي لا أجد لها جواباً متى سنرجع؟!، وهل سنرجع يوماً أم سنبقى هنا؟!، أم سنهجر ثانيةً إلى…؟!. 

الشهادة من عضوة الحركة السياسية النسوية السورية سعاد الأسود Soad Alaswad من مدينة كفرنبل.