هيام الشيروط، حان الوقت لإزالة الصبغة السلبية عن العمل السياسي

هيام الشيروط من مواليد مدينة معرة النعمان في إدلب، خريجة أدب عربي من جامعة دمشق، وتربية وعلم نفس من جامعة فيستفولد في النرويج، أنهت أيضاً دراسات في الديانات السماوية ودراسة تعليم الأسرة للقادمات/ين الجدد في النرويج، تعمل حالياً مدرسة للغتين العربية والنرويجية، وهي عضوة في حزب اليسار الاشتراكي وناشطة في العمل الإنساني وخاصة في مجال حقوق الإنسان واللجوء. تقيم هيام في مدينة لارفيك بمقاطعة فستفولد النرويجية منذ عام 1991. تصف علاقتها بالنرويج بالممتازة، تقول: لقد واجهتني بعض الصعوبات في السنوات الأولى بسبب اللغة، وفقدان الهوية، وتعذر فرص العمل، والشوق للأهل والأصدقاء، لكنني الآن بعد مرور 30 عاماً على إقامتي في النرويج، أستطيع القول إن النرويج هو بلدي الثاني الذي أعطاني الأمان والاستقرار والمستقبل الزاهر لأولادي.

رغم إقامة هيام خارج سوريا إلا أنها شعرت بحماسة شديدة حين انطلقت الثورة السورية عام 2011، تقول: شاركت في الثورة فعلياً بعد زيارتي إلى سوريا في عام 2013 وهناك كنت شاهدة على حجم الدمار الذي خلفه النظام في مدينتي معرة النعمان، بالإضافة إلى نزوح الناس إلى المناطق الأكثر أمناً، كما أننا كعائلة عانينا من بطش النظام الذي اعتقل أخي محمد بسبب انضمامه إلى “الجيش الحر”، واستشهاده بعدها.

تصف هيام اعتقال واستشهاد شقيقها بأنه أجج النار في قلبها وزاد من إصرارها على الانضمام لصفوف الثورة من خلال المشاركة في المظاهرات ضد النظام في النرويج وكشف زيف النظام عبر وسائل الإعلام ومن خلال حزب اليسار الاشتراكي التي هي عضوة فيه.

“لدي قناعة بضرورة انخراطنا كنساء بالعمل السياسي المنظم وأن نوسع نطاق المعرفة السياسية ونشاركها مع نساء أخريات، بالإضافة إلى إيماني بأن الوقت حان لإزالة الصبغة السلبية عن العمل السياسي وتعريف النساء بإيجابياته وأهمية دور النساء فيه لبناء سوريا التي نريد.”

 

أما بدايات اهتمام هيام بالعمل السياسي فتعود لسنوات قبل انطلاق الثورة في سوريا، فهي عضوة في حزب اليسار الاشتراكي في النرويج وكانت عضوة ثابتة في مجلس مدينة لارفيك من 2007 ولغاية 2011، تقول: السياسة أعطتني مساحة للتفكير بكيف يمكنني المساهمة في بناء المجتمع الذي أعيش فيه، وكيف أستطيع المساهمة في مساعدة الأجانب الذين هم جزء من مجتمعي في التغيير، والتحدث عن قضايا بلدي وكل ما يهم القادمات والقادمين الجدد والدفاع عن قضاياهن\م. 

تعتبر هيام أن التحديات التي تواجه العمل في الشأن السياسي السوري كثيرة، منها عدم فسح المجال لممارسة السياسية بحرية حيث كانت ومازالت حكراً على من تريد لهن/م السلطة أن يمثلوها سياسياً وهذه التعقيدات والتمسك بالـسلطة تزيد من صعوبة الخوض بسلاسة في غمار السياسية، وهذا برأيها ما يزيد صعوبة التوصل إلى حل سياسي يرضي الشعب السوري الذي ضحى بكل غال من أجل الحرية والديمقراطية.

أما التحديات التي تواجه المرأة السورية في العمل السياسي فبحسب هيام هي: تغيبها عن أماكن صنع القرار وحصر المناصب العليا في هرم السياسة بالرجال، وعدم تشجيع المجتمع وقناعته بعدم أهلية المرأة للخوض في مجال السياسية.

  
عن أسباب انضمامها للحركة السياسية النسوية السورية تقول هيام: لدي قناعة بضرورة انخراطنا كنساء بالعمل السياسي المنظم وأن نوسع نطاق المعرفة السياسية ونشاركها مع نساء أخريات، بالإضافة إلى إيماني بأن الوقت حان لإزالة الصبغة السلبية عن العمل السياسي وتعريف النساء بإيجابياته وأهمية دور النساء فيه لبناء سوريا التي نريد. تضيف هيام: لدينا طاقات نسائية جبارة لديها التجربة والمعرفة لخوض الجولات السياسية القادمة، عملية التحضير الحالية للنساء السوريات مهمة جداً للأيام القادمة، وأنا فخورة بهذا التنوع بين النساء في الحركة فهن يمثلن سوريا بكل مناطقها.

 بالمقابل هناك بعض المعوقات التي تواجه الحركة السياسية النسوية السورية ونعمل على تجاوزها، مثل أن نصبح قادرات وقادرين على مشاركة المزيد من أعمال الحركة وأن تساهم الحركة بتهيئة المناخ المناسب لزيادة مشاركة النساء ليس فقط في العمل السياسي بإطاره الواسع، بل في جميع أماكن صنع القرار.

 


“ضرورة وجود المرأة السورية حول طاولة المفاوضات وفي اللجان الانتقالية وفي كل تجمع معني برحيل الأسد وتشكيل دولة جديدة، من أحد أسباب وجودي في الحركة السياسية النسوية السورية لأنني أعلم أن صوت نساء سوريا سيصل يوماً ما، وسيجتمع حوله من يريد لسوريا أن تكون دولة حرية وعدالة ومواطنة.”

بالعودة إلى الوضع الراهن والأداء السياسي للمعارضة اليوم تقول هيام: كنت أتمنى  أن أكون متفائلة ولكن  ما أراه من  فشل المعارضة على اختلاف مكوناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي عن النظام، وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، بات صوت الثورة خافتاً وقياداتها مشتتة، وتتحرك وفق أجندات داعميها، كل هذا أدى إلى تحطيم آمال الكثير من السوريات والسوريين، وإلى أزمة ثقة في تشكيل جبهة موحدة، ها نحن اليوم نعيش مرحلة القبول بالمعادلة المستحيلة والتي ستبقينا لسنوات طويلة في مرحلة اللا خيار، واللا حل واللا استقرار. مع استمرار الاستنزاف البطيء الذي يدفع ثمنه الشعب السوري.

تتابع هيام: هذا بشكل عام، أما على الصعيد الشخصي، فأنا أؤمن بدور  النساء بالمشاركة السياسية في جميع مراحل صنع السلام، وفي مراكز صنع القرار ومسار العمليات الانتخابية القادمة، والضغط على أطراف النزاع  أو الحكومات المشكلة حتى تؤخذ مطالب النساء بعين الاعتبار، والتي هي مطالب تصب في مصلحة عموم السوريات والسوريين، وحتى تكون مشاركتهن حقيقية وفاعلة في سوريا الجديدة. ضرورة وجود المرأة السورية حول طاولة المفاوضات وفي اللجان الانتقالية وفي كل تجمع معني برحيل الأسد وتشكيل دولة جديدة، من أحد أسباب وجودي في الحركة السياسية النسوية السورية لأنني أعلم أن صوت نساء سوريا سيصل يوماً ما، وسيجتمع حوله من يريد لسوريا أن تكون دولة حرية وعدالة ومواطنة.

خلال العشر سنوات الماضية عايش الشعب السوري تجارب شخصية وعامة غير اعتيادية منها الإيجابي ومنها المرير، من المحطات الإيجابية التي تستذكرها هيام: “بسبب وجودي منذ سنوات في النرويج لم تتح لي الفرصة أن أنتسب إلى منظمات نسائية سورية، مع أنني نشيطة في هذا المجال في النرويج حيث أنتسب إلى عدة منظمات تُعنى بشأن النساء ومساعدتهن وخاصة الأقليات المهاجرة. خلال الثورة كان لي الشرف بالانضمام إلى “شبكة المرأة السورية” وأن ألتقي بالنساء السوريات في المؤتمرات التي عُقدت في السويد ومصر وتونس وألمانيا. هؤلاء النساء اللواتي شاركن في الثورة على أرض الواقع، أن أسمع منهن شخصياً عن التجارب التي مررن بها، من تنظيم ومشاركة بالمظاهرات، إلى تجاربهن مع الاعتقال، تسنى لي من خلالهن أن أرى هذا الطموح في التغيير بسوريا. بدوري ممتنة أن الفرصة أتيحت لي لأقدم بعض الدعم للثورة السورية من خلال المشاركة بالمظاهرات في النرويج، ومشاركة معاناة أهل بلدي عبر حزب اليسار الاشتراكي، وكنت صوت المرأة السورية في الإعلام النرويجي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. فخورة أني تخلصت من خوفي القديم من نظام الأسد، ويبقى الإنجاز الأجمل بالنسبة لي هو انضمامي للحركة السياسية النسوية السورية التي أجد فيها حلماً سيتحقق بهمة نسائها.


عن سوريا التي تحلم بها قالت هيام: أحلم بسوريا لا وجود فيها لمعتقلات ومعتقلي رأي، السلطة فيها بيد الشخص الأجدر الذي يتوافق عليه\ا السوريات والسوريون دستورياً، بغض النظر عن الديانة والقومية والنوع الاجتماعي، إلخ. أحلم بأن نصل إلى حل سياسي حقيقي بإشراف وضمانات دولية بدون الأسد، وإعادة إعمار سوريا والنهوض بالاقتصاد حتى يتوفر لكل مواطنة\ن الحدود المقبولة للعيش الكريم، وعلى رأس الأمنيات، العودة الطوعية والآمنة والكريمة لكل المهجرات والمهجرين واللاجئات واللاجئين.

ولنساء سوريا تقول هيام: أنتن أمل سوريا وعليكن نعول ونعلق آمالنا في بناء سوريا الديمقراطية والحرية، سوريا المساواة بين النساء والرجال، أرى بينكن القياديات اللواتي سيحققن حلم كل السوريات والسوريين.