النادي الثقافي للحركة ميدياتك وفيلم THE NEIGHBORHOOD STORYTELLER
- تاريخ النشر: 2 أبريل 2024
ناقش النادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتك” في جلسته التي عقدت يوم الجمعة 26 كانون الثاني 2024، عبر تطبيق زووم، الفيلم الوثائقي “THE NEIGHBORHOOD STORYTELLER″ أي حكواتية الحي، وذلك بحضور ملهمة وبطلة الفيلم أسماء الراشد، كانت الدعوة عامة وشارك في النقاش عددًا من الضيفات والضيوف بالإضافة لعضوات وأعضاء الحركة. أدارت الجلسة عضوة الحركة السياسية السورية النسوية وعضوة فريق النادي الثقافي خلود العسراوي.
لاقى الفيلم الوثائقي “حكواتية الحي”، كأول فيلم وثائقي من إنتاج “مؤسسة القلب الكبير” للمخرجة المكسيكية “أليخاندرا ألكالا”، والبطلة “أسماء راشد” سفيرة “نحن نحب القراءة” في مخيم الزعتري، استحسان وإشادة الجماهير والنقاد على المستوى العالمي. حيث نجح الفيلم في الوصول إلى 25 مهرجان سينمائي على الصعيد الدولي والعالمي، وحاز على 11 جائزة عالمية نذكر منها:
- جائزة “المرأة في السينما” من مهرجان “ماونتن السينمائي الدولي”
- جائزة “حقوق الإنسان” من مهرجان “تورنتو السينمائي الدولي”
- جائزة “أفضل فيلم وثائقي” من مهرجان “أمستردام السينمائي الدولي”
- جائزة “تحدي اللاجئين” من مهرجان “لاهاي السينمائي الدولي”
- جائزة “التميز” التي تقدمها منظمة “أطباء بلا حدود الإنسانية”.
عمد الفيلم إلى تعريف شعوب العالم على حياة اللاجئات السوريات واللاجئين السوريين في المخيمات ومراكز اللجوء حول العالم، ونقل القصص الملهمة عن قدرة ضحايا الحروب بتحويل المأساة التي يعيشونها إلى نجاحات، وتسليط الضوء على شجاعة النساء وعزيمتهن في بناء مستقبل لأبنائهن وعائلاتهن ومجتمعاتهن رغم جميع التحديات التي تواجههن نتيجة الثقافات الاجتماعية المختلفة للمجتمعات المضيفة لهن أثناء اللجوء، وكيف استطاعت بعض الفتيات والنساء التغلب على الأزمات وتحويلها إلى فرص للتطور والتقدم.
يظهر الفيلم قصة لاجئة سورية شابة تدعى “أسماء راشد” تطلق العنان لإمكاناتها الداخلية على الرغم من زواجها بعمر مبكر وحرمانها من التعليم ونشأتها في مجتمع يهيمن عليه الذكور، ومع ذلك برزت كنموذج للتغيير والتأثير الإيجابي، فبسبب إدراكها لأهمية التعليم بدأت مشروعها الخاص في مخيم الزعتري في الأردن، حيث تقيم وعائلتها الصغيرة، فواجهت جميع التحديات من الظروف الخاصة وظروف المخيم العامة لتحقيق هدفها الذي آمنت به، من خلال قيادة حلقات القراءة بصوت عالٍ في منزلها في مخيم الزعتري. وجدت أسماء بذلك طريقة للتغلب على محنتها وتحويلها إلى فرصة لتمكين الفتيات المراهقات، من خلال المساهمة في توسيع مداركهن من خلال القراءة ونقاش امورهنّ اليومية وأحلامهنّ وما يتطلعنَ إليه في المستقبل.
وضحت أسماء خلال الجلسة كيف استخدمت في بداية مشروعها بعض مفاتيح الاقناع مع الأهالي لتمكن الفتيات من المشاركة في جلسات القراءة، بأنها سوف تعلمهنّ كيف يواجهن تحديات الحياة والمخيم، وخاصة أن البيئة التي يعشنَّ فيها مازالت تتمسك بالعادات والتقاليد التي تحرم الفتيات من حقهنّ في التعليم والمشاركة وتدعم فكرة الزواج المبكر، وكيف تمكنت بعد جهود حثيثة ومحاولات من تحقيق أهدافها والبدء بمشروعها.
كما شرحت أسماء كيف حرصت على تأمين مساحة مناسبة وآمنة للفتيات في منزلها، وبذلك تمكنت من كسر الحواجز بينهن، رغم اختلاف أعمارهنّ ومستوى تعليمهنّ. ومن خلال القراءة وبعض الأنشطة المرافقة لها تمكنت من جعلهن يناقشن أحلامهن ويعبرن عما يجول في أذهانهنَ ومشاعرهنَ، التي لا تحظى عادة بالاهتمام خارج هذه المساحة البسيطة. كما استطاعت ترك أثر واضح في زراعة الثقة وروح التحدي في نفوس الفتيات.
ناقش الحضور خلال الجلسة موضوع الزواج المبكر وتأثيره السلبي على الفتيات من عدة نواحي ومنها حرمانهن من التعليم ومن تحقيق أحلامهن، حيث يُظهر أحد المشاهد في الفيلم حواراً بين أسماء ووالدتها، والأم تثني على ما تفعله ابنتها، لتحقق ما لم تستطع هي تحقيقه من طموحات وأحلام بسبب زواجها المبكر في سن الثانية عشرة من عمرها في بيئة لا تؤمن بحق النساء في التعليم وتمارس عليهنّ نظاماً ثقافياً مبنياً على التمييز ضدهنَ.
وخلال الجلسة طرح الحضور أهمية القراءة والقوة الكامنة فيها من أجل النجاة من صدمات الحرب والتعافي من الخوف واليأس، حيث تقول إحدى الفتيات في أحد مشاهد الفيلم، أنها بعدما شاركت في جلسات القراءة بدأت تشعر بالتعافي من العزلة والخوف من الناس الذي كانت تعاني منه.
كما نوقشت فكرة كيف يمكن أن يكون الانتقال إلى بيئة جديدة وتغير الظروف المحيطة سبباً أحياناً في تغيير الشخصيات والأفكار بشكل إيجابي وقد تسهم في التخلص من العادات والتقاليد الذكورية التي تتحكم بالنساء ومصيرهن، ففي بداية الفيلم تحدثت أسماء أنها حرمت من التعليم بسبب زواجها المبكر رغم الوعود أنها سوف تكمل دراستها، لنجد أن زوجها في مخيم الزعتري ومع اختلاف البيئة المحيطة أصبح أحد الداعمين لها.
كما تم الوقوف خلال الجلسة عند أحد مشاهد الفيلم، الذي تعبر فيه بعض الفتيات عن خوفهن من العودة لأرض الوطن وكيف استبدلوا المخيم ليصبح رمزاً للسلام والأمان في عقولهنَ بعد ما عانين وسمعنَ عن أهوال الحرب من عائلاتهنَ. حيث قالت إحدى الفتيات: “لساتني عم دور على بيتي يلي لح عيش فيه باطمئنان وسعادة” وقالت أخرى: “أنا بكرهوا بس بكره سوريا أكثر منه، هون ما في حرب ولا دمار ولا دم…”، ليضعنا هذا المشهد أمام طرح وتساؤل حقيقي حول كيف يمكن أن يتم علاج هذا التطور القسري الذي تعانيه النازحات والنازحون ويدفعهن/م لمحاولة التأقلم والاستقرار في ظروف غير لائقة بالإنسانية، بسبب الخوف من الموت والدمار في وطنهن/م الذي يقبع تحت نيران الصراع والحرب.
في النهاية يمكن القول إن الفيلم يلهم النساء والفتيات، لاسيما اللواتي يعانين ظروفاً صعبة، أنهن قادرات على إحداث التغيير الجذري في حياتهن، وأن يصبحن صانعات قرار وقياديات قادرات على التأثير في محيطهن ومجتمعاتهن.