النادي الثقافي للحركة “ميدياتيك” وفيلم صانعة الفساتين
- تاريخ النشر: 19 نوفمبر 2021
ناقش النادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتيك” في جلسته الأخيرة التي أقيمت بتاريخ 11 تشرين الثاني 2021، عبر تطبيق زووم، فيلم “صانعة الفساتين”، وذلك بحضور عدد من عضوات وأعضاء الحركة السياسية النسوية السورية.
تدور أحداث الفيلم في خمسينيات القرن الماضي، ويصور قصة تيلي دوناج (الممثلة كيت وينسلت) التي تعود إلى مدينتها الصغيرة ومسقط رأسها في ريف أستراليا بعدما غادرتها لمدة 25 عاماً، وهي مصممة أزياء ناجحة عادت للتفاخر بالنجاح الذي حققته خارج قريتها وهي بكامل أناقتها حاملةً معها ماكينة خياطة لتقوم بتغيير مظهر نساء بلدتها، وتصحيح أخطاء الماضي، والانتقام من كل من أخطأ بحقها سابقًا، في إطار من الدراما مع لمحات هزلية عن الحب، والانتقام، وتصميم الأزياء الراقية والسعي لإثبات الذات.
قامت بتيسير الجلسة عضوة الحركة السياسية النسوية السورية خولة يوسف برغوث، والتي بدأت الجلسة بالكلمة التالية: أسعدتنَّ أوقاتاً أيتها الشجاعات المقدامات الذكيات صاحبات القدرات البناءات وصانعات التغيير. التغيير لا يمكن أن يكون حقيقياً إن لَمْ يبدأ من قلوب وأفكار وسلوكيات الناس. التغيير هو الأمل ولكنه مشروط بالعمل والمثابرة على البقاء على قيد المسؤولية وتجاوز التحديات. التحديات الأصعب التي نواجهها في الحقيقة هي تحدياتنا مع أفكارنا ومشاعرنا والآثار التي تتركها علينا وبنا الأحداث والخبرات التي تعرضنا لها وتركناها دون مراجعة وفهم لماذا حدثت ودون اتخاذ موقف سلوكي ونفسي منها. التحدي الأصعب أن نكون على حقيقتنا منسجمين مع ما نؤمن به وأن نتمثل هذا الإيمان في واقع حياتنا اليومي في كلّ تفصيل. الحياة أسئلة علينا اختيار إجابتنا عنها طوال الوقت وهنا يكمن الجمال فيها. نحن لا نمضي دونما قرارات نتخذها كلّ لحظة بشكلٍ واعٍ أو غير واعي متأثرين بخبراتنا السابقة ومحيطنا وما قد فُطرنا عليه وما غيرته الأيام في فطرتنا، ولذلك تأتي أهمية أن نفهم ونحلل ونصحح وندعم ما نكتشف أنه الحقيقة فينا، ونمضي من خلال ذلك إلى الأمام.
بدأ النقاش حول الفيلم بعملية التغيير فعندما عادت البطة وقالت: لقد عدت وهذه نقطة البداية، يوضح هذا أننا فعلاً بحاجة دائمًا لأن نقول لقد بدأنا، فالتغيير في حياتنا يحتاج لتحديد نقطة البداية. هي عملية إدارة الماضي، فالماضي بقي عالقاً في البطلة ولم تتجاهله، لكنها أيضاً عندما عادت، ولم تستطع التغيير وضعت نقطة بداية وانطلقت من جديد.
أضافت عضوات الحركة السياسية النسوية السورية أنه أثناء سرد الفيلم عادت البطلة لكي تنتقم، والانتقام فعل شرير وسيء، وهذا أثار التساؤل لديهن هل نستطيع في الحياة أن نقوم بمواجهة من أساؤوا إلينا؟ وهل نستطيع طي صفحة الماضي والتخلص من آثاره السلبية لكي نتمكن من الاستمرار في الحياة؟
البعض لم يرى أن بطلة الفيلم قامت بفعل انتقام، وإنما قامت بثورة على تاريخ مؤلم وذكريات مؤلمة، وهي كشخصية ناجحة عادت لتحدث تغيير في مكان نشأتها وتساعد النساء في المنطقة. وأن البطلة لم تستطع النجاح في هذه المهمة لأنها كانت وحيدة ولم تلقَ تعاون من أحد في قريتها وهذا يدل على أهمية التعاون والعمل الجماعي.
وهنا دار حوار حول كيف تضعنا الحياة أحيانًا في مواجهة إيماننا وقيمنا في مواقف صعبة جداً. وكيف أننا بطبيعتنا البشرية نحاول الادعاء بأننا منزهات/ون عن الأخطاء، ولكن في الحقيقة نحن لا نكتشف ردود أفعالنا، واختبار قيمنا إلا عند مواجهة المواقف الحرجة في الحياة.
أثناء الجلسة دار النقاش أن الفيلم أراد أن يوصل لنا رسالة حول آلية تفكير المجتمع التقليدي سيما أنّه يجسد أحداث من عام 1952 ويبدو أن الفيلم حاول أن يوصل لنا رسالة أنه لا يمكن المصالحة مع هذه الأفكار، وإنّما يجب تغييرها تغييراً جذريا لذلك قامت البطلة بحرق المدينة، وذهبت لتنطلق من جديد في مدن كبيرة كمدينة باريس المتحررة من هذه النظرة المجتمعية، والعلاقات المجتمعية التي وضّحها الفيلم سواءً علاقة الغني بالفقير، أو علاقة الرجل بالمرأة. وهنا تم التأكيد أنه علينا كنسويات التفكير أيضاً بعلاقتنا مع المجتمع المتمسك بالعادات والتقاليد البالية وإيجاد الطرق والأدوات المناسبة للتواصل معه لإحداث التغيير المطلوب.
من جماليات الفيلم روح التحدي التي جعلتنا البطلة نشعر بها أثناء مباراة كرة القدم، فقد كانت ترتدي فستانًا أحمر وهو لون يدل على الجرأة والتحدي والثورة وحب السيطرة، سرقت البطلة بفستانها كلّ الانتباه لكن عندما قالوا لها: سنخسر غداً إن كان كذلك، فارتدت الفستان الأسود وربحوا المباراة حيث سرقت انتباه الفريق الثاني. حتّى أنها في ارتدائها لفستانيّن أسود وأحمر ومن خلال إعجاب فريق بفستانها الأحمر والآخر بالأسود دليل على أنه من الطبيعي أن نختلف كبشر بآرائنا ووجهات نظرنا حول أبسط القضايا وحتى أعقدها.
تم النقاش كذلك خلال الجلسة حول العديد من القضايا التي أثارها الفيلم، ومنها التنمر وأثره على شخصية الإنسان، حيث قالت بطلة الفيلم كيت وينسليت أنها تعرضت للتنمر في مدرستها خلال طفولتها بسبب سمنتها، وكيف عايشت هذه المشاعر من جديد من خلال تمثيلها لهذا الفيلم.
صُوّر الفيلم في بيئة قاحلة وقاسية وجافة، ثمّ يطغى الجمال الذي تمثّله البطلة خاصة عندما قدمت إلى القرية وكانت النساء مهملات لأنفسهنّ وبعد أن رأوها أصبحن يتأنقن، وهنا تم التأكيد على أننا نستطيع أن نصنع الجمال حتى ضمن ظروفنا القاسية والصعبة، والجمال دائمًا يترك أثرًا في النفوس، ويحدث تغييرًا إيجابيًا، والسوريات هن صانعات للجمال من أبسط الأشياء، وهذا ما ثبت خلال السنوات العشر الماضية.