النادي الثقافي للحركة “ميدياتيك” وكتاب المرأة واللغة

في الجلسة الأولى للنادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتيك” تمت مناقشة كتاب “المرأة واللغة”، للمؤلف عبد الله الغذامي. استضافت الحركة الباحثة والكاتبة عفراء جلبي، وشارك في الجلسة والنقاش أربعون عضوة وعضو من الحركة السياسية النسوية السورية، ومن شبكة المرأة السورية. 


ذكرت عفراء جلبي أن سبب اختيارها للكتاب هو اهتمامها وتخصصها بفلسفة اللغة والتأويل. وذكرت ضمن عرضها للكتاب إن العالم مكون لغويًا، وإن اللغة اليوم لا تعتبر أداة لنقل الواقع فحسب، بل هي أداة سياسية لتكوين الواقع ولخلق العلاقات، لذلك حتى علاقات الهيمنة تحدث داخل اللغة. وإننا عندما ندرك ذلك نبدأ بالتفكير بعمليات التحرر والمساواة والعدالة بأساليب جديدة. فاللغة تعطينا مساحات هائلة للمناورة على عكس المواجهات المسلحة التي تحد من القدرة على تغيير المجتمع. إن الثورات قد تحدث تغييرات هائلة، ولكن تُبقي على علاقات الهيمنة، فهي لا تحدث تغييرًا في لب العلاقات.

تضيف عفراء أن هذا الكتاب يناقش أهمية تأنيث اللغة وإعادة المرأة إلى ساحة اللغة، فالمرأة ليست موجودة حقيقة في الثقافة كذات فاعلة، بل موجودة كموضوع أو كشيء، وأنها ليست متواجدة في تضاريس الكتابة بحجم تواجدها الفعلي في المجتمع، فلما هذا الغياب؟

تقول عفراء: يجب أن نحضر القيم الأنثوية إلى اللغة وإلى تضاريس التفكير، لنخفف من البطولات والمواجهات، وندخل في إعادة صياغة الحياة بمشاركة النساء والرجال وجميع المهمشات/ين.


أما سحر حويجة قالت: إن الكتاب يرصد تاريخ الكتابة وعلاقتها بالتمييز بين الجنسين، وحقيقة الأمر أن الرجل احتكر الكتابة وكتب التاريخ، فجاء هذا التاريخ رجلًا، لأنه من إنشاء الرجل. ولو أن المرأة شاركت بكتابة التاريخ لقرأنا تاريخًا مختلفًا من فاعلات ومؤثرات وصانعات للأحداث، ولكانت الأنوثة قيمة إيجابية مثل الفحولة. غابت المرأة عن التاريخ لأنها غابت عن كتابة الثقافة.

تضيف سحر، الكتاب يبحث عن المنعطفات والتمفصلات الجوهرية في علاقة المرأة باللغة. بدأت من قسمة ثقافية للغة أخذ فيها الرجل أخطر مافي اللغة “اللفظ”، وترك للمرأة المعاني، حيث لا وجود لمعنى دون اللفظ. أفضت هذه القسمة إلى قسمة أخرى أخذ الرجل الكتابة واحتكرها لنفسه وسيطر على كل الامكانات اللغوية، ولم تكن المرأة سوى مخيال ومجاز يكتبه الرجل حسب رغباته، فتحولت المرأة إلى مادة لغوية. لم تكن المرأة فاعل لغوي بعد تاريخ طويل من الإقصاء والتهميش وحرمانها من حقوقها اللغوية ومنعها من الكتابة، حسب وصايا فحول مثل سقراط، أفلاطون، المعري، حتى العصر الحديث شوبنهور، وداروين، ونيتشه، والعقاد، وفرويد الذي قال اختلافها عن الرجل يجعلها رجلًا ناقصًا.

وفي سؤال اختلاف المرأة عن الرجل جسدًا وشكلًا فهل تختلف عنه في فكرها؟ الثقافة الذكورية تقول نعم، المرأة جسد والرجل عقل! نظرة سلبية. ويتساءل الكاتب هل تستطيع المرأة من خلال ابداعها  اللغوي أن تضيف إلى اللغة والثقافة ما يجعل من التعبير اللغوي تعبيرًا يسير على قدمين اثنتين مؤنثة ومذكرة، ويجعل من الأنوثة معادلًا إبداعيًا لا يقل عن الفحولة؟


وذكرت ثريا حجازي في تعليقها حول الكتاب: ورد أنهم يبخسون النساء أكثر حقوقهم “حق التأنيث”، هذا يعني بالضرورة أن هناك حقوق وأنها معطى طبيعي وليست مكتسبة، ويجري استلاب أنوثة اللغة بتذكيرها وردها إلى أصل مفترض.

تمت قسمة منصفة أجمعت عليها الثقافات العالمية الذكورية بأن يكون القلم عضوًا ذكريًا خاصًا، وللمرأة اللسان كسلاح وسيف، ليعود ويسلبها هذه المنحة، كمثال كيف تعالج سليطة اللسان في أوروبا، وكيف يقال حتى اليوم أن المرأة لابد وأن تكون قليلة الكلام وصوتها منخفض لتكون امرأة حقيقية.

تضيف ثريا: رغم كل ما عرضه الكاتب من تطور لدخول المرأة مملكة الكتابة ومحاولات التأنيث، وكيف أن ذلك يتطلب تأنيث الذاكرة، إذ لا يكفي أن تكون الكاتبة امرأة، لوجود نساء كثيرات كتبن بقلم الرجل ولغته وبعقليته. وأشار الكاتب إلى أن ثقافة العصر تمر على ذاكرة المرأة وتنظر إليها مثلما تنظر إلى مواد المتاحف، شيء للسياحة البصرية للإعجاب المجامل وليست شيء للتصديق والفعل.

تقول ثريا: لذا فإن أمام المرأة طريقًا طويلًا وزمنًا مديدًا قبل أن تتمكن من تأنيث الذاكرة أو على الأقل أنسنتها.