النادي الثقافي للحركة “ميدياتيك” ورواية المشّاءة

استضاف النادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتيك” في جلسته الأخيرة التي أقيمت بتاريخ 8 كانون الأول 2021، عبر تطبيق زووم، الكاتبة والصحفية السورية سمر يزبك، لمناقشة روايتها “المشّاءة”، وذلك بحضور عدد من عضوات وأعضاء الحركة السياسية النسوية السورية.

في بداية الجلسة تم التعريف عن الضيفة سمر يزبك وهي كاتبة وصحفية سورية، مقيمة في فرنسا، من مؤلفاتها: “باقة خريف”، “مفردات امرأة”، “طفلة السماء”، “صلصال”، “رائحة القرفة”، “لها مرايا”، “تقاطع نيران”، “المشّاءة”، “مقام الريح”، وغيرها الكثير من الحلقات التلفزيونية والأفلام الوثائقية والمقالات. ترجمت كتبها للعديد من اللغات، وحصلت سمر على عدد من الجوائز العالمية والسورية، حيث نالت الجائزة الأولى عن فيلم “سماء واطئة” من الأمم المتحدة ووزارة الإعلام السورية كأفضل سيناريو، وجائزة أفضل كتاب أجنبي في فرنسا لرواية “العبور”، وجائزة أوكسفام لروايتها “تقاطع النيران”، وجائزة هارولد بنتر مناصفة مع كارول آن دافي. أسست سمر في سنة 2012 منظمة النساء الآن، التي تعنى بدعم وتمكين النساء السوريات.

أما عن روايتها “المشّاءة” فقد صدرت في عام 2017، وأهدتها الكاتبة لرزان زيتونة في غيابها المر. قدمت الكاتبة في روايتها تصورًا عن تفاصيل مجزرة الكيماوي التي حدثت في الغوطة في شهر آب 2013، التي شهدتها رزان زيتونة قبل اختطافها، حيث كانت الكاتبة حينها على تواصل يومي مع رزان لتمدها بالمعلومات المتعلقة بالمجزرة. حاولت الكاتبة من خلال وصف مشاهدات “ريما”- بطلة الرواية- نقل الواقع لكن دون أن تلامس العنف، فكان هذا تحد كبير، كتبت عن البشاعات بهذه الطريقة، فتأتي لحظة لتقول: إن معظم النساء قد توفين بسبب عدم السماح لهن بخلع ثيابهن التي علقت فيها المواد الكيماوية، كما فعل الرجال. وبذلك كانت كل المشاهد في الرواية حقيقية، فالأدب كما تصفه الكاتبة: “جذره في الواقع”، ولكن يقدم بصورة أدبية فنية في النهاية.

تقول سمر: حاولت أن أتكلم عن تلك النسوة، وما حدث لهن وبهن أثناء الحرب، حقيقة رواية “المشّاءة” أقرب ما تكون للجنون لأنها لعبة فنية تتيح لي الحديث عن كل نسائنا، ليس فقط النساء اللواتي يتكلمن عن الحرية الجنسية والمساواة، بل عن حرية العقل، النساء اللواتي يعترضن بالصمت، “المشّاءة” فيها جزء مني، إن نصفها سمر يزبك، فالاعتراض على البشاعة يجعلني أصمت.

بطلة الرواية “ريما”، شابة تمسكها أمها بيدها، مقيّدة…وكأنها تشبهنا فنحن مقيدات مجتمعيًا، مقيدات بالكثير من التفاصيل، ريما تحتمي بالخيال عند الحديث عن جزء من طفولتها وذلك لبشاعة الواقع، وعندما تأتيها فرصة لتكون مع الكتب تخترع عالمًا، تخترع أبجدية جديدة، إذ هي تمشي، ورأسها يمشي. كانت تبني عوالمها دون أي محاولة لتفسير ما يحدث، لم تنشغل بالتفسيرات أو الشرح، فالكاتبة ترى أن مهمة الأدب الأساسية هي خلق الأسئلة وليس الأجوبة، لأنها تؤمن أن الكاتب قد يخطئ أو يصيب، فهو ليس مصلحاً أو نبياً.

تقول عضوة الحركة السياسية النسوية السورية لينا وفائي: جمالية الرواية في الربط بين حالة المرأة “المقيّدة” بشكل عام كحال النساء في بلداننا، وحالة هذه المرأة المقيّدة في الحرب، فهي تتعرض لقمع مضاعف، وفي الرواية رأينا أن مواجهة المرأة للحرب ليست كمواجهة الرجل، واتضح ذلك في مشهد النساء اللواتي توفين لأنهن يرتدين ثيابهن. رواية من هذا النوع تستند للواقع ولكنها تُحلق في الخيال، وتضع القارئ دائمًا أمام تساؤل ماذا يقرأ؟ وما المقصود في هذا التفصيل أو ذاك؟ وأعتقد أن مثل هذه الروايات لا تموت بل تبقى حيّة.

وعند سؤال الكاتبة أنها في روايتها “المشّاءة” التي أهدتها إلى رزان في غيابها المر… تركت ريما في قبو محاصر في بناء محاصر لمدينة محاصرة… ماذا سيكون مصير ريما؟ هل هناك أمل بخلاص ريما من الحصار ومن كل تلك الويلات؟ أجابت: من خيبة الرجاء تأتي العزيمة، ومن كثرة الشرور التي شهدناها معنوياً أو بشكل ملموس لم يعد شيء قادر على إيقافي، يبقى عندي أمل، يمكن للموت أن يوقفني أما غيره فلا. دائمًا ما أحلم برفاقنا المختطفين وهم عائدون، لذلك أترك نهايات الروايات مفتوحة.