النادي الثقافي للحركة “ميدياتيك” وفيلم في أرض الدم والعسل

 ناقش النادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتيك” في جلسته الأخيرة التي أقيمت يوم الأربعاء 18 أيار 2022، عبر تطبيق زووم، فيلم “في أرض الدم والعسل”، وذلك بحضور عدد من عضوات الحركة السياسية النسوية السورية، ويسرت الجلسة عضوة الحركة خولة برغوث.

تم افتتاح الفيلم في 23 كانون الأول 2011، وهو فيلم أمريكي درامي رومانسي. الفيلم من تأليف وإخراج أنجيلينا جولي. حصل الفيلم على جائزة نقابة المنتجين الأمريكيين، وتمنح هذه الجائزة للأفلام أو الأفراد الذين يسلطون الضوء على القضايا الاجتماعية المثيرة بأسلوب سهل ومتميز، كما حصل على جائزة الفيلم الأفضل قيمة للعام من مهرجان سينما من أجل السلام 2012

تدور أحداث الفيلم في سراييفو حول الحرب التي شنتها صربيا على البوسنة والهرسك. بطلة الفيلم امرأة بوسنية شابة، تقع أسيرة لدى الصرب، وتربطها علاقة حب بضابط صربي، ويتناول الفيلم تأثير الحرب على علاقتهما.

تناول الفيلم عدة مواضيع منها قتل المدنيات/ين وخاصة الأطفال، التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي، التهجير، العنف، الاغتصاب الممنهج للنساء واستخدام أجسادهن كأداة حرب، ونستطيع هنا المقاربة مع سوريا وخصوصاً ما جرى في المعتقلات السورية. رغم أنه بعد حرب البوسنة والهرسك أُصدرت قوانين تمنع استخدام النساء كسلاح الحرب. 

يوضح الفيلم بشاعة الحرب، وقد أجمعت العضوات أن الفيلم يذكرنا بما جرى في سوريا خلال السنوات الماضية، لذلك كانت مشاهدته مؤلمة وقاسية للكثيرات منهنَّ. 

وبما أن الفن يحمل التأويلات، البعض رأى أن بطلة الفيلم “آيلا” أحبت الضابط الصربي واستطاعت الفصل بين المشاعر والواقع، بينما رأى البعض الآخر أنها عندما رأت تعرض نساء البوسنة للاغتصاب الممنهج اتخذت خيار البقاء مع الضابط لتحمي نفسها ولتنجو بحياتها، بينما فسر البعض الآخر موقفها بالتماهي مع المعنف والجلاد. 

رأينا في الفيلم أن الحب مع كل هذه المجازر والقسوة لن يكون ورقة رابحة، فالحب لا يمكن أن يستمر أمام المجازر البشرية.

الضابط الصربي “دانيال” سلم نفسه في نهاية الفيلم، واعتبر نفسه مجرم حرب. وهنا يضعنا الفيلم في حيرة؛ كيف يمكن لمجرم أن يكون في ذات الوقت أبًا وحبيبًا وزوجًا! وكيف يمكن أن يكون للمجرمين والقتلة جانب آخر إنساني! لكن بالرغم من ذلك هذا لا يبرر لهم جريمتهم. إن بعض البشر عندما يمتلكون القوة يتحولون لوحوش بشرية، خاصةً عندما يستولي الحقد الطائفي والعنصري على الإنسان فيفرغه من إنسانيته.

“كلنا لدنيا مزيج من كل شيء وهذا يظهر في تناقضات الإنسان ما بين الحرب والسلم. هناك مشكلة دولية، وخاصة في حالات الصراع والاعتداء، ليس هناك مؤسسات تحمي الأشخاص من غضبهم وتوجههم نحو الشر والانتقام.” خولة برغوث، ميسرة الجلسة وعضوة في الحركة السياسية النسوية السورية

أكدت عضوات الحركة السياسية النسوية السورية خلال الجلسة أن الفيلم يضعنا أمام مقاربة مع الوضع السوري، بأن الدول القوية لم تتدخل عند حدوث هذه الصراعات والحروب، ولم يستطع أحد منع المجازر التي حصلت، فالبشر محكومون بمصالح هذه الدول. الحياة كلها محكومة بالأقوى. حتى الفيتو مبني على أساس القوة، فالدول القوية هي التي تتحكم بمصير باقي الشعوب.

نرى في سياق الفيلم أن هناك من دعم السلم، وإلا لم يكن للعنف أن ينتهي. وهنا يحضر سؤال، كيف يمكننا في سوريا مقاومة كل هذا العنف بالسلم؟ كيف يمكن أن نقاوم كل هذا الاستبداد بمقاومة سلمية؟ علينا أن نقف موقف أخلاقي كي لا نغرق بهذه الدوامة من الدم.

“يبدو أن البشرية لم تطور بما يكفي المعنى الأخلاقي الذي يجب أن يحكم الناس وخاصة في حالات الصراع والعنف! كيف يمكن أن ندعم الأخلاق والقيم الإنسانية كـخطوط حمراء لا يجب تجاوزها مهما حصل؟ حين نستطيع ستتوقف الانتهاكات وسيجد البشر مساحة للسلم والنماء.” خولة برغوث ميسرة الجلسة وعضوة في الحركة السياسية النسوية السورية 

رأينا في الفيلم أن الحرب ومشاعر الانتقام استطاعت أن تنتصر على الحب والجمال والفن، لكننا في ذات الوقت نؤكد على أن الحروب دائماً خاسرة.