النشرة البريدية للحركة السياسية النسوية السورية – تموز 2020


النشرة البريدية للحركة السياسية النسوية السورية
تموز 2020



العزيزات والأعزاء



 



ورد في رؤية الحركة السياسية النسوية السورية ضرورة “تسليط الضوء على إكراه الشباب من قبل النظام وقوى الأمر الواقع المسيطرة في مناطق أخرى من سوريا على الالتحاق بالصراع العسكري، مما يزيد التفكك والمعاناة بالنسبة للمجتمع السوري، وخاصة النساء”، حيث أن التجنيد الالزامي في مناطق سيطرة النظام، والتجنيد القسري في مناطق سيطرة قوى الأمر الواقع خلال سنوات الصراع العسكري الدامي في سوريا، قد أدى إلى مقتل مئات آلاف الشباب السوريين، وخروج مئات الآلاف منهم خارج البلاد، وبالتالي خسرت وتخسر سوريا مواردها البشرية وثروتها الحقيقة مما يزيد من أعباء وخسارات النساء.



ما تزال كافة أطراف الصراع العسكري في سوريا تستخدم فئة الشباب الذكور كوقود رخيص في معاركها، فقد قام النظام ومنذ الأشهر الأولى لانطلاقة الثورة بزج أبناء السوريين من جنود الجيش ضد الشعب السوري المنتفض، مما أدى لانشقاق أعداد كبيرة منهم، كان مصيرهم الاعتقال والموت أو الهروب خارج البلاد، فيما تعرضت عائلات الكثيرين منهم لكافة أشكال الانتقام والابتزاز، أما الذين امتنعوا ويمتنعون اليوم عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية فهم يتعرضون بدورهم للملاحقة المستمرة وعدم القدرة على التنقل والتحرك والعمل والتعامل مع الجهات الحكومية والإدارية، وبالتالي أصبحوا عبئاً على عائلاتهم عوض عن أن يكونوا عوناً لها. والمثال الأوضح على ذلك يبدو في السويداء حيث رفض الآلاف من أبناءها الالتحاق في الخدمة العسكرية، اختار غالبيتهم الهروب لمناطقهم للاحتماء فيها بلا عمل وبلا مصدر دخل، وبلا قدرة على الاستمرار في الحياة بشكل طبيعي ولسنوات قد تطول، في انتظار فرصة للخروج من البلاد ، في الوقت الذي وجد النظام في عدم رغبة العائلات بإرسال أولادها للموت على الجبهات، فرصة لابتزاز الشعب السوري مادياً وتجريده من القليل المتبقي من أملاكه، وذلك عبر رفع قيمة بدل الخدمة وكذلك من خلال الفاسدين والمرتشين في الإدارة العامة للجيش والقوات المسلحة


.


أما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام فتعاني النساء من عدم الإحساس بالأمان ولا تجدن ضوءاً في نفق خساراتهن الطويل والمظلم، فالتجنيد القسري يلاحق أحبتهن وأولادهن، والذي في الوقت ذاته قد يكون مصدر الدخل الوحيد للرجال في بعض المناطق بعد أن تراجعت وندرت كل خيارات العيش والعمل داخل مناطقهم. 


ترى الحركة ومن خلال تواصلها مع نساء سوريات في مختلف المناطق السورية أن التجنيد الالزامي والقسري يعتبر تحدياً جاداً وأحد أهم مصادر قلق النساء واحساسهن بعدم الأمان وعائلاتهن.


إن لم تكن الحرب خيار النساء إلا أنهن غالباً من يدفعن الأثمان، فمع احتمالات غياب الرجال إما موتاً في المعارك أو إصابتهم بإعاقات أو هروبهم خارج الحرب الدائرة إلى بلدان اللجوء، تتجرد النساء من كل آمالهن بمستقبل آمن لهن ولأولادهن وأحبتهن، وتتقلص أحلامهن بالخلاص من استبداد السلطات والمجتمع الذكوري على نحو سواء.




اليوم ونحن على مشارف إنهاء عقد من الحرب، التي لا يزال شبحها جاثماً على صدور كل السوريات والسوريين، تدرك غالبية النساء السوريات على اختلاف مواقعهن وانتماءاتهن بأنه ليس من الصعب صناعة الحرب وإشعال الصراع العسكري الدامي وإنما التحدي الأصعب  هو إيقاف الحرب، الأصعب هو أن ننهض وأن نرمم جراحنا وننفض عنا اليأس، أن نرفض كل القوى التي تريد زج أبناءنا وإخوتنا وأحبتنا في معارك سيحصد ثمارها أمراء الحرب غالباً، هن يدركن اليوم أن الحل السياسي هو السبيل لبناء سلام مستدام ضماناته انتقال سياسي إلى دولة ديمقراطية تعددية، دولة المواطنة الكاملة والمتساوية لكل السوريات والسوريين على اختلافهن/م وتنوعهن/م وهو ما تؤكد الحركة السياسية النسوية عليه في كل أوراقها ووثائقها .


وجدان ناصيف