مداخلة عضوة الأمانة العامة سعاد الأسود ضمن مشاركتها في مؤتمر بروكسل للمانحين لسوريا – نحن نسمعك! دمج أصوات النساء المحليات في عملية السلام السورية

مداخلة عضوة الأمانة العامة في الحركة السياسية النسوية السورية سعاد الأسود ضمن مشاركتها في مؤتمر بروكسل للمانحين لسوريا – نحن نسمعك! دمج أصوات النساء المحليات في عملية السلام السورية في 23 حزيران 2020

تحياتي لجميع الحضور وكل الشكر للاتحاد الأوروبي على دعوته لي ولزميلاتي لإتاحة الفرصة بالمشاركة بهذا الحدث.

جئت إليكم اليوم لأنقل معاناة المرأة في إدلب، التي تعيش في بقعة جغرافية صغيرة، يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة، يتشاركون فيها النزوح والفقر والتشرد وانتهاك الحقوق بسبب حملة النظام الشرسة على مناطقنا.  

نزحت من مدينة كفرنبل أنا وعائلتي وكل أهالي المنطقة منذ أكثر من عام، ولم أشعر بالاستقرار حتى اللحظة بسبب النزوح الدائم وبسبب ولادة ابنتي الصغيرة بعيدة عن بلدي وعن أقربائي، فالنزوح قطع أوصالنا وفرقنا، أبعدني عن النساء اللواتي أسسن معي المركز الذي لطالما جمعنا على دعم بعضنا وتقديم النصائح وتلقي التدريبات، من أجل وصول النساء لمراكز صنع القرار.

رغم كل هذه التحديات مازال لدينا الأمل بأن نجتمع من جديد، هذه التغييرات التي نعيشها هي جزء من التغييرات التي تعيشها كل النساء السوريات. رغم الألم استطاعت المرأة السورية تحقيق شيء إيجابي، ونحن منهن، أصبحنا أكثر معرفة وصلة بالعمل السياسي وبقدراتنا وأصبحنا أكثر معرفة بتأثير الحرب، واستغلال النساء بعد أن أصبحن وحيدات ومعيلات لأسرهن دون مساندة أحد، لذا أصبحنا أكثر معرفة بالتمييز بالقوانين قبل الثورة
وبعدها، فكل ما تم ذكره جعلنا نبحث أكثر عن حقوقنا.

 إنني محظوظة بتواجدي معكن/م اليوم، أتمنى أن تسمعوني لأنني استطعت إيصال صوت النساء فأنا لا أمثل نفسي بتواجدي معكن/م أو في منصة غازي عنتاب أو تواجدي في الحركة السياسية النسوية السورية؛ بل أمثل الكثير من النساء اللواتي يؤمن بدورهن، ويؤمن بأنه لا سلام مستدام بدون تواجدهن في كافة مراكز صنع القرار.

أسسنا من جديد وانطلقنا من بداية الطريق، قدمنا عدة برامج وتدريبات للنساء سياسية وثقافية وتوعوية، ولكن يبقى كل ذلك أدنى من المستوى المطلوب بكثير، فالمعاناة كبيرة والألم أكبر.  

 لن أتحدث عن أنواع المعاناة والتحديات  المختلفة التي واجهتنا، ولكن يمكنني اختصار كل ما تعانيه النساء؛ من وجود  النظام السوري
الذي هجرهن من بلداتهن واحتلها؛ ووجود قوى سيطرة الأمر الواقع
  المستبدة، فالنساء تقع بين فكي كماشة حيث تعاني
من الظروف المعيشية الصعبة والفلتان الأمني وعدم الاستقرار والتنقل المستمر من
منطقة إلى أخرى وهذا يؤثر على مستقبل

أطفالنا، عدا عن تقويض دور المرأة بسبب النزاع المسلح، والتصعيدات الفوضوية، ومع ذلك أثبتت النساء وجودهن في إدلب رغم المعوقات الكثيرة الموجودة على أرض الواقع، وهن بحاجة إلى فرص أكبر لإيصال صوتهن إلى العالم كي لا تختنق  أصواتهن خلف أسوار الواقع المقيت وتضيع بصماتهن في عتمة الجغرافيا المظلمة، لذا  يجب عدم معاقبة مدنيي إدلب بذريعة محاربة الإرهاب.

 نحن النساء معنيات بالتشاركية مع الرجال من أجل الوصول لإيجاد حل سياسي، لأننا مللنا الحرب، وأتعبنا التشرد والنزوح، لأننا نريد
مستقبلاً مشرقاً لأطفالنا لا نريدهم أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة بسبب النزاع في المنطقة، فعند زيارتي للمخيمات والمراكز المتواجدة في عدة مناطق أشاهد الأطفال وأتحدث معهم فاكتشف أنهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، فهنا يكمن الألم الحقيقي لأن هؤلاء الأطفال معول عليهم ببناء سوريا، فكيف لها أن تبنى بأجيال أمية. كما أرى الكثير من النساء مع أطفالهن بخيام صغيرة تفتقر لأدنى مقومات الحياة بعد أن احتل النظام وإيران
بلداتهن.

لنتساعد جميعاً بإيجاد حل سياسي وفقاً للقرارات الدولية، حل سياسي عادل مرتبط بالمساءلة ومحاسبة الجناة من جميع الأطراف كي لا يفلت أحد من العقاب.

لأنه من واجب المجتمع الدولي التوافق من أجل إيجاد حل سياسي لوقف إطلاق نار شامل، وتثبيت هذه الهدنة المؤقتة وتثبيت الخطوة التي تم الاتفاق عليها في سوتشي بين الجانبين التركي والروسي. 

كما أن الواجب الأخلاقي والمصلحي للمجتمع الدولي أن تستقر سوريا من أجل ضمان عودة طوعية وآمنة للاجئات/ين وعودة النازحات/ين إلى مناطق سكناهن/م الأصلية، والكشف عن مصير المعتقلات/ين والمختفيات/ين قسراً، ودعم النساء لأنهن صمام السلام المستدام وهن من يقاوم كل أنواع الاستبداد والظلم في الداخل.

وشكراً لكن/م