عضواتنا وأعضاؤنا

غالية الرحال

غالية الرحال، مواليد 1974، ولدت في مدينة الثورة التابعة لمحافظة الرقة، وعاشت حياتها في مدينة كفرنبل بإدلب، حاصلة على الشهادة الثانوية، قبل الثورة كانت تعمل كمزينة نسائية، مؤسسة منظمة مزايا لتمكين المرأة، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

بدأت غالية مشاركتها في الثورة من خلال العمل الإغاثي، كانت تذهب إلى مدينتي الثورة والرقة، بعد التنسيق والتواصل مع ناشطات/ين هناك، لجلب الأدوية، وكانت تأخذ أطفالها معها من أجل تسهيل مرورها على الحواجز وعدم لفت الأنظار إليها، وذلك بعد أن زرع النظام ومليشياته حواجز في المنطقة، وأصبح من الصعب على الثوار الذهاب إلى الرقة للحصول على الأدوية، باعتبار أن أبسط أنواع الإسعافات الأولية لم تكن متوفرة في كفرنبل، حسب ما تقول غالية.

بعد ذلك بدأت تشارك في المظاهرات، وترفع علم الثورة واللافتات، وتخرج في تشييع الشهيدات والشهداء هي وكثيرات غيرها. رفضها لنظام فاسد ومستبد، وتوقها للعيش بحرية وكرامة في ظل قوانين عادلة، وحكومة نزيهة، كان سبب اندفاعها للمشاركة في الثورة عام 2011، إلا أنها تقول، عندما انحرفت الثورة عن مسارها السلمي عام 2013 وأخذت تتحول إلى ثورة مسلحة، شعرت غالية أن صوت المرأة في الثورة بدأ يتلاشى، وبدأت تركز على العمل المدني، خاصة كل ما يعنى بقضايا المرأة، ومن هنا بدأت هي ومجموعة من النساء، بفكرة تأسيس منظمة مزايا، التي تعد أول منظمة لتمكين المرأة تأسست خلال الثورة، تضم المنظمة عدة مراكز في مناطق مختلفة، تقدم هذه المراكز دورات مهنية وتعليمية، إضافة لدورات أكاديمية ومحاضرات توعوية.

“بغير العمل السياسي والحوار لن تتمكن النساء من إيصال أصواتهن والمطالبة بحقوقهن، خاصة بعد سنوات من الحرب والقتل والدمار دفعت النساء الثمن الأكبر خلالها.”

تشرف غالية على إدارة مكتب المرأة في كفرنبل، وفيه يتم متابعة عمل كافة مراكز ومشاريع منظمة مزايا. تقول غالية: “كان لابد أن نكون يداً واحدة كنساء بعد أن استشهد وهجر أبناؤنا، فألمنا واحد وهدفنا واحد”.

لم تكن غالية في البداية مهتمة بالعمل السياسي، وكان كل تركيزها منصب، خلال السنوات الثلاث الأولى من الثورة، على العمل المدني إلى أن أدركت أنهما مرتبطان ببعضهما البعض، وأن أي تغيير سياسي داخلي أو خارجي يؤثر مباشرة على عملهم كمنظمات مجتمع مدني، وأنه بغير العمل السياسي والحوار لن تتمكن النساء من إيصال أصواتهن والمطالبة بحقوقهن، خاصة بعد سنوات من الحرب والقتل والدمار دفعت النساء الثمن الأكبر خلالها، تقول غالية: “هذه المرحلة مفصلية، تتطلب عملاً سياسياً بحتاً، وبالتالي يجب علينا كنساء، باعتبارنا نحن من نبني المجتمعات، أن نكون جزءاً من هذا العمل، حتى النساء المتواجدات في البيوت، مطالبات بأن يكن على قدر كاف من الوعي السياسي،” وتضيف، “نحن النساء سياسيات بالفطرة”.

ترى غالية أن النساء حوربت من قبل الطرفين، النظام والثورة، وذلك من خلال إبعادهن عن المجال السياسي لأنهم كانوا يشككون بكفاءة المرأة لتكون متواجدة في مراكز صنع القرار، وبالتالي كانوا دائماً يحاولون تهميشها، وإبعادها عن السياسة، إلا أنها تعتبر أن المرأة السورية أثبتت وجودها في كل الأماكن، رغم كافة الظروف والقيود التي كانت مفروضة عليها.

“لكي نستمر في الدفاع عن قضيتنا، علينا استعادة الثقة ببعضنا البعض، وتقبل اختلافاتنا لأن هدفنا واحد.”

عن انضمامها للحركة السياسية النسوية السورية، تقول غالية، إنها وجدت فيها تجسيداً لطموحاتها وأهدافها كامرأة سورية، ونواة تغيير في مستقبل المرأة السورية عموماً. وتأمل من الحركة أن تكون داعمة للنساء الموجودات في المخيمات، سواء على الحدود اللبنانية أو الأردنية أو التركية، وأن تقدم لهن محاضرات سياسية، وأن يصبح للحركة مكاتب في أماكن مختلفة.

ولكي نستمر في الدفاع عن قضيتنا، تؤكد غالية على ضرورة استعادة الثقة ببعضنا البعض، وتقبل اختلافاتنا لأن هدفنا واحد. من أجمل اللحظات التي مرت عليها خلال سنوات الثورة، عندما كرم مركز مزايا أكثر من خمسين امرأة ممن تراوحت أعمارهن بين الستين والسبعين عاماً، وشاركن في المظاهرات وهتفن للحرية، لأنها رأت في عيون تلك النساء اللواتي عايشن ظلم واستبداد نظام الأسد منذ الثمانينات، إصراراً على الاستمرار، وأملاً في المستقبل. أما اللحظات الصعبة التي عاشتها غالية خلال الثورة فتقول، هي كل لحظة خسرت فيها قريباً أو صديقاً. مع ذلك تنظر غالية إلى المستقبل بأمل وإصرار على الاستمرار بالعمل في الشأن العام، من أجل تأمين مستقبل أفضل للأطفال والشابات والشباب السوريات/ين الذين يستحقون العيش بكرامة والحصول على كافة حقوقهن/م الإنسانية.

تحلم غالية بسوريا سليمة متعافية من كل الآلام التي مرت بها، بسوريا آمنة وديمقراطية، حيث يتقبل كل منا الآخر، ويحترمه، وتحصل كافة المواطنات/ون على حريتهن/م وحقوقهن/م التي حرمن/وا منها لسنوات.

تقول غالية: نساء سوريا هن أكثر شريحة عانت عدم الأمان خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي هن أكثر من يستحق العيش بأمان. النساء السوريات حطمن كافة القواعد، فرغم جرحهن الكبير، ألا أنهن مصممات على الاستمرار، وإيصال صوتهن، وإثبات وجودهن، فهن متألقات في كافة المجالات، وجديرات بأن يصبحن في أماكن صنع القرار جنباً إلى جنب مع الرجل. وتقول لهن: “أنتن قويات، ولاتزلن قادرات على الاستمرار في حماية أنفسكن، وبلدكن، وبنائه من جديد بفضل طاقتكن الجبارة، وطموحكن المشترك”.