عضواتنا وأعضاؤنا

فاطمة حميد

فاطمة حميد من مدينة معرة النعمان، إدلب، مقيمة في تركيا. تحمل إجازة في اللغة العربية جامعة حلب، ناشطة ومدافعة عن النساء ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي. عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

تقول فاطمة، انتقلت حديثاً إلى تركيا، كنت أعيش في بلدة كفروما حتى فترة قريبة. عملت بالتدريس ومع منظمات المجتمع المدني، إضافة لتطوعي مع عدة جهات معنية بالشأن الاجتماعي وبالنساء، مثل “شباب التغيير” و”تجمع المرأة السورية” و”الرابطة النسائية” وحالياً متطوعة بمنظمة “الضياء لحماية المرأة”. كما تلقيت عدة تدريبات مع منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق النساء وضد العنف القائم على النوع الاجتماعي مثل “تستقل” و”النساء الآن”. تضيف فاطمة أنها منذ حوالي الخمس سنوات ركزت جهودها كعاملة ومتطوعة بعدة منظمات تعنى بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وعملت كمدربة وباحثة إلى جانب عملها كمدرسة لغة عربية.
وعن خروجها من سوريا تقول فاطمة: أجبرنا على المغادرة بعد تردد أخبار عن إمكانية دخول النظام إلى إدلب، كان هذا كفيلاً باتخاذ قرار الانتقال إلى تركيا، عدا عن قلقي على مستقبل أولادي وتعليمهم.
تتحدث فاطمة عن علاقتها بسوريا قائلة: قبل الثورة لم أكن أشعر أن سوريا ملك لبناتها وأبنائها بل لآل الأسد، لذا تكونت علاقة انتماء لمدينتي وبلدتي، فإدلب كانت دائماً مدينة مهمشة. تشرح فاطمة: علاقتي الأقوى كانت بكفروما ومعرة النعمان، أمضيت طفولتي وشبابي هناك حيث أهلي وأصدقائي. تعزز هذا الانتماء بعد قيام الثورة، فكفروما كانت من أوائل البلدات التي ثارت في إدلب، وقدمت عدداً كبيراً من الشهداء، فمن أصل عدد سكانها الذي كان يقدر بـ 23 ألف نسمة، قدمت هذه البلدة ما يقارب الـ 1000 شهيد، لا يوجد بيت لم يقدم شهيداً، أنا مثلاً أخت لشهيدين.
تستذكر فاطمة بدايات الثورة وتقول: عندما كنت طفلة كان والدي معارضاً لحزب البعث الحاكم، وكان يروي لنا كيف تقلد حافظ الأسد الحكم، وحدثنا عن بطش هذا النظام وعدم شرعيته. عندما بدأت الثورة خرجنا مع والدي في المظاهرات، أنا وعماتي، كانت المظاهرات تجوب البلدات من كفرنبل إلى حاس إلى كفروما فالمعرة. كنا ننتظر يوم الجمعة وكأنه عرس. تتابع فاطمة، مع استمرار الثورة انخرطت في العمل الإغاثي، وتحول بيتي الصغير لمأوى للنازحات/ين الذين كانوا يأتون من البلدات المجاورة، كما عملت مع جمعية المغتربين والشهداء لمساعدة الأرامل، وجمعية “نبأ” للتعليم والإغاثة.
وفي نهاية الـ 2014، حصل منعطف في حياة فاطمة بعد أن استشهد زوجها، تقول: وضعت على عاتقي مسؤوليات أكبر، أصبحت أنا المسؤولة الوحيدة عن أولادي، يجب أن أؤمن دراستهم ومعيشتهم، إلى جانب ذلك يجب أن أستمر في العمل الثوري. تضيف فاطمة، لم أجد مساندة فعلية من محيطي القريب، وبدأت أشعر فعلاً بالأعباء التي تحملها النساء، خاصة الأرامل، فهن مستضعفات في مجتمعنا ويتعرضن للقهر والأذى، أقله النفسي. خضعت لتدريبات عدة، وتطوعت، وعملت مع عدة مراكز تعنى بالنساء وتمكينهن، وبالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وعن وضعها الحالي في البلد الجديد تقول فاطمة: مازلت أمر بفترة إحباط، فالعمل الثوري الذي اعتدت مزاولته في سوريا لا يشبه مثيله في تركيا، كما أن الاستقرار وإيجاد فرصة عمل وخلق شبكة علاقات، وتأمين مدارس للأولاد كلها ليست بالأمور السهلة. مع ذلك تبذل فاطمة جهدها للتأقلم مع الوضع الجديد، فتقول إنها تخضع لتدريبات مع منظمات نسائية ومجتمعية.

’’أتمنى أن تكون الحركة هي صلة الوصل بين السوريات داخل سوريا وخارجها لأننا لا نستطيع إنكار وجود فجوة بين العالمين، حتى لو كنا مختلفات فنحن كسوريات نجتمع على أهداف متقاربة وهموم واحدة، مثل حماية النساء أولاً وتحصيل حقوقهن، ثم تمكينهن سياسياً.‘‘

بدأ اهتمام فاطمة بالعمل السياسي عام 2016، عندما كانت عضوة في منصة إدلب الوطنية كممثلة للمنظمات النسائية، تقول: أعجبت بالعمل السياسي ولدي اهتمام قديم به، إلا أنني ما زلت بحاجة للكثير من التدريبات لأحيط بأصوله. فنحن النساء السوريات عموماً، ونساء إدلب على وجه الخصوص، كنا مقيدات جداً ولم تكن مشاركتنا في الحياة السياسية أو حتى المجتمعية أمراً مستحباً.
وعن التحديات التي تواجه العمل السياسي في سوريا تقول فاطمة: برأيي أن الاقتصاد الهش يعيق النشاط السياسي، فالمواطن الذي يعيش تحت خط الفقر ومحروم من رغيف الخبز، لن يلتفت بسهولة لأي مبادرات تمكين سياسي. الاقتصاد مرتبط بالسياسة والعكس صحيح.
أما عن التحديات التي تواجه المرأة في العمل السياسي، تعتبر فاطمة أن محدودية تعليم النساء، خاصة التعليم العالي، لعبت دوراً كبيراً في الحد من نشاطهن السياسي، غير أن ثقافتنا ومناهجنا لم تكن يوماً مؤمنة بقدرة المرأة على الخوض في غمار الحياة السياسية، حتى العمل السياسي، غالباً ما كان يعتبر شكلياً وغير فعال في سوريا، ولا ننسى أن التمثيل النسائي في الحياة السياسية في سوريا كان شكلياً أيضاً. تضيف فاطمة.
وعن انضمامها لـ “الحركة السياسية النسوية السورية” تقول فاطمة: كنت أتابع منشورات الحركة على وسائل التواصل الاجتماعي، لفتت انتباهي المواضيع التي تطرحها ورؤيتها، حيث تتقاطع مع رؤيتي من حيث تعزيز دور النساء. تقدمت بطلب انتساب للحركة وأصبحت من عضوات الحركة. تؤمن فاطمة أنه سيكون للحركة دوراً في المستقبل، فالعضوات والأعضاء يعملون في أصعدة كافة، من التفاوض السياسي إلى المجال الإعلامي والتشبيك والعلاقات العامة، وكل هذا من شأنه أن يغني التجربة ويبرز دور الحركة.
أتمنى أن تكون الحركة هي صلة الوصل بين السوريات داخل سوريا وخارجها لأننا لا نستطيع إنكار وجود فجوة بين العالمين، حتى لو كن مختلفات فنحن كسوريات نجتمع على أهداف متقاربة وهموم واحدة، مثل حماية النساء أولاً وتحصيل حقوقهن، ثم تمكينهن سياسياً. وفق رأي فاطمة.

’’نحن النساء السوريات عموماً، ونساء إدلب على وجه الخصوص، كنا مقيدات جداً ولم تكن مشاركتنا في الحياة السياسية أو حتى المجتمعية أمراً مستحباً.‘‘

عن سوريا التي تطمح لها فاطمة تقول: أحلم بسوريا حرة لكل السوريات والسوريين، وكل فئات المجتمع، وكافة الأديان والطوائف، سوريا المواطنة، أتمنى أن يأتي يوم وتشعر كل سورية/سوري أن سوريا وطنه.
أقول للسوريات: نحن كنساء لدينا قوة وإصرار وتحدي، نحن قادرات على المشاركة وصناعة القرار، نحن قادرات على التغيير، نحن سند.
من الذكريات المؤلمة في ذاكرة فاطمة، تقول: عندما توفي والدي في ذات اليوم الذي خرج به أخي من السجن، كما أن وفاة زوجي كانت تجربة شديدة القسوة.
تصف فاطمة أجمل موقف عاشته خلال السنوات الثمان الماضية قائلةً: كنت معلمة للصف الأول الابتدائي في إحدى المدارس، وعندما استشهد زوجي كانت حساسية الأطفال لوضعي عالية، فكانوا يحثون بعضهم على الدراسة لوحدهم والجلوس هادئين كي يساعدوني على تجاوز المحنة. وعندما أجرت المدرسة تقييماً للتلاميذ حاز صفي على المرتبة الأولى. هذا أجمل موقف في ذاكرتي.
ومن المواقف التي تشجعني على الاستمرار قول ابني لي: “أنت قدوة لي”.