عضواتنا وأعضاؤنا

هالة الناصر

هالة الناصر، من مدينة الرقة، معلمة صف سابقًا، باحثة في التاريخ الشفوي حاليًا، تقيم في مدينة غازي عينتاب التركية. عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

ولدت هالة في مدينة الرقة، وتصف هالة الرقة بـ “درة الفرات”، وهي تحمل في ذاكرتها كمًا هائلاً من الذكريات الجميلة عن مدينتها: “أحب الرقة، هي درة الفرات. أما الفرات فهو حكاية أخرى، أذكر سهراتي الطويلة مع أهلي على ضفافه، ثم لقاءاتي وساعات طويلة من الألفة والمحبة مع صديقاتي وأصدقائي وزوجي بجانبه. ما زالت الأغاني الفراتية تعشعش عميقًا في ذاكرتي، وأرددها كلما أتيحت المناسبة”.

تحدثنا هالة عن عملها، فتقول: “عملت أكثر من 35 سنة كمعلمة صف لتلاميذ المرحلة الابتدائية في مدارس الرقة. عملي كمدرسة كان تجربة أعتز بها، وحاليًا أقدم خبرتي في مجال التعليم لتدريس بعض أطفال صديقاتنا وأصدقائنا المقيمات/ين في تركيا، على الأحرف والكلمات العربية، حيث أن الطفلات/الأطفال السوريات/ين اللاجئات/ين في تركيا، يعانون من ضعف كبير في اللغة العربية، بسبب دراستهن/م في المدارس التركية”.

“قلت جاء الفرج” تفتتح حديثها هالة عن ردة فعلها إبان انطلاق الثورة في أذار 2011. وتتحدث: “لم أشارك فعليًا في المظاهرات السلمية، ولكنني كنت مؤيدة ومناصرة لها”.

وعن دافعها لتأييد الثورة السورية تقول هالة: “الحرية، وهي أبسط الحقوق، التخلص من الطغمة الحاكمة لعقود طويلة، وبناء دولة المؤسسات والمواطنة هو ما كنت أرغبه وأتمناه من قيام الثورة”.

غادرت هالة سوريا في عام 2014 مجبرة، حيث احتل تنظيم الدولة (داعش) مدينة الرقة: “يعلم الجميع بأن مدينة الرقة هي أول محافظة سورية خرجت عن سيطرة النظام، لتصبح تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة (الجيش الحر). بعد ذلك بدء قصف النظام يشتد على الرقة، الأمر الذي جعلني أضع فكرة مغادرة الرقة نصب عيني، ولكن أكبر دافع جعلني أنفذ فكرتي وبدون تراجع، هي لحظة سيطرة تنظيم الدولة (داعش) على الرقة”.

“أنا أحمل فكرًا علمانيًا، وزوجي ينتمي لأحد الأحزاب الشيوعية (حزب العمل الشيوعي) والذي اعتقل على أثره مدة عشرة سنوات في ثمانينيات القرن الماضي خلال عهد الأسد الأب، وعليه كان زوجي عرضة للاعتقال مرة ثانية من عناصر التنظيم بسبب فكره وميوله التحررية ورفضه للإسلام الراديكالي، وقد وصلتنا تهديدات أكثر من مرة من قبل أعضاء التنظيم، فما كان مني إلا أن اتخذت قرار المغادرة الفورية إلى تركيا ودون تردد” تتابع هالة.

الشعور بالقلق وعدم الاستقرار هو ما ينتاب هالة حاليًا: “أعيش حاليًا مع زوجي في ولاية غازي عينتاب التركية، ومثلنا مثل ملايين السوريات/ين اللاجئات/ين في تركيا، أحمل بطاقة الحماية المؤقتة (الكملك)، لذلك أنا لا أشعر بالاستقرار ودائمًا ما يباغتني شعور القلق، لأنه وكما يعلم الجميع فإن حالة اللاجئات/ين السوريات/ين في تركيا رهن للتغييرات والمصالح السياسية”.

تقول هالة عن الصعوبات التي تواجهها في تركيا: “الوضع المادي هو الأصعب، ثم اللغة، فأنا أجد صعوبة في تعلم اللغة التركية”.

تعمل هالة حاليًا على إجراء مقابلات مع نساء سوريات ضمن مشروع “التاريخ الشفوي” لمنظمة بدائل وعنه تقول هالة: “أجريت عشرات المقابلات مع النساء السوريات ضمن مشروع التاريخ الشفوي لمنظمة بدائل، وعملي هذا أضاف لي الكثير، حيث تعرفت عن قرب على نساء سوريات من مختلف المحافظات السورية، ومن مختلف الأعمار، وكان لكل سيدة سورية تجربة خاصة بها، وحكاية تميزها عن غيرها. أصبح لدي تصور عن سوريا عامة، من ناحية تاريخها، الأحداث التي مرت بها، وإضافة لك ذلك أصبحت لدي شبكة من العلاقات الاجتماعية مع نساء سوريات عملن وقدمن الكثير، وتمكن من إثبات قدراتهن ومهارتهن في مواجهة ظروف اللجوء الصعبة”.

 

“أريد سوريا دولة المواطنة، دولة خالية من قبضات النظام الأمنية، من المليشيات والفصائل المسلحة والجماعات المتطرفة، دولة كرامة وحرية.”

 

“أي عمل سياسي يخالف النظام، هو عمل محكوم عليه بالإعدام” هذا ما تقوله هالة عن التحديات التي تواجه أي عمل سياسي مختلف أو معارض لسياسة النظام السوري قبل عام 2011.

وترى هالة: “قَمَعَ الأسد الأب أي نشاط سياسي يهدد وجوده في السلطة، فزج بمئات السياسيات/ين المناهضات/ين لحكمه في السجون والمعتقلات في ثمانينات القرن الماضي، كما أنه قوض وحارب بعنف أي نشاط أو حراك ثوري ضده. لا يختلف اليوم عن أمس، فالأسد الابن اتبع نهج والده بل كان أشد، ولعل السبب في ذلك انتشار الثورة على مساحة واسعة من سوريا”. تتابع هالة: “إن التحديات لممارسة العمل السياسي اليوم أكبر من السابق، فبالإضافة للتحديات الممارسة من النظام كالقمع والاعتقال، ظهرت تحديات جديدة ترتبط بسيطرة قوى محلية وأجنبية مختلفة على مساحة الأرض السورية، وتحديات أخرى ترتبط بهجرة ملايين السوريات/ين وتشتتهن/م في بقاع مختلفة من العالم، تتسع التحديات وتكبر مع طول فترة الصراع والنزاع السوري. لم تعد التحديات مرتبطة بعوامل خارجية فقط، بل هناك عوامل ذاتية ترجع للسوريات/ين أنفسهن/م، فاليوم نجد أن السوريات/ين غير متفقين وحتى اللحظة على العملية السياسية الخاصة بسوريا وآلياتها، ولابد أن نأخذ بعين الاعتبار أمر خطير، وهو أن هناك ملايين السوريات/ين الذين هاجروا إلى خارج سوريا، أصبحت القضية السورية ليست شغلهم الشاغل، فهم مشغولون بالبحث عن هوية وانتماء، بالبحث عن استقرار جديد وخاصة أن الحل السياسي في سوريا ما يزال يعاني من انسداد الأفق”.

على صعيد التحديات التي تواجه المرأة في العمل السياسي: “العادات والتقاليد البالية تشل حركة المرأة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فما بالك على الصعيد السياسي، هذا واحد من التحديات، هناك التحديات المرتبطة بالأعراف والأديان، وهناك تحديات خلقها النزوح واللجوء، وأخرى أوجدتها سيطرة الجماعات الإسلامية الراديكالية، وتحديات يمكن ردها إلى السلطة الأبوية والذكورية وعدم القدرة وحتى اللحظة على تغيير الصورة النمطية عن المرأة. أستطيع القول إن التحديات كثيرة منها ما كان موجودًا سابقًا، ومنها ما وجد نتيجة للصراع المستمر في سوريا إلى اليوم”.

 

“أريد أن أقول للنساء السوريات؛ حاليًا أمامنا الفرصة المدعومة بمهارتنا وقدراتنا ومعارفنا التي اكتسبناها خلال العشر سنوات الماضية لرفع صوتنا، ولتحقيق مطالبنا، وهدفنا في الوصول إلى العدالة والمساواة واستلام القيادة وصنع القرار.”

 

عن دور الحركة السياسية النسوية وسبب انضمامها لها تقول هالة: “يجب أن يكون هناك تنظيم يجمع النساء، وأعتقد أن الحركة السياسية النسوية السورية قادرة على إيصال صوت النساء السوريات إلى أعلى المستويات، وهي ستتمكن من إيجاد جسد نسوي يغير دور المرأة على كافة الصعد، وسيتيح للنساء السوريات من تولي زمام القيادة والمشاركة في صنع القرارات السياسية في سوريا” هذا ما تعتقده هالة وتؤمن به.

وتتوقع هالة من الحركة: “زيادة وصول النساء إلى مواقع صنع القرار، وتثقيف وتمكين النساء على الصعيد السياسي، أعلم أن التحدي الأكبر لتحقق الحركة أهدافها هو التمويل المادي، ولكن ومن وجهة نظري يمكن تجاوز ذلك التحدي بالعمل الذاتي والإيمان بأن هذا التجمع ضرورة في الوقت الحالي، ولاسيما بأن الحركة تجمع سيدات سوريا من مختلف الجغرافيا السورية ومن مختلف المرجعيات والأيديولوجيات، وهذا الأمر سيؤدي حتمًا ليكون هناك توافق من جميع النساء السوريات على شكل التغيير والمطالب التي تنشدها في سوريا”.

“ابتعدنا كثيرًا عن مطالب ثورتنا التي قامت لأجلها، أشعر بالأسف الشديد لأننا أضعنا البوصلة وتركنا سوريا مسرحًا للأغراب. أحلم بالعودة لسوريا كل يوم، لكن سوريا التي في مخيلتي وليس التي أراها واقعيًا” تصف هالة حال سوريا من وجهة نظرها، وتتابع حديثها عن الأهداف التي قامت من أجلها الثورة وعن سوريا التي حلمت بها: “أريد دولة المواطنة، دولة خالية من قبضات النظام الأمنية، من المليشيات والفصائل المسلحة والجماعات المتطرفة، دولة كرامة وحرية”.

توجه هالة رسالة للنساء السوريات: “قلت سابقًا بأن عملي في التاريخ الشفوي، جعلني أدرك مدى قدرة النساء السوريات على مواجهة العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتحديات الاستثنائية التي أوجدها اللجوء، لمست مدى قدرة النساء على إحداث التغيير. أريد أن أقول للنساء السوريات؛ حاليًا أمامنا الفرصة المدعومة بمهارتنا وقدراتنا ومعارفنا التي اكتسبناها خلال العشر سنوات الماضية لرفع صوتنا، ولتحقيق مطالبنا، وهدفنا في الوصول إلى العدالة والمساواة واستلام القيادة وصنع القرار”.