الأسد في القمة العربية بين الحضور والتجاهل

 

في تاريخ ١٦ أيار ٢٠٢٤ عُقدت القمة العربية في المنامة عاصمة البحرين، التي شارك بها رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهي القمة الثانية التي يحضرها بعد قمة جدة العام الماضي، التي تم فيها إعادة مقعد سوريا إلى نظامه في الجامعة العربية عام ٢٠٢٣.

إن إعادة الأسد للجلوس على كرسي سوريا في القمة العربية وإعادة التطبيع معه كان على أمل أن ينفذ قرارات اجتماع عمان بمنع تهريب المخدرات والعمل على خلق ظروف مناسبة لعودة اللاجئات واللاجئين عودة طوعية وآمنة، والسير بمسار الحل السياسي حسب القرار ٢٢٥٤ والابتعاد عن إيران. 

لكنه لم يلتزم بما تعهد به في زيارته إلى الإمارات قبل دعوته إلى قمة جدة، التي طُرحت فيها مبادرة خطوة مقابل خطوة، التي أطلقها العاهل الأردني من واشنطن في تموز ٢٠٢١، والتي أسفرت عن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية وتشكيل لجنة اتصال عربية لمتابعة تنفيذ اجتماع عمان في أيار ٢٠٢٣ بشأن حل الأزمة السورية لكن النظام لم يقدم شيئاً وتبين عدم قدرته على كبح تصنيع المخدرات وتهريبها، لأن المسؤول عن المخدرات هو الفرقة الرابعة بقيادة أخيه ماهر الأسد. 

كما أنه لم يتخذ خطوات في مسار الحل السياسي، ولم يطلق سراح المعتقلات والمعتقلين، ولم يتم الكشف عن مصير المفقودات والمفقودين، ولم يوفر الظروف المناسبة لعودة اللاجئات واللاجئين.

مما تسبب بتراجع الاهتمام العربي بالملف السوري، وأدى إلى عدم تقديم مساعدات اقتصادية كان النظام يطمح بالحصول عليها نتيجة إفلاس الدولة وشح مواردها، وتسربت معلومات أن زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي إلى دمشق كانت لتحصيل ديون إيران المقدرة بخمسين مليار دولار ومن أجل تملك بعض أصول الدولة.

كما أن الدول العربية غير قادرة على خرق قانون قيصر والعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، ونتيجة لذلك تجمد المسار العربي مع سوريا وتأجل اجتماع لجنة الاتصال العربية في بغداد، الذي كان مقرراً في ٧ أيار الحالي. 

الأسد لم يتحدث في القمة ربما لأنه لا يملك شيئاً ليقوله أو يقدمه، حتى أنه لم يرد على ملك الأردن، الذي طالب بخطابه في القمة العربية بتطبيق سياسة حسن الجوار وضبط الحدود وإنهاء تهريب المخدرات والكبتاغون والأسلحة التي يتصدى لها الأردن بحزم لحماية شبابه من الخطر الخارجي. 

ويمكن تفسير ذلك على أنه إشارة لترتيبات سياسية في المنطقة ومؤشر على أن المرحلة القادمة ستشهد تحولات وتغييرات.

ولقد لوحظ أن رئيس النظام السوري بشار الأسد لم يكن ضمن الرؤساء بالسير على السجادة الحمراء في ممر الشرف، وأن غيابه عنها فسر على أنه إهمال له لعدم التزامه بشروط عودته إلى جامعة الدول العربية. 

إن حضوره للقمة بين أنه موافق على البيان الختامي ولم يعترض عليه، الذي ورد فيه في الفقرة التي تخص سوريا التأكيد على ضرورة إنهاء الأزمة السورية بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وبما يحفظ أمن سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ويحقق مصلحة وطموحات شعبها والتأكيد على أهمية دور لجنة الاتصال العربية والمبادرة العربية لحل الأزمة مع دعم جهود الأمم المتحدة في هذا السياق. 

لقد قام النظام بإجراء تغييرات في بنيته الأمنية والسياسية بعد مؤتمر حزب البعث وذلك لتوجيه رسائل إلى الخارج باستعداده لتسوية من نوع ما، رغم أن الخطاب يوحي بغير ذلك.

إن هدوء الجبهة السورية مع الكيان الإسرائيلي بعد حرب غزة وانفراد النظام عن بقية محور المقاومة في تجنب التورط عسكرياً في حرب غزة هو تقديم نفسه بأنه متميز عن بقية حلفائه في محور المقاومة.

النظام منهك ومدمّر، ولعبة الوقت التي كان يراهن عليها تعمل حالياً في غير صالحه، لأن السوريات والسوريين في مناطقه يعيشون في ظل وضع بائس من الصعب تحمله أكثر من ذلك، والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام ليست أفضل حالاً، وخروج المتظاهرين في إدلب وريفها للمطالبة بعزل الجولاني والإفراج عن المعتقلين لديه والكشف عن مصير المفقودين يضع المنطقة في حالة استنفار وغليان يهدد بغياب الأمن مع ظهور بوادر القمع لتلك المظاهرات والمطالبات.

إن الحركة السياسية النسوية السورية، إذ ترحب بموقف الدول العربية الإيجابي من مطالب الشعب السوري المحقة، الذي انعكس بوضوح في البيان الختامي، تؤكد في الوقت ذاته بأن بقاء الأسد يشكل حجر عثرة في تحقيق أمن واستقرار المنطقة برمتها.

وترى الحركة السياسية النسوية السورية، أن لا جدوى من إعادة تعويم الأسد، وأن إعادته للجلوس على مقعد سوريا في القمة العربية وإعادة التطبيع معه على أمل أن ينفذ قرارات المبادرة العربية وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ لن يفيد، والمؤشرات تبين أن القرار لم يعد بيده.

وتطالب الحركة السياسية النسوية السورية، جامعة الدول العربية بالتعامل الجدي مع الوضع السوري، فاستمرار النظام برئاسة بشار الأسد يعني بقاء المنطقة تحت تهديد الحروب وزعزعة استقرارها. 

مازال السوريون والسوريات مستمرين/ات بمطالبتهم/ن بالتغيير السياسي والانتقال إلى دولة ديمقراطية، دولة القانون والعدالة والمساواة لجميع مواطنيها ومواطناتها.

 

اللجنة السياسية في الحركة السياسية النسوية السورية