ضرورة إشراك المرأة السورية في مفاوضات السلام
- updated: 3 مارس 2022
- |
*هيام الشيروط، عضوة الأمانة العامة في الحركة السياسية النسوية السورية
على الرغم من أن النضال من أجل المساواة قد قطع شوطًا طويلاً، إلا أن الحرب والصراع غالبًا ما يُصيبان النساء بشكل أكبر. لقد كان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن مهمًا في تسليط الضوء على دور المرأة في الحرب والصراع. يستند القرار 1325 لعام 2000 إلى فرضية أن الحرب والصراع يؤثران على النساء والرجال على حد سواء، لذلك يجب أن يشارك كلا الجنسين وأن يكون لهما تأثير في عملية السلام والأمن على الصعيدين المحلي والوطني والدولي. ومنذ سنة 2013 تعزز “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” قيادة المرأة السورية في عمليات صنع القرار وذلك دعمًا للعملية السياسية في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015)، وتماشيًا مع قرار المجلس التاريخي رقم 1325 (2000) الذي ينص على دور المرأة الرئيسي في بناء السلام وصونه.
اتفاقية السلام غالبًا ما تضع الأساس السياسي والمؤسسي لمستقبل البلد واستقراره وتنميته. لذلك فإن مشاركة المرأة في عمليات السلام مهمة. قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون في عام 2016: إن احتمال استمرار اتفاق السلام يزيد بنسبة 35٪ عن 15 عامًا على الأقل إذا كان هناك نساء حول طاولة المفاوضات. ومع أنه قد تم تحقيق مكاسب متعددة لتعزيز مشاركة المرأة على مر السنين بالفعل، سواءً ضمن قوات حفظ السلام أو كقيادات في عمليات السلام والعمليات السياسية في بلادهن، إلا أنه وبعد مرور 20 عاماً على قرار مجلس الأمن فمن الواضح أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين على النساء القيام به. إذ تواصل القيادات النسائية عبر الشبكات والمنظمات المتنوعة قيادة حل النزاعات والتوسط بشكل غير رسمي في إحلال السلام على المستوى الإقليمي والوطني والمجتمعي، والمناصرة السياسية لتحقيق مشاركتهن الكاملة في عمليات السلام والعمليات السياسية، لكن مشاركتهن تبقى في الغالب غير محورية في عمليات السلام الرسمية، حتى في الحالات التي وقّعن فيها على اتفاقيات السلام، كما هو الحال في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.
من الأمثلة الجيدة على أهمية مشاركة المرأة في عمليات السلام؛ عملية السلام في تونس. يعتبر هذا النموذج مفتوحًا وشاملًا للغاية. وهكذا حدث الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية في أعقاب الربيع العربي في عام 2011 دون حرب أهلية.
على الرغم من أن العمليات الشاملة غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا، فمن المرجح أن تجعل السلام يدوم طويلاً. على الرغم من ذلك ما يزال يتم استبعاد 50٪ من السكان في العديد من مفاوضات السلام. وذلك لأن تجربة المرأة ومساهمتها في حل النزاع يتم التغاضي عنها إلى حد كبير. يعكس إشراك المرأة حقيقة أن تمثيل المرأة غالبًا ما يكون ناقصًا في كل من الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة في البلدان المتأثرة بالنزاع.
تْظهر دراسات بين عامي 1992 و2018 أن النساء شكلن 13٪ فقط من مفاوضي السلام، و3٪ من الوسطاء و4٪ من الموقعين على عمليات السلام الرئيسية التي تقودها الأمم المتحدة. وهذا إن دل فإنما يدل على أنه لا يزال الطريق طويلاً أمام النساء بشكل عام. تظهر دراسة للأمم المتحدة من عام 2015 أن 27 في المائة فقط من اتفاقيات السلام المبرمة بعد عام 2000 تشير إلى أن القليل من اتفاقيات السلام تتضمن شروطاً لتحسين وضع المرأة في مرحلة ما بعد الصراع، لذلك وجود المرأة في هكذا اجتماعات ضروري جداً لتسليط الضوء على دور المرأة والمطالبة بحقوقها المشروعة.
ما يزال هناك أمامنا طريق طويل لقطعه، لنصل لمرحلة مشاركة المرأة في عمليات السلام ومفاوضات السلام على قدم المساواة مع الرجل، وما يزال هناك عدد قليل من اتفاقيات السلام التي يتم الحفاظ فيها على منظور النوع الاجتماعي بطريقة مرضية. وتتمثل إحدى طرق زيادة نسبة النساء المشاركات في عمليات السلام في إقامة تعاون إقليمي وشبكات لتبادل الخبرات، وهذا بحد ذاته حافز للمرأة لإظهار قدرتها والاستعداد للمرحلة القادمة.
سعيدة جداً أن المرأة السورية استطاعت التأثير في المسائل المتعلقة بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي في العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة وساهمت بتحقيق مكاسب في هذا الصدد، بما في ذلك:
ـ المناصرة من أجل تشكيل المجلس الاستشاري النسائي في سنة ٢٠١٦.
ـ الدعوة إلى وضع حد أدنى لحصة النساء في المؤسسات وهيئات صنع القرار، وبالتالي النجاح في جعل المرأة تُشكل ٣٠% من أعضاء الهيئة الدستورية التي تأسست بموجب قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤.
ـ المناصرة من أجل إدماج مراعاة منظور النوع الاجتماعي في العديد من الوثائق الأساسية المتعلقة بالعملية السياسية.
لحسن الحظ، أنه ومنذ عام ٢٠١٩ قُدمت ٩ نساء سوريات رفيعات المستوى أمام مجلس الأمن، وعكسن الاهتمام المتزايد بدور المرأة في السياق السوري.
وعلى الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه النساء على أرض الواقع، وحقيقة أنهن يشكلن أكثر من نصف الشعب السوري، إلا أنه ما يزال وبشكل واضح ينقصهن التمثيل في عملية السلام التي تسعى إلى إنهاء الصراع. خلال الجولة الرابعة من محادثات السلام في جنيف، شكلت النساء السوريات 15٪ فقط من جملة المشاركين والمشاركات. إشراك المرأة السورية في مفاوضات السلام ضروري جداً لتحقيق سلام دائم نحلم فيه في سوريتنا الجديدة.
قد يكون الطريق طويلاً أمامنا لتحقيق المساواة في مفاوضات السلام وعمليات السلام. ومع ذلك فإن التقدم المطرد الذي نشهده على مستوى العالم، والإجماع الأوسع نطاقاً بين العديد من مناطق العالم على أن هذه معركة تستحق القتال، يُظهر أننا نسير في الاتجاه الصحيح.
*كل ما ذكر في المقال يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة السياسية النسوية السورية