كيف تضررت المرأة السورية من اللجوء غير الشرعي (التهريب)؟
- updated: 26 أكتوبر 2020
- |
*فرانسوا زنكيح
اندلع النزاع المسلح في سوريا في آذار 2011، وخلف إلى اليوم ظروفاً معيشية صعبة، وخطراً كبيراً على معظم السوريات والسوريين، لذا اضطر واحد من بين اثنين من السوريين (نساءً ورجالاً وأطفالاً)، للنزوح قسراً منذ بداية النزاع.
كيف تم تنميط النساء بناء على جنسهنّ في عمليات التهريب؟
اضطرت مئات الآلاف من النساء السوريات لمغادرة بلادهن بطرق غير شرعية، هذا ما جعلهن عرضة لشتى أنواع المشاكل والمخاطر، وبدورهم تعرض الأطفال المرافقون للأمهات لنفس المخاطر باعتبار الأم هي الملازم للطفل في مختلف الظروف، حسب أعراف المجتمعات التقليدية.
أما بالنسبة للمصاعب التي واجهتها وتواجهها النساء العازبات خلال رحلات اللجوء أو النزوح فتتمثل باستغلال المهربين لهن مادياً وفي بعض الحالات جنسياً، إضافة إلى فرض عقبات على تحركاتهن مستقاة من المجتمع الذكوري المحكوم بسلطات اجتماعية ودينية، كاشتراط وجود رجل مرافقلهن من أقارب الدرجة الأولى أو ما يسمى بـ “محرم”.
التوزع الجغرافي للاجئات واللاجئين السوريات/ين حول العالم
منذ ثمانينات القرن الماضي، لعب القمع السياسي والفكري، إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية دوراً في هجرة الكثير من السوريات والسوريين قسراً من بلادهنم، فمنهنم من كان ملاحقاً لانتماءات سياسية وحزبية، كالانتساب لصفوف الحزب الشيوعي أو حركة الإخوان المسلمين، إلا أن هجرة السوريات والسوريين بعد عام 2011، كانت أكثر كثافة ومسبباتها أكثر قسوة وإيلاماً، حيث اضطر الملايين منهنم لمغادرة سوريا أو النزوح داخلياً، بسبب النزاع المسلح.
كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في آخر إحصائية أجرتها بتاريخ 30 كانون الثاني 2020، عن أعداد اللاجئات واللاجئين السوريات/ين في دول الجوار، والذي بلغ 5,556,417 لاجئةً ولاجئاً، منهم 3,576,344 لاجئة ولاجئ في تركيا، و915 ألف لاجئة ولاجئ في لبنان، و655 ألف لاجئة ولاجئ في الأردن.
وأشارت المفوضية إلى أن أعداد اللاجئات/ين السوريات/ين في عام 2020، آخذة بالارتفاع، وذلك نظراً للأوضاع المأساوية التي سببتها الحـرب في البلاد.
وتقدر أعداد اللاجئات/ين السوريات/ين حول العالم بـ 13 مليون، منهم ما يقارب الـ ثلاثة ملايين في أوروبا، فيما يتوزع الباقون في دول الجوار وأمريكا الشمالية.
الصعوبات التي تواجه اللاجئين عموماً واللاجئات خصوصاً
تواجه الكثير من اللاجئات/ين صعوبات في الاندماج مع المجتمعات المضيفة وتحصيل حياة كريمة، وذلك لأسبا ، منها عدم إتقان لغة البلد المضيف، والتأثير النفسي الذي خلفته الحرب في نفوس هؤلاء. أما التركيز على النساء فيعود لطبيعة المجتمع السوري الذكورية، وليس من باب التمييز، فالنساء اللواتي عشن التهميش في مجتمعاتهن يصعب على كثيرات منهن الانخراط في سوق العمل وبرامج الاندماج والتعليم لسببين، بعض النساء انتقلت إلى دول جديدة برفقة عائلات ذكورية أو غير مؤمنة بحقوق وحريات النساء، وبالتالي تمارس هذه العائلات ضغطاً أكبر على بناتهن في المجتمع الجديد، والسبب الثاني، رهبة بعض النساء من الانخراط في المجتمع الجديد والبحث عن الاستقلالية خشية من نظرة المجتمع السوري أو العربي عموماً، المحيط بهن في البلد المضيف.
بالرغم من الصعوبات المذكورة إلا أن نسبة كبيرة من السوريات اخترن العمل أو مواصلة التعليم وبناء قدراتهن متحديات معوقات المجتمعين، الأصلي والمضيف.
على كل من يعمل من أجل سوريا أن يراعي المساواة الجندرية الحقة، فبإقصاء النساء لا يمكن بناء السلام، وهذه ليست دعوة لـ “منح” النساء حقوقهن، لأن الحقوق ليست ملكاً لفئة معينة تقرر منحها، فالنساء صاحبات حقوقهن أصلاً وكل ما يلزم هو استردادها.
رأي القانون في التهريب ومحاولات اللجوء غير الشرعية
على الرغم من معظم من سلك طريق الهجرة غير الشرعية فعلها مدفوعاً بظروف قاسية للغاية في بلاده، إلا أن القانون يدين ذلك باعتبار التهريب يجعل الأشخاص عرضة للاستغلال والمخاطرة بالحياة، كما ويدين المهربين وكل من يساهم بالاتجار بالبشر ويعتبر عملهم جريمة جنائية، أما من منظور إنساني فينبغي البحث عن حلول مجدية للحد من الهجرة غير الشرعية.
النساء وأطفالهن في عمليات التهريب
تواجه النساء المصطحبات لأطفال صعوبات مضاعفة خلال التهريب بسبب تحملهن مسؤولية سلامة الأطفال في رحلات شاقة قد لا يقوون عليها. بدورهم يعتبر المهربون وجود أطفال في الرحلة بمثابة عائق، حيث لا يمكنهم التحكم بتصرفات الطفلة أو بكائها، وذلك قد يؤدي إلى كشف عملية التهريب وإحباطها، هذا من شأنه أن يضع المرأة المصطحبة لأطفال تحت رحمة المهرب الذي يفرض عليها شروطاً أكثر للقبول بتهريبها، وفي بعض الأحيان يقوم بتركها وأطفالها في منتصف الطريق كيلا يفتضح أمر عملية التهريب.
توصيات واقتراحات حلول
المسبب الأول لمعظم حالات اللجوء حول العالم هي الحروب، ويشكل اضطرار أعداد كبيرة من الأشخاص للهجرة، تهديداً لبلدانهن/م الأصلية وتغييراً ديموغرافياً خطير الأثر، لذلك تكرس عدة دول جهودها لبناء السلام ودعم الاستقرار في البلاد المتضررة من الحروب. وفي الحالة السورية، وبرأيي الشخصي، الحلول السياسية هي مفتاح حل مشاكل اللجوء، إلى جانب ضرورة تكثيف الدعم الإنساني للمناطق والأشخاص المتضررات/ين، والتركيز الجدي على دعم الاستقرار العام، الأمني والاقتصادي والقانوني، والأخذ بعين الاعتبار أهمية المساواة في دعم هذا الاستقرار لتكافؤ الفرص أمام الجميع دون تمييز جندري أو قومي أو اجتماعي، إلخ.
يساهم ذلك في خلق فرص عمل أكثر وبالتالي توفير حياة كريمة للمواطنات والمواطنين، كما أن تنمية قدرات الشابات والشباب من شأنها أن تلعب دوراً كبيراً، كونه لديهن/م القدرة والطاقة، ويعول عليهن/م في صناعة التغيير.
لا نغفل أهمية دور الاندماج في الدول المضيفة للسوريات والسوريين، ويتمثل ذلك في التعليم، وتعلم لغات هذه الدول، والانخراط بسوق العمل، وفي الحياة الاجتماعية والثقافية، وهذا من شأنه خلق تبادل معرفي بين اللاجئ/ة والمضيف/ة وبالتالي تحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية وقانونية للاجئات واللاجئين.
*المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة