دور السياسيات الشابات في مستقبل سوريا

*آلاء المحمد

 

مع انطلاق الثورة السورية، كنت واحدة من بين 10 نساء وربما أقل يخرجن في المظاهرات الطيارة في منطقتي “الحجر الأسود” جنوب العاصمة دمشق، كانت مشاركتي في الانتفاض ضد نظام ظالم قمعي ديكتاتوري نابعة من مشاعر رغبة بالعيش في دولة مدنية قائمة في حكمها على الديمقراطية، رغم أنني لم أكن في ذلك الوقت أعرف كثيراً عن النظام المدني أو الدولة الديمقراطية.

ومرت السنوات وبدأت انخرط أكثر في الشأن السوري من خلال مجال عملي في الصحافة، وزادت رغبتي في دخول المجال السياسي وكان الحركة السياسية النسوية السورية هي أول جسم سياسي سوري انضم له.

 

مؤتمر الحركة

وكانت مشاركتي الأولى في المؤتمر العام الرابع للحركة السياسية النسوية السورية المنعقد تحت شعار “السوريات صانعات القرار” من 1 إلى 4 تموز 2022، تجربة غير عادية بالنسبة لي، ابتداءً من النقاشات التي دارت خلال المؤتمر، إلى العملية الانتخابية للهيئة العامة في الحركة التي رفعت حماسي للعمل السياسي وجعلتني أؤمن أكثر أن لكل صوت صدى ولابد أن يظهر تأثيره على أرض الواقع.

في اليوم الأول أطلق معرض “مَوْجة” في مدينة باريس، كما تم إطلاق معرض مَوْجة التفاعلي الافتراضي، عبر موقع الحركة السياسية النسوية السورية، والذي بحث في ارتدادات الربيع العربي على الموجة النسوية السورية الحالية، كما يتلّمس أثر الحركة السياسية النسوية السورية بعد خمسة أعوام على تأسيسها في كسر الصورة النمطية لواقع النساء، وفي تحريك تلك الموجة باتجاه تحقيق حضور المرأة في الشأن العام وعلى طاولة القرار السياسي.

ومن الأمور التي لمستها في المؤتمر العام الرابع للحركة، هو التنوع الكبير الموجود بين عضوات وأعضاء الحركة، وهذا يعني أنها تجلب أكبر عدد ممكن من وجهات النظر والتي من شأنها أن تساهم أكثر في تحفيز السياسيات والسياسيين للاستمرار في المعترك السياسي وصولاً إلى طاولة اتخاذ القرار.

تأسست الحركة السياسية النسوية السورية في تشرين الأول عام ٢٠١٧، من اجتماع عدة نساء سياسيات وناشطات نسويات في باريس، وذلك رداً على التهميش السياسي الذي طالما تعرضت له المرأة السورية، وبدأت بالتوسع حتى أصبحت تضم نسويات ونسويين موزعات/ين في مختلف المناطق السورية وفي دول الجوار واللجوء.

 

السياسيات الشابات ودور الحركة في التمكين

أركز هنا، على أن الحركة من المؤسسات السياسية التي تهتم بالخبرات الشابة، وتعطي أهمية لدور الشابات والشباب، ومن ضمن الأهداف التي تسعى لتحقيقها هي دعم الفئات الشابة وتدريبهم من أجل أن يدخلوا النضال السياسي والنسوي، وذلك من خلال برنامج الإرشاد السياسي الذي أطلقته السنة الماضية، وهو برنامج تدريبي سياسي داخلي يتم من خلاله تبادل الخبرات.

وعلى الصعيد الشخصي، قدمت لي الحركة كثيراً، بالرغم من أن انضمامي لها لم يمضي عليه إلا بضعة شهور فقط، إلا أنني استطعت أن أجمع بين العمل النسوي والسياسي والصحفي معاً، إضافة إلى التعلم من السياسيات السوريات المخضرمات وكسب المعرفة وبناء جسور تواصل ساهمت في رفع الوعي السياسي لدي.

وكنت إحدى المشاركات في كتابة التقرير السياسي السنوي للحركة، وبالرغم من سنوات عملي بالمجال الصحفي إلا أني لم أعمل سابقًا على كتابة تقرير سياسي بهذا العمق، هذه التجربة علمتني كثيراً، جعلتني أكثر قدرة على تحليل الموقف السياسي وتفصيله ومعرفة الأدوات الأساسية في الكتابات السياسية. 

وفيما يتعلق بدور الشابات السياسيات قالت عضوة الحركة رويدة كنعان، أن الشابات والشباب هن/م الأقدر على فهم احتياجاتهن/م والتعبير عنها، ولديهن/م أفكار تغني أي نقاش سياسي وتساعد باتخاذ القرارات، أيضاً هن/م مفتاح لأي تغيير في المجتمع، وأضافت أنه يجب أن يكون لهن/م دور مهم في الحياة السياسية تبدأ من المرحلة الثانوية والجامعية وما بعد، سواءً بالاهتمام أو المشاركة من خلال النقابات والاتحادات الطلابية والعمالية وفي الأحزاب والحركات السورية وفي العملية السياسية الحالية. 

ولفتت رويدة، إلى أن الحياة السياسية معطلة على الأغلب في جميع مناطق سوريا ومسيطر عليها من قبل سلطات لا تعمل على إدماج الفئة الشابة فيها، ما أدى إلى ابتعاد الشابات والشباب عن الاهتمام والمشاركة. 

ونوهت إلى أن الحركة السياسية النسوية السورية تحرص على تفعيل دور الشابات من خلال عدة برامج كـ “برنامـج الإرشـاد السـياسي” الـذي التزمـت فيــه مجموعــة مــن العضوات الفاعلات وشــكلن ثنائيات من طالبـات الإرشــاد والمرشدات الخبيرات بالحقل السياسي.

وكانت الحركة السياسية النسوية السورية قد شكلت فريقًا للشابات التقين للمرة الأولى في جنيف 2022. أيضًا كان للشابات السياسيات دور في اللقاءات التي قامت بها الحركة، وهذا يفيد في تمكين الشابات وأيضًا في نقل مطالبهن لصانعي القرارات بالإضافة الى مشاركتهن في ورشات التمكين التي تقوم بها الحركة.

ورأت أليس مفرج أنه سيكون للحركة السياسية النسوية السورية دورًا استثنائيًا، بما تقوم به الآن بإنتاج خط سياسي نسوي، وتثقيل القطب الديمقراطي من خلال التحالفات التي تقوم بها، والتي تعمل ببرامجها السياسية على مضامين التغيير الجذرية بمواقفها غير المرتهنة للأجندات الإقليمية والدولية، وأن تتمثل بشكل رسمي بالعملية السياسية على طاولة المفاوضات.

وأضافت أنه لا يكفينا العمل على تفعيل النسبة بما لا يقل عن 30%، بل التواجد بجسمها السياسي وثقلها النسوي، وليس شرطًا لازمًا أن تعمل على تمثيل الحركة النسوية بما تمثله من تجمعات ومنظمات نسوية إطارية بشكل عام، بل بما تتقاطع معها بهذا التمثيل.

 

هل حضور المرأة في السياسة كافٍ

إن ما تعمل عليه الحركة السياسية النسوية السورية من تمكين سياسي للنساء السوريات الشابات تحديداً، يأتي من رؤيتها المستقبلية لرفع نسبة تواجد المرأة في المجال السياسي وفي أماكن صنع القرار، لأنه ورغم التطورات التي شهدتها المرأة في مختلف المجالات خلال العشر سنوات الماضية، إلا أن حضورها في الحقل السياسي وفي دوائر صنع القرار مازال متدنيًا.

وأخذت مشاركة المرأة في السياسة طابع الاختزال، لأنها اعتمدت على معايير الأرقام والإحصائيات والنسب الجندرية، من دون أن يتم تحليل تموضع المرأة داخل المنظومة السياسية، أو تحليل الموازين والقدرات والفرص الممنوحة والصلاحيات المتاحة لها، وظهر تأثير هذا الأمر على مشاركة المرأة في المؤتمرات والمنظمات والمفاوضات، والذي أعطاها في بعض الأحيان أمرًا شكليًا لا أثر حقيقياً له على تغيير دور المرأة في صنع القرارات أو إحلال السلام.

ويجب أن نذكر، أنه ليس من الضروري ذكر كل قصص النجاح للسوريات في المجالات السياسية حتى نضمن لهن الدعم، ولا يمكن تجاهل أن الكثير من السياسيات السوريات لمعت أسماؤهن وكان لهن أثرهن الواضح، وحصلن على تزكية دولية، وجوائز واعتراف وتقدير.

لذلك حان الوقت لدعم النساء ليكن شريكات في صنع القرار السياسي والمصيري في سوريا، وأن يكن شريكات في كتابة الدستور وبناء مضامينه السياسية والمجتمعية والقانونية.

 

*كل ما ذكر في المقال يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة السياسية النسوية السورية