اجتماع الحركة السياسية النسوية السورية مع المجلس الاستشاري النسائي

اجتمعت الهيئة العامة للحركة السياسية النسوية السورية مع المجلس الاستشاري النسائي، افتراضياً عبر تطبيق الزوم، يوم الاثنين 19 شباط 2024. مثلت المجلس الاستشاري النسائي خلال اللقاء عضوتا المجلس صباح الحلاق وسوسن زكزك، وأدارت الجلسة عضوة لجنة الحوارات في الحركة إنصاف نصر.

هدف الاجتماع إلى التعريف بعمل المجلس الاستشاري النسائي، وتبادل آخر التطورات والمستجدات السياسية على الساحة السورية، وبحث سبل التعاون بين الحركة السياسية النسوية السورية والمجلس الاستشاري النسائي وباقي الأجسام السياسية السورية. 

بدأت الجلسة عن كيفية تشكيل المجلس الاستشاري النسائي في عام 2016، حيث لم تكنّ النساء ممثلات في العملية السياسية بشكل كاف، وهدف المجلس لتناول العملية السياسية من منظور جندري، ولضمان تمثيل المنظورات المتنوعة للنساء وجدول أعمال المساواة بين الجنسين في كافة المراحل السياسية، بما في ذلك محادثات السلام في جنيف، وأيضاً تماشياً مع قرار مجلس الأمن 1325، وقرار مجلس الأمن 2254، الذي شجع على مشاركة المرأة في العملية السياسية في سوريا.

وعن خطوات تشكيل المجلس وضحت عضوتا المجلس الاستشاري النسائي أن التشكيل تم بمبادرة من النساء السوريات، وتحديداً من “مبادرة نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية”. حيث بدأت “رابطة النساء السوريات” العمل في مناقشة حقوق النساء في الدستور، ثم حصلت شراكة ضمن “تجمع سوريات من أجل الديمقراطية”، وتم العمل خلال عام 2012 على المبادئ الدستورية التي أنجزت وثيقة “نتطلع إلى دستور ديمقراطي”. تم بعدها التواصل مع المعارضة السورية وعدداً من الدول المهتمة بالقضية السورية، إلى أن سنحت الفرصة للقاء على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2013، وبعدها دعا مكتب المرأة للأمم المتحدة في تشرين الثاني 2013 إلى اجتماع ونتج عنه تشكيل “مبادرة نساء سوريات” في عام 2014، لكن للأسف عند إعداد أوراق المبادرة لم يكن هناك توافق على صياغة دور كامل العضوية للنساء، وإنما حتى في وثائق المبادرة تم تحديد دور النساء كاستشاريات. بعدها بدأت “مبادرة النساء السوريات” في عمليات ضغط من أجل حجز حصة للنساء السوريات على طاولة المفاوضات، والعمل لتجاوز هذا القصور في أن يكون دورها استشارية وليس دور حقيقي فاعل، ولكن لم توافق القوى المتفاوضة، (النظام وهيئة التفاوض)، بينما تم الترحيب بدور المرأة من قبل مبعوث الأمم المتحدة “ستيفان ديمستورا”، وبعد أن تم عقد اجتماع للمبادرة في جنيف أعلن المبعوث الأممي عن تشكيل المجلس. 

تتكون عضوية المجلس من /17/ امرأة من خلفيات وانتماءات متنوعة، ملتزمات بدعم حقوق النساء والعمل نحو تحقيق تسوية سياسية عادلة ومستدامة في سوريا تلبي تطلعات جميع السوريات والسوريين. 

تقول المتحدثة باسم المجلس الاستشاري النسائي: بدأنا في المجلس بمهمة واضحة، وهي وضع كل حقوق النساء السوريات على طاولة المفاوضات، وبدأنا العمل على ضمان الحساسية الجندرية للمواضيع التي تطرح على طاولة المفاوضات، على سبيل المثال، في ملف عودة اللاجئين واللاجئات، طرحنا موضوع النساء اللاجئات المتزوجات من غير السوريين، وعالجنا موضوع قضايا الانتخاب، وكيف يمكن أن تكون حساسة لاحتياجات النساء السوريات، ووضعنا أربع سيناريوهات مقترحة للانتقال السياسي، ومن ضمن هذه السيناريوهات، جرى لأول مرة في مسار عملية التفاوض اقتراح وجود ممثلات وممثلين عن المجتمع المدني كطرف ثالث في المفاوضات في اللجنة الدستورية.

وخلال الجلسة تم الرد على العديد من الانتقادات التي وجهت للمجلس الاستشاري النسائي، مثل غياب المعايير الواضحة في اختيار عضوات المجلس، ودور المجلس في تكريس دور النساء كاستشاريات بدلاً من أن يكون لهن مكانة حقيقية ومؤثرة في العملية السياسية، ووجهت عدة تساؤلات كذلك حول كيفية تحقيق المجلس لأهدافه الأساسية، ودعم حقوق المرأة ضمن السياق السوري الصعب والمعقد.

بالنسبة للمعايير في اختيار السيدات لعضوية المجلس الاستشاري، وضحت الضيفات أن من أهم المعايير التي يتم الالتزام بها التنوع الجغرافي والأيديولوجي والسياسي والمناطقي.

ومن أبرز التحديات التي واجهت المجلس الاستشاري النسائي أنه يُمنع على كل الهيئات الاستشارية -وليس فقط المجلس الاستشاري النسائي- أن تعلن عن الأعمال التي تقوم بها. وذلك لأن المجلس استشاري ووظيفته تقديم الاستشارات لمكتب المبعوث الأممي، فهو ليس طرفاً مفاوضاً حتى يعلن عن مواقفه السياسية، وتضيف الضيفة: “حاولنا تجاوز هذا الأمر في بداية عملنا من خلال عقد مؤتمر صحفي. ورغم الانتقادات التي وجهت للمجلس الاستشاري أراه خطوة مهمة في نضال المرأة السورية، حيث أن صوت النساء السوريات أصبح مسموعاً لدى المبعوث الدولي، وهذه تعتبر خطوة إيجابية”.

وفيما يخص مبدأ التوافق في المجلس الاستشاري، تقول عضوة المجلس الاستشاري النسائي: نحن في المجلس من إيديولوجيات وميول سياسية مختلفة، فالوصول إلى توافق حقيقي كان من أصعب الأشياء التي واجهتنا، ونحن بحاجة للتوافق في اللجنة الدستورية أيضاً، وكل عمليات التفاوض تحتاج لتوافقات.

لقد قام المجلس الاستشاري بعقد اجتماعات مع أجسام المعارضة، فاجتمع المجلس مع منصة القاهرة ومنصة موسكو والائتلاف، وقد ساعد المجلس الاستشاري في توحيد وفد المعارضة، فبعد أن التقى المجلس بكل المنصات ودعا لتوحيدهم تم تشكيل هيئة التفاوض. وتم الضغط من قبل المجلس الاستشاري النسائي لزيادة نسبة مشاركة النساء في هذه الأجسام، وعلى أثر هذا الضغط زاد عدد النساء المشاركات في اللجنة الدستورية، حيث وصل إلى 28 امرأة، وهذا بالطبع ليس نتيجة عمل المجلس الاستشاري النسائي فقط، بل يعتبر نتاج النضال النسوي السوري بشكل عام.

وعند السؤال عن خطط المجلس الاستشاري النسائي المستقبلية للخروج بخطوة معينة في مسار العملية السياسية السورية أجابت الضيفة: أن هناك عدد من الملفات أمام المجلس الاستشاري، ليست أبحاثاً، إنما هي وصف واقعي لما يحصل في سوريا وبخاصة على النساء، كالتعليم واللامركزية. بالإضافة إلى دور المجلس في التواصل ما بين النساء على الأرض والأمم المتحدة. وتضيف الضيفة: بعد أن تم تعطيل العملية السياسية نقوم بالتواصل مع المبعوثات/ين الدوليات/ين بشكل دائم، والضغط عليهن/م لتحريك العملية السياسية، وفق القرار 2254. 

وعند نقاش الكوتا وأهميتها في هذه المرحلة، تم الاتفاق على أنها تكسر الاستبعاد للنساء سواء عند النظام أو المعارضة، فتواجد النساء على طاولة المفاوضات ليس من أولوياتهم، لكن الضغط من الحركة السياسية النسوية السورية والمجلس الاستشاري النسائي وغيرها من الأجسام النسوية والنسائية أتى بالنتائج، فالكوتا تدبير إيجابي مؤقت يستخدمه العالم إلى حين وصول النساء إلى نسبة المناصفة. 

وخلال النقاش تم الاتفاق على أن على الأجسام النسائية والنسوية أن تدعم بعضها البعض. وعن إمكانية الدعم المتبادل بين المجلس الاستشاري النسائي والحركة السياسية النسوية السورية تم الاتفاق على إمكانية عقد لقاءات دورية بين عضوات المجلس الاستشاري النسائي اللواتي يحملن نفس فكر الحركة السياسية النسوية السورية والتعريف خلال هذه اللقاءات بمخرجات أعمال المجلس. كما يمكن الدعم في القضايا التي تراها الحركة السياسية النسوية هامة ويجب طرحها على طاولة المفاوضات. 

وفي النهاية، تم التأكيد أن الحركة السياسية النسوية السورية نجحت بتجاوز الانقسام السياسي، فالحركة لديها أجندة واضحة تتوافق عليها بغض النظر عن التنوع السياسي لعضواتها وأعضائها، فمن المهم جداً المحافظة على وحدة الحركة السياسية النسوية السورية، لأن النساء في سوريا يعانين من التهميش والإقصاء سواء في المناطق التي يسيطر عليها النظام أو التي تقع خارج سيطرته، وأن الحركة السياسية النسوية السورية يمكنها أن تلعب دوراً هاماً في دعمهن وتمكينهن والمناصرة لقضاياهن، وسيكون ذلك إنجازاً مهماً للسوريات.