النادي الثقافي للحركة ميدياتك وفيلم “المبلغون”

 

ناقش النادي الثقافي للحركة السياسية النسوية السورية “ميدياتك” في جلسته التي أقيمت يوم الجمعة 27 تشرين الأول 2023، عبر تطبيق زووم، فيلم “المبلغون”، بحضور عدد من عضوات وأعضاء الحركة السياسية النسوية السورية، يسرت الجلسة عضوة الحركة خلود العسراوي.

نال فيلم “المبلغون” عدة جوائز، من أهمها جائزة أفضل مخرج عام 2011، وأفضل فيلم عام 2010. 

الفيلم مقتبس من قصة سيرة ذاتية وشهادة حقيقية عن أوضاع اضطهاد النساء في حالة الحرب، حيث يروي الفيلم كيف يمكن لأفراد مخلصين للقيم الإنسانية أن يغيروا بأفعالهم الشجاعة والمؤثرة الواقع المظلم المسكوت عنه بسبب النفوذ وتسلط الأقوى.

حيث قامت بطلة الفيلم وهي شرطية من الولايات المتحدة الأمريكية تدعى “كاترين بولكوفاك” التي شغلت منصب راعية للسلام لدى إحدى شركات المقاولات العسكرية الخاصة عند نهاية الحرب بين البوسنة والهرسك في عام 1999م. 

لنرى خلال تجربتها القاسية الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البوسنة. فالشرطية تكتشف شبكة للإتجار بالنساء من أجل غايات جنسية. تعذّب مراهقات البلاد ونسائها بأكثر الطرق إذلالاً، حيث تستخدم أجسادهن كسلعة للبيع والتربّح دون أي وازع أخلاقي أو قانوني كونهم محصنين دوليّاً من خلال مناصبهم التي يشغلونها. 

وكشفت الشرطية كيف يعمل الموظفون/ات في حفظ السلام على تأمين غطاء عسكري وسياسي لمافيا الإتجار بالبشر المخالفة لكل قيم حقوق الإنسان والقوانين التي من المفترض أن تحمي الأضعف من الانتهاك.

لنشاهد أثناء مرور الوقت اللحظات العصيبة التي تعيشها الشرطية كاترين عند كشفها احتجاز فتيات قاصرات وبيعهن وشرائهن في عملية اتجار جنسي، وكيف أن الموظفون/ات في قوات حفظ السلام والشرطة المحلية وأفراد في منظمات دولية يشتركون في ذلك الجرم. الفيلم يتناول فساد المؤسسات الدولية، وهو أمر مهم جداً، فنادراً ما يتم تسليط الضوء على فساد هذه المؤسسات وشبكات الفساد فيها. 

وعندما قدمت الشرطية شهادتها إلى رؤسائها، تم تجاهلها، وعند إصرارها على متابعة خيوط الجريمة تم طردها وتهديد سلامتها وسلامة ابنتها، لتعمل بعد ذلك على نشر الحقائق عبر قناة BBC معرضة نفسها لخطر كبير.

يتناول الفيلم أيضاً الاحتقان الطائفي، فمن المعرف مدى التجييش في البوسنة والهرسك ضد المسلمين/ات في ذلك الوقت. ففي بداية الفيلم كانت إحدى المحجبات قد تعرضت للضرب من زوجها لعدة مرات، واشتكت لقوات حفظ السلام من الأمر وطلبت منهم الحماية، فاستهزأوا منها، ورفض المحامون الدفاع عنها وكانت في كل مرة كانت تعاد إلى البيت الذي كانت تُعنف فيه، فهم يعتبرون أنها لا يجب أن تُحمى كونها مسلمة. وهنا تعاطفت الشرطية كاترين معها، وكانت تلك أول قضية تعمل عليها حول قضايا النساء في المنطقة. 

الفيلم قاسٍ جداً، بمفرداته ومشاهده التي تصور تعذيب الفتيات واستغلالهن من قبل قوات حفظ السلام، والمنظمات الدولية التي يفترض أن تقوم بحمايتهن. 

خلال النقاش قالت إحدى العضوات عن بطلة الفيلم: “لفت نظري إحساس كاترين كامرأة وكأم بالمسؤولية تجاه هؤلاء الفتيات اللواتي يتعرضن للاستغلال، فلم تستطع إلا أن تخاطر بحياتها، فقد قيل لها أنها تتحرك في أرض حرب ويمكن أن ينفجر فيها لغم في أي وقت. وهذا تهديد مبطن بقتلها إذا كشفت شبكة الاتجار بالبشر، التي كان تحصل بالتوافق بين كل الأطراف بحجة أن هذه أرض حرب وكل ما فيها مباح”. 

وهنا أكدت عضوات الحركة السياسية النسوية السورية بأن الفيلم يجعلنا نفكر بما يحصل في سوريا، وما تتعرض له النساء السوريات، فلا نعتقد أن الوضع في سوريا أقل سوءاً مما تعرضت له النساء أثناء الحروب في العالم، صحيح قد تكون مغلفة تحت أقنعة أخرى مختلفة، لكن في النهاية هي فعلاً اتجار بالنساء والمراهقات، وقالت إحدى العضوات: “إن الزواج المبكر والتشجيع عليه أثناء الحرب هو أحد أنواع الإتجار بالبشر التي تتعرض له النساء السوريات”. 

عبرت عضوات الحركة السياسية النسوية السورية خلال النقاش؛ بأن الجوانب التي يغطيها الفيلم مهمة بالنسبة لنا كسوريات وسوريين وبلد يعيش أوضاعاً اقتصادية سيئة، وأوضاعاً حقوقية سيئة أيضاً، والفيلم يجعلنا نفكر بموضوع المحاكم التي يمكن أن نقدم قضايانا لها، كمحكمة الإرهاب، والقضاء العسكري، ومحكمة أمن الدولة، والقضاء المدني، فالتعاطي مع كل هذه المستويات مسكوت عنه في سوريا، ونادراً ما يتم العمل عليه، رغم أنه مدخل واضح إنساني وحقوقي، لكن حتى الآن ليس هناك معالجة، حتى من قبل الأشخاص خارج سوريا، الذين يتمتعون بظروف تجعلهم أكثر قدرة على طرح هذه القضايا.

وفي نهاية الجلسة؛ تم التأكيد بأن الفيلم مناسبة لتسليط الضوء على فساد المؤسسات الدولية والمحلية في سوريا، ولإعادة طرح هذه القضايا على أكثر من مستوى؛ مستوى حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق النساء خاصة، ولهذا نحن في الحركة السياسية النسوية السورية نركز بشكل أساسي على حقوق النساء