كلمة عضوة الحركة أليس مفرج في جلسة على هامش لجنة وضع المرأة (CSW67)

 

كلمة لعضوة الحركة السياسية النسوية السورية أليس مفرج، خلال مشاركتها في جلسة بتاريخ 6 آذار 2023، لـ المبادرة النسوية الأورومتوسطية، على هامش لجنة وضع المرأة (CSW67)، الجلسة بعنوان: “المساواة في التعليم من أجل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في سوريا”

 

أشكر جهودكم المستمرة للعمل على التحديات، وصوغ سياسات عملية ومحددة من أجل تعزيز المساواة الجنسانية، كما أشكر المبادرة النسوية الأورومتوسطية وشراكتها الفاعلة معنا نحن السوريات العاملات في جميع المسارات السورية المتنوعة.

وقبل البدء لا بد على هذا المنبر بأن نعزي أنفسنا بالضحايا الذين قضوا بكارثة الزلزال، وبخسارتنا لزميلتنا في اللجنة الدستورية السورية رئيفة سميع، التي قضت تحت الأنقاض ولم يتم انتشالها إلا بعد مضي أربعة أيام من الكارثة ما يدل على التقصير بالاستجابة الطارئة التي ضاعفت معاناة السوريات والسوريين بشكل خاص في المناطق المتضررة في سوريا وتركيا، فنحن لم ننجو بعد من هذه الكارثة وبتنا نقول فوق كل ما حدث في سوريا جاء الزلزال. 

وخسرنا وخسرت الحركة النسوية والسياسية القيادية السياسية النسوية المؤثرة بسمة قضماني التي طالما ناضلت لحل سياسي مستدام.  

في الوقت الذي ينصب فيه تركيز واهتمام المجتمع الدولي الآن على المساعدات وإعادة التعافي وربما إعادة الإعمار قبل أي حل سياسي، وبالتوازي يتم العمل على تعويم النظام السوري والتطبيع معه، ستستمر الكارثة التي خلقتها طبيعة النظام الأمني الديكتاتوري ومن ثم النزاع المسلح، بيئات وحواضن مؤهلة لمضاعفة العنف ضد السوريين، والنساء بشكل خاص، اللواتي ما زلن يعانين من تقاطع أشكال الاستبداد وتجسد ذلك بقطاع التعليم. ورغم أن النزاع أثر بشكل كارثي على مساحة سوريا كاملة، إلا أن هذا الأثر ليس متساوياً بين  مختلف المناطق السورية والمجتمعات المحلية وبين الرجال والنساء، فأكثر المتضررات هن اللاجئات في المخيمات والنازحات والمعتقلات والمختطفات، كما أن المعاناة من الحصار والتجويع، والقصف بالاستخدام العشوائي للأسلحة المحرمة دولياً، بما في ذلك العبودية تحت سيطرة داعش، هذه العوامل ساهمت جميعها بحرمانهن من التعليم وإجبارهن على التزويج المبكر والقسري، إضافة لمعاناتهن من العنف الجنسي والتهميش والوصم من قبل قوى سيطرة الأمر الواقع، وقد بلغ معدل الفقر أكثر من 90 بالمئة في جميع أنحاء سوريا وانعدم الأمن الغذائي، بالتالي تبدو الحلول والعلاجات التي تأخذ بالأسباب الظاهرية وتترك جذر المشكلات واحدة من المخاطر، ويأتي التعليم في سلم تلك الأولويات، لما له من أهمية، ولما للتعليم من دور مجدي في تقويض ظاهرتي العنف والتمييز.

لقد اعتمد النظام السوري منهاجاً مؤدلجاً للحزب الحاكم وسردية السلطة العنفية وعدم الاعتراف بالتنوع السوري.

وما زاد الوضع تعقيداً في النزاع فوضى المناهج التعليمية بسبب تقسيم البلد إلى أربع مناطق أساسية خضعت لقوى سيطرة أمر واقع سياسية وعسكرية وأمنية، كل سلطة تفرض نظاماً تعليمياً مختلفاً من حيث الإدارة واللغة والموارد البشرية والبنية التحتية والتمويل، وغلبة الأدلجة السياسية والدينية على هذه المناهج الدراسية، إضافة لتحكم المانح بتعويم أجنداته في مناهج مخيمات دول اللجوء، والنقص في أعداد المعلمات/ين المؤهلات/ين.

لعب اقتصاد الحرب دوراً رئيسياً في عملية التفقير المستمرة، وعززت جرائم قادة النزاع الذين يتحكمون بالموارد بممارسة العنف الاقتصادي، وعرقلة وصول النساء اللواتي افتقدن للموارد، وافتقادهن للبيئات الآمنة التي تدعم التعليم، وازدياد المعوقات بسبب سوء الخدمات من الكهرباء والانترنت.

هذا الوضع ضاعف بتعميق تسييس الهوية السورية وزيادة الفجوات الجندرية.

بينما اعتمدت السياسات الدولية الفاشلة والمسيسة، على الدعم بتقديم المساعدات الإنسانية التي تصل لمستحقيها بالحد الأدنى كبديل عن ضعف الإرادة الدولية والعجز لتحقيق حل سياسي عادل، ولأن الحلول الإنسانية غير كافية للأزمات الإنسانية، وتم فضح هذه الآليات من خلال التقصير والفشل بالاستجابة الطارئة بكارثة الزلزال التي أدت إلى نزوح وتهجير جديد، وتهديم المدارس والمتصدعة منها تحولت لمراكز للإيواء، فضاعف ذلك من انهيار المنظومة التعليمية الهشة. لذا من غير المجدي أن يستمر الحديث عن تعهدات التمويل والمساعدات الإنسانية، لأن الضرورة باتت تقتضي حلاً سياسياً للتقليل من خسارات الأرواح في المستقبل.

 أثناء النزاع أيضاً لم تكن الاستجابة الطارئة للأمم المتحدة على المستوى المطلوب، لأنها اعتمدت نهج التعليم الإغاثي أو تعليم الطوارئ كأمر واقع لدعم السياسات الأمنية بتعميق التمييز.

وما نحتاجه العمل على تذليل العقبات بإعادة توجيه الجهود إلى مكانها الصحيح وباستراتيجيات ذات أثر مستدام والأخذ بالتحليلات الجندرية، وإنشاء أنظمة مؤسسية بديلة لمعالجة الأسباب المباشرة وغير المباشرة للنزاع، كون العلاقة بين التعليم والتنمية تساعد بتفكيك أسس النزاع لمعالجة جذر المعضلة.

لقد عملنا كفريق متنوع من النسويات السوريات مع المبادرة النسوية الأورومتوسطية لمناصره المجالات الأساسية في الأجندة  النسوية المشتركة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات في سوريا، وقد شملت هذه المجالات من خلال المشاورات الوطنية حول أجندة المرأة والسلام والأمن ومشاركة المرأة سياسياً والتشريعات الوطنية ووصول المرأة إلى الموارد الاقتصادية والعدالة والتعافي والتصدي للقوالب النمطية الجندرية وتغيير الرأي العام لمناهضة العنف وهذا لا يتم إلا بالعمل بإدماج  منظور النساء بجميع القضايا والمناقشات المتعلقة بسوريا من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي. 

ونؤكد أنه لا حلول مؤقتة مجدية، فإعادة إعمار قطاع التعليم وتوحيده يبدأ بخطوة الحل السياسي وصياغة الدستور المتوافق مع منظور الجند ليثبت الأساس القانوني للمساواة في المواطنة المتساوية والاعتراف بالتنوع لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد جميع السوريات والسوريين، وهذا ما نحاول العمل عليه كنسويات في اللجنة الدستورية وبسبب قلتنا العددية وتوقف العملية الدستورية والسياسية وتعقيدها وعدم تشميلها تزداد المخاطر. 

تعتبر المناهج التعليمية رديفاً للدستور ومدرسة المواطنة الأولى لبناء مجتمع المساواة وتكافؤ الفرص في عملية التعليم على المستوى الوطني، وبناء الدستور يترجم إلى منهاج وطني حساس للجندر. وأجدد أن إطالة النزاع لأن التأثير الذي يحدثه النزاع والتقسيم والأدلجة ينعكس على قطاع التعليم ويعقد ويضاعف التمييز ضد النساء وتمكينهن ووصولهن للتعليم وبالتالي يعيق مشاركتهن السياسية كشرط لازم.  

لقد أوصت الأجندة النسوية المشتركة بزيادة فرص التعليم للفتيات والنساء من خلال:

  • ضمان حصول الفتيات على التعليم الأساسي الإلزامي، وتوفير “الإعانات التعليمية” للأسر ذات الدخل المنخفض والنساء المعيلات. 
  • ضمان بيئة مدرسية ملائمة ومتوافقة مع منظور الجندر من حيث الصحة والسلامة وظروف العمل، وتعزيز المساواة الجندرية، ومعالجة القوالب النمطية الجندريّة في الحيّز المدرسي، وإلغائها من المناهج المدرسية.
  • إنشاء مراكز تعليمية خاصة للفتيات المتسرّبات والأميّات؛ وتدريب وتوظيف معلّمات ومعلّمين مدرَّبين على أساليب التدريس لهذه الفئة من الطالبات.
  • تقديم منح دراسيّة للطالبات الرّاغبات في إكمال دراساتهن الجامعية، بما في ذلك الدراسات غير الموجودة في سوريا، مثل الدراسات الجندريّة.

شكراً لكن/م