واقع اللاجئات السوريات واللاجئين السوريين: تحديات مستمرة وحاجة للحماية والدعم

 

يزداد وضع اللاجئات السوريات واللاجئين السوريين في لبنان وتركيا والأردن مأساوية، ويعتبر وضع النساء والأطفال هو الأسوأ، فغالبًا ما تكون النساء والفتيات هن الأكثر ضعفاً في أوقات النزاع والنزوح، فهن/م ما زالوا يواجهون العديد من التحديات، بما في ذلك محدودية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والتوظيف، كما يعانون من ظروف معيشية غير لائقة، حيث يعيش الكثير منهن/م في مخيمات مكتظة ويكافحون من أجل الحصول على الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والصرف الصحي. بالإضافة إلى ذلك، أدى تصعيد خطاب الكراهية ضد اللاجئات واللاجئين إلى خلق بيئة من الخوف والعداء، مما أدى تسبب بتفاقم وضعهن/م الصعب بالفعل وخاصة في لبنان. وتبرز بناءً عليه الحاجة الملحة للعمل على حماية حقوقهن/م وكرامتهن/م.

الوضع في تركيا مقلق، حيث تصاعد خطاب الكراهية في الشوارع ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى انتهاكات وترحيل اللاجئات/ين السوريات/ين. حتى أولئك الذين لديهم تصريح إقامة سياحي ليسوا آمنين. يضاف إلى ذلك، أن الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة أتاحت الفرصة للمعارضة التركية لاستغلال ورقة اللاجئات/ين في حملتهم الانتخابية ضد الحزب الحاكم، الأمر الذي زاد من حدة التوترات. 

وبالمثل؛ في الأردن، تسعى الحكومة الأردنية لتعويم النظام السوري. إذ يعتبر اقتراح اجتماع الرباعية لتمويل البنية التحتية التي ستعود إليها اللاجئات واللاجئون في سوريا إشكالية، حيث سيتم تسليم الأموال إلى النظام، الذي يتمتع بسجل سيئ في حماية حقوق الإنسان. هذا الاقتراح ليس حلاً مستداماً، ويتجاهل الوضع الحالي للاجئات واللاجئين الذين فروا من قمع واعتقال وقتل نظام الأسد وأجهزته الأمنية.

أما في لبنان؛ يعتبر وضع اللاجئات واللاجئين مريع، فقد تصاعد خطاب الكراهية والمطالبة بترحيلهن/م منذ العام الماضي. وقد تفاقم الوضع في شهر نيسان 2023، مع حملات تصعيد غير مسبوقة ضدهن/م. تتم هذه الحملات برعاية الحكومة وبدعم من مختلف الفئات مثل النقابات والأحزاب السياسية، وكذلك يشارك في هذه الحملات الجيش اللبناني والفرق الأمنية التي قامت بترحيل قسري لبعض اللاجئات واللاجئين إلى الحدود السورية. 

وفي نفس السياق تدّعي السلطات اللبنانية أن الدعم الدولي للاجئات واللاجئين غير كاف، وتجادل بأن الحرب انتهت والوضع في سوريا مستقر وآمن. إلا أن هذا الادعاء غير دقيق ويتجاهل استمرار قمع واعتقال وقتل النظام السوري وأجهزته الأمنية. من المؤسف والمحبط أن السياسيين/ات اللبنانيين/ات غير قادرين على تقديم حلول عملية لأزمات البلد المتعددة. بدلاً من ذلك، يستخدمون الحجج والشكاوى للتستر على أوجه القصور لديهم وتبرير ضعف أدائهم. وتستخدم اللاجئات واللاجئين كورقة ابتزاز سياسي للحصول على مساعدات سواء من الدول العربية أو من مؤتمر بروكسل الذي سيعقد الشهر القادم، وقد أدى ذلك إلى تحول اللاجئات/ين السوريات/ين إلى تجارة مربحة للحكومات والأفراد، وهي ذريعة للحكومات لإلقاء اللوم على إخفاقاتهم. 

وضع النساء السوريات وأطفالهن يثير القلق بشكل خاص، حيث أدت الحملات المتصاعدة ضد اللاجئات/ين السوريات/ين في لبنان إلى مستويات غير مسبوقة من العنف. إن فقدان العائل عند تسليمه للنظام يعرض السوريات اللاجئات وأطفالهن للخطر والحاجة والابتزاز، وهو أمر غير مقبول. 

لكن هناك بعض الأحزاب والشخصيات اللبنانية التي ترفض عودة اللاجئات واللاجئين إلى بلدهن/م قبل تحقيق حل سياسي وتوفير بيئة آمنة لهن/م، حيث تؤكد هذه المواقف على الالتزام بحقوقهن/م وكرامتهن/م. ويستحق بيان التضامن الذي صدر عن صحفيات/ين ومثقفات/ين لبنانيات/ين الإشادة، وكذلك تأكيد دعوة النائب اللبناني أشرف ريفي لتحميل نظام الأسد وحزب الله مسؤولية تهجير الشعب السوري. ونؤيد بشدة دعوات منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لإنهاء عمليات الترحيل القسري للاجئات/ين.

بالنسبة لمبادرة الإدارة الذاتية (SDF) لاستقبال اللاجئات واللاجئين، فإننا ندرك أن المنطقة ليست مؤهلة ببنية تحتية واقتصادية، ولا تشكل حلاً مستداماً للوضع السوري، إذ تخضع المنطقة كغيرها لسيطرة قوى أمر واقع، ومع ذلك نحن نرى أن هذه المبادرة قد تشكل فرصةً للعودة الطوعية لمن يرغب، ويمكن أن تكون حلاً مؤقتاً قابلاً للتطبيق في غياب البدائل الأخرى. 

نؤمن في الحركة السياسية النسوية السورية؛ أن الشراكة مع اللاجئات واللاجئين أمرًا حيويًا لتحسين حياتهن/م وتحقيق استقلالهن/م ومساعدتهن/م على تحديد احتياجاتهن/م وأولوياتهن/م الخاصة. يجب أن يكون لديهن/م دور مركزي في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهن/م، بدلاً من فرض السياسات والقرارات عليهن/م دون استشارتهن/م.

يجب على المنظمات والحكومات أن تؤمن بأهمية إيصال أصوات اللاجئات واللاجئين، والتي تعتبر غالبًا غير مسموعة. يمكن لتوفير الفرص والمنصات اللازمة للتحدث والتعبير عن آرائهن/م والمشاركة في صنع القرارات أن يساعد على تعزيز الحوار والتفاهم وتحقيق التغيير المطلوب.

نحن في الحركة السياسية النسوية السورية؛ نطالب بالاعتراف بحقوق اللاجئات واللاجئين واحترامها، ومن الضروري توفير الدعم الكافي لهن/م، وضمان سلامتهن/ن، وأمنهن/م. من غير المقبول استخدامهن/م كبطاقة ابتزاز سياسي للحصول على المساعدة أو إلقاء اللوم على وجودهن/م في فشل الحكومات، ونجد أنه ليس من الآمن عودة اللاجئات واللاجئين إلى سوريا طالما أن النظام السوري وأجهزته الأمنية ما تزال موجودة، ونجد أنه من الضروري العمل على معالجة الأسباب الجذرية لأزمة اللجوء في سوريا، وهي الصراع وعدم الاستقرار. 

يجب على المجتمع الدولي العمل من أجل حل سياسي للأزمة السورية يعالج مظالم جميع الأطراف المعنية ويوفر مستقبلًا مستدامًا للشعب السوري. ندعو إلى حل سياسي جذري وشامل بموجب قرارات الأمم المتحدة، وعلى الأخص القرار ٢٢٥٤، يضمن عدم استمرار حالة الركود وعودة اللاجئات واللاجئين إلى قراهن/م ومنازلهن/م وأماكن إقامتهن/م بحيث تكون عودة طوعية وأمنة وبكرامة. يجب أن تكون النساء والأطفال أولوية في هذه العملية.

 

اللجنة السياسية في الحركة السياسية النسوية السورية