شمس عنتر: تستفزني حالة تغييب المرأة عن أماكن صنع القرار السياسي

شمس عنتر من القامشلي، إجازة في التربية، عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية، عملت في التدريس قبل تفرغها للكتابة الإبداعية والصحفية.

شمس عنتر من مواليد مدينة عامودا ومقيمة في مدينة القامشلي منذ أكثر من 25 عاماً، درست معهد إعداد معلمين في القامشلي، ثم تابعت دراستها ونالت إجازة في التربية. تقول شمس: عملت بالتدريس لسنوات، ومؤخراً قررت التفرغ للكتابة، أنا عضوة في اتحاد كتّاب كردستان سوريا، لي كتابين في الأسواق عبارة عن قصص قصيرة، وأعمل على الثالث حالياً، إلى جانب مساهمتي في كتابات صحفية. تضيف شمس: لقد كنت عضوة في منظمة المرأة الكردية الحرة، وكنت أمثل المنظمة في المجلس الوطني الكردي وتركت المنظمة منذ سنتين كي أتفرغ للكتابة، وأتابع الآن أي عمل معني بالمرأة والطفل.
تستذكر شمس مشاركتها في بدايات الثورة قائلةً: لم أكن أصدق عندما بدأ الناس بالهتاف “الشعب يريد إسقاط النظام”، الخوف كان متملكاً منا لعقود، السوريون لم يتجرؤوا يوماً قبل الثورة على انتقاد النظام علناً، في الحقيقة جاءت الثورة وكسرت الصمت والخوف، كنا نخرج نساءً ورجالاً جنباً إلى جنب ننادي بحريتنا وكرامتنا كسوريات/ين، وككرد حرموا من الاحتفاء بهويتهم ولغتهم وثقافتهم على مدى عقود.

 

’’كانت تستفزني حالة تغييب المرأة عن أماكن صنع القرار السياسي، حتى الأحزاب الكردية التي شكلت النساء بعضاً من أعضائها، لم تتح لهن المجال للوصول إلى أماكن صنع القرار، وكان حضورهن شكلياً.‘‘

 

عن دوافعها الشخصية للمشاركة في الثورة تقول شمس: حالة الرعب التي فرضها جهاز الأمن على السوريات والسوريين كانت لا تحتمل، كان وجود عنصر أمن في مكان ما كفيلاً بزعزعة أي شخص، فالتهم جاهزة ولا قانون يكفل حماية الأفراد. من هنا كانت المشاركة في الثورة هي السبيل الوحيد للتغيير.

إلى جانب التظاهر تمثلت مشاركة شمس في الأعمال التوعوية، خاصة المتعلق منها بحقوق النساء. تقول شمس: كانت تستفزني حالة تغييب المرأة عن أماكن صنع القرار السياسي، حتى الأحزاب الكردية التي شكلت النساء بعضاً من أعضائها، لم تتح لهن المجال للوصول إلى أماكن صنع القرار، وكان حضورهن شكلياً. تضيف: انطلاقاً من ذلك، بدأنا بتنظيم محاضرات عن تمكين المرأة سياسياً وجندرياً (النوع الاجتماعي)، إلى جانب الدورات المهنية التي تساعد النساء على خلق فرص عمل.

اهتمام شمس بالعمل السياسي مرتبط بواقع المرأة، تقول شمس: عندما تم اختياري لتمثيل منظمة المرأة الكردية في المجلس الوطني الكردي وبدأت أشارك بالندوات واللقاءات السياسية، استوقفني غياب النساء عن أماكن صنع القرار، على الرغم من غنى مجتمعنا بالنساء القادرات في شتى المجالات، إلا أن عوامل عدة اجتمعت لتقف في طريق وصول النساء إلى مناصب أعلى، منها اقتصادية، اجتماعية، دينية… لهذا فإن وضع النساء لن يتغير إلا بأيديهن، عبر تثقيف أنفسهن والمطالبة بكافة حقوقهن الاجتماعية والسياسية، فالمساواة لن تتحقق بدون وجود قانون أحوال شخصية منصف يضمن حقوق الجميع نساءً ورجالاً. وترى شمس أن تكاتف النساء ومساندتهن لبعضهن من شأنه أن يدعم موقفهن ويحمي مطالبهن من أن تخبو في ظل سطوة المجتمع الذكوري.

وعن التحديات التي تعيق العمل السياسي عموماً في سوريا، تقول شمس: ارتهان القرار السياسي للأجندات الخارجية هو أكبر عائق في وجه خلق مناخ سياسي سليم، المتنفذون في البلد هم أدوات لجهات خارجية يحركها التمويل. أما فيما يخص التحديات التي تعيق عمل السوريات في الشأن السياسي؛ فتعتبر شمس أن محاربة المجتمع للمرأة على أساس جندري يعيق تقدمها سواء في المجال السياسي أو غيره، من مبدأ أنت امرأة لا يحق لك ذلك، وترهيبها بالتشهير فإن قمت بكذا ستكون العواقب كذا.

عن انضمامها للحركة السياسية النسوية السورية تقول شمس: من خلال متابعتي للحركة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت العديد من نقاط التقاطع بين تطلعاتي وأهداف الحركة، رغبت أن أكون جزءاً من تجمع نسوي سياسي لأكون صوتاً للنساء عموماً، ونساء منطقتي على وجه الخصوص، فأنا اعتدت طرح قصص النساء وآلامهن في كتاباتي الإبداعية، وأريد أن أساهم عملياً في دعم النساء لاستعادة أبسط حقوقهن.

وعما تأمله شمس من الحركة تقول: أتمنى أن تكون الحركة صلة وصل بين الأطراف السورية المتنازعة لتقريب وجهات النظر، وأن يكون للحركة دور في الدستور السوري الجديد وأي قانون سيسنّ للبلاد. كما أتأمل أن تولي الحركة اهتماماً بالنساء الكرديات اللواتي عانين اضطهاداً مضاعفاً بسبب كونهن نساء أولاً؛ وكرديات ثانياً، هؤلاء بحاجة لتمكين ودعم كبيرين.

 

’’إن وضع النساء لن يتغير إلا بأيديهن، عبر تثقيف أنفسهن والمطالبة بكافة حقوقهن الاجتماعية والسياسية.‘‘

 

ترى شمس أن الأولوية في الوقت الراهن، هي لوقف العمليات العسكرية، تقول: خسرنا الكثير من شاباتنا وشبابنا. أما عن سوريا التي تحلم بها فتصفها قائلةً: أتمنى أن تكون سوريا للجميع، من كافة الخلفيات بدون تمييز، أن يكون الكل سواسية أمام الدستور، وأن تلغى التصنيفات الدينية من الحياة السياسية، فيتقلد الأشخاص المناصب وفق كفاءتهم، وأحلم بألا ينظر لمن طالب يوماً بفدرالية على أنه انفصالي، وأولاً وأخيراً أتطلع لسوريا ديمقراطية، السلطة فيها لحماية الشعب والوقوف على مصالحه، لا لترهيبه، وأن نخلق مجتمعاً مدنياً حقيقياً يدافع عن الأفراد إذا وقع عليهم أي ظلم من الحكومة.

ولنساء سوريا تقول شمس: لا مكان للحواجز بيننا، لا مناطقية ولا قومية ولا دينية ولا غيرها، مطالبنا الحقة واحدة، نريد أن نستعيد دورنا مع احترام دور الرجل لا أفضلية لأحد. نحن داعيات للسلام، وساعيات إلى السلام وصانعات للسلام.

عن المواقف المحبطة التي مرت بها شمس تقول: أشعر بالمرارة عندما أتذكر تصريحات أدلى بها بعض الأشخاص المحسوبين على المعارضة، عن الكرد ونعتهم لهم بعبارات مهينة. أما عن أجمل المواقف التي عاشتها شمس خلال السنوات التسع الفائتة تستذكر يوم استشهاد مشعل، خرج أهالي حمص وحماة يهتفون باسمه ورفعوا لافتات عليها اسم عامودا والقامشلي، هذه المناطق التي كانت مهمشة وغير معترف بها ولا بأهلها الكرد. بالإضافة لفرحتي عندما انضم المجلس الوطني الكردي للائتلاف وبدأنا نرى التمثيل الكردي في الهيئات السياسية السورية.