أصوات نسوية، مقابلة مع لانا حاج حسن

أصوات نسوية، قراءة في الحراك النسوي السوري

مقابلة مع الصحفية لانا حاج حسن

حاورتها رجا سليم

لانا حاج حسن، صحفية وناشطة مهتمة بقضايا النساء، حاصلة على إجازة في الصحافة، وماجستير في إدارة الأعمال، ودبلوم في اللغات الأجنبية التطبيقية من فرنسا. تقيم حالياً في فرنسا، وذلك بعد أن غادرت سوريا في نهاية عام 2014 إلى برشلونة لحصولها على منحة “إيراسموس موندوس” لدراسة الماجستير. عملت في سوريا بالصحافة المكتوبة والمسموعة والرقمية، إضافة إلى كونها كانت مديرة مشروع “حاضنة الأفكار الافتراضية” التابعة للجمعية السورية المعلوماتية، الذي لم يرَ النور بسبب انطلاق أحداث ثورة 2011. وفي المغترب كان آخر عمل لـ لانا في المجال الصحفي إدارة مؤسسة “تاء مربوطة” المهتمة بقضايا النساء في المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في شمال وشمال شرقي سوريا.

مرحباً بكِ لانا

١- بداية، ماهي المواضيع التي تركزين عليها في عملك الصحفي؟

غالباً ما تستحوذ القضايا الاجتماعية الإنسانية والنسائية على اهتمامي، فالمرأة السورية لطالما عانت ومازالت تعاني قبل الثورة وبعدها وعلى كافة الصُعد.

٢- لك مشاركات كتابية وتحريرية مع منصات نسوية سورية، كيف تصفين العمل على محتوى صحفي نسوي؟ وما اختلافه عن باقي المضامين الأخرى التي تتناولها الصحافة كالسياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها؟

العمل على مواضيع تهم النساء غالباً هو عمل شاق، فمن جهة أنتِ امرأة ومسؤولة ومعنية بطرح القضايا التي تهمهن بشكل صحيح، ومن جهة أخرى أنت معرضة دائماً للهجوم والنقد من قبل من لا يعجبه طرح هذه المواضيع وخاصة الإشكالية منها.

عموماً، هناك تقصير واضح من قبل الصحفيات أنفسهن بحق المرأة، فالمحتوى الخاص بالمرأة وقضاياها وهمومها فقير ويفتقد إلى حد ما للمهنية نتيجة العديد من الظروف، منها مؤخراً بروز مجموعة من الصحفيات والناشطات والمدربات غير المؤهلات مما ساهم في انتشار محتوى غير خاضع لإشراف أصحاب الاختصاص.

كما أن الكثير من الجهات التي تعمل في المجال “النسوي” ركزت على قضايا الجندر (النوع الاجتماعي)، الاهتمام المتزايد بهذا الموضوع ساهم في الابتعاد عن قضايا النساء، اللاتي ربما لم يسمعن بقضايا الجندر.

٣- هل تحرصين على أن تكون القضايا النسوية جزءًا من إنتاجك الصحفي؟ ولماذا؟

بالتأكيد، أنا قبل أن أكون صحفية أنا امرأة وأي موضوع يؤثر على النساء هو موضوع يخصني ويؤثر علي. ونحن في سوريا متأخرات/ون جداً في دعم قضايا المرأة وحقوقها والقوانين التي تخصها. بالتأكيد هناك صحفيات وناشطات وحقوقيات عملن ومازلن يناضلن بدأب من أجل كل ما يتعلق بحقوق المرأة وتعديل القوانين التي تخصها، ولكن الطريق ما يزال طويلاً في ظل ممانعة مجتمعية مصحوبة بعدم الوعي والخوف عند النساء. الخوف من المجتمع، هذا المجتمع الذي لا يلبث أن يتبنى أسلوباً لمعاقبة المرأة لمجرد تصرفها أو مظهرها أو مطالبتها بحقوقها بطريقة مغايرة لإرادة المجتمع الذي يرغب أن تكون المرأة ورغباتها تحت سيطرته ووفق منظوره.

٤- في سياق تجارب العمل ذاتها، من هو جمهور المنصات والمواقع النسوية؟ وما هي تحديات وإيجابيات التعامل معه؟

جمهور هذه المنصات كبير ومتنوع، منهم من المتصيدين والمنادين بضرورة أن تكون المرأة تابعة للرجل والمستخفين بأهمية قضايا النساء وتأثيراتها، وهنا أنا بالتأكيد أشمل الجنسين. إضافة إلى جمهور من النساء اللاتي يعتبرن الرجل عائق وعدو أكثر من كونه شريك حياة، وأعزو ذلك لظروف التنشئة، المجتمع المحيط، مستوى التعليم، إلخ.

وبالتأكيد هناك شريحة مهتمة بمتابعة القضايا التي تهم النساء وترغب بالتغيير وتحسين ظروف المرأة السورية.

التحديات هنا كبيرة ومتنوعة فالجمهور عريض ومتنوع وبالتالي تكون هذه المنصات ساحة حرب كلامية في كثير من الأحيان بين المختلفات/ين في الآراء. في مجتمعنا لا يمتلك البعض مهارات النقاش الحضاري، والأهم من ذلك الافتقار إلى ثقافة تقبل الرأي الآخر. وبالمقابل قد تكمن الإيجابية في أن هذه المنصات والنقاشات باتت تعرفنا أكثر على المشاكل وطرق التفكير في مجتمعنا السوري وبالتالي هذا يساعد في توصيف أدق لحاجاتنا كسوريات وسوريين.

٥- كصحفية وكسورية ناشطة ومتطلعة على الشأن العام، كيف تقرأين الوضع السياسي السوري اليوم، من جانبي المعارضة والنظام؟

الموضوع لم يعد نظام ومعارضة، القضية السورية باتت أعقد مما نتصور وخرجت من أيدي السوريات والسوريين وباتت مرهونة بالدول التي يتبع لها الطرفان والمكاسب السياسة المراد تحقيقها من خلف شعارات دعم سوريا ودعم الشعب السوري. السوريات والسوريون تم استبعادهن\م أكثر ما نتصور عن قضيتهن\م.

٦- كيف تقيمين التمثيل السياسي للنساء السوريات في الأجسام السياسية التي تشكلت بعد الثورة؟ لماذا؟

مؤسف حقاً، ولكنه متوقع في ظل سيطرة الأيديولوجيات والتبعيات والعقليات التي تشجع تنميط دور المرأة. للأسف نحن بحاجة لثورة على المفاهيم القديمة، لكن مع سنوات الثورة والإصرار على التغيير، فإن مسألة التمثيل السياسي النسائي حاضرة لعديد من الناشطات، وكذلك الناشطين، والمؤسسات الحقوقية والنسوية أكثر من ذي قبل، وبعض الحركات السياسية، تضع هذه القضية على سُلم أولوياتها، خاصّة أنه ما زالت فئات مجتمعية عديدة ترى أن المنصب السياسي هو للرجل فقط، غير مؤمنة بقدرات المرأة في هذا الحقل.

ومن أجل تمثيل سياسي نسائي عادل تطرح بعض الناشطات والمؤسسات النسوية وكذلك بعض الأحزاب، حلاً عملياً، وهو ما يُسمى بالـ “كوتا”، أي أن على الأحزاب أو المؤسسات تخصيص مساحة مسبقة للنساء، بمعنى: في انتخابات لحزب ما، يتم تحديد بعض المواقع للنساء فقط، ولا يتنافس الرجال عليها. الكثير من الناشطات والسياسيات النسويات، تعتبره حلاً مؤقتاً، وليس حلًا دائمًا، بمعنى أن ضرورته تكمن بتشكيل وعي جمعي حول ضرورة تقبل النساء في مناصب سياسية، أيًا كانت، خاصة في ظلّ عدم سهولة قبول المجتمع لامرأة في منصب صنع القرار.

٧- برأيك في ظل تعقيدات الوضع السوري عموماً، ماهي آفاق العمل على حلول سياسية بديلة أو جديدة؟ وما هو دور السوريات الناشطات والسياسيات في هذا الخصوص؟

بدايةً وقبل كل شيء يجب أن نُهيئ أرضية للتغيير، يجب أن نزرع مفاهيم المدنية والسلمية والابتعاد عن الكراهية وخطابها من كل مكونات الطيف السوري. برأيي من أهم الحلول التي يجب أن نبدأ بها اليوم هو تحسين علاقتنا مع بعضنا كسوريات وسوريين.

وفيما يتعلق بالناشطات والسياسيات يجب أن يخاطبن المرأة بلغة قريبة منها، لغة مفهومة، لغة تحاكي همومها ووجعها والقهر الذي تعيش فيه.

٨- من خلال اطلاعك على الوسط الإعلامي السوري “البديل” إن صح التعبير، هل الأصوات النسوية، والسياسية النسائية السورية موجودة وممثلة بالشكل الصحيح والقدر الكافي على المنصات الإعلامية؟

بالتأكيد لا، فالتمويل والقائمات/ين على هذه الوسائل يلعب دوراً كبيراً في انتقائية العاملات/ين، بالإضافة إلى موضوع التوجه والأيديلوجية والبعد عن الانتماء السوري كلها أدوار مساهمة. كما أن بروز طبقة ممن يدعون أنفسهن/م بالصحفيات/ين (فهن/م غير مؤهلات/ون لا علمياً ولا عملياً) ساهمن/وا وبشكل غير مقصود على الأغلب في انخفاض جودة المنتج الإعلامي المقدم ومنها قضايا النساء، خصوصاً نساء ما بعد الثورة. حيث حرصن/وا على تقديم المادة الإعلامية الخاصة بالنساء ضمن مفهومها الخيري والحاجة للدعم المادي (طبعاً أنا لست ضد بالتأكيد عندما لا تقوم المؤسسات الإغاثية بدورها)، ولكن تم إغفال مواضيع وقضايا محقة تخص المرأة وهي سبب وجيه للنضال من أجلها.

٩- كيف تصفين المشهد النسوي السوري اليوم، وما هي الخطوات التي يمكن أن تقوم بها التجمعات والأجسام النسوية لتحقيق وصول وتأثير أكبر؟

المشهد مبعثر لعدم وجود استراتيجية عمل واضحة، لا بدّ من احترام الجهد المبذول من قبل البعض في السعي لتحقيق تغيير لطالما انتظرته المرأة السورية عقود في ظل ظروف صعبة وتمويل أصعب وتناقضات دولية، ولكن لا ننكر أن عدم التنظيم وعدم وجود كيانات مؤسسية حقيقية يُساهم في بعثرة هذا الجهد وعدم تحقيق الاستفادة القصوى منه، إضافة إلى قضايا التمويل وصعوباته. لابدّ للقائمات والقائمين على إدارة بعض المؤسسات من خلق جسم نسائي افتراضي يضم النساء من أصحاب الاختصاص والمؤمنات بضرورة المساهمة في تحرير المرأة السورية والصعود بها إلى المكانة التي تستحقها، جسم يعمل على مختلف الأصعدة القانونية والإدارية والاجتماعية والصحفية، هذا النوع من الاتحاد يُشكل عنصر قوة ويبرز قضية المرأة السورية بشكل واضح وعادل.

*كل ما ذكر في المقابلة يعبر عن رأي من أجريت معهن/م المقابلة، ولا يعبر بالضرورة عن رأي الحركة