زيفا كوراني، النساء السوريات هن الأكثر صموداً وقوة

مع انطلاق الثورة عام 2011، كانت زيفا كوراني لاتزال طالبة جامعية، وتقول إن مشاركتها في البداية كانت محدودة لكونها ناشطة عابرة جنسياً، وبالتالي كانت تتعرض لمضايقات من المجتمع والمحيط الموجودة فيه فضلاً عن التضيق الأمني والعسكري بسبب هويتها الجندرية. تقول  إنها كانت ترغب بأن تكون في صفوف الناس الذين خرجوا إلى الشوارع وهتفوا للحرية إلا أنها اتخذت العمل الإنساني منحى لنشاطها الثوري وبدأت تعمل مع إحدى المنظمات الإنسانية، غير أنها صُدمت مرة أخرى عندما وجدت أن عدم قدرتها على إخفاء هويتها الجندرية كان يسبب لها حالة من التحييد وعدم القبول حتى في مجال العمل الإنساني، تقول إنه كان يجب عليها تقبل الصدمة من جديد في تقبل فكرة أنها غير قادرة على العمل ميدانياً والتواصل المباشر مع المهجرات/ين والعائلات النازحة في المخيمات في الشمال السوري، فالتزمت بالعمل المكتبي، حيث كانت مهمتها تدريب المتطوعين على العمل الإغاثي، كما كانت تنظم حملات تعنى بشؤون النازحات/ين في المخيمات مثل حملات اللقاح للأطفال.

تقول زيفا إنها أدركت في عام 2014 أن حياتها في سوريا أصبحت شبه مستحيلة بسبب هويتها الجندرية فاتخذت القرار بالذهاب إلى تركيا، ومن هناك تابعت عملها مع ذات المنظمة فكانت تعمل على توثيق الحالة الإنسانية والطبية للاجئات/ين الذين قطعوا الحدود والتجأوا إلى تركيا. عملت زيفا بعد ذلك مع منظمات لدعم وتمكين المرأة كما بدأت نشاطها الحقوقي كناشطة كردية عابرة جنسياً، حيث كانت تحاول نقل واقع مجتمع المثليات/ين والعابرات/ين جنسياً في سوريا ومحاولة انخراطهن/م في المجتمع الثوري ورفض المجتمع لهن/م ككل.

 

“النساء السوريات من أكثر النساء صموداً وقوة في العالم، أنحني أمام قوة وإصرار المعارضات السوريات والعابرات السوريات الموجودات في سوريا، أراهن قدوة لي.”

 

تقول زيفا إنها كانت تحاول أن تكون فقط الناشطة السياسية التي تريد الحديث عن موضوع الأكراد في سوريا، والسوريات/ين في تركيا، ونقل حقيقة الثورة إلى العالم، ولكنها أرادت أيضاً لفت الانتباه لهذا المجتمع المثلي ولما يتعرض له من تعنيف في مجتمعاتنا وفي العالم، ولحقيقة أن العابرات والعابرين جنسياً غير قادرات/ين على العيش حياة طبيعية مثل بقية الأشخاص في مجتمعاتهن/م، و تضيف زيفا أن هذه السياسة المجتمعية التي كانت تحاول الثورة تسليط الضوء عليها أثارت استفزاز بعض الناشطات/ين في تركيا، الأمر الذي دفعها للتقديم بطلب لجوء إلى كندا لأنها أدركت أنها لن تتمكن من الاستمرار في نشاطها الحقوقي والمنظماتي من تركيا.

وصلت زيفا إلى كندا عام 2016، وشاركت في عدة مؤتمرات للحديث عن التقاطعية في الهويات وكيفية تأثيرها على المجتمع السوري، حيث ترى أنه بغض النظر عن أن النساء السوريات  يتعرضن للاضطهاد والتعنيف بشكل عام، غير أن تقاطع الهوية يؤثر على تجربة الفرد وتواجده في المجتمع والدرجة التي يستطيع أن يعبر عن نفسه من خلالها، ومن هنا تقول زيفا إن وجودها في الحركة السياسية النسوية السورية هو بمثابة انتصار لها لأنها كانت المرأة الأولى التي عبرت عن هويتها الجندرية في مجال نشاطها السياسي والثوري بكل شفافية ومصداقية، وتعتبر أن هذا انتصار للحركة نفسها بخروجها عن الصورة النمطية وقبولها لأشخاص بهويات مختلفة، من هنا فهي تصف الحركة بأنها حالة ثورية صادقة وجميلة.

 

“إن الجهل الممنهج بالهوية النسوية والقدرة والرأي النسوي هو من أكبر التحديات التي تواجه النساء السوريات في العمل السياسي.

 

بدأ اهتمام زيفا بالعمل السياسي في تركيا عندما بدأت تلتقي مع ناشطات/ين سوريات/ين في مدينة غازي عينتاب، وتمثل مجتمع مستضعف من فئات المجتمع السوري، لكن هذا الاهتمام ازداد بعد عام 2016 أي بعد وصولها إلى كندا، بحكم أنها بدأت تتواجد في أوساط سياسية أكبر، وتعبر عن تجربتها وتمارس حقها في الدفاع عن الثورة وعن حقوق الشعب السوري.

نظام الأسد هو المسؤول الأول عن التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا، حسب رأي زيفا لأنه حاول إشغال الشعب بالبحث عن لقمة العيش وحرمانه من ممارسة أي نشاط سياسي. كما أن فكرة الحزب الواحد التي فرضها النظام أدت إلى تعزيز المناطقية والولاءات والعنصرية الواضحة وقلة الثقة بين أفراد المجتمع وهذا ما شكل تحدياً آخر خلال الثورة.

وفيما يتعلق بالنساء بشكل خاص تقول زيفا إن الجهل الممنهج بالهوية النسوية والقدرة والرأي النسوي هو من أكبر التحديات التي تواجه النساء السوريات في العمل السياسي، إضافة إلى أن الثقافة الذكورية تجزء المنظومة الإنسانية.

تقول زيفا إن المصالحة والتواصل مع المجتمعات الموجودة في الداخل هي الخطوة الأولى للحفاظ على الاستمرارية وتحقيق أهداف ومبادئ الثورة التي تمثل الشعب بأكمله، الذي من حقه أن يقرر مصيره بنفسه ويوظف الشخص المناسب في المكان المناسب.

تحلم زيفا بسوريا مدنية تفتخر بثقافتها الشرقية ولكن ليس الذكورية، حرة، آمنة، تتساوى مواطناتها ومواطنوها في الحقوق والواجبات.

تقول زيفا لنساء سوريا: “النساء السوريات من أكثر النساء صموداً وقوة في العالم، أنحني أمام قوة وإصرار المعارضات السوريات والعابرات السوريات الموجودات في سوريا، أراهن قدوة لي”.