سيعم السلام على أيدي النساء السوريات

سما مطر (اسم مستعار)، من محافظة السويداء، خريجة أدب إنكليزي من جامعة دمشق، غادرت سوريا قبل الثورة إلى إحدى الدول العربية، تعمل في مجال الصحافة منذ عام 2012، تقيم حالياً في تركيا. عضوة في الحركة السياسية النسوية السورية.

كانت سما مستقرة في إحدى الدول العربية، عندما بدأت الثورة عام 2011، وبالتالي لم يكن لها مشاركات على الأرض باستنثاء مشاركتها في اعتصام للمحاميات/ين في السويداء وذلك أثناء زيارتها لسوريا، حيث تقول إنها كانت من أجمل اللحظات التي عاشتها لأنها هتفت ضد النظام بصوت عال، رغم خوفها من الاعتقال بعد أن تحول الاعتصام إلى مظاهرة بسبب مهاجمة قوات الأمن للمعتصمات/ين، ومن هنا فإن مشاركتها في الثورة كانت فعلياً عن طريق كتابة وتحرير وترجمة الأخبار المتعلقة بالثورة، إضافة إلى عملها مع مجموعة من الشابات والشباب لجمع التبرعات وإرسالها إلى المناطق المنكوبة في سوريا. تقول سما: “لم تكن مشاركتي في الثورة فعلية، ولكن يمكنني القول إنني كنت مع فكرة الثورة قلباً وقالباً، حتى من قبل أن تنطلق، لأنني طالما حلمت بتغيير النظام الديكتاتوري الفاسد في سوريا، الذي يقمع الحريات، ويبقي شعبه في ظروف اقتصادية صعبة، رغم أن سوريا بلد غني بالثروات والموارد الطبيعية”.

تضيف سما إن الوضع الاقتصادي السيء وعدم تمكنها من الحصول على وظيفة جيدة دفعها للسفر بعد أن تخرجت. في غربتها عملت في مجال المبيعات، بسبب الراتب الجيد ولكن في الوقت ذاته كانت تعمل بشكل تطوعي، مع موقع آرا نيوز الإخباري، حيث كانت محررة ومدققة لغوية ومترجمة لكافة الأخبار والمقالات المتعلقة بالثورة، ومن هنا بدأ حبها للعمل الصحفي.

’’لتحقيق الأهداف والمطالب الكبرى كقضية المعتقلات والمعتقلين، وتحقيق العدالة الانتقالية، فإنه لا بد من تضافر جهود كافة الأجسام السياسية لأنه لا يمكن لجهة واحدة أن تعمل بمفردها، وبالتالي لا بد من التخلي عن فكرة الأنا، والتعاون المشترك بين كافة الجهات الطامحة لإحداث تغيير في وضع سوريا بشكل عام، والنساء السوريات بشكل خاص، خاصة بعد حالة التشتت والانقسام التي حدثت خلال الثورة.‘‘

اهتمت سما بالعمل السياسي منذ أن كانت طالبة جامعية لكنها لم تمارسه، ولم تكن منتمية لأي حزب، كما أنها كانت تدعى للانضمام إلى أحزاب معينة إلا أنها كانت ترفض. ترى أن قلة الوعي السياسي هو من أهم التحديات التي واجهت العمل السياسي في سوريا وذلك نتيجة سياسة القمع التي اتبعها النظام لعقود ضد شعبه، وبعد الثورة أصبح هناك فصائل، وجهات عدة فرضت أيدولوجيتها الخاصة على المناطق التي سيطرت عليها، وبالتالي لم يكن هناك بيئة مناسبة للعمل السياسي أيضاً.

فيما يتعلق بالتحديات التي واجهت النساء، تحديداً، في العمل السياسي فتقول سما إنها كثيرة وأولها هي إن نسبة كبيرة من النساء أساساً غير متعلمات، ولم يتسن لهن معرفة ما معنى السياسة، وأن ممارسة العمل السياسي هو حق من حقوقهن كمواطنات فكيف لهن أن يمارسن هذا الحق، ثانياً، الضغط المجتمعي وأن نظرة المجتمع إلى المرأة بشكل عام، وليس فقط إلى الناشطة سياسياً، هي نظرة محطمة ومشككة بقدراتها.

’’أنتن عظيمات بكل ما للكلمة من معنى، أتمنى أن يعم السلام على أيديكن وبفعل إيمانكن وجهودكن الجبارة.‘‘ 

انضمت سما إلى الحركة السياسية النسوية السورية لرغبتها في المساهمة بتغيير واقع النساء السوريات، الذي تقول إنه هش من كافة النواحي، ولأن الحركة تركز على مبدأ المساواة بين النساء والرجال، ولإيمانها بقدرة النساء الموجودات في الحركة على إحداث هذا التغيير، وتحقيق مستقبل أفضل لنساء سوريا، إضافة لأن أهداف ومبادئ الحركة تنسجم مع رؤية سما فيما يتعلق بمستقبل النساء السوريات. تقول سما إن الحركة تقوم بدور مهم للغاية في توعية النساء لحقوقهن، وتعمل باتجاه تغيير كثير من القوانين لصالح المرأة بحيث تتساوى مع الرجل، ولكن تؤكد سما إنه لتحقيق الأهداف والمطالب الكبرى كقضية المعتقلات والمعتقلين، وتحقيق العدالة الانتقالية، فإنه لا بد من تضافر جهود كافة الأجسام السياسية لأنه لا يمكن لجهة واحدة أن تعمل بمفردها، وبالتالي ترى أنه لا بد من التخلي عن فكرة الأنا، والتعاون المشترك بين كافة الجهات الطامحة لإحداث تغيير في وضع سوريا بشكل عام والنساء السوريات بشكل خاص، خاصة بعد حالة التشتت والانقسام التي حدثت خلال الثورة.

الأمل بإحداث التغيير، ورفض الاستسلام، هو الدافع الذي يبقي سما مستمرة في العمل بالشأن العام وتحقيق الحلم في رؤية سوريا حرة، آمنة، ديمقراطية، يتساوى جميع أفرادها أمام القانون وتحترم فيها المرأة وتحصل على كافة حقوقها.

تقول سما لنساء سوريا: “أنتن عظيمات بكل ما للكلمة من معنى، أتمنى أن يعم السلام على أيديكن وبفعل إيمانكن وجهودكن الجبارة. يجب أن تصلن إلى مرحلة الاستقلال الاقتصادي، كي تتحررن ولا تنتظرن الدعم من أحد، كن واثقات بأنفسكن، فإن لن تدعمن أنفسكن بأنفسكن، فلن يدعمكن أحد”.