قتيبة الإدلبي، الثورة هي الخطوة التي طالما انتظرتها

يعتبر قتيبة مشاركته في الثورة بدأت منذ عام 2003، عندما كان يوزع مقالات أسبوعية، ومنشورات في منطقته بدمشق، ولدى أصحاب المحال التجارية، لكتاب سوريين يتناولون فيها مواضيع وأحداث معينة تخص البلد والمنطقة، لأنه أراد أن يتفاعل الشعب مع ما يحدث حوله، كما أنه كان يلتقي بشكل أسبوعي مع عدد من الأشخاص المهتمين بالأمور السياسية للنقاش والتباحث في القضايا المتعلقة بالمنطقة ككل، وليس بسوريا فقط، وبالتالي يقول إنه عندما انطلقت ثورات الربيع العربي كانت تلك الخطوة التي طالما انتظرها، وعندما بدأت الثورة في سوريا، سارع قتيبة إلى المشاركة في المظاهرات التي انطلقت في دمشق من خلال تصويرها وتوثيقها بهدف نقل الصورة الحقيقية لما يحدث في سوريا إلى العالم، وبالتالي كانت مشاركته إعلامية بالدرجة الأولى، حيث كان يعمل بالتنسيق مع المركز الإعلامي لحرية التعبير، كما كان يرسل مقاطع الفيديو مباشرة من قلب المظاهرات إلى عدة محطات إخبارية عربية وعالمية. عمل قتيبة أيضاً في العمل الإغاثي خلال الفترة التي حوصرت فيها مناطق بريف دمشق.

اضطر قتيبة لمغادرة سوريا في أواخر عام 2011 بعد اعتقاله للمرة الثانية، فتوجه إلى لبنان، ومع ازدياد الأوضاع سوءاً، وإدراكه لعدم قدرته على العودة إلى سوريا، خاصة وأن أسماء المطلوبين للنظام كانت قد بدأت تعمم على الحدود وعلى كافة الحواجز، حينها بدأ يتنقل بين مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة حيث يقيم مؤخراً في نيويورك.

 لم يجد قتيبة صعوبة في الاندماج بالمجتمعات الجديدة التي عاش بها خلال تلك السنوات لأنه دائماً كان يحاول إيجاد مجتمع سوري صغيرحوله، كما أنه لم يجد مشاكل متعلقة باللغة، ولكن مشكلته كانت كحال كثير من السوريات/ين الذين اضطروا إلى ترك بلدهن/م في إحساسه بذنب الناجي تجاه من بقى في الداخل، إلى جانب الشعور بالوحدة والحنين إلى العائلة والأصدقاء، رغم أن المكان الجديد يوفر له المساحة الكبيرة من الحرية التي كان يفتقدها في سوريا ويقدم فرصاً للدراسة والعمل واكتساب الخبرات كما يقول.

يقول قتيبة إن اهتمامه بالسياسة بدأ منذ أن كان طالباً في المرحلة الإعدادية، وذلك لأن والده كان ناشطاً سياسياً واجتماعياً، تعرض للاعتقال لعدة مرات من قبل النظام في الثمانينات، ولذا فإن قتيبة كان يستمع دائماً للنقاشات ويطالع الكتب السياسية.

وفيما يخص التحديات التي تواجه العمل السياسي في سوريا فيرى قتيبة أنها كثيرة أهمها أن ممارسة العمل السياسي الحقيقي أساساً توقفت منذ وقت طويل في سوريا مع سيادة مبدأ الحزب الواحد في ظل نظام ديكتاتوري مستبد، أبقى شعبه مغيباً عن السياسة ومنغلقاً على المستوى المحلي والدولي، وبالتالي فإن الشعب نشأ لا شعورياً على فكرة عدم تقبل الآخر سياسياً وانعدام الثقة بالطرف الآخر، حتى وإن كان لديه أهداف ومبادئ يريد تطبيقها فهو يفتقد للوعي والخبرة الكافية وهذا ما حدث خلال الثورة، إضافة إلى الضياع والتشتت بعد الدخول إلى الساحة الدولية، وفقدان بعض الجهات القدرة على التمييز بين مصالحها وأهدافها كسوريات/ين وبين الأجندات التابعة لها. 

 

“انضممت إلى الحركة السياسية النسوية السورية لأنني مؤمن بأهدافها، وبأن من واجبي كرجل أن أكون سنداً ومساعداً للنساء في عملهن ولكي أتعلم منهن ومن تجاربهن.”

 

 ويشير قتيبة إلى أن المرأة تحديداً واجهت إلى جانب كل ماسبق تحديات أخرى في العمل السياسي متعلقة بطبيعة المجتمع الذكوري الذي جعل العمل السياسي حكراً على الرجال، إلا أنه يرى أن الثورة خلقت مساحة فعلية للمرأة لتدخل في كافة المجالات ومن ضمنها السياسي رغم أن هناك مشكلة لا تزال قائمة إلى الآن في كيفية مشاركة المرأة في الأجسام والكيانات السياسية ألا وهي الغرض التمثيلي ليس أكثر.

قرر قتيبة التواجد في الحركة السياسية النسوية السورية لأنه مؤمن بأهدافها، واعتقاداً منه أنه من واجبه كرجل أن يكون سنداً ومساعداً للنساء في عملهن ولكي يتعلم منهن ومن تجاربهن لأنه مؤمن بأنه لكي نصل إلى مرحلة المساواة بين الجنسين وعدم التمييز بينهما لابد أن نبدأ باتخاذ خطوات عملية لدعم هذا الهدف. يأمل قتيبة أن تتمكن النساء السوريات من خلال الحركة من المشاركة الفعلية الحقيقية في العمل السياسي والوصول إلى أماكن صنع القرار، وتقبل وجود المرأة في المجال السياسي كشريك وليس للغرض التمثيلي فقط، وأن يصبح العمل النسوي عملاً ناتجاً عن المجتمع وللمجتمع وليس عملاً نظرياً ويخدم النخبوية النسوية فقط وأن يدعم الأصوات المهمشة حتى ضمن المجال النسوي نفسه وأن ينشئ مجتمعاً من النساء القياديات لا التابعات.

 

“أحلم بسوريا تعددية، تحترم فيها الحريات، وأن يكون الشعب فيها هو صاحب القرار بكل ما يتعلق بالدستور ونظام الحكم والقوانين التي ستحكمهم وتضمن حقوقهم في نفس الوقت.”

 

 يقول قتيبة إنه ولكي نستمر في الدفاع عن أهداف ومبادئ الثورة، يجب أن ننظر إلى الأمور بواقعية أكثر، ونضع لأنفسنا أهدافاً مرحلية وندرك أن هذه الأهداف بحاجة لوقت وجهد كي تتحقق، إضافة إلى العمل على إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع. وعن قراره بالاستمرار في العمل بالشـأن العام يؤكد قتيبة أنه وبعد كل الدمار والقتل والعذاب الذي تعرض له الشعب السوري لا يمكن لإنسان ما يزال يحافظ على إنسانيته ألا يكون مهتماً بالشأن العام ومنخرطاً به بشكل تلقائي.

يحلم قتيبة بسوريا تعددية، تحترم فيها الحريات، وأن يكون الشعب فيها هو صاحب القرار بكل ما يتعلق بالدستور ونظام الحكم والقوانين التي ستحكمهم وتضمن حقوقهم في نفس الوقت.

يقول قتيبة لنساء سوريا: “كان لكن دور كبير خلال الثورة، قد يكون فاق دور الرجال، لا تتخلين عنه، واستمرين في عملكن للوصول إلى أهدافكن. أنتن أصحاب القرار، لا تسمحن لأحد أن يتخذه نيابة عنكن. قدمتن الكثير وأنا مؤمن أنه لن يضيع تعبكن سدى”.